برنامج شبابنا | الحلقة الثانية | الشباب والحياة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. أيها الإخوة المشاهدون، أيتها الأخوات المشاهدات في كل مكان، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً ومرحباً بكم في حلقة جديدة من "شبابنا". كثيراً ما نسمع من جيل الأجداد والآباء يقولون: "لا نعرف كيف يفكر الشباب ولا..." فيما يحيون حلقتنا اليوم يمكن أن نعطي لها عنواناً "الشباب والحياة".
جمعنا أسئلة من الشباب فكانت هذه الأسئلة تقول: كيف تختلف رؤية الشباب وأحلامه باختلاف كل زمن وكل حقبة من الزمن؟ الدنيا تتغير والمفاهيم تتغير. سأحكي لكم حكاية رواها أبو أمامة الباهلي، كان من الشباب يعني كان عمره سبعة. عشر ثماني عشرة سنة عندما حدثت الهند، وانظر ما هي قناته، وانظر ماذا يريد، وربّ الشاب، وانظر ماذا قال له النبي عليه الصلاة والسلام، وماذا فعل معه، ثم تغيرت هذه الأمور عبر
السنين، ولا أريد أن تتغير. أخبر أبو أمامة عندما جاء إلى النبي عليه الصلاة والسلام وكان سيخرج كعسكري في... في إحدى الغزوات جاء شاب إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: "يا رسول الله، اسأل الله لي الشهادة". سأدخل في نية هذا الشاب وهو في الثامنة عشرة من عمره، لكنه يمتلك مفاهيم تُدرك أن هذه الدنيا فانية، وأنه يستحضر مسألة الشهادة وأنها أفضل أنواع الموت إذا كُتب علينا الموت. وأنه يريد وجه الله ويريد الدفاع عن القضايا الكبرى. إذا كانت هذه النفسية معنا، يمكن أن هذه النفسية لا تكون معنا الآن،
ولكن انظر إلى رسول الله وهو يقول: "اللهم سلمهم وغنمهم". لم يستجب لهم، لم يستجب لأبي أمامة وقال: "اللهم ارزقه الشهادة". لو أن النبي دعا هكذا عليه لمات، لكن... النبي صلى الله عليه وسلم يُفهم أبا أمامة أن الشهادة حالة ليست مكتوبة في ذاتها وإنما هي حالة جيدة عند من عمل مدافعاً عن أهله ووطنه وقضيته، ولكن بالرغم من ذلك "اللهم سلمهم وغنمهم". تكرر هذا من أبي أمامة ثلاث مرات. في غزوة ثانية يقول: "يا رسول الله، سألتك الشهادة"، فيقول... اللهم سلمهم وغنهم فيذهب سالماً ويرجع غانماً
في مرة ثالثة وهكذا بعد ذلك قال: يا رسول الله، سألتك مرتين وهذه ثالثة، فكلما أسألك تقول: اللهم سلمه وغنمه، طيب أرشدني إلى عمل أتقرب به إلى الله. قال: لا أرى خيراً من الصوم، الصوم هذا سر بين العبد وبين ربه. كثيراً ما كان النبي عليه الصلاة والسلام يُعلِّمنا صيام الاثنين والخميس خارج رمضان. رمضان هذا فرضٌ على كل المسلمين، لكن هذا الصيام كان يأمر به الشباب، وكان النبي عليه الصلاة والسلام يأمرهم بقلة الطعام وقال: "بحسب ابن آدم لقيمات يُقِمن صلبه". مع شدة الرياضة وقلة الطعام ينشأ نوع من أنواع الهمة. والنشاط
وعدم الخمول وعدم الكسل، وهذه الرياضة التي كانوا يمارسونها بركوب الخيل وبالرمي وبالأشياء التي وردت كثيراً، كانت تجعل الجسد صحيحاً وقوياً ونشيطاً. أبو أمامة بدأ الصوم ويسير في هذا الطريق، بعد أن يصوم المرء مدة كهذه ويكبر قليلاً في السن، فإنه يأتي ويقول أمامه: أليس هناك شيء آخر؟ يبدو أنه يحب الزيادة، وها هو كان أبو أمامة الذي كان أمله أن يدخل الجنة، لأن مفهوم العقل والنفس مهيئ للتساهل، وكان يأمل أن
يفوز في الدنيا عندما حُرم من الشهادة، وهو كان يعتبر ذلك حرماناً، فانتقل إلى الصيام، وبعد ذلك ذهب وقال له: "يا رسول الله، أمرتني بالصيام فصمت، فهل من... شيء آخر فقال كثرة السجود في الصلاة، يعني الصيام هذا ترك المرء للأكل والشرب، وسيصوم مرتين في الأسبوع، لكن الطريق هو الصلاة قليلاً. نحن عندما أدركنا القرن العشرين، يعني شخص وُلد في منتصف القرن العشرين، فرأى أباه الذي وُلد في أوائل القرن العشرين، وسمع عن جده الذي... ولد في أواسط القرن التاسع عشر ومات
عن عمر ثمانين سنة في سنة ألف وتسعمائة وثلاثين مثلاً، فرأينا بأعيننا وسمعنا، فيكون ذلك منذ مائة وخمسين سنة تقريباً. مائة وخمسين سنة نحن عايشناها أو سمعناها. الشباب ربما رأوا هكذا، الذي وُجد سنة ثمانين، والذي وُجد سنة تسعين، والذي وُجد سنة ألفين وهو. الآن عند الألفين، نحن في عام ألفين وخمسة عشر، في هذا الزمان. فأبو أمامة كان مريضاً وأمله في الحياة أن يفعل هكذا. حسناً، فما كان أمل جدي إذن في الحياة؟ كان أمله في الحياة أن يُعلم مبادئ شهر بأهمية التعليم، وهو
في أواخر القرن التاسع عشر رأى أن... لن تنهض هذه البلاد إلا بالتعليم. من الذي شاهد هذه القرية ومن الذي حقق الجودة في مصر؟ محمد علي باشا هو الذي غيّر منهج التعليم وهو الذي أدخل الناس في بعثات علمية متعددة حتى وصلت إلى ما يقارب الثلاثين، وحفيده عباس الأول أيضاً أرسل ثلاثين بعثة، هذه إلى فرنسا وتلك إلى ألمانيا وبدأت. البعثات في إيطاليا أحدثت جواً في مصر انتقلت فيه من الانغلاق إلى الانفتاح، وكانت بوابة هذا الانفتاح وما إلى ذلك. كان جدي منبهراً بعبد السلام بيتي زهني، وكان عبد السلام زهني من كبار القانونيين،
وكان محباً للعدالة. وكان عبد السلام زهني يعمل في محكمة في بني سويف. ولم يكن أحد قد درس الحقوق وسافر. فرنسا أخذ الدكتوراه وعاد فأصبح ملء السمع والبصر، ثم ألّف في القانون بالفرنسية وألّف في القانون بالعربية، وأصبح أستاذاً كبيراً في القانون. وسمّى عمه عبد السلام لأن آمال حياة هذا الجد في شبابه أن المولود ذو التعليم الفائق الرائد لبناء هذه البلاد. بعد ذلك كان أبي يرى أماناً آخر وهو أمان. التحرر من الاستعمار، جدي عندما وُلد لم يكن الإنجليز قد دخلوا مصر بعد،
لكن أبي عندما وُلد كان الإنجليز موجودين. مر الوقت وأرادوا جميعاً هذا الجيل أن يحرر البلاد من الاستعمار، ولذلك فرحوا كثيراً بثورة الجيش الحكيم. كانت حياتهم كلها مستثمرة في قضية العلم والأمل، كان العلم والأمل في التقدم. البلاد وبناء هذه البلاد، نعم، الزمن يغير الأحلام ويغير الرؤى ويغير التطلعات. عندما جئنا كان جيلنا هو الجيل الذي رأى بعينه التدهور والنكسة وما إلى ذلك. ومن هنا، فإن كنا نتمنى أن يبني البلد نفسه، توجهنا بكل قوتنا
إلى أمرين: إلى دراسة الدين وإلى الخدمة الاجتماعية. إلى لقاء آخر، أستودعكم الله. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،