برنامج مع رسول الله | الحلقة الرابعة عشر | حق الأرملة | أ. د علي جمعة

برنامج مع رسول الله | الحلقة الرابعة عشر | حق الأرملة | أ. د علي جمعة - سيدنا محمد, مع رسول الله
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلا ومرحبا بكم في حلقة جديدة مع سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. اليوم نتحدث عما علمنا إياه رسول الله صلى الله عليه وسلم من أعلى أنواع التكافل الاجتماعي تحدثنا
عن رعاية الأنثى وعن رعاية الضعيف، تحدثنا عن التربية وتحدثنا عن حسن الخلق، وكأن ذلك كله يصب فيما نحن فيه اليوم من حديث صفوان بن سليم رضي الله تعالى عنه، حيث يروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله أو كالذي يصوم النهار ويقوم الليل" صدق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رواه البخاري ومسلم، هذا الحديث فيه أن الساعي
على الأرملة، امرأة ضعيفة مات زوجها لا عائل لها فماذا تفعل؟ لا بد أن يقوم بها المجتمع، كيف يقوم بها المجتمع؟ بأن يسعى إليها لقد وضعت في حساباته، فهو يحسب حساب أولاده، ويحسب حساب زوجته، ويحسب حساب جيرانه، ويحسب حساب نفسه، ويحسب أيضا. انتهى الأمر فقد أصبحت من الحسابات، أي نحسب حسابها، نحسب حسابها، ولذلك سنجعل لها راتبا شهريا. الأرملة وضعها الاجتماعي أضعف من المتزوجة، فلا بد
من الحرص في التعامل معها، فيبقى المرء مثل أخته حريص على سمعتها، حريص على كلام الناس، حريص على وضع أولادها إن كان لديها ولد. ولذلك الساعي إلى الأرملة لم يقل لك اذهب فتزوجها، لم يقل لك اذهب فعاكسها، لم يقل لك اذهب فادفع وانتظر مقابلا لهذا الدفع. لا بد أن يكون لديك حسن خلق، لا بد أن شهواتك وتمسك عقلك عن أفكاره الرديئة وتمسك تصرفاتك عن أوضاعها غير المناسبة وكيف يتأتى هذا يتأتى
بعد أن تكون قد أحسنت خلقك كيف يتأتى هذا عندما تنبت في قلبك مسألة الوقوف مع الضعيف وأنها من المهمات كيف يتأتى هذا عندما ترى الآخرة ونحن في الحياة الدنيا وترى أنك تفعل هذا لوجه الله كيف يتأتى هذا أنك تفعله رجاء ثوابه وتصديق وعده رجاء الثواب الخاص به فلا تفسدوه وأنت ذاهب من أجل أن تحلب اللبن من البقرة أو من الجاموس حلبته فلا تفسده بالتراب فيصير طينا غير صالح للشرب إذا لا يتأتى أن تكون ساعيا على الأرملة إلا إذا
كنت أعالي أخلاق المسلمين فإذا وجدت أن هذا السعي لا يكون سعيا وإنما هو نوع من أنواع ضعف النفس لا تفعل هذا ابدأ الأول بالبناء من أسفل ابدأ بتحسين خلقك ابدأ برعاية الضعيف واليتيم ابدأ بمقاومة نفسك والتدريب على هذا الشأن حتى تصل إلى قضية الساعي على الأرملة ولذلك بعض الناس ممن يخلصون وممن يريدون أن يكون هذا السعي بعيدا عن الشبهات وبعيدا عن الإنسان
وضعفه فإنهم يجعلون هناك واسطة بينه وبين هذه الأرملة يصرف لها ويضع لها في البنك راتبها الشهري ويسأل عنها بالهاتف وينظر في المشاكل ويحلها مشكلة الأطفال في المدارس ومشكلة صحية ومشكلة كذا إلى آخره في قضايا تنتهي إعلان وراثة يريد أن يخرج ما لا ندري ما هو كذلك في مشاكل يمكن حلها فيقوم بحلها ولكن إياك أن تدور حول نفسك فتنحرف بهذا لأنه حينئذ لن يكون ساعيا ولن تكون ساعيا تستحق هذا الأجر
الكبير الأجر الكبير كالمجاهد في سبيل الله هو المجاهد في سبيل الله يبذل نفسه ولا يوجد شيء أكثر من ذلك، يبذل نفسه في سبيل الله، أي أنه في حاجة إلى المال المقدور عليه والجهد والعلم الذي تملكه، لكن هذا ذاهب ليميت نفسه، ذاهب يعرض نفسه للموت، ليس يقتل نفسه بل يعرض نفسه للموت، فإن رجع منتصرا فبها ونعمت، وإن مات شهيدا كالمجاهد في سبيل الله، إذا هذا أجر عظيم. الثاني أو كالقائم الصائم كمن صام النهار وقام الليل، هذا أجره عظيم. تتصور أن الساعي أجره هكذا، وذلك لأن الساعي على الأرملة
في قمة الهرم للأخلاق وللتعامل الحسن ولضبط النفس وللإخلاص في النية وللتوجه إلى عبادة الله سبحانه وتعالى ورجاء الثواب والتصديق. موعودها والنبي صلى الله عليه وسلم يقول "أربعون خصلة أعلاها منحة العنز، العامل بواحدة منها رجاء ثوابها وتصديق موعودها أدخله الله بها الجنة" الصنف الثاني الذي تكلم عنه الحديث هو المسكين، والمسكين قد يكون مع المرأة في صورة اليتيم ونحن تحدثنا عن اليتيم وتحدث عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأرشدنا إرشادا تاما في هذا المقام إذا نحن أمام حديث يجمع
لنا خصالنا ويرتب لنا أمورنا ويدربنا حتى نختبر أنفسنا على فعل الخير وافعلوا الخير لعلكم تفلحون، الساعي على الأرملة مسألة صحت عن رسول الله في البخاري ومسلم وهي من أعلى أنواع الخلق الكريم، فاللهم اجعلنا منهم يا أرحم الراحمين الرحمن الرحيم إلى لقاء آخر، أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة