برنامج مع رسول الله | الحلقة السادسة | الصبر عند البلاء | أ.د علي جمعة

برنامج مع رسول الله | الحلقة السادسة | الصبر عند البلاء | أ.د علي جمعة - سيدنا محمد, مع رسول الله
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه أيها الإخوة المشاهدون والأخوات المشاهدات في كل مكان السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا ومرحبا بكم في حلقة جديدة مع سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا بالعمل والسعي،
وفي بعض الأحيان يقدر الله سبحانه وتعالى على ابن آدم ما يعطله عن بعض العمل وعن بعض السعي، وذلك بأن يكون قد أخذ منه حبيبتيه، وحبيبة الإنسان عيناه اللتان يرى بهما ويقدر بهما المسافات ويدرك بهما المخاطر، إلا أن ذهاب العينين وكف البصر لا يعطل الإنسان عن كل العمل بل عن بعض العمل ونرى الله سبحانه وتعالى يهب الضرير كفاءات عالية جدا في السمع وفي اللمس وفي الشعور وفي الإحساس بحيث أنه
يكون بصيرا نجد له حافظة عجيبة ولذلك رأينا كثيرا من حفاظ القرآن الكريم بالإتقان كانوا قد أصابهم الضرر أو كانوا مكفوفين نجدهم وهم على هذه الحال أن الشيخ رفعت رحمه الله تعالى كان ضريرا، هذا الصوت الملائكي الذي عبر عنه مفتي الشام حينئذ فقال للشيخ رفعت: أحييت بصوتك الإسلام. الشيخ رفعت بهذا الصوت الملائكي وكانت عيناه جميلتين في الظاهر إلا أنه لا يرى بهما،
لكنه يرى بنور القلب، ولذلك كنا في الأزهر الشريف نسمي الكفيف يصير وكلمة يصير تصير من الأضداد، يصير بمعنى أنه كفيف ويصير بمعنى أنه ينظر بالبصيرة لا بالبصر، والبصيرة ترى بعين القلب. ففقدان الإنسان لحبيبتيه أولا فيه ثواب كبير عند الله سبحانه وتعالى، أما في الدنيا فإنه يعطيه ملكات ليست عند أحد، وأما في الآخرة فهو يدخله الجنة إذا صبر محنة ومحنة شديدة ومحنة لا نتمناها ولكن
بالرغم من ذلك إلا أنها منحة إلهية ربانية تكون سببا إذا صبر الإنسان على ذلك لدخول الجنة. حقائق عند الله سبحانه وتعالى تختلف عن المظاهر التي نعيشها والأضرار التي نقدرها، فيروي أنس رضي الله تعالى عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله عز وجل قال إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه فصبر عوضته منهما الجنة، فإذا كان ثمن العينين الجنة، صدق
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رواه البخاري، كلمة حبيبتيه تعني عينيه، وهكذا نرى عن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله تعالى عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا غم ولا حزن ولا أذى حتى شوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه يبقى إذن عجب لأمر المؤمن أمره كله خير إن أصابته سراء شكر وإن أصابته ضراء صبر الوصب يعني التعب
والإرهاق والمرض فإذا إذا كان الإنسان مريضا فإن الله يكتب له ما كان يفعله في صحته، يعني افترض أنني محافظ على الجماعة ومحافظ على السنن، فمرضت ولم أستطع أن أذهب إلى الجماعة ولا السنن، فإن ربنا يكتب لي الجماعة ويكتب لي السنن، افترض أنني كنت أقوم الليل وأصلي الضحى فربنا لما منعت من ذلك أنه نحو المرض يكتب لي قدر ما كنت أفعل حين الصحة، لماذا؟ لأن الله هو الذي قدر علي المرض، وإذا مرضت فهو يشفي، الله هو الشافي على الحقيقة، ولذلك ما دام قدر علي هذا فإنه لا يحرمني مما كنت أفعله باختياري لوجهه
الكريم، إذن المسلم أمره كله خير. كثير من الناس يشكو ويقول يا جماعة أنا مصاب أنا مبتلى ربنا غاضب علي أم ماذا فالنبي صلى الله عليه وسلم يبين له أن أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل بل إنه روى أبو هريرة رضي الله تعالى عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من يرد من أراد الله به خيرا أصابه منه، يا أهل، يعني وهذا رواه البخاري، أصابه منه يعني امتحنه يعني ابتلاه، يعني أول ما يبتلى نعرف
أن ربنا أراد تكفير خطاياه وتكثير حسناته ورفع درجاته، فيكون إذن هؤلاء الثلاثة هم في هذا ليس أنه بسبب أنه يعاقبهم على شيء أو ينزل عليهم رحمن رحيم أحبوه يحبكم ارضوا عنه لأنه يرضى عنكم رضي الله عنه ورضوا عنه فارضوا عنه ابتهجوا هكذا في التعامل مع الله فأول ما ينزل البلاء قولوا الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه صحيح أنا في كرب ومكروه وهكذا لكن الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه سواء أي أحد يؤذيني أصبحت أتضايق منه وأغضب منه ولا أشكره، لكن الله لا، إن الله ماذا يفعل معي؟ يكفر عني خطاياي ويرفع لي
درجاتي ويعطيني ثوابا في الدنيا والآخرة، فهذا يعني أن هذا أمر جميل جدا، فلذلك نسأل الله السلامة ولا نتمنى نزول البلاء، والنبي صلى الله عليه وسلم عليه وسلم أمرنا ألا نسأل الله الصبر، قال إذا سألت الله الصبر فكأنك قد سألته البلاء، لا تسأل الله البلاء ولكن إذا نزل البلاء فاصبر عليه، إذن هذا ننسبه لله وهو قدر وهو يعلم أنه ينزل علي البلاء من أجل هذا أو ذاك، إذن أنا إذا كانت هذه العقيدة التي إنما هي لغضب الله، هذه عقيدة ليست سليمة بموجب هذه الأحاديث، بل إن الله إذا أراد خيرا فإنه يلفت عبده إليه فيصيبه ببعض
المصائب حتى يعود إليه، يصيبه ببعض المصائب لمصلحته حتى يكفر خطاياه ويرفع درجاته ويدخله الجنة. أما مسألة الالتفات فآه، حاسبوا أنفسكم، حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا. لكن على فكرة هذا الحساب كل يوم، كل يوم في آخر النهار انظر ماذا فعلت خطأ واستغفر الله له حتى يكون هناك {وسارعوا إلى مغفرة من ربكم}، فيكون هناك مسارعة ومحاسبة، الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، فيكون ذكيا ناصحا، لكن هذا لا علاقة له بالأمر بالمصائب أما نزول المصائب فيمكن أن تكون أنت ترتكب ذنبا حقيقيا فيجب أن تنتبه إليه ولكن هذا ليس انتقاما، هذا لفت نظر، هذا تنبيه،
هذه رحمة مثل شخص يرسل لك إنذارا فلا بد لنا من هذا الإنذار أن نستغفر على الفور ثم نصبر ثم نتوكل ثم نرضى ثم نسلم. نجد أنفسنا من العباد الربانيين الذين ينقلون الله سبحانه وتعالى من دائرة سخطه إلى دائرة رضاه، آمين. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
    برنامج مع رسول الله | الحلقة السادسة | الصبر عند البلاء | أ.د علي جمعة | نور الدين والدنيا