تصحيح البدايات تصحيح للنهايات | خطبة جمعة بتاريخ 2006 04 28 | أ.د علي جمعة

تصحيح البدايات تصحيح للنهايات | خطبة جمعة بتاريخ 2006 04 28 | أ.د علي جمعة - خطب الجمعة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله ونبيه وصفيه وحبيبه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح للأمة وجاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين، اللهم صل وسلم على سيدنا محمد في الأولين، وصل وسلم على سيدنا محمد في الآخرين، وصل
وسلم على سيدنا محمد في العالمين، وصل وسلم على سيدنا محمد في كل وقت وحين، وعلى آله الأطهار وأصحابه الأخيار وأتباعه الأبرار إلى يوم الدين يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون، يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء، واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا، يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا يصلح لكم
أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما. أما بعد، فإن أصدق الحديث كتاب الله وإن خير الهدي هدي سيدنا محمد رسول الله وإن شر الأمور محدثاتها، فكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار. أيها المؤمنون، هذا آخر يوم في ربيع الشهر الأول الأنور الذي تشرف بميلاد النبي المصطفى والحبيب المجتبى صلى الله عليه وآله وسلم، اليوم هو آخر يوم في هذا الشهر الكريم، نبدأ غدا
شهرا جديدا وزمنا جديدا وبداية جديدة، نريد أن نستفيد من ميلاد المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم وهو الذي أرسله ربه رحمة للعالمين وهدى للمتقين للمرسلين وخاتما للنبيين نريد أن نستفيد من مولده الشريف وأن يكون لنا عبرة وموعظة نعيش حياته في حياتنا ونعيش هديه في أنفسنا قال أهل الله الذين
أحبوا الله فذكروه كثيرا وأحبوا رسوله فاتبعوا هديه وقاموا بسنته تصحيح البدايات تصحيح للنهايات وإذا ما تأملنا مشكلاتنا فإننا نراها قد كثرت علينا وأحاطت بنا من كل جانب وإذا أردنا أن نغير من أنفسنا فيجب علينا أن نبدأ البدايات الصحيحة، يستهين كثير من الناس بما ألفناه من شرع الله تعالى من كثرة تكراره في حياتنا أو
التزامنا به دون أن نعرف الحكمة منه أو إننا قد استهنا به لأننا قد حولناه من عبادة إلى عادة ما تفلت منا البدايات فتضيع منا النهايات، والله سبحانه وتعالى يأبى ذلك والمؤمنون يصححون البدايات ولا تستهينوا بأمر الله وعظموا شعائر الله في قلوبكم وتعلموا العلم النافع واتركوا سفاسف الأمور واهتموا بجلائلها واسألوا فيما يعنيكم واتركوا ما لا يعنيكم
وسيروا على الدرب متوجهين إلى الله مخلصين له إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى، يجب علينا أن نصحح الوضوء وكثير من الناس يتساءل ما شأن الوضوء وما شأن مشكلاتنا التي نعيش فيها ليلا ونهارا ونجيبه بكل بساطة أن تصحيح البدايات تصحيح للنهايات، فالتفت إلى ذلك المعنى الكريم والنبي صلى الله عليه وسلم يقول ابدأ بنفسك ثم بمن يليك بنفسك ثم بمن تعول، كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته. صححوا
البدايات، ولذلك نرى السيدة نفيسة رضي الله تعالى عنها وكانت من كبار العلماء المتصدرين، يختلف إليها الشافعي رضي الله تعالى عنه وهو إمام مجتهد متبوع، فلما انتقل الشافعي قالت وهي تمدحه غاية المدح: كان يحسن الوضوء. ظن بعض القاصرين إنها تتعالى بعلمها عليه وحاشاها فهي من العطرة الطاهرة وهي من العلماء العاملين وهي من الأتقياء الأصفياء الذين شهد لها الناس وألقى الله حبها
في قلوبهم، حاشاها أن تتعالى على إمام الأمة ومجتهدها ولكنها كانت تشير إلى هذا المعنى. كان رحمه الله تعالى يحسن الوضوء وإذ كان قد يحسن الوضوء. فإنه تقبل صلاته فيصح عمله فيرتقي عند الله فيقبل دعاؤه فيخلص لله فيقبل إخلاصه وحينئذ رأينا كيف كان الشافعي بعد وفاته منارة للأمة نحتاج إلى علمه إلى يومنا هذا ونراجعه وإن
رأيناه وثقنا فيه وفي علمه أصلحوا البدايات فأحسنوا الوضوء فإن إحسان الوضوء إنما هو من إحسان العمل وإذا اعتاد إذا أحسن الإنسان العمل وعرف معانيه فإنه لن يتهرب من صنعته، لن يكذب في تجارته، لن يتراخى في عمله ووظيفته، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يعلمنا شيئا يعرفه العالم والجاهل، الحضري والبدوي، وإذ به ينظم حياته كلها، والوضوء
أمره سهل يسير كشأن الشريعة كلها، لم يفرضه الله حرجا على ولا عنت عليهم وإنما فرضه من أجل أن يطهرنا في الظاهر كما أمرنا أن نطهر أنفسنا بإذنه في الباطن فنهانا سبحانه وتعالى عن الفحشاء والمنكر وأمرنا بذكر الله وقال ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم، اغسلوا وجوهكم أمر
حتم لا بد منه في الوضوء ولا تصح الصلاة إلا بالوضوء ولا يصح الوضوء إلا بغسل الوجه ولكن فيه إشارة ولطيفة أن تقابل الناس بوجه طلق بوجه نظيف بوجه لا يخفي حقدا ولا حسدا ولا غلا ولا قصورا ولا تقصيرا والنبي صلى الله عليه وسلم في مراقي العمل الصالح يقول ولو أن يلقى الناس بوجه طلق ويقول والتبسم في وجه أخيك صدقة انظر إلى المعاني انظر إلى ذلك الشخص الذي إذا ما رئي ذكر الله
انظر إلى أنك تكون بحالك وقولك وفعلك داعيا إلى الله أو تفسد في الأرض بعد ذلك بداية الصلاة غسل الوجه إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم نعم واغسلوا أرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنبا فاطهروا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا
بوجوهكم وأيديكم منه ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم فافهموا بدايتكم الصحيحة وصححوا البدايات فالأمر ليس أمر تطهر ظاهري ولذلك جعل البدل من التراب الذي هو ضد الماء أو من الصعيد الطيب على ما اختلف فيه الفقهاء في تفسيرها لغة أي كل ما صعد على الأرض من طيب كما يقول الإمام مالك نعم ما يريد الله ليجعل عليكم من
حرج، ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون. تصحيح البدايات في الخلق مع الله إنما يأتي بالرحمة، وأشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك فقال: الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء. وتراها في قوله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم يبدأ. بها كل سورة نعم العلاقة التي بيننا وبين الله إن أردنا أن نصححها فبدايتها الرحمة، صحح
البدايات، لن نفلح ما دمنا لا يرحم بعضنا بعضا، لا يرحم الرجل أبناءه وزوجته ولا يرحم الابن أباه وأمه، لا يرحم أحدنا جاره ولا زميله ورفيقه وصديقه، إذا لم نرحم لا نرحم من لا يرحم أو لا يرحم، صححوا البدايات في العلاقة بينكم وبين أنفسكم، وتصحيحها إنما يكون بالكرم والعطاء، وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، كان كالريح
المرسلة، والحب عطاء، ومن اعتاد أن يعطي فقد اعتاد على الحب، وإذا اعتدت على الحب فمن أحببت يكره ولا يستطيع أن يكره الشجرة التي استظل تحتها النبي صلى الله عليه وآله وسلم في وادي الأردن وهو ذاهب في رحلته إلى الشام والتقى عندها ببحيرى الراهب وقيل إنه راهب البحيرة ولذا سمي بهذا الاسم بحيرا باقية إلى يومنا هذا لا شجرة سواها في صحراء قاحلة
وهي خضراء يستظل بها الناية إلى يومنا هذا، ما الذي جعلها مورقة؟ يقول أهل الله إن الذي جعلها كذلك أنه قد استظل تحتها ولمسها محبة مطلقة،
وهو الذي نقول عنه محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم، محبة مطلقة لا تعرف الكراهية ولا تعرف الحقد ولا تعرف الحسد ولا تعرف الكبر ترد على قلبه تلك المعاني محمد بن عبد الله رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي أنت وأمي يا سيدي يا رسول الله لقد من الله عليكم بالانتساب إليه فهل تقدرون قدر من تنتسبون إليه ألا يخجل أحدنا من نفسه إذا
ما راجع حاله مع حال النبي صلى الله عليه وسلم وهو الذي قد تحمل من أجلنا المشاق من أجل أن يبلغ رسالة ربه إلينا من أجل أن نعيشها في حياتنا لا من أجل أن نجعلها وراء ظهورنا بأبي أنت وأمي والناس أجمعون يا رسول الله ما هبت النسائم وناحت على الأيك الحمائم صحح البدايات وبداية الطريق إلى الله أن تكثر من ذكر الله والله قد علمنا الذكر وعلمنا كيف نكثر منه وبداية الخير أن تكثر من الصمت حتى تتفجر
من قلبك الحكمة وتنبع منه إذا رأيتم الرجل قد أوتي صمتا فقد أوتي الحكمة صححوا البدايات لعلكم تهتدون صححوا البدايات في كل شيء في البيع وفي الشراء وفي الزواج وتصحيح البدايات ليس له علاقة بكثرة السؤال ولا له علاقة بالوسواس ولا له علاقة بالتردد والريبة والشك، تصحيح البدايات إنما يتم بتصحيح النيات، فصححوا نياتكم وادعوا ربكم في هذه الساعة
أن ينقلنا من دائرة سخطه إلى دائرة رضاه. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن وأشهد أن لا إله إلا الله وحده صدق وعده ونصر عبده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده وأشهد أن سيدنا
محمدا عبده ورسوله ونبيه وصفيه وحبيبه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح للأمة وجاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين اللهم يا ربنا صل وسلم عليه كما يليق بجلالك عندك أن يكون وجازه عنا خير ما جازيت نبيا عن أمته، وأقمنا على سنته وتوفنا على شريعته، وابعثنا يوم القيامة تحت لوائه، واسقنا من يده الشريفة شربة ما نظمأ بعدها أبدا، ثم أدخلنا الجنة من غير حساب ولا سابقة عقاب ولا عتاب، ومتعنا بالنظر إلى وجهك الكريم، واجعل القرآن الكريم ربيع قلوبنا. وجلاء همنا وحزننا واجعله حجة لنا ولا تجعله حجة علينا، علمنا
منه ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وانصرنا بالحق وانصر الحق بنا وأعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، اللهم اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم إنك أنت الأعز الأكرم، آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وأدخلنا الجنة. مع الأبرار يا عفو يا غفار اللهم كن لنا ولا تكن علينا فارحم حينا وميتنا وحاضرنا وغائبنا اللهم رقق قلوب أمة سيدنا محمد لذكرك يا أرحم الراحمين اللهم افتح علينا فتوح العارفين بك وافتح علينا من خزائن فضلك ورحمتك ما تثبت به الإيمان في قلوبنا حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره لنا الكفر والفسوق والعصيان
واجعلنا من الراشدين ومن المتقين ومع القوم الصادقين اللهم رد علينا القدس ردا جميلا وارفع أيدي الأمم عنا وبلغنا دينك وانقلنا من دائرة سخطك إلى دائرة رضاك ووفقنا إلى ما تحب وترضى وأعنا يا أرحم الراحمين على أنفسنا فاهدنا فيمن هديت وعافنا في من عافيت وتولنا في من توليت وبارك لنا فيما أعطيت وارزقنا رزقا واسعا وعلما نافعا وقلبا خاشعا وعينا من خشيتك دامعة ونفسا قانعة وشفاء من كل داء يا رب هذا حالنا لا يخفى عليك وعلم كل شيء بيديك فاغفر لنا ذنوبنا ووحد قلوب أمة سيدنا محمد على الخير
واهدنا كلمهم يا أرحم الراحمين وأخرجنا من ورطتنا وانصر الإسلام والمسلمين واجعل هذا البلد وسائر بلاد المسلمين سخاء رخاء دار عدل وإيمان وسلم وإسلام إلى يوم الدين، اللهم يا ربنا استجب دعاءنا ببركة الحبيب المصطفى والنبي المجتبى صلى الله عليه وآله وسلم، اللهم يا ربنا استجب دعاءنا ولا تردنا خائبين وباعد بيننا وبين خطايانا كما باعدت بين المشرق والمغرب ونقنا من خطايانا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس واغسلنا من خطايانا بالماء والثلج والبرد اللهم يا أرحم الراحمين ارحمنا ويا غياث المستغيثين أغثنا تقبل
منا صالح أعمالنا واهدنا إلى سواء السبيل اللهم يا ربنا يا رب يا رب يا رب اجعلنا من الصالحين ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا ولا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا، اللهم نعوذ بك من الهم والحزن ونعوذ بك من العجز والكسل ونعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال ونعوذ بك من الكفر والفقر ونعوذ بك من كل ما استعاذ منه نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ونسأل الله والآخرين والعالمين وفي
كل وقت وحين وأقيموا الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما