تعرف على القواعد الفقهية مع د. علي جمعة #13 | درجات المعرفة

تعرف على القواعد الفقهية مع د. علي جمعة #13 | درجات المعرفة - التفكير المستقيم, درجات المعرفة
أهلاً بكم، اليوم نتوقف مع فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة على مفهوم "اليقين لا يزول بشك". هذه المقولة، كيف يمكن أن نطبقها على أفكار وعلى أفعال المسلم، كذلك على المكون المعرفي المتراكم لدى الشخص المسلم عبر السنوات، أياً كانت روافد هذه المعرفة التي تأتيه. مفهوم مهم ربما يجيب. على كثير من التساؤلات إذا ما نبّرنا به هذه الفترة حقيقةً من بعض الأفكار المغلوطة التي قد تشوش على بعض المسلمين. أُرحب بفضيلة الإمام العالم الجليل الأستاذ الدكتور علي جمعة. أهلاً بكم مولانا، أهلاً وسهلاً بكم، أهلاً بفضيلتكم مولانا. أولاً، هل لك أن تؤكد لنا من أين جاءت هذه القاعدة أو هذا المفهوم بأن اليقين لا يزول بشك. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
وآله وصحبه ومن والاه. لما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخرجنا من الظلمات إلى النور ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة، أتى لنا بأحكام، أتى لنا بالوضوء. وبالصلاة وبالصيام وبالحج وبالزكاة وبالبيوع وبالطلاق وبالزواج أتى لنا بالقضاء وبالشهادات وبالجهاد، أتى لنا بأحكام كثيرة جداً، بعد ذلك صنفها المصنفون وكتب فيها العلماء وجلسوا يتأملون في الكتاب والسنة حتى يستنبطوا منها، من الكتاب، من آيات الكتاب ومن أحاديث رسول الله، أوصافاً للأفعال البشرية، يعني ما الذي هو حرام. ما الذي هو واجب، ما الذي هو مكروه، ما الذي هو مندوب، ما الذي هو مباح، وهذه يسمونها بالأحكام الخمسة. ونتج منها مجموعة من الجمل الكثيرة
التي سبق أن ذكرنا أنها وصلت إلى مليون ومائتي ألف جملة. الصلاة واجبة، الظهر أربع ركعات، العصر أربع ركعات، الخمر حرام. الجملة هكذا جملة مليون ومائتان وألف فرع فقهي عندما اتسع الأمر هكذا، مليون ومائتان وألف، من الذي يستطيع حفظها؟ لقد فات العلماء ذلك وجلسوا يتدبرون: هل يوجد شيء وراء المليون ومائتين وألف نستطيع أن ندخل إليه به؟ لا يوجد مفتاح، لا توجد معادلة نصوغ بها هذا الكم الهائل ونحفظ المعادلة فنعرف بها مباشرة قبل أن نخرج أو قبل أن نبذل جهداً خارقاً للوصول إليه، جلس العلماء
يفكرون ويضمون الأشياء المتشابهة، فهذا الفرع يشبه ذلك الفرع، فيضعونهما بجانب بعضهما. هذا الفرع موجود في الزواج والطلاق، وذلك الفرع موجود في باب الوقف، لكنهما يشبهان بعضهما، فيضعونهما بجانب بعضهما لكي... يَرَوْن أين المفتاح، جلسوا يبحثون عن هذه المفاتيح يا أستاذ حتى اكتشفوا شيئاً غريباً جداً، ولذلك كنتُ أقول في حلقات سابقة: الناس الذين يقولون لك "بلا وحي وما شابه"، هؤلاء في الحقيقة انبهروا بالوحي، فذهبوا يبحثون في الوحي فوجدوه دقيقاً، وجدوه أنه فوق طاقة البشر، وأنه لا يمكن لأحد أن هكذا وجدوا أن كل المليون
ومائتي ألف فرقة هؤلاء لديهم خمسة مفاتيح لخمسة أبواب. ما هي هذه الأبواب؟ قلنا لهم: "الله يحفظكم، أخبرونا ما هي هذه الأبواب، وما هي هذه المفاتيح، وكيف ندخل إلى هذا المبنى الضخم الذي يحتوي على مليون ومائتي ألف حجرة، أو مليون ومائتي ألف حكم فقهي، كيف ومن هنا نشأ علم يُسمى علم القواعد الفقهية الذي أحضرت لي منه الآن قاعدة واحدة فقط من القواعد الخمس التي هي "اليقين لا يزول بالشك". ولكي نحفظها ونحن صغار، كان المشايخ يقدمونها لنا في صورة أغنية نرددها هكذا.
هل تلاحظ كيف؟ فعندما ترددها تحفظها ولا تنساها. يقول لك خمسٌ يعني قواعد محررة، قواعد مذهبي. المذهب الذي أنتمي إليه مبني على ماذا؟ على خمس قواعد، هؤلاء الملايين مبنيون على الخمسة هؤلاء. خمس محررة قواعد مذهبي للشافعي. طبعاً الرجل الذي كان يدرّس لنا شافعي، فذهب وأتى بكلمة "للشافعي"، لكن هو مالك هكذا وأبو حنيفة هكذا وكل... الناس تكون بهذه الطريقة للشافعي لديها بصيرة تعرف أنك عندما تدخل هذا المبنى العظيم، فالضرر يُزال. كل هذه الفروع مبنية على أن الشريعة تزيل الضرر. الشريعة لا تقبل الضرر ولا تقبل الأذية.
إذا كان هناك أي ضرر يا أخي في أي مكان، تأتي الشريعة وترفضه فوراً. لا غاية محرمة ضرر. لا يزال، وعادةً قد حكمت العادة محكمة "خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين". احذر أن تمشي مثل أبي فصادة في وسط أهلك، كن معهم. إن ما نشكو منه هو انحراف الناس الآن عن النمط العام والجمهور العام، ونقول لهم إنكم هكذا تجعلون الناس تكره الدين. صحيح أن العادة قد مبنية على عادة قد حكمت، وكذلك المشقة تجلب التيسير، المشقة تجلب التيسير، المشقة تجلب التيسير. نعم، الصائم والمسافر يفطر، ويقصر في الصلاة. إذا وقعت
في ضيق ولا أعرف ماذا أفعل، فإن مع العسر يسراً، إن مع العسر يسراً، وكذلك المشقة تجلب التيسير، والشك لا يرفع به المتيقن، هذا ما قلناه ماهية اليقين الذي لا يزول بالشك، وخلوص النية. إن أردت أجر خلوص النية التي هي "إنما الأعمال بالنيات" و"الأمور بمقاصدها". إذا مولانا حضرتك تكرمت وتفضلت وذكرت أن هناك خمس قواعد فقهية، إحدى هذه القواعد هي قاعدة أن اليقين لا يزول بالشك، لا يزول بالشك، لكن الخمسة هؤلاء هم... المفاتيح التي نستطيع أن ندخل من خلالها إلى أي فرع فقهي، أي فرع من المليون وزيادة، ستجده منتمياً، راجعاً، نابتاً من هذه الأرضية
الخاصة بهذه الخمسة. جاء العز بن عبد السلام وقال: ليست خمسة كثيرة، ما الذي يجمع هذه الخمسة؟ هل انتبهت؟ ثم قال: درء المفاسد مقدم على جلب المصالح. مبنيةٌ على المصلحة، مصلحة الدنيا ومصلحة الآخرة. الحاصل أن هذه الخمسة هي القاعدة، فقد عرفنا ذلك. لأنني أتساءل ما السبب في أنني توقفت هكذا عند سؤالك. لكنك تقول لي أخبرني ما أصلها؟ من أين جاء تأصيلها؟ تأصيلها جاء من بحث استقرائي تتبعي قام [به]. به الفقهاء وهم مشكورون من عند الناس ومن عند الله لبيان المفاتيح التي تؤصِّل للمليون فرع فقهي الذي استنبطوه من كتاب الله ومن سنة
رسوله صلى الله عليه وسلم. فذهبوا إلى تسميتها بالقواعد الفقهية الكبرى. ألَّف في القواعد الفقهية الكبرى هذه ابن الوكيل، وألَّف فيها ابن السبكي. فيها السيوطي ألَّف، وفيها ابن نُجَيم ألَّف، وفيها كثير من الناس يُحضِرون القاعدة ويشرحونها لك، ويذكرون لك بعض الأمثلة الجيدة عن القاعدة، ويذكرون لك بعض الفروع التي قد تكون خرجت عن هذه القاعدة، وسبب خروجها أنها تنتمي إلى قاعدة أخرى. انظر كيف أنه لا يوجد شيء غير منضبط، أقول لك مُبهر! ما سبب استثناء هذا الفرع من هذه القاعدة؟ إنه في الأصل يتبع قاعدة أخرى. انتبه، يوجد تنازع بين القاعدتين. حسناً، وما الذي يحكم أنني أخذته هناك وليس هنا؟ ما هي المصلحة؟
أي مصلحة؟ وساروا على هذا النهج يا أستاذ في كل شيء. ونحن عندما أنهينا مرحلة الكلية وما يتعلق وذهبنا إلى الدراسات العليا فأصبح يدرّس لنا هذه الخلاصات تعالى، وكان لدينا من يسهّلها لنا سيدنا الشيخ جدل رب رمضان أشباه المظاهر، فيأمرنا بأن نحفظ هذه القواعد هكذا. هل انتبهت؟ أعني قصة الأغنية التي يقولونها لنا هذه لكي نحفظها أولاً، هي في الحقيقة تجعل المرء مستحضراً دائماً. لا أقول لك خمسة ثم عليك، لأنني امرأة واحدة. بل مباشرة أقول لك: "الضرر يُزال"، وعاداته قد حُكمت، وكذلك "المشقة تجلب التيسير"، و"الشك لا يُرفع به متيقن"، وإخلاص النية إن أردت الأجر. خمس قواعد محررة من مذهب الشافعي، بها تكون ذا بصيرة. أقول
هكذا مباشرة، قم لنتدارس الفقه معاً. كل شيء واضح أمامنا، ماذا قال السيوطي إذاً؟ على فكرة، هذه القواعد الخمس تفرعت منها وأنتجت خمسين قاعدة، وهذه الخمسون قاعدة أيضاً تفرعت منها وأنتجت عدداً آخر يقارب مائتي قاعدة. وعندما كبُرنا قمنا بعمل مشروع تابع لمنظمة التعاون الإسلامي التي توجد في جدة والتي يتبعها مجمع الفقه يا جماعة. نريد أن نعمل مشروعاً، ما هو هذا المشروع؟ إنه أن نجمع كل القواعد التي ذُكرت في كل الكتب، وبدأنا نعمل على ذلك. وفي النهاية، الذي تولى الإنفاق على هذا المشروع - رحمه الله - الشيخ زيد. وبعد سنوات،
استطعنا أن نُخرج حوالي عشرين مجلداً في هذه القواعد التي درسناها على عندما كنا صغارًا قالوا لنا ماذا عن الأغنية، أنت منتبه لهذا النمط؟ نعم، هذا نمط، فالذي يحرّم يحرم الخير الكثير. لنعد إلى القاعدة الآن لأننا عرفنا من أين أتت وإلى أين تتجه. حسنًا، يمكننا العودة إليها بعد الفاصل. حسنًا، أشكر فضيلتك شكرًا جزيلًا، ابقوا معنا. أهلاً بحضراتكم مرة أخرى مشاهدينا، وهذه الفرصة الطيبة - في الحقيقة - لكي ننهل من العلم، وربما نحن أمام معلوماته، أمام معرفة الحقيقة، يعني ربما بالنسبة لكثير منا يسمعها للمرة الأولى في حياته. فاسمحوا لي أن أرحب بمنبع هذا العلم فضيلة العالم الجليل الأستاذ الدكتور علي جمعة، أهلاً بحضرتك مرة. أخرى مولانا، أهلاً وسهلاً. توقفنا عند القاعدة الفقهية "اليقين لا يزول بالشك" وحركة السلط لها وكل هذه الأمور.
ولكن في أمور مولانا، يعني هل هناك أمور نستطيع أن نقول بأنها يقينية غير قابلة للشك في أمور العقيدة والشريعة وما إلى ذلك، وهناك أمور أخرى مسموح لنا بأن نشك فيها. أُحب. أشرح لك هذه القصة بوضوح وأقول لك نعم ابتداءً، لكن أريد أن أشرح حالك حتى نرى كيف وصلنا إلى هذه النعم. الناس بعد عصر الصحابة لم يروا النبي عليه الصلاة والسلام، يعني الصحابة رأوه. هل أنت منتبه؟ قال: "كيف تكفرون وأنا فيكم"، ألستم ترون ليلاً ونهاراً المعجزات وترون ليلاً. نهار الأحوال كيف حالها؟ ومرة قال: "إخواني إخواني"، قالوا: "نحن يا رسول الله"، قال: "لا، أنتم أصحابي، إخواني قوم يأتون من بعدكم لا يجدون إلا صحفاً يقرؤونها، يؤمنون به" عليه الصلاة والسلام. فسيدنا
النبي عليه الصلاة والسلام لما انتقل إلى الرفيق الأعلى، أتى قوم آخرون، جيل ثانٍ رأوا الصحابة. لم يروا النبي، حتى أن هناك أناساً كانوا يعيشون في زمن النبي مثل أويس القرني من اليمن. كانت أمه مريضة، وبعد أن أسلم أراد أن يرى سيدنا النبي ويسافر إليه، لكن أمه منعته. أي أن مرض أمه منعه من أن يتركها في هذه الحالة ويذهب إلى سيدنا. فأوحي إلى سيدنا ترصّد أويس القرني واجعله يدعو لك فإنه مستجاب الدعوة. حبسته أمه أن يلحق به، وكان
عمر يجلس في الحج ويسأل الناس: "يا جماعة، أليس لديكم أحد من القرنيين؟" قرني يعني من قبيلة قرن. "أليس لديكم أحد كذا؟" إلى أن ذهب ووجد أويس هذا وهو ابن عامر عندما جاء في مرة. أصبح في الزيارة لمكة، يعني لمكة جاء للحج، حسناً، فقال له: "أأنت أويس القرني؟"، فقال له: "نعم"، لم يكن متخذاً إخواناً، فأمسكه وقال له: "إن النبي أوصاني بك وقال لي كذا وكذا وقال لي لابد أن تُعطى"، فأعطاه إياه. خاف أويس من أن ينشر هذا الأمر بين الناس، وماذا وولي وتلتف حوله ويُفتن في هذا، فدعا له
وتخلص منه. وبعد ذلك لم يُسمِّ نفسه أويس. على فكرة هو الذي يقول عنه المصريون عويس، وهو مدفون عندنا في أطفيح هنا في بني سويف. نعم، الصحابي أويس القرني، هو من الصحابة، نعم من الصحابة، عذرًا. لم يرَ النبي، إنما كان موجوداً في عصر النبي لكنه لم يلتقِ به، فأصبح تابعياً. صحيح، هذه هي العبارة الخاصة به. نعم، أويس القرني جاء بعد ذلك إلى مصر، جاء بعد ذلك إلى مصر ومات فيها ودُفن في البرمبل، هذه التي هي قرية اسمها البرمبل وفيها سيدي. أويس القرني أو أويس - بالكناية - وكان رجلاً من الصالحين شهد له النبي، وبالرغم من ذلك لم يكن من الصحابة. هؤلاء الناس الذين جاؤوا بعد
الصحابة مثل سعيد بن المسيب ومجاهد وعطاء وطاووس اليماني وغيرهم إلى آخره، أخذوا يفكرون ويتساءلون أين الحجة؟ نحن نقول... اليقين لا يزول بالشك، هذه قاعدة، ونحن الآن سنرى. تقول لي: هل كل الدين قطعي أم منه قطعي وظني؟ لا، منه قطعي وظني. حسناً، كيف؟ ذهبوا مفكرين إذن، قالوا: ما هي الحجة؟ وتوصلوا بعد أبحاث إلى أن الحجة هي كتاب الله وسنة رسوله. قالوا: حسناً، الحجية موجودة في الكتاب. الله وفيما تركه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، كيف نتأكد أنه هذا كتاب الله؟ قال: يجب أن الجماعة العلمية الناقلة
هي التي تقول. فسيدنا عثمان على الفور ذهب إلى كُتّاب المصاحف وقام بسحب أي نسخ كانت بين أيدي الناس، وفعل حتى ضبط الأمور. ستة مصاحف تشتمل على كل القراءات التي ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم. قالوا: حسناً، إذن الكتاب ها هو بين أيدينا، والسنة نعرفها، كيف نفهمها؟ فقالوا: باللغة العربية. قال: إذن يجب علينا أن نحافظ عليها، وبدؤوا في الحفاظ على اللغة العربية، بدؤوا في حفظ الشعر، وكان ابن عباس يقول: ومرَّ رجلٌ اسمه نافع بن الأزرق فوجد ابن عباس يتحدث هكذا وهو في الكعبة، فقال: "هذا الصبي الصغير يتكلم في العلم لماذا هكذا؟ هذه مسألة خطيرة". فذهب ليختبره فيأتي
له بآية من القرآن أو كلمة من القرآن، فيقول له: "نعم، معناها كذا". فيقول له: "وهل تعرف العرب ذلك؟" وهذه سمّوها. مسائل نافع بن الأزرق مطبوعة وموجودة، ثمانون سؤالاً، مما يجعلني مطمئناً إلى أنه وقف أمام حبر الأمة سيدنا ابن عباس، الذي دعا له النبي عليه الصلاة والسلام. فثمانون سؤالاً يقول له فيها: "نعم، تعرف العرب ذلك"، عنترة قال، وامرؤ القيس قال، وطرفة بن العبد قال، وكعب، وزهير بن أبي سُلمى. قال فلان، قال علان، قال إنه حافظ الشعر، حافظ على كل كلمة في البيت التي فيها أنه. ما معناها في لغة العرب؟ ولأجل لغة العرب ذهب سيدنا علي وجعل تلميذه الذي كان اسمه أبو الأسود الدؤلي يكتب النحو ويضبطه لكي نفهم الكتاب والسنة، وبدأت الأمور تتراكم وبهذا الشكل
عندما... جاؤوا ليفهموا الكتاب والسنة فاختلفوا في معنى الآية التي أمامي هذه، ما معناها؟ فربنا يأمر المرأة المطلقة أن تنتظر ثلاثة قروء. والقرء، ما معناه؟ هل هو الحيض أم الطهر؟ من الممكن هذا ومن الممكن ذاك، فالعرب قالت هكذا وقالت هكذا. قال: إذن هو في نطاق الظن، في نطاق الظن. هذا أن الخمر حرام، مضبوط، كلنا اتفقنا. لا يوجد أحد قال أن الصلاة ليست واجبة. لم يقل أحد أنه يجوز للمؤمن المسلم أن يزني. لم يقل أحد أبداً أن الكذب صحيح. فتكون لدينا شيء اسمه القطع، وتكون
لدينا شيء كبير جداً اسمه الظن. حسناً، هذا القطع قدر ماذا من... المليون ومائتا ألف لا تزيد عن ألف مسألة فقط، هذا هو القطع، وأما الباقي فظلم، الباقي كله ظلم، خلاص. إذاً هذا ليس... هذا لا يقهرني ولا شيء، إنه واحد في الألف يمثل هوية الدين، يمثل الوعاء الذي لا بد أن نضع فيه الدين، ولذلك لا أحد... من الجن أو من الإنس أو من الشرق أو من الغرب أو من السلف أو من الخلف، اختلفوا في الألف المسألة هذه، هل تنتبه؟ بعض الناس الآن يترك لك المليون ويتمسك بألف. هؤلاء يريدون أن أخرب فيهم. حسناً، لديّ مساحة ظنية كبيرة لأفكر فيها، فلتفكر مثلي.
لماذا تريد أن أشك في الواحد في الألف، وهو الواحد في الألف، واحد في الألف يترك كل هذا، يترك تسعمائة تسعة وتسعين، ويتمسك لي بالواحد ويقول لي: لماذا تحرم عليّ الخمر لأنها تذهب عقلك؟ ما المشكلة إذا أذهبت عقلي؟ إنها مجرد بيرة. ليس مطلقاً، حسناً لماذا لا أعرف شيئاً؟ حسناً لماذا لا أعرف شيئاً؟ ويا لك من ضجيج عجيب عليها. هذا الشك ليس شكاً، إنه تشكيك. الشك مقبول كمنهج نصل به إلى الحقائق، نحضر به الإجابات، وتطمئن به القلوب. هذا الشك نسعى به لغاية الوصول إلى الحقيقة النسبية، يعني أن أصل. إلى حقيقة وأنت تصل إلى حقيقة ثانية، لا يحدث شيء يا سيدي
في المطلق أو الحقيقة النسبية أو المطلقة، لكن التشكيك، والله سيجعلهم يأكلون بعضهم، هؤلاء المشككون. لا، هذا منهج مفسد، إنه ليس منهجاً علمياً، وليس منهجاً مخلصاً، بل هو منهج شخص يريد أن يتعالى على خلق الله وعلى هناك نمط عند من يترك لي تسعمائة وتسعة وتسعين مسألة ويتمسك بمسألة استقر عليها الجميع، وترتب عليها شعور جمعي مستقر مستفيد متوارث. هل أدركت ذلك؟ وهذا ما نسميه الإجماع. هؤلاء بعد ذلك بالطبع ابتكروا شيئاً يسمى الإلحاق، وابتكروا شيئاً يسمى التعارض والترجيح، وابتكروا شيئاً يسمى الاجتهاد وشروطه. يعني أصبحت هذه هي وجهة نظرهم
في كيفية تناول النص، فاليقين لا يزال بالشك، لم ندخل بعد في تفسيرها، نحن فقط ندور حولها. حسناً، سنأتي إن شاء الله لتفسيرها يا مولانا، وكل شيء في هذه القاعدة، ولكن هل نبدأ نقول أن المجربات، وحضرتك في مناسبات كثيرة تتحدث. عن المجربات هل يمكن أن تدخل في دائرة اليقين أيضاً؟ لكي نفهم السؤال، الإجابة على هذا السؤال بالتحديد تستلزم أن نفهم الفرق بين الحقيقة والحق. الحقيقة هذه نسبية. أنا الآن كلما قرأت آية الكرسي إحدى عشرة مرة، يزول الصداع مني. تصبح الحقيقة هكذا. فالتجريب يأتي من... هكذا التجريب يأتي من التكرار، فالتكرار هو التجريب، ومعناه أنني
عملت، ثم عملت مرة ثانية لأنه لا يمكن أن تكون صدفة، وعملت مرة ثالثة لكي أصنع رابطاً، وعملت مرة رابعة إلى أن استقر في وجداني أنه عندما يُكرر إحدى عشرة مرة، فإن آية الكرسي تُذهب الصداع. وعندما تأتي أنت لتستعمل لا يذهب ولا شيء، لم يذهب الصداع. حسناً، وهل هذا يمنع عدم ذهاب الصداع من عندك؟ يمنع أنه ذهب من عندي؟ لا، ما هو... لا، يوجد. كل أخي، عندما أقول مثلاً "قل هو الله أحد" قبل أن أنام سبعين مرة، سأرى النبي عليه الصلاة والسلام. ذهبت أنت وفعلتها، عرفت هذه العبارة وذهبت لفعلها ولم أشاهد، فهذه تسمى حقيقة. ما رأيته هو حقيقة، وما شعرت به هو حقيقة. ولماذا هي حقيقة وليست حقاً؟ لأنها لم تأخذ صفة العموم، فهي ليست موجودة عند كل فرد. ليس كل شخص يقرأ سبعين مرة يرى النبي مباشرة هكذا كلما
قطعت السكينة. الزبد يتقطع فور ملامسته للنار، وستحرق النار اليد فوراً، كل النار هكذا لا تتخلف عادة، لكن التجارب قد تتخلف، فيكون هناك فرق بين الحقيقة وبين الحق، وهي تؤدي إلى الحقيقة لكنها نسبية مختصة بالزمان والمكان والأشخاص، ولكنها لا تؤدي إلى حق مطلق، لا، أكيد، نعم مرة أخرى، بارك الله فيكم أهلاً وسهلاً، جزاكم الله خيراً، شكراً لكم، الشكر موصول لحضراتكم، نراكم على خير إن شاء الله، إلى اللقاء.