برنامج مع رسول الله | الحلقة العاشرة | فوائد كتم الغضب | أ. د علي جمعة

برنامج مع رسول الله | الحلقة العاشرة | فوائد كتم الغضب | أ. د علي جمعة - سيدنا محمد, مع رسول الله
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه أيها الإخوة المشاهدون والأخوات المشاهدات في كل مكان السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا ومرحبا بكم في حلقة جديدة من حلقات مع سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عن نفسه إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق فكان
كذلك ومما أمرنا به وبين أن ذلك مفتاح لكثير من الأخلاق الحميدة هو هدوء النفس وذلك بأن نهانا وأمرنا نهانا عن الغضب وأمرنا بالأناة وبالحلم والنفس التي تبتعد عن الغضب لنفسها أو لمصالحها أو لطريقتها وأسلوبها في الحياة تكون أرجى عند الله لمن يبتعد عن الغضب، تكون أرجى عند الله، أما من يقع في شهوة الغضب فإنه لا يسيطر على نفسه ولا يستطيع
أن يتعامل مع الإنسان ولا مع الحيوان ولا مع الكائنات. النبي صلى الله عليه وسلم يؤكد في جل أحاديثه وسنته وسيرته الشريفة صلى الله عليه وسلم أنه يوصل لنا هذا المعنى، نرى ما رواه أبو هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ليس الشديد بالصرعة، وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب. صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، رواه البخاري ومسلم. والصرعة معناها الرجل الذي يصرع الناس. كثيرا ما
يتصدر المصارع المشهد كما يقولون، لكن هذا ليس هو الشديد الحقيقي، فالشديد يا رسول الله هو الذي يملك نفسه، الذي يستطيع أن يتحكم في نفسه، ومن يتحكم في نفسه هو الرجل بمعنى الكلمة، وليس الشديد أن تغلب غيرك جسديا ولكن الشديد هو الذي يملك نفسه عند الغضب فرصة للعقل أن يفكر، والقوي هو الذي يملك نفسه بحيث أنه قد كلف بتبليغ الدعوة، فكيف يبلغها وهو غضبان؟ ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يقضي القاضي وهو غضبان" لأنه سيصدر منه اختلال
في الميزان. العلماء استنبطوا من هذا الحديث "لا يقضي القاضي وهو غضبان" أنه أيضا لا يقضي بين المتخاصمين وهو في حالة التوتر وضربوا لهذا أمثلة يعني نفترض أنه لديه مصاب مثلا فلا يجلس للقضاء يعتذر يقول ليس اليوم إنه لدينا عزاء افترض أنه يريد أن يقضي حاجته يذهب إلى دورة المياه مضطر فلا يقضي بين الناس ولذلك قالوا لا يقضي الحاقن والحاقب والحازق وهذا لماذا قال أنا متوتر مثل الغاضب، النبي عليه الصلاة والسلام يريد الهدوء كان يقول لأشج عبد قيس فيك خصلتان يحبهما الله ورسوله قال ما هما يا رسول الله قال الحلم والأناة ولذلك
فإن النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو هريرة رضي الله تعالى عنه أن رجلا قال للنبي عليه الصلاة والسلام أوصني قال لا تغضب قال له يا رسول الله أوصني يعني كأنه يستسهل ألا يغضب قال لا تغضب قال أوصني يا رسول الله قال لا تغضب رواه البخاري إذن لا تغضب هذه تعني مفتاحا وهي مفتاح للهدوء النفسي وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغضب إلا إذا انتهكت حرمات الله، فإذا انتهكت حرمات الله يظهر لهم رفضه لذلك، وهناك رواية أيضا عن
معاذ بن أنس رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من كظم غيظا وهو قادر على أن ينفذه دعاه الله سبحانه وتعالى على رؤوس الخلائق يوم القيامة يخيره الله من الحور العين ما يشاء فيكون ذلك جزاء عظيما وهذا الحديث رواه الترمذي وأبو داود إذن نحن في الحقيقة أمام خلق حميد يجب علينا أن ندرب أنفسنا عليه ألا نغضب لا نغضب على أبنائنا ولا عشيرتنا ولا على خادمنا ولا على زملائنا ولا في أنفسنا والهدوء يتيح لك التفكير
كما أن هذا الهدوء يكون مؤيدا من عالم الغيب، مرة كان سيدنا أبو بكر رضي الله تعالى عنه جالسا وجاء أحدهم يشاحنه، يعني يخاصمه هكذا، وجلس يسبه ويصفه بألفاظ ليست مناسبة، والنبي عليه الصلاة والسلام جالس وصامت وأبو بكر صامت، فلما زاد الرجل قليلا رد أبو بكر عليه أي قال له ماذا يا أخانا هذه كلمة هكذا أي رد تكلم فقط فقام النبي صلى الله عليه وسلم أبو بكر تعرف سيدنا هو أول من أسلم أبو بكر قام وراءه قال له يا رسول الله لما انصرفت قال رأيت ملكا ما هو سيدنا مكشوف عنه الحجاب
الذي بين في الشهادة والغيب رأيت ملكا يدافع عنك ويرد عنك حتى تكلمت فانصرف فانصرفت كان أبو بكر في حالة تأييد غيبي الملك يرد على الرجل مثلا يقول له يا كذا قم فيقول له كاذب يقول له أنت المخطئ الملك هو الذي يرد أبو بكر لا يسمع الملك والرجل لا سمع الملك سيدنا سمع الملك فوجد أن الحالة الحقيقية عند الله هي هكذا ما هذه فائدة النبوة أنه يرى الحقيقة عند الله سبحانه وتعالى أبو بكر لما برد قال له طيب انتهى رد الآن أنت الآن انظروا تصالحوا مع بعضكم البعض وذهب قائما الملك وماشيا فالإنسان لا يرى هذه الأشياء لكن سيدنا
أخبرنا أنها موجودة فتخيل وأنت جالس هكذا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما وإن الملك جالس يرد عنك فما يوجد أحسن من هذا إذن ما يوجد أولى من هذا ولذلك ربنا يكرمنا بأن نكون من الهادئين ومن لدينا الحلم والأناة ونبتعد عن الغضب بعونه تعالى إلى لقاء آخر أستودعكم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،