برنامج مفاهيم إفتائية (11) - القطعية والظنية

برنامج مفاهيم إفتائية (11) - القطعية والظنية - مفاهيم إفتائية
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد، فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته. حلقة جديدة من حلقات برنامج مفاهيم إفتائية مع فضيلة الإمام العلامة الدكتور علي جمعة العالم الأزهري الجليل ومفتي الديار المصرية. أهلاً ومرحباً بك. يا مولانا أهلًا وسهلًا بكم. تحدثنا يا مولانا عن حجية الأصول والثبوت والفهم. نريد أن نتكلم بعد إذن فضيلتكم عن القطعية والظنية للنص. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. أراد الله سبحانه وتعالى وهو يبلغنا دينه عن طريق الكتاب والسنة أن يجعلُ هناك مساحةً قطعيةً يقينيةً لا يختلفُ فيها اثنان، ولذلك لم يختلف المسلمون على هذه المساحة القطعية عبر التاريخ، وأن يجعلَ هناك مساحةً أخرى ظنيةً
تختلفُ فيها الأفهام، وأسبابُ الاختلاف كثيرة، وقد وصلت أسبابُ اختلاف الفقهاء إلى أكثر من ستةٍ وثلاثين سبباً من أسباب اختلاف الآراء والأذهان، ونتكلمُ هنا عن آراء المجتهدين العظام وليس عن آراء الصبيان، ستة وثلاثين اختلافاً نتكلم عنهم إن شاء الله أو عن بعضهم. إنما هناك مساحة قطعية أجمعت عليها الأمة، وهذا الإجماع يمنع الاجتهاد بعده. لما أجمعت الأمة، والأمة لا تجتمع على ضلالة كما وصفها رسول الله صلى الله عليه وسلم، على شيءٍ ما فإنه... لا يجوز أن نخرج عنه لأنه يُعتبر
ويُعد هوية الإسلام. أجمع المسلمون على أشياء سواء كانت مذكورة في الكتاب والسنة أو لم تكن مذكورة. فإذا كانت مذكورة في الكتاب والسنة فمعنى الإجماع أنه يمنع الاحتمال لأي رأي آخر، نعم، وإذا لم تكن مذكورة في الكتاب والسنة فمهمة الإجماع أنه كاشف. عن دليل لم يصل إلينا ليس واضحًا بالقدر الكافي، فالإجماع هذا قطع أن هناك دليلاً وأن هذا الدليل ظني وليس صحيحًا واضحًا. فمثلاً هناك
إجماع على أن صلاة الظهر أربع ركعات، وهناك إجماع على أن الصلوات خمسة وليست ستة، وهناك إجماع على أن الوضوء إنما هو قبل الصلاة، وهناك إجماع على... أنّ الشهر الذي نصومه هو رمضان. هناك إجماع على أنّ المكان الذي نقصده حاجين لأداء فريضة الحج الذي هو ركن من أركان الإسلام هو الكعبة وليس مثلاً بيت المقدس أو أيّ مكان آخر. هناك إجماع على أنّ البيع حلال، وهناك إجماع على أنّ الزواج حلال، وهناك إجماع على أنّ الطلاق. جائز وهناك إجماع وهكذا إجماعات،
إجماع وهو ما نعبر عنه بهوية الإسلام، هوية الإسلام، هوية الإسلام، جميل. ونقول لأنه كثيراً ما يخطئون فيها "هوية" لأنه هو في الذهن وهو في الخارج هو هو، فالمشتق منه نقول "هوية" ولا نقول "هوية" كما هو شائع على الألسنة. أنا الآن عندي إجماعات قطعية لا. يجوز الاجتهاد بعد ذلك فيأتي مثلاً ظريف من الظرفاء الذين خرجوا علينا في آخر الزمان، مثلاً يعني تطرأ في ذهنه هكذا، يقول لي: "والله، ربنا يقول: {إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا}، فاغسلوا قمتم فعل ماضٍ، فإذا
والفاء للتعقيب، يصبح إذا نحن نغسل وجوهنا وأيدينا إلى المرافق ونمسح برؤوسنا وأرجلنا إلى الكعبين بعد". الصلاة ليست قبل الصلاة، فهذا هو ما الذي فعله. أولاً قال لي إن القرآن هو الحجة، نعم صحيح، أنا أقول إن القرآن هو الحجة. ثانياً قال: أنا سمعتك تقول في أدوات اللغة العربية، فاللغة العربية هنا "قمتم" هذه فعل ماضٍ مضى، والفاء للتعقيب، فالتعقيب يأتي بعده، بعده إذاً فأنا أستعمل. الأدوات يعني أنا الحجة سرت معها والأدوات في الفهم سرت معها فخرجت برأي عجيب غريب لم يقله أحد في العالمين من المسلمين قبل ذلك أبداً ولن يقولوه إن شاء
الله أن الوضوء بعد الصلاة وليس قبل الصلاة. من قال هذا؟ هذا تخريف. يقول: لماذا تشتمني؟ لماذا تقول لي؟ لماذا تفعل بي؟ قُلْ العِلْمُ هنا، إذا قُمْتُم يعني إذا أردتم القيام. نعم، إذا قُمْتُم يعني أردتم القيام. قال مَنْ قال أنَّ "قُمْتُم" معناها أردتم القيام. قلتُ له: الإجماع. الإجماع هنا ظهر قضية القطعية والظنية. الإجماعُ الذي اتفق عليه المسلمون منذ عصر الصحابة إلى يومنا هذا، بمجتهديهم وعوامِّهم، وبكل مَنْ تدبَّر وقرأ وهكذا. إلى آخره أن الوضوء إنما هو قبل الصلاة، فلا يجوز لك يا أخي أن تأتي وتقدح في هذه القطعية وترى أن المسألة يمكن الاجتهاد
فيها. لو كان إمكان الاجتهاد فيها لرأيناها من بين الصحابة قد اختلفوا: هل الوضوء قبل أو بعد؟ أو كان فريق قال قبل وفريق قال بعد ويبقى... فينا سعة وخلاف يمكن أن نتخير منها مثل ما حدث في لمس المرأة أو لمسته النساء، وهذه من نواقض الوضوء عند الشافعي، وقال أبو حنيفة إنها أبداً ليست من نواقض الوضوء، وقال مالك إذا قصد تكون ناقضة، وإذا لم يقصد اللمسة أو الشهوة تكون ليست بناقضة، وقال خلاف، نعم، أي انظر. الأمران متعلقان بصحة الصلاة. هذه لا خلاف فيها وهي أن الوضوء قبل الصلاة، وهذه فيها خلاف وهو أن اللمس مباشرة - البشرة بالبشرة - ينقض الوضوء أو لا ينقض الوضوء.
اختلفوا على ثلاثة أو أربعة مذاهب. نعم، هذه شرعية وهذه ظنية. فلا يأتي أحدهم ويبيح الزنا كما سمعنا من البعض. الذين يسمون أنفسهم - والعياذ بالله - قرآنيين، أي بعضهم نشر في بعض الصحف السيارة أن الزنا حلال وكل شيء، لماذا؟ لا أعرف طبعاً لماذا، لكن يبدو لأنه لم يُذكر في القرآن "حرّمت الزنا" أو ما شابه ذلك. كلام هراء في هراء، وخطأ في خطأ، وكلام ليس له علاقة لا بدين ولا بعلم ولا... يوجد أناس لديهم انحراف في الفكر. نحن نرجع ونقول: قال تعالى "لا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا"، أي أنه أمر سيء
جداً. فلا تأتِ وتقول لي "ليس حراماً" وما إلى ذلك. هذا خلاف الإجماع، وقد أُغلقت القضية قبل أن تُجهد نفسك فيها. كما يقولون جهاد في غير معركة. نعم، كانت هناك أمور كهذه في الأدب، شخص في الروايات دمك خفيف، فيقول يحارب طواحين الهواء. كلام مثل هذا يعني نموذج بشري يضيع وقته، لكن لا علاقة له بالمسلمين ولا بعلم المسلمين ولا بعلم السلف الصالحين. الخمر كذلك. الخمر نجس أم ليس نجساً؟ نعم، هناك خلاف في الفقه. كان سيدنا خالد يرى أنها ليست نجسة، وسيدنا عمر يرى أنها نجسة. انظر كيف كان الخلاف بين الصحابة. لكن عندما
بلغ سيدنا عمر أن بعض الناس يشربون الخمر ولا يزالون غير فاهمين لتحريمها، قال: "اعرضوا عليهم تحريمها، فإن أبوا فاقتلوهم، فإن أبوا". فاقتلهم. حسناً، هذا يحل الحرام المحرّم عليه، صحيح؟ لقد خرج عن الملة وأحدث فتنة في النظام العام وفي المجتمع تستوجب هذه العقوبة. يعني هذه عقوبة قضائية، نعم. أنت تهتم بنظام المجتمع، والمجتمع حينئذٍ حساس لأنه لو حدث فيه شيء سيؤثر علينا. نحن هنا في مجتمعنا، نعم، يعني هو كما قلنا، خالد يستحم بالخمر رضي الله تعالى عنه، هو سيف الله المسلول وهو المجاهد في سبيل الله وهو وهو وهو، سبب ذلك أنه كان يرى أنها ليست نجسة، نعم، سائل لكنها لا تطهر، هي حرام شربها،
نعم، لكنها مثل الكولونيا. هكذا بالطهر، بهذا الشكل، وبعد ذلك يرى الأحناف أن الكحول وما شابهه يجوز استخدامه للتطيب إذا لم تكن للشرب، لم تُعَدّ للشرب، لم تُعَدّ للشرب، نعم. أما عليه الشوكاني وعليه كذا، يعني تفاصيل كثيرة، لكن هنا عندما يأتي ويقول لي: شرب الخمر مُجمع عليه، مقفول، وملعون فيها عشرة، ومن يبيعها. وشاريها وحاملها وجالس في مجلسها وناظر إليها وشاربها وبائع كرمها ووالذي في ثمانية، كل هذا يعني حضرتك يا مولانا أنك تريد أن تقول لنا أن شرب الخمر في الأمة كلها بالإجماع أنه حرام، أما بالنسبة للكلمة "نجسة"، قولك "نجس" هنا فيه اختلاف بين الفقهاء، نعم، والراجح أيضاً أنها ليست بنجسة، والراجح أنها... ليست بنجسة، نعم عندي، نعم أدلة أخرى منها أنها كانت عندما وجدها
الصحابة في المدينة، وضعوها في المدينة من غير كلام من النبي أنها نجسة. وهناك كلام طويل عندما حُرمت وأُلقيت في أزقة المدينة. كان هذا معتاداً، كانت تأتي في مدرسة، ولو كانت نجسة لكانت حُرِّمت. يقول هكذا الشوكاني، نعم يعني يقول إنها ليست كذلك. نجسة أنا عند فضيلتك؟ أنا أتساءل هل يمكنني أن أضع الكولونيا للتطهير إذا جُرحت؟ أليست نجسة كما يعظ الناس ويقولون إنها حرام؟ لا، هناك مذهب يقول إنها حرام، وليس بعض الناس فقط. نعم، هناك مذهب وأئمة يقولون إنها حرام، وأئمة آخرون يقولون إنها ليست حراماً، ونحن نقف مع الذين يقولون. ليس حراماً لقوة أدلتهم، هذه قضية أخرى، لكن لكن لكن لا نُضيّق واسعاً، لا نجعل هذا محل إجماع، لا نجعل هذا الأمر محل إجماع، فهذه مسألة محل خلاف، وكل ما كان محل خلاف لنا فيه اختيار فقهي. حسناً، سنذهب إلى الفاصل يا مولانا ونعود لنستكمل الفهم مع فضيلتك. فاصل، نعود إليكم فابقوا معنا. معنا السلام
عليكم ورحمة الله وبركاته. عدنا إليكم بعد الفاصل في الجزء الثاني من حلقة اليوم من مفاهيم إفتائية مع فضيلة الإمام العلامة الدكتور علي جمعة. نتحدث عن قطعية وظنية النصوص. تفضل يا مولانا. إذًا فنحن تكلمنا عن أن هناك مساحة هي قطعية ومجمع عليها ولا يجوز مخالفتها ولا يجوز الاجتهاد فيها. بشأنها لأنها هي التي تمثل هوية الإسلام، وهناك مساحة أخرى وهي الأوسع لأنها هي أغلب الشريعة. عندما ألّف ابن حزم الظاهري رحمه الله، أو عندما ألّف ابن المنذر في الإجماع، كتب صغيرة معدودة محصورة موطن الإجماع. بعد ذلك محل الظن، والظن
يمكن أن يختلف فيه المجتهدون بسبب اللغة العربية ودلالات الألفاظ، فهناك. في اللغة العربية ظواهر وهناك في اللغة العربية خصائص، وبناءً على تبني المجتهد لبعض هذه الظواهر والخصائص وترتيبها فإنه يختلف مع أخيه المجتهد الآخر في فهم النص. أي إن هناك مثلاً ظاهرة تسمى الحقيقة والمجاز، وهناك ظاهرة تسمى الإضمار، وهناك ظاهرة تسمى النقل، وهناك ظاهرة تسمى المشترك، وهناك ظاهرة وهكذا ظواهر. وخصائص في اللغة العربية الإطلاق والتقييد وهكذا، فيأتي شخص ويقر المجاز في اللغة العربية،
ويأتي شخص آخر وينفي المجاز في اللغة العربية كأبي إسحاق الإسفراييني وابن تيمية وغيرهم. بناءً على إقرار المجاز وعدم إقرار المجاز، جماهير العلماء أقروا المجاز في القرآن، تترتب على ذلك موقف آخر في الفهم إذا ما... أنكرت المجاز يعني من كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلاً، يعني معناه أن الضرير سيكون أعمى يوم القيامة؟ صحيح إذا لم يكن هناك مجاز فماذا ستقول؟ ستضطر إلى أن تُنشئ له [معنى] آخر حتى لا تقع في مثل هذه الورطة، فتقول بالاشتراك. حسناً، ألا يكون المجاز أولى من ذلك؟ الاشتراك لأن المجاز معه قرينة تصرفه عن الحقيقة إلى المجاز وتحدد معناه، لكن الاشتراك كلاهما حقيقة. نعم، وبناءً على هذا، تجعل
الأعمى ليس هو الضرير، إنما هو أعمى البصيرة، وليس أعمى البصر، وليس أعمى البصر. وتضطر لأن تركّب معنى آخر حتى لا تصل إلى معنى ظالم. ومعنى غير صحيح، وحاشا للشرع الشريف أن يُنسب إليه هذا باتفاق أبي إسحاق الإسفراييني وابن تيمية وغيرهم، متفقين على أن هذا لا يُقال به ولا يقول به أحد، أن من كان في الدنيا ضريراً كان في الآخرة ضريراً. لا أحد يُعطي مثلاً مكتوباً أن الصحابة الكرام يُبعثون يوم القيامة. أعماه والنبي عليه الصلاة والسلام تحدث عن من فقد حبيبتيه فصبر وما إلى آخره، لكن القصة التي نتناولها هنا هي عن الحقيقة والمجاز والاشتراك. فمثلاً عندما يأتي ويأمر المرأة بتربص ثلاثة قروء،
ثم يبدأ الخلاف حول ما إذا كان القرء معناه الطهر أم معناه الحيض، وهذا ما يسمونه الأضداد، حيث تعني كلمة واحدة معنيين متضادين. متناقضة يعني مثل المشترك في اللغة يا مولانا، هذا مشترك مثل الظن معناها يقين ومعناها شك مثلاً، أي مثل "جون"، نعم يعني معنى الجون أبيض وأسود، أو مثلاً لفظة أخرى "سليم" معناها مريض أو معناها صحيح، نعم "وسليم كل أمر بعدك جلل" يا رسول الله يعني هيّن وحادث جلل. يعني عظيم "عفا"، "عفا" معناها ترك الشيء تماماً أو أزاله تماماً، ولذلك عندما يُقال "أعفوا اللحى" يعني اتركوها وليس لكم شأن بها. أما "عفت الديار" و"عفت الآثار"، فيعني أُزيلت تماماً. سبحان الله، هذا من الألفاظ المتضادة، وهو نوع من أنواع الاشتراك يُسمى بالأضداد،
فإذا اتحد اللفظ وتعدد المعنى وتعدد. الوضع أيضاً يكون أن هذا المشترك جميل. حسناً، القرء هنا هل هو حيض أم طهر؟ هناك خلاف بين الشافعية والحنفية، فتكون هذه ظنية، تبقى ظنية وستظل ظنية إلى يوم القيامة. لامسته يعني اليد وضعت على اليد هكذا، الشافعي يقول هكذا، نعم. أو اجتماع الرجل بالمرأة، الاجتماع الديني والعلاقة. الزوجية أي أن أبا حنيفة يقول هكذا، نعم، إلى يوم القيامة. "لمستم" ليست موصولة بها. اللمس هذا موصول بالعلاقة الزوجية. نعم، ويقول للشاب، يقول الدكتور في لغة القرآن: مس، مس، نعم، من قبل أن يتماسا، نعم. "ولم يمسسني بشر ولم أك بغيا"، مس وليس لمس، ليس لمسًا. ما شاء الله،
فهذا جدال وكلام لغوي مؤصَّل من كلا الطرفين. ولما أراد الله هذا ولم يرده في القطعي، أرادنا أن نفهم أن هذه المذاهب المختلفة هي في حقيقتها رحمة للأمة إذا كان الاختلاف من هذا الجنس، وهو أن يُبنى على الاجتهاد ويُبنى على الدليل ويُبنى على اللغة ويُبنى على الرحمة، ولذلك... تجد الناس مختلفة في مشاربها ويأخذ كل واحد من هؤلاء المختلفين نصيبه من هذا الاختلاف فتكون الدين له مرونة. كما أنه عندما تتمادى الأزمان فإنه يجوز للمتأخرين أن يختاروا اختياراً فقهياً ما دام قد قال به المجتهد
واعتمد على دليل. ظهرت الطائفة وصار هذا الشخص يقول لك: أنا الدليل، أنا. الذي يقدم الدليل أنت حر، هذه قضية نفسية شخصية لا علاقة لها بالأمة ومسارها. الأمة لديها مجتهدون عظام والاجتهاد لم يُغلق، الاجتهاد باقٍ إلى يوم القيامة والاجتهاد له شروطه، وهذه الشروط على فكرة غير متحققة فيك، ولكن هذا الاجتهاد الذي له شروطه إذا تحقق في شخص... أخذنا به وأصبح قوله معتمدًا، ولكن الاجتهاد عبر التاريخ نادر، فهناك تسعون مجتهدًا في الألف وأربعمائة سنة، ما شاء الله، تسعون مجتهدًا، تسعون مجتهدًا. ثم إن هناك أيضًا شيء كأنه انتهى، وهو القسمة العقلية للاجتهاد المستقل، فأصبح الاجتهاد المطلق غير الاجتهاد المستقل، يعني لو
كان... لدينا ثلاثة أشخاص: ألف وباء وجيم، ولدينا ثلاثة كراسي: واحد واثنان وثلاثة. كم طريقة نستطيع أن نرتب بها هؤلاء الأشخاص مع هذه الكراسي؟ ست طرق. حسناً، أعطني سبعة طرق. لا يوجد. اجتهد هكذا وأخرج طريقة سابعة. سبعة طرق غير ممكن، لماذا؟ قالوا: لانتهاء القسمة العقلية، فكل ما قيل في الاجتهاد قيل استقلالاً. وجلسَ ولذلك ترى الناس الذين بذلوا جهودهم أصبحوا من المجتهدين المطلقين مثل السيوطي، وابن دقيق العيد، والعز بن عبد السلام، والتقي السبكي وأمثال هؤلاء. التزموا بالمذهب، يقول السيوطي في كتاب "التحدث بنعمة الله": "إنني اجتهدت بنفسي،
وبعد أن اجتهدت وجدتُ أنني شافعي"، وجد أنه شافعي، نعم، يعني بعد ما... اجتهد في فروع الفقه كلها ووجد نفسه أنه وصل لنتيجة لو صلى الله عليه وسلم وصل إليها الشافعي، سبحان الله، إلا في سبعة عشر مسألة. نعم، هي قول ضعيف في المذهب، هي قول ضعيف في مذهب الشافعي في نفس المذهب الشافعي، سبحان الله. فذهب ولم يعمل مذهباً جديداً اسمه السيوطي. نعم، لماذا؟ لأنه عندما سارع على المنهج والنمط وصل بالحق إلى نفس ما وصل إليه الإمام الشافعي. نفس الكلام عن ابن دقيق العيد، يقول: "ما قلدنا الشافعي ولكن وافق اجتهادنا اجتهاده". ما شاء الله، يعني كل الكلام الذي يقوله هكذا جاء من اجتهاده هو نفسه شخصياً، ولكن بعد ذلك... عندما قرأنا وجدنا وجاء إلينا زوار من الإمام الشافعي يقولون سبحان الله يعني
هناك أشياء عجيبة غريبة. يسأل الشيخ سعيد سنبل عن كيفية توافق شرح الرملي وشرح ابن حجر الهيتمي على منهاج النووي في الربع الأخير حيث يكاد يكون نسخة منه. هل هذا من وضع الحافر على الحافر أو من... اتفاق المصادر أو ماذا يعني هذان الاثنان الذين يفهمون وهم بعيدون عن بعضهم كل واحد في سقفه، والمدرسة الفقهية كانت تحفظهم. هؤلاء كانوا يحفظون هذا، نعم، يحفظونه. وهذا ما حدث لنا في طلب العلم، كنا عند الشيخ الحسين مثلاً، نأخذ منه العبارة ونحفظها ونتلوها من أنفسنا، فكأننا نحن نسخة من الشيخ. طبعاً هذا يحتاج إلى مزيد من الكلام ويُعرف حينها من هؤلاء تلاميذ الشيخ الفلاني. نعم، بارك الله فيك يا مولانا وزادك علماً
ونفعنا بعلمك. اسمحوا لي باسم حضراتكم أن نشكر فضيلة الإمام العلامة الدكتور علي جمعة على وعده بلقاء في حلقات قادمة إن شاء الله. إلى ذلك الحين نستودع الله دينكم وأماناتكم وخواتيم أعمالكم. أعمالكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته