برنامج مع رسول الله | الحلقة الثالثة عشر | اليتيم | أ. د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلا ومرحبا بكم في حلقة جديدة مع سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. رسول الله صلى الله عليه وسلم نشأ يتيما ورباه ربه، فكان مع أمه ثم مع جده ثم مع عمه وأكرمه
الله سبحانه وتعالى بالنبوة فكان سيد اليتامى وأمرنا عليه الصلاة والسلام برعاية اليتيم أمرنا في نظام التربية أن نهتم بهذا الذي فقد أباه أو أمه أو كليهما اليتيم عند البشر هو الذي فقد أباه واليتيم في الحيوان هو الذي فقد أمه وفي بعض الأحيان يفقد الإنسان أباه وأمه فهو يتيم مركب، وفي بعض الأحيان يفقد أمه وحدها فأيضا هذا ملحق باليتيم، لكن سيجد أبا يدافع
عنه ويرعاه وينفق عليه ويقف معه في غالب الأحيان، إلا أننا أمرنا أيضا أن نقف لرعاية هذا الطفل بالحنان والأمان، حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم فيما روى سهل بن سعد رضي الله عنه قال أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا وقال بإصبعيه السبابة والوسطى هكذا رواه البخاري ومسلم، كافل اليتيم هو القائم على أمور هذا اليتيم من نفقة من أكل من شرب من كسوة من تأديب من تربية، كافل اليتيم هو الذي يرى نفسه أنه بديل له
أصبح بديلا عن أبيه، عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: من قبض يتيما من بين المسلمين، فإذا كان هذا الولد يتيما وأبوه وأمه مسلمان فهو قد قبض هذا اليتيم من بين المسلمين إلى طعامه وشرابه أدخله الله الجنة حتما وهذا يعني قطعا إلا أن يعمل ذنبا لا يغفر له
وهو الشرك، أي لم يبق إلا الشرك، بالله مثل عبادة الوثن والعياذ بالله تعالى. الشرك بالله هو أن يثبت قدرة ويثبت عبادة ويثبت طاعة لغير الله سبحانه وتعالى أو مع الله سبحانه وتعالى. ولذلك كانت مصيبة كبرى على الأمة الإسلامية أن خرج الخوارج ليكفروا المسلمين، فمن هنا أصبح المسلم كأنه يرتكب ذنبا، هذا الذنب لا مغفرة له، إذا فهو كافر، إذا فيجوز عند هؤلاء أن يقتلوه، إذا فهلم
بنا نقتل المسلمين، هذه الفتنة التي خرجت مع الخوارج التي عبر عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن الخوارج كلاب النار يتزينون في الخارج بزي المسلمين وهم في الحقيقة لا يعرفون إسلاما ويكفرون بما أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم يكفرون به بالبطلان رأينا الخوارج أيام سيدنا علي يخرجون ويسيرون في الطريق فيسأل أحدهم إلى أين تذهب فيقول أنا ذاهب هذا أبو الحسن الحسين علي، هذا هو ابن عم سيدنا رسول الله، علي هذا الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم "أنا مدينة العلم وعلي بابها"، وقال له "أنت مني بمنزلة
هارون من موسى"، وقال له "سدوا كل الأبواب إلا باب علي" كان مفتوحا على المسجد، علي هذا. ذاهبون لقتاله وعندما كانوا ذاهبين لقتاله وهو محبوس في الطريق قام فوجد أحدهم تمرة فأكلها فقال له صاحبه أتدري من أي مكان هي قال لا قال فتقيأها فذهب يتقيأ قال يعني هو ورع جدا لدرجة أنه تمر لا يريد أن يأكله وهو ذاهب ليقتل أبا الحسن الحسين فهذه عقليتهم كيف إذن أصبحت لدينا هذه العقلية التي رأيناها أيضا مع الخوارج في هذا العصر تحتقرون يقول سيدنا رسول الله تحتقرون صلاتكم إلى صلاتهم وصيامكم إلى صيامهم يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية
نحن نوجه كلامنا إلى المضللين ونقول لهم ارجعوا بسرعة ما العبرة في أنك تسفك دما إذا تلوثت مسلمين مصلين فأنت قد وقعت في المحظور، طبعا توجد أشياء أخرى تحمي المسيحيين وتحمي أهل الكتاب وتحمي، لكن ليس هذا هو الأمر، هؤلاء يقتلون إخوانهم المسلمين لأجل ذلك ويتهمونهم بالكفر ويتهمونهم بالإلحاد ويتهمونهم بالفساد والشرك ويقولون إن زيارة سيدنا الحسين شرك، فإذا كان هؤلاء الناس قد بغوا وطغوا فنقول لهم لعل سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم غاضب منكم، اكفلوا اليتيم، قوموا بالعمل الخيري، اهتموا بصحة الناس، اهتموا بالتكافل الاجتماعي، اهتموا
بالبحث العلمي، تعلموا العلم النافع، امحوا الأمية، قوموا بدور دعوي تحبكم فيه الناس. كفالة اليتيم هذه مهمة، لكن محاولة السيطرة على الحكم فقط لا غير هكذا. هذا لم يرشدنا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا أمر يؤتيه الله سبحانه وتعالى لمن يشاء، فهو يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء. إذا هلم بنا نرجع إلى كفالة اليتيم، من ضم يتيما من بين المسلمين إلى طعامه وشرابه أدخله الله الجنة البتة وكلمة
البتة هذه تعني قطعا تكتب بكتابتين، إما أن تكون الألف همزة الألف واللام فلا تكون عليها همزة، وإما أن تكون عليها همزة كما نص المرتضى الزبيدي في شرحه في تاج العروس شرح القاموس، البتة تعني إذا فيها همزة أو يمكن أن تكون بلا همزة. إلى لقاء الله وربنا سبحانه وتعالى يشرح صدورنا حتى نعيش مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، السلام عليكم
ورحمة الله وبركاته، اشتركوا
في