تعرف على وسائل إدراك الحقيقة مع د. علي جمعة #12 | درجات المعرفة

تعرف على وسائل إدراك الحقيقة مع د. علي جمعة #12 | درجات المعرفة - التفكير المستقيم, درجات المعرفة
أهلا بكم في الحلقة الأولى لهذا البرنامج "درجات المعرفة" مع فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة، ونحن توقفنا معه في الحلقات السابقة حول الفكر والتفكير والعقلية المسلمة وكيفية إعمال العقل وأمور أخرى كثيرة حقيقةً تتعلق بالعلم كي تنهض هذه الأمة، العربية والأمة الإسلامية. اليوم نتحدث عن العقل والإدراك، هل يمكن... اعتبارُ العقل هو الوسيلة الوحيدة لإدراك الحقائق، هل يمكن أن يكون هناك شك في هذه الأمور المبنية على الاستنتاجات العقلية؟ أمور الحقيقة كثيرة، لها أبعاد علمية ولها أبعاد الحقيقة في الأمور الشرعية والأمور الفقهية. أرحب بفضيلة الإمام العالم الجليل الأستاذ الدكتور علي جمعة، أهلاً بكم مولانا، أهلاً وسهلاً بكم، أهلاً. بفضيلتك مولانا، هل العقل هو الوسيلة الوحيدة لإدراك الحقائق الثابتة التي تصل لمرحلة
اليقين؟ بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. سبق أن عرفنا العقل بأنه ذلك الدماغ مع سلامة الحواس مع المعلومات السابقة مع الواقع المحيط، وبذلك وبهذا التعريف عرفنا. كيف أنه هو مناط التكليف وأنه به الإدراك وأنه يستطيع الربط بين المعلومات وأنه يستطيع أن ينفذ ويطبق ما قد أُمر به أو ما توصل إليه استنباطاً وبناءً مما حدث من ترتيب فكري فيه وعرفنا كل هذا في حلقات سابقة وعرفنا أيضاً أن هناك ما يسمى بالقلب وأن هذا القلب هو الذي يعني هو محل الفكر المستنير الذي في نهايته يؤمن
بالله وأن هذا القلب يعلو العقل وأن العقل يعلو السلوك وأننا إذا أردنا أن نغير السلوك فعلينا أن نغير المفاهيم أو الأفكار أو شعور الأعماق بدرجات مختلفة وبأساليب مختلفة وللوصول إلى تغيير السلوك وأن هذا السلوك منضبط بأنه يصب في جانب عبادة الله وعمارة الأرض وتزكية النفس، كل هذه الخريطة عندما رسمناها نستطيع أن نستخرج منها الإجابة على هذا السؤال وهو: هل بالعقل وحده يصل الإنسان إلى الحقيقة؟ والحقيقة أن العقل أحد الوسائل التي يمكن أن يصل بها إلى الحقيقة، أحد الوسائل وليس الوسيلة الأمثل أو الأقوى للوصول إلى الوسيلة
الأكثر شيوعاً، نعم. ولذلك قسّم العلماء الناس من أجل هذا الشيوع إلى عوام وخواص الخواص. العوام يصلون فعلاً بالعقل فهو الأكثر شيوعاً. الخواص هم طائفة نخبوية من العوام، فليس كل الناس بهذا القدر من الخصوصية. ولكن خواص الخواص هم الذين يمثلون نخبة النخبة، وهم الخلاصة. أن قادة البشرية والعظماء فيها، مما وهبهم الله سبحانه وتعالى من مواهب خاصة، مواهب ربانية ومنح صمدانية، فإذا كان العوام يعتمدون
على الأسلوب الأشيع وهو العقل، ولكن هناك ما هو غير ذلك وهو القلب. وهذا القلب يعني تجربة تتجاوز العقل، والقلب تجربة يأخذها العلماء المسلمون عبر التاريخ ويكتبونها بالتفصيل، تصدى لذلك وكتبه بالتفصيل في كتبه الإمام الغزالي، فجاء إلى العقل وقال: "يا جماعة، لا يستقيم الأمر إلا بمجموعة من القواعد استقر عليها البشر" وليس المسلمون فقط. وبدأ المسلمون في الاستفادة مما توصل إليه أرسطو وجماعته من المشائين في اليونان، أجيال سابقة نحو ألف سنة قبل مجيء النبي، فبعد أرسطو
سنة ولكن الحكمة ضالة المؤمن فأينما وجدها فهو أحق بها. درسته له كتاب الأرغانون العظيم، وفي الأرغانون يتحدث عن المنطق الذي هو بهذه اللغة "لوجيك"، ولكن "اللوجيك" ترجمناها نحن إلى العربية "منطق"، يعني له علاقة بالنطق، فدللنا بذلك أن اللغة لها دخل في هذه المسألة، واللغة كما ذكرنا أن الواضع. في الراجح هو الله سبحانه وتعالى، وعلى ذلك فكان فيها خلفية أو عمق إلهي رباني. اللغة ودلالتها على الألفاظ فيها سر إلهي، وفيها هداية
يهتدي بها الإنسان إلى الحقيقة ثم إلى الحق. والحقيقة نسبية والحق مطلق. الإمام الغزالي وقف عند العقل وبدأ يؤلف مثل كتاب معيار العلم عندما ألف كتابه في الأصول وهو كتاب كبير اسمه المستصفى جعل المقدمة الخاصة به في المنطق. الخاص بأرسطو كان تسعة أجزاء: التصور والتصديق والشعر والجدل وما إلى ذلك. وعندما أرادوا تحويله إلى العربية جعلوه جزأين فقط: التصور والتصديق، ثم أضافوا إليه دلالات الألفاظ، ومن هنا جاءت
كلمة المنطق، وأضافوا إليه التوجهات. وأصبح المنطق العربي مستفيدًا مما ذكره أرسطو، إلا أنه ليس هو نفسه. ليس المنطق العربي هو منطق أرسطو بالضبط، لكنه استفاد منه في التصورات والتصديقات. في التصور الإدراك، والتصديق لهذا الإدراك. أرسطو عرض قضية القياس الاقتراني وله أشكال أربعة، فاختاروا منها الشكل الأول وتعمقوا فيه جدًا وتركوا الأشكال الأربعة الخاصة لم يأخذ أرسطو الأشكال الأربعة، بل أخذ الشكل الأول فقط. عندما يبحثون في الأشكال الأربعة، لكن الشكل الأول هو الذي اعتمد عليه علماء الإسلام لأنه يؤدي إلى اليقين أو
لا خلاف عليه بين العقلاء من البشر. فركّزوا على الشكل الأول وأوجدوا بعد ذلك القياس الاستثنائي الذي هو من إبداعهم، إذاً الشيء ولا يقفون عنده ويطورون طبقاً لقواعد منضبطة محكومة يصلون بها إلى جعل هذا المنطق أداة مثل النحو الذي يضبط اللسان من الوقوع في الخطأ، ونسبة المنطق للجنان كنسبة النحو إلى اللسان. هل انتبهت كيف يقول إنه قانون يعصم مراعاته الذهن عن الخطأ كما أن النحو يعصم مراعاته اللسان عن الخطأ فهذا أيضاً يجعل ذهنك لا يخطئ، جميل. وبدأوا يتحدثون في هذا الكلام،
ووقف الغزالي عند العقل موقفاً كبيراً جداً، وبدأ يؤلف القسطاس المستقيم، ويؤلف معيار العلم، ويؤلف المنقذ من الضلال، ويؤلف الاقتصاد في الاعتقاد، ويؤلف وهكذا، إلا أنه لم يقصر المسألة على هذا، بل أضاف إليها، وهذا إجابة لسؤالك. أصبحت مكاشفة القلوب لعلام الغيوب وجعل القلب في إدراكاته بالبصيرة يعني أن هنا بصراً وحواساً سليمة وترتيب أدلة، ولكن هنا أيضاً إلهامات وتلقيات وواردات وعالم آخر يستطيع أيضاً أن يصل إلى ذات الشيء الذي وصل إليه العقل، فهناك طبعاً وسيلة قطعية أخرى ولكنها خاصة وقد
انقطعت. وهي وسيلة الوحي، فالوحي عندنا راقٍ. بعض المفكرين الأوروبيين يقول: "أبداً، هذا الوحي منحط، أي درجة منحطة، والإلهامات وهذه الأشياء تأتي للحيوانات المنحطة وليس للإنسان، وأن هذه أمراض". هذا الكلام الفارغ لم نسمعه، لماذا؟ لأننا أخذنا نتاج الوحي وجربناه، أخذنا نتاج الوحي وسبرناه. وسبرنا تعني ماذا؟ تعني تتبعناه. تعمقنا فيه وكلما نتعمق فيه نجد العجب العجاب ونجد من العلوم والمعارف والحقائق ما الله به عليم، فننظر إليهم بشفقة ونقول: ما بك؟ أأنت مجنون أم ماذا؟ كيف لا تدرك أن هذا الوحي قد ثبت
صدقه؟ وأنه موافق لخلق الله؟ وأنه من أعظم النعم من الموحى إليه؟ الذي هو النبي هذا أكبر منه، نعم. فإذا كان هذا النبي محدودًا في زمان ومكان وهو شخص له أحوال مختلفة، نعم، عما حدث بعد ذلك، فكيف تقولون هذا؟ المهم أننا أمام حقائق وأمام خرافات. الخرافات فيها دعوة. اقرأ لنيتشه مثلاً. نيتشه وهو يؤلف قمة تأليفه وقمة تأليفه. كانت هذه سنة ألف وثمان مئة وثمانية وثمانين، قبل أن يموت باثني عشر سنة، فذهب ليؤلف... ماذا يؤلف؟ يا للأسف! قال: أنا... قال: أنا... ماذا؟ أنا سأؤلف لكم مؤلفاً خطيراً جداً، سأهدم فيه القيم. قالوا له: حسناً، ألِّف. فعمل بعض قصاصات الورق، فذهب وكتب هكذا باسمه:
"نقيض المسيح" (أنتي كريست). لكن ليس كما يبدو، ليس بهذا المعنى حتى لا يكون المسيح الدجال، بل هو نقيضه تماماً. وكان يقول: "أنا الأنتي كريست"، أي أنا نقيض المسيح. وهنا يُقصد بالمسيح مَن؟ نعم، هناك مفسرون كثيرون يقولون إنه يقصد بها المسيحية، ويقصد بها كذا، إلى أن قال بعض المفسرين إنه يقصد بها... يسوع الناصري، إنه يسوع الناصري ضد المسيحية، يعني ضد المسيحية التي جاءت بعد ذلك. لا يهم، هو يقول ما يريد ويفعل ما يشاء، هذا شأنه. لقد مات مجنوناً سنة ألف وتسعمائة، وأصيب بالجنون لمدة اثني عشر سنة. هذا نيتشه، آخر ما أنتجه، يا للأسف. تقرأ الكتاب يعني... مع نحن نقرأه
في الوحي وتتابعات الوحي، الحقيقة مسألة مضحكة للمقارنة، صعبة، يعني ليست صعبة، بل المقارنة مستحيلة. يوجد تعظيم كبير جداً لما فعله، حيث قال إنه سيهدم القيم. ما أجمل ذلك! ماذا يعني أنك ستهدم القيم؟ وماذا يعني هذا الكلام؟ أنا... أريد أن أقول لحضرتك إننا في ورطة المفاخمة وما إلى آخره، ولكن الذي نحن فيه هذا لا، فهناك وسائل أخرى: العقل يصل، القلب يصل، بالوحي نصل جيداً. هل تنتبه كيف؟ بالنقل نصل أيضاً، لأن هذا النقل يشمل ماذا؟ يشمل اللغة التي نقول إنها من عند الله، فيها كلام وفيها. اختلاف. قلنا أربعة مذاهب، لكننا نختار أن هذا من عند الله، فنصل بها إلى الحقائق. نعم، وأنت
عندما تجلس تقرأ هكذا وتحلل لغوياً، تصل إلى حقائق عجيبة غريبة لم تكن موجودة من قبل. من الذي يملك هذه الطاقة التي يهديها للإنسان؟ الله، هو الهادي. طيباً، أستأذن فضيلتك بعد. الفاصل فكرة أن الأمور العقدية أو العقائدية والفقهية والشرعية يجب أن تُعرض على العقل أولاً، يرى البعض هذا: أنها يجب أن تُعرض على العقل أولاً، فإن قبلها العقل تتحول بالتالي إلى يقين. هل هذا المبدأ جائز أم لا؟ إن شاء الله بعد الفاصل ابقوا معنا. أهلاً بكم مرة أخرى مولانا، من يقول بأنه يؤمن بالله سبحانه وتعالى وملائكته وكتبه ورسله، ولكن في بعض الأمور في العقيدة أو في العبادات أو في أمور أخرى،
الحقيقة يجب أن أعرضها على عقلي أولاً، لتمر عبر مصفاة عقلي حتى تصل معي في أعماق شعوري إلى مرحلة اليقين. هل هذا يمكن أن يكون جائزاً في هل هذا جائز في الأمور الشرعية والخاصة بالعقيدة؟ عندما جاءنا الدين، لم يأتنا بكثافة واحدة وليس بنسيج واحد، بل جاءنا بمسائل لها درجات مختلفة وليست درجة واحدة. التقسيم الأساسي لما جاء به الدين أن هناك مساحة ضخمة جداً فيه ظنية، ومساحة فيه قطعية، والتناول مختلف، فليس هو. كل شيء في الدين أستطيع أن
أقول عنه إنه دخل الفلاتر، أو كل شيء في الدين عندما يدخل الفلاتر ماذا يخرج، أو كل شيء في الدين لا يدخل الفلاتر أصلاً، لا دخول ولا كيفية دخول ولا كيفية خروج. شيء واحد عندما نذهب لكي نفهم هذا الكلام الذي نقوله، هو الدين. أحضر لنا واحد اثنين ثلاثة أربعة مليون اثنين مليون ثلاثة مليون مسألة. نريد أن نرى ما هو دور الثلاثة مليون مسألة التي أحضرها لنا الدين، وماذا نفعل بها، وكيف نقوم بتصفيتها. هل تنتبه؟ نقوم بالتصفية أم لا نصفي؟ حتى يقبلها العقل كما يقولون، أو يطالبون، أي يقولون: نعم، حتى يهدأ هيا بنا نفعل ذلك، ولنعُد مرة أخرى لنقسم هذين الثلاثة ملايين. فقد أتانا جبريل في صورة دحية الكلبي، وعمر يقول: دخل علينا رجل
شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يعرفه أحد منا، أي أنه ليس من أهل المدينة، جميل جداً وهو داخل، وليس عليه أثر السفر. يكون المرء عندما يسافر ويعود ويصل، متعباً ومرهقاً هكذا وعليه غبار مثلاً أو رمل ويكون شعره متلبداً وما شابه ذلك ومجهداً وهكذا، لكن لا، إنه كالقمر داخلاً علينا هكذا. في النهاية تبيّن أنه جبريل، والنبي قال لهم: "أتدرون من هذا؟ هذا جبريل أتاكم يعلمكم أمر دينكم". الصحابة سمعوه أن... هو في هيئة بشرية قال له ماذا؟ سأله ثلاثة أسئلة، فأصبحت المسائل التي أخبرك عنها الآن مقسمة إلى ثلاثة أسئلة: ما الإسلام؟ ما الإيمان؟ ما الإحسان؟ فقال له
الإيمان، وذكر له ستة أركان فيها: أن تؤمن بالله واليوم الآخر وكتبه ورسله والقدر خيره وشره، أي بالله وملائكته وكتبه. ورسله والقدر واليوم الآخر ستة. حسنًا، والإسلام؟ قالوا: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، ثم تقيم الصلاة وتصوم وتؤدي الزكاة وتحج، وهي أركان الإسلام الخمسة. قال له: حسنًا، فما الإحسان؟ قال له: الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك. قلنا عوام وخواص الخواص في حكاية العلاقة بيني وبين الله هذه، فأصبح الذي جاء لي به الدين هو الثلاثة هؤلاء: إسلام، وإيمان، وإحسان. لننتقل إلى
الإيمان الآن يا جماعة، نريد أحداً منكم أن يقف هكذا ويقرأ القرآن كله والسنة كلها وما ورد عن الصحابة كلها ويفكر لنا، ويستخلص لنا. المسائل التي أحضرها لنا، من فضلكم، نريد أن نُدخلها في العقل لتُنقّى. قالوا لنا: "حاضر"، وذهبوا وأسسوا علماً اسمه علم العقيدة أو التوحيد أو أصول الدين؛ ليجيبوا على سؤالنا هذا. وقسّموه إلى ثلاثة أقسام، وجعلوا له مقدمات وخاتمة، فتجد خمسة أجزاء في ثلاثة: الإلهيات والنبوات. السمعيات ما هي؟ الإلهيات ماذا تعمل فيها؟ قال: ما يجب وما يجوز وما يستحيل في حق الله تعالى. حسناً، والنبوات: ما يجب وما يجوز وما
يستحيل في حق الأنبياء. حسناً، والسمعيات: الأمور التي لم نستنتجها بعقولنا بل جاءتنا بالسمع، مثل الجنة والنار والعرش ويوم القيامة والصراط والحساب وما شابه ذلك، لا يدركها تماماً ولا يتخيلها، إنما تأتي إليّ عن طريق ماذا؟ السمع. فتكون هناك طبيعة مختلفة من الإلهيات إلى النبوات إلى السمعيات. الإلهيات والنبوات سأستعمل فيها الفلتر، لكن السمعيات كيف ستستعمل فيها الفلتر؟ أنت يجب عليك أولاً أن تنهي لي قضية الإلهيات وتنهي لي قضية في ذهنك لكي تضع شريحة ذهنك حتى عندما تدخل السمعيات تستطيع أن تفلترها، هل تفهم جيدًا؟ ولذلك يجب أن تبدأ بالإلهيات ثم
النبوات ثم السمعيات. حسنًا يا جماعة، ألا تخبروننا كم جملة استطعتم التوصل إليها؟ فتوصلوا إلى حوالي ألف وخمسمائة جملة، ألف وخمسمائة مسألة في الثلاثة. ألف وخمسمائة مسألة، قلنا لهم حسنًا. تصبح هذه ألف وخمسمائة، فإياكم أن تزيدوا. ألف وخمسمائة جيدون هم. ذهبنا إلى الإسلام، فدرسوا العبادات والمعاملات والقضايا والشهادات والبيع والشراء والزواج والطلاق وكل العقود. كم مسألة؟ مليون ومائتا ألف مسألة. كل هذه أمور أعملوا العقل فيها، أعملوا العقل فيها وكل شيء، لكن هناك أشياء تدخل قبل. أشياء لكي تُرشَّح بشكل صحيح، تماماً،
هل تنتبه؟ كيف توجد أشياء تدخل قبل أشياء لكي تُرشَّح بشكل صحيح، لكي تُفهم، لكي تُفهم ولكي تُرشَّح بشكل صحيح ودقيق. حسناً، والنقطة الثانية هي أن تعبد الله كأنك تراه. ذهبوا وأسسوا لها علماً أسموه التصوف، التخلية والتحلية، والذكر والفكر، وكيف توصل الإنسان إلى هذا ما نسميه مقام الإحسان يا مولانا، مقام الإحسان. كم قبيح سنجعله... كم سنرتقي؟ قالوا حوالي خمس وعشرين صفة مذمومة: الكبر، الحقد، الحسد، الضغينة، الكراهية. وبماذا ستتحلى؟ قال: بخمس وعشرين صفة مضادة. الكراهية يقابلها الحب، والحقد يقابله الرضا والغبطة، وهكذا يعني: التسليم، التوكل، كل ذلك بدلاً من هذا القلق.
الذي في القلب قال له: "طيب، كم مسألة هكذا عندكم؟" قال له: "لا يزيد عن ألفين، فيكون هنا ألف وخمسمائة، وهنا ألف وخمسمائة، والذي في الوسط هو الذي كثير جداً." قال له: "حسناً، هذه المسائل التي أنتم أوجدتموها، هل هذه الأخلاق تسير وحدها هكذا أم متصلة بالعقيدة؟" قال... كلها متصلة بالعقيدة، والله لا يؤمن، انظر كيف دخل الإيمان هنا: "من بات شبعان وجاره جائع وهو يعلم"، هل انتبهت؟ "وخيرهما الذي يبدأ بالسلام". وهكذا، أنت الآن أحضرت هذه الألف وخمسمائة، وهذه الألفان مسألة، فيكون المجموع ثلاثة آلاف وخمسمائة. أخلاق مع عقيدة، كم أخذت في المائة من الكتاب؟ والسنة سبعة وتسعين في المائة، طيب وهؤلاء المليون أخذوا ثلاثة في المائة، ثلاثة
في المائة، نعم، أي العبادات، والمعاملات وما إلى آخره، قلنا طيب كيف هذا؟ قال يعني انتبه أنت أكثرت من عمارة الدنيا، ها، لا مانع، أكثر وقل ما تريده، لكن في النهاية. أعلم أنك هكذا تطبق ثلاثة في المائة فقط، لكنني لا أمنعك، إنما أنبهك أن نظامنا لكي ترضي ربنا عنك هو أن تنتبه للسبعة والتسعين التي هي أعمال القلوب. هذه هي الحكاية، وبعد ذلك سنعرف كيف نقوم بتصفيتها وكيف ندخل أي شيء قبل أي شيء لأن هذا المصفي هو أنا لا... ليس لدي مانع منه، جميل، ولكن بالعلوم، يعني بالمعرفة هكذا، يعني بالشجاعة، يعني بأصوله، بأصولها، بشروطها تمامًا. ليس هكذا بالهوى
والرغبات والشهوات. هذا ما مشى عليه علماء المسلمين عبر التاريخ. نعم، بارك الله فيكم مولانا. يعني قبل، - إن شاء الله - نحن متشوقون للحقيقة لهذه الحلقة "اليقين الله وكيف نُخضع العقل، نُخضع هذه الأمور للعقل، ولكن هل ما يتوصل إليه الإنسان عن طريق العقل أقوى مما يتوصل إليه من خلال القلب، وهذا إن شاء الله سيكون سؤالاً ختامياً. حسب حالة الإنسان، فهناك أناس تعوّدوا على تدريب العقل بحيث يطمئنون إليه، وهناك أناس تعوّدوا على تدريب... القلبُ بحيث إنها تطمئن إليه، ولذلك - يعني - وأنت خارج عن هذا وذاك وتقول لي: "طيب، اختر أيَّ واحدٍ حسبما يفتح الله عليك به"، فهذه مواهب ربانية ومنح صمدانية؛ لأن كليهما على الصواب. ولذلك ليس عندي أن تكون واحداً من أيٍّ منهما، نعم، بارك الله
فيكم. أهلاً وسهلاً، جزاكم الله خيراً، شكراً جزيلاً لك، الشكر موصول لكم، إلى اللقاء.