برنامج مع رسول الله | الحلقة الثانية | حسن الخلق | أ.د علي جمعة

برنامج مع رسول الله | الحلقة الثانية | حسن الخلق | أ.د علي جمعة - سيدنا محمد, مع رسول الله
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلا ومرحبا بكم في حلقة جديدة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النواس بن سمعان الأنصاري رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه
وآله وسئل عن البر والإثم فقال: البر حسن الخلق، والإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس، صدق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. هذا الحديث رواه مسلم والترمذي، وهذا الحديث يدعو إلى ما نسميه بالشفافية حيث إنه يتحدث عن البر ويتحدث عن الإثم، فالبر حسن الخلق والنبي الله عليه وسلم جعل حسن الخلق علامة من علامات الإيمان وجعل حسن الخلق هو الأساس في التعامل بين العبد وبين
من حوله من مجتمع وبيئة وكون حسن الخلق حسن الخلق هو الذي أمر به معاذ بن جبل عندما ذهب إلى اليمن وقال له وعليك بحسن الخلق حسن الخلق هو الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث أسماه أهل الحديث المسلسل بالحسن، عن الحسن بن علي عن أبي الحسن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهم أجمعين، عن جد الحسن صلى الله عليه وآله وسلم: أحسن الأشياء الخلق الحسن، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن أحدكم ليبلغ بحسن الخلق
ما لا يبلغه الصائم القائم إذا ما سبقكم أبو بكر بكثرة صلاة ولا صيام ولكن بشيء وقر في قلبه وهذا الشيء الذي وقر في قلبه هو حسن الخلق كان أبو بكر قد وصل إلى الصديقية العظمى بحسن الخلق كان هادئ النفس وكان من عباد وعباد الرحمٰن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما وكان من الذين يبيتون لربهم سجدا وقياما، كان حسن الأخلاق وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق وربنا سبحانه وتعالى وصف هذا النبي
العظيم فقال في شأنه وإنك لعلى خلق عظيم وكانت السيدة الصديقة بنت الصديق رضي الله تعالى عنها وأرضاها تقول كان خلقه القرآن، كان النبي صلى الله عليه وسلم قرآنا يمشي على الأرض صلى الله عليه وسلم أبهر العالم وأبهر من حوله بحسن خلقه، ولذلك رأيناه وهو يهاجر من مكة يجعل عليا خلفه حتى يرد إلى المشركين أماناتهم التي كانت عنده. كانوا لا يؤمنون إلا برسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أسموه بالصادق الأمين، كل هذا يحتاج إلى تربية ويحتاج إلى مقاومة النفس ويحتاج إلى تدريب
على حسن الخلق، فاللهم اجعل الدنيا في أيدينا ولا تجعلها في قلوبنا. حسن الخلق مبني على الرحمة ولذلك بدأ الله سبحانه وتعالى كتابه فقال بسم الله الرحمن الرحيم، فإذا رأينا أحدهم ليس رحيما وليس في قلبه حب وليس في أخلاقه حسن تعامل مع الناس ورأينا العنف والشدة والقسوة، فاعلم أنه ليس من أخلاق المسلمين ولا يعرف عن الإسلام شيئا. اللهم احفظنا. أما إذا أحب الناس هذا الشخص ليس لأنه يصلي وليس لأنه يصوم وليس لأنه يحج كل عام وليس لأنه أبدا لأنه يحب الناس لأنه يحسن خلقه
مع الناس إذا فهو في نطاق البر نعم البر هو حسن الخلق أما الإثم الذي هو ضد ذلك ولا يعرف عن الإسلام ولا من الإسلام شيئا الإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس هو متردد ولذلك كل هذه الصور التي ترونها أمامنا ممن أظهروا تدينهم وكانوا على عنف وشدة وقسوة وغباء وجهالة وعبوس، هؤلاء وهم في أنفسهم من الداخل يستشعرون هذا الذل ويخافون أن يدرك الناس أنهم في حالة اضطراب، هم دائما مترددون، هم دائما في حالة من التوجس،
يترددون دائما هل نحن على حق ويراجعون أنفسهم دائما، مرة يظهرون هذا ومرة يرجعون عنه، ولا تجد لهم قرارا إلا هذا العنف الذي يخفون وراءه هذه الحيرة وهذا الهم الذي يحملونه في قلوبهم. نعم، الإثم ما حاك في القلب أو ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس، طبعا لأنه يختفي وراء هذا العنف والنبي صلى الله عليه وسلم يقول يا عائشة إن الرفق ما دخل في شيء إلا زينه وما نزع من شيء إلا شانه وإن الله يعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف هكذا وردت
بفتح العين وهي أيضا في اللغة العنف السيدة عائشة ربتها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ورب الأمة ورب أصحابه على هذه الأخلاق الحميدة العالية، ولكن هذا ليس سهلا كما يظن بعض الناس، بل يحتاج إلى أن ندعو الله سبحانه وتعالى كما دعونا أن يجعل الدنيا في أيدينا وليس في قلوبنا، فلا نتمسك بها كتمسك الكلب والعياذ بالله تعالى بالعظم، بل إننا نتركها منها فتجري وراءنا نعم يجب علينا أن نؤمن بأن البر هو حسن الخلق وأن الإثم ما حاك في صدرك وقلبك وكرهت أن يطلع
عليه الناس فاللهم صل وسلم على الحبيب المصطفى والنبي المجتبى وألحقنا به يوم القيامة تحت لوائه واسقنا من يده الشريفة شربة ماء لا نظمأ بعدها أبدا ثم أدخلنا الجنة من غير حساب ولا سابقة عقاب ولا عتاب، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.