برنامج مع رسول الله | الحلقة الخامسة | خلق الصبر | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه أيها الإخوة المشاهدون والأخوات المشاهدات في كل مكان السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا ومرحبا بكم في لقاء جديد مع سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نلتمس من أنواره وننهل من بركاته عسى أن يرضى الله عنا في الدنيا وأن يدخلنا جنته
يوم القيامة، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: يقول الله تعالى ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة، صدق رسول الله. صلى الله عليه وآله وسلم رواه البخاري، في هذا الحديث العظيم نوع من أنواع الصبر ونوع من أنواع التوكل على الله سبحانه وتعالى. يقول الله تعالى هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبرنا بما أسماه علماء المسلمين بالأحاديث
القدسية وهي ما يرويها عن ربه عليه الصلاة والسلام وهي ليست من القرآن لا يجوز أن نتلو هذه الأحاديث المنسوبة إلى الله سبحانه وتعالى وإن كانت هي قدسية أوحي بها بلفظها إلى النبي صلى الله عليه وسلم إلا أننا لا ندخلها في القرآن ولذلك لا يجوز أن نصلي بها ولو أننا ذكرناها هكذا في الصلاة لبطلت الصلاة، تبطل باطلة وأنا أصلي ما جاء بحديث قدسي وتكلمت به عمدا لأن الكلام العمد يبطل الصلاة لقوله تعالى وقوموا لله قانتين يعني ساكتين عن كلام الدنيا متكلمين
بالقرآن بالأذكار بالدعاء فكلام الدنيا العمد يبطل الصلاة النسيان ست كلمات وإن تناسى تبطل الصلاة سبع تبطل الصلاة الست لا تبطل الصلاة يعني أخيرا ستة وأخذوا ذلك من حديث ذي اليدين حيث إن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالناس وبعد ذلك كانت الظهر فصلى بهم ركعتين وذهب إلى طرف من أطراف المسجد وشبك بين أصابعه ووضع ذقنه عليها على هيئة المهموم كأنه كان مهموما من شيء سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لما كان مهموما هكذا ذهب إليه ذو اليدين من
الصحابة فقال له: صليت ركعتين فقط، فقال: يا رسول الله أقصرت الصلاة أم نسيت؟ قال: كل ذلك لم يكن. قال: بل بعض ذلك كان. قال: أصدق ذو اليدين؟ قالوا: نعم. فرجع فصلى بهم ركعتين. كل هذا ورسول الله في حالة نسيان الصلاة ولذلك عندما تحسب الكلمات هنا وهنا ستجدها أنها ست كلمات ومن هنا أخذ العلماء أن ست كلمات في النسيان وأنت ناس أنك في الصلاة لا تبطل الصلاة أما العمد فكلمة واحدة تبطل الصلاة لو قلت لابنك وأنت تصلي تعال فقد بطلت صلاتك وأنت واع أما أنت شارد الذهن وكأنك إذا لم تكن في الصلاة وذهبت وقلت هنا ما عليه شيء أكمل صلاتك، أما لو كنت
تظن أنك في الصلاة فإن هذا يبطل الصلاة. فالحاصل أن الحديث القدسي لا نتلوه في الصلاة لكنه عن رب العالمين، ماذا يقول لنا رب العالمين؟ يأمرنا بالتوكل عليه وبأنه لو أخذ منا الحبيب الابن البنت حبيبة الزوجة والزوج والجار والصديق والزميل في العمل، فإنه أخذ صفوة من أهل الدنيا، صفوة يعني خيرة يعني الذي يرتاح إليه، أخذ منا فيجب أن نصبر ولا نقول ما يغضب الله ونتوكل على الله سبحانه وتعالى حق توكله فيكون لنا هذا الاحتساب احتسبناه عند الله فهذا الاحتساب يكون جزاؤه الجنة وعن
عائشة رضي الله تعالى عنها أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطاعون، نحن نريد الصبر والتوكل، فأخبرها أنه كان عذابا يبعثه الله على من يشاء، فجعله الله رحمة للمؤمنين. هذا يرد على كثير من الناس الذين يجعلون أي مصيبة أو شيء نزل بالمؤمنين أنه عذاب من الله لا، بل كان عذابا ثم أصبح رحمة للمؤمنين، فالله سبحانه وتعالى حول ببركة النبي وأنه أرسل رحمة للعالمين، حول هذا العذاب من كونه عذابا إلى كونه ابتلاء وامتحانا يمتحن
فيه أحدنا، فليس من عبد يقع الطاعون فيمكث في بلده صابرا يعلم أنه لن يصيبه إلا ما كتب لا إله إلا الله كان له مثل أجر الشهيد، ولذلك يقولون في تراجم العلماء مات شهيدا في الطاعون. وهنا يوجد فرق بين الشهيد وبين من له أجر شهيد: الغريق والحريق والمطعون والمرأة تموت في حالة الولادة أو تموت بسبب الولادة في النفاس أو تموت وجنينها في بطنها بسبب الحمل، كل هؤلاء يأخذون يوم القيامة أجر الشهيد، ولكن لا يأخذون أحكام الشهيد. لا يغسل ولا يصلى عليه، فقد ذهب إلى ربه لا يحتاج منا إلى شفاعة،
نحن الذين نحتاج إلى أن يشفع لنا الشهيد. فهناك إذن شهيد وهناك من له أجر شهيد. اللهم توفنا من الشهداء واكتب لنا أجر الشهداء. يا أرحم الراحمين، إلى لقاء آخر نستودعكم الله ونصلي ونسلم على سيدنا رسول الله الذي جاء لنا بكل هذا الخير وبكل هذا النور وبكل هذا الضياء وبكل هذا الإرشاد، فاللهم اجزه عنا خير ما جزيت نبيا عن أمته، وتوفنا إليك غير مفتونين يا أرحم الراحمين،
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.