برنامج مع رسول الله | الحلقة السادسة عشر | خلق الصدق | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه أيها الإخوة المشاهدون والأخوات المشاهدات في كل مكان السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا ومرحبا بكم في لقاء متجدد جديد مع سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يزال رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا ويعلمنا
أكثر ما يعلمنا الأخلاق، أكثر الأحاديث تتحدث عن الأخلاق المرتبطة بالعقيدة، خمسة في المائة فقط من الأحاديث تتحدث عن جميع الأحكام الشرعية في دين الله، في الصلاة، وفي الزكاة، وفي الصيام، وفي العبادات كلها، وفي المعاملات، وفي البيع، وفي الزواج، وفي الطلاق، وفي القضاء. في الشهادة في جميع الأنواع خمسة في المائة فقط عدد الأحاديث المتعلقة بالأحكام ألفان والأحاديث المروية عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو ستين ألفا اقسم الألفين على ستين تحصل على واحد على ثلاثين واحد على ثلاثين يعني ثلاثة وثلاثة من عشرة في المائة أي خمسة في المائة لأنه يوجد بعض الناس يقولون لك إن هذا يحتوي على
خمسة آلاف حديث، فما هذه النسبة؟ إذن أين باقي الخمسة والتسعين في المائة؟ هذا كله أخلاق وربط هذه الأخلاق بالعقيدة، والله لا يؤمن من لم يأمن جاره بوائقه، والله لا يؤمن من بات شبعان وجاره جائع وهكذا، ومعنى حديث اليوم هو منهج في التعامل مع الحياة، منهج عميق في التعامل مع الحياة، وذلك ما رواه سيدنا الحسن بن علي عليهما السلام قال: حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، فإن
الصدق طمأنينة وإن الكذب ريبة". صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا رواه الترمذي دع ما يريبك يعني يشككك في شك إلى الشيء الواضح الذي لا يريبك هذا منهج حياة أن اليقين لا يزول بالشك وأنك تبني أحكامك على اليقين ولا تبني أحكامك على ما قد وقد إنما على اليقين ولذلك إذا سرق منك شيء ولا تعرف من السارق دع التخمينات هذه فحسب هكذا هذا هو السارق أنا ما
يعني يخيل إلي أنه هو السارق نعم يخيل إلي لأن كما تعلم دع ما يريبك إلى ما لا يريبك عند اليقين ما عليه هذه قضية أخرى لكن عند الشك والريبة والحيرة إياك أن تبني أحكامك عليها في قراراتك كلها هذا وهذه الريبة أخربت بيوت أناس كثيرين، هذا الشك وهذه الريبة أيضا ترتبت عليها عقوبات إلهية. كان النبي صلى الله عليه وسلم من حسن خلقه وتعليمه يقول النبي صلى الله عليه وسلم إنك إذا جئت من سفر اذهب إلى المسجد حتى تعلم زوجتك أنك وصلت
إلى المسجد فتتزين وتتنظف في البيت تحضر الطعام وتسخنه، شيء من هذا القبيل، يعني الذي أصبحنا عليه الآن عندما نأتي في المطار نقوم بالاتصال بالهاتف المحمول، فهي مثلها، أنا وصلت وسأكون بعد نصف ساعة أخرى أم في البيت، فواحد سمع هكذا من الأصحاب ويبدو أنه حدث في ذهنه أنه يعني ماذا يا الله، حسنا ربما تكون منحرفة، ربما أجد أحدا معها. آه هذا سوء أخلاق إذن، هذا سوء أخلاق. فجأة من السفر ويتعمد أن يفاجئ زوجته ليرى هل هي منحرفة أم لا، فوجد عندها رجلا. ما هذا إذن؟ هذه
عقوبة من الله له لأنه لم يطع الرسول. الله صلى الله عليه وآله وسلم يعني ابتلاه بهذه البلوى الشديدة لأنه لم يكن هذا الشخص الذي يتوكل على الله ويدع ما لا يريبه إلى ما يريبه، هو عكس وبنى أمره على الريبة ولذلك عاقبه الله سبحانه وتعالى. إنما انظر في هذه المجموعة إلى الأخلاق. العالية التي يربينا عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم والتي تشتمل على خمسة وتسعين في المائة من الشريعة، وكذلك القرآن الكريم فيه ستة آلاف ومائتان وستة وثلاثون آية
منها ثلاثمائة آية في مسائل الفقه والباقي كله أخلاق وعقيدة، أخلاق وعقيدة، فتصور إذن هؤلاء الناشئة الذين انقلبوا إلى خوارج الذين تمسكوا بالخمسة في المائة وعاشوا فيها وليس لديهم ولا واحد في المائة من الخمسة والتسعين الباقية وحاسبوا الناس وتركوهم وضيقوا عليهم وأضجروهم من الدنيا بل ومن الدين فاللهم لا تجعلنا فتنة لكن هؤلاء كانوا فتنة وسيظلون هكذا إلى أن يصطدموا بالحائط لأن هذا خارج نطاق الحياة وخارج أيضا نطاق الدين يعني لا الدين ولا الدنيا
يقولان ذلك، ولذلك كانت هذه النابتة عبر العصور بما عرف عنهم من شدة وعنف وجهل وغباء وعناد كانوا دائما يصطدمون بالحائط ولا يستمرون، ولذلك ظهرت الخوارج وبادت الخوارج وظهروا مرة أخرى وبادوا مرة أخرى وظهروا مرة ثالثة منذ مائتي سنة وبادوا. اتركوه أخيرا والحمد لله وبدؤوا مرة أخرى وهكذا لأن هذا هو ضد الدين وضد الدنيا الله سبحانه وتعالى يعتبر أن اليقين واليقين لا يزول بالشك هذه أصبحت قاعدة فقهية من الخمس من خمس قواعد فقهية بني
عليها الفقه كله أيضا ليس فقط الأخلاق والفقه أيضا خمس قواعد مذهبية للشافعي بها تكون بصيرة، والضرر يزال، والعادة قد حكمت، وكذلك المشقة تجلب التيسير، والشك لا يرفع به متيقن، وخلوص النية إن أردت الأجر. الشك لا يرفع به متيقن، هذا يعني معناه أن اليقين لا يزول بالشك، وأن اليقين مقدم على الشك، وأن اليقين هو الذي نبني عليه قراراتنا وليس سوى ذلك. هذه الحالة فيها مصداقية وصدق، والريبة فيها كذب، ولذلك أمرنا بالصدق ونهينا عن الكذب، وإلى لقاء آخر أستودعكم
الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته