تعقيب د. علي جمعة على محاضرة الحبيب علي الجفري في نهاية مؤتمر الشيشان

تعقيب د. علي جمعة على محاضرة الحبيب علي الجفري في نهاية مؤتمر الشيشان - ندوات ومحاضرات
الآن مع تعقيب مولانا سماحة الدكتور الشيخ علي جمعة فليتفضل مشكورا. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد. أريد أن أعلق فقط ولكن أعقب على نهاية المؤتمر بأكمله وهذا عبء ثقيل علي، ولكن في العشر دقائق التي سمح بها الرئيس نتوكل على الله سبحانه وتعالى ونقول
الدين الذي تعلمناه والذي أخذناه عن آبائنا ومشايخنا والذي أبهرنا في جانبه الروحي والعلمي والفكري والحياتي والذي أحببنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أصبحنا لا نستطيع أن نعيش إلا من خلال سنته الشريفة المنيفة بحب الله له وبحب الناس له فقد كان الأسوة الحسنة وقد كان المثال الأتم والإنسان الكامل صلى الله عليه وآله وسلم الذي تلقيناه اصطدم ما
لديه مع ما لدى الناشئة وكنت أبحث عن الفرق بيننا وبينهم ونحن عندما تعلمنا بما يرضي الله تعلمنا الأبجدية أولا في جميع العلوم تعلمنا بمنظومة العلم المتكاملة من شيخ ومن كتاب ومن منهج ومن تدرج ومن جو علمي وجلسنا نترقى في مجالس العلم وفي درجات المعرفة حتى من الله علينا بما من به سبحانه وتعالى، فما الفرق الذي بيننا كأهل
السنة والجماعة وبين من ننعى عليهم من الناشئة ممن أسميتهم بخوارج العصر، ولم أكن أنا أول من سماهم بذلك، وهناك كتاب ممتع ألفه أحد الباحثين حسين القاضي جمع يوجد من أوائل القرن العشرين أئمة الهدى في وصف هذه الجماعات بخوارج العصر، فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات. ما الفرق الذي بيننا وبينهم؟ رأينا فيما تعلمناه مظلة تقبل التعددية، ورأينا
عند الناشئة أحادية في التفكير أدت إلى التكفير. رأيناهم أصحاب هوى يختارون بانتقاء وليس بمنهج علمي وقواعد مرعية. رأيناهم يقفون عند النصوص وقد علمنا علماؤنا أن هناك فرقا بين النص وبين تفسير النص وبين تطبيق النص رأيناهم يتبعون خيالهم ولا يدركون الواقع رأيناهم
يجهلون اللغة العربية ويجهلون المصالح المرعية ويجهلون المقاصد الشرعية ويجهلون المآلات المعتبرة في حين أننا نظرنا مرة أخرى إلى أهل السنة والجماعة ممن عنونوا بالأشعرية فوجدنا إن الأشعري نفسه له قولان ورأينا أن المذهب من بعده قد يتبع قولا منصوصا وآخر مخرجا وأصبح التخريج له أصول رأينا هذه المناقشات
الماتعة والمناظرات المستفيضة بين سعد الدين التفتازاني وبين الشريف الجرجاني رأينا كلام المنتقدين على العضد الإيجي هذه نزغة من نزغات الفلاسفة صارت إلى العقد هذه من نزغات العضد وصلت إليه من الفلاسفة إلى هذا الحد وهو إمام أهل السنة والجماعة ولكن ليس هناك نهاية للأخذ والرد والكلام ولم يخرجه هذا إطلاقا من كونه من أهل السنة والجماعة بل من أئمتهم بل المتصدر فيهم وله نزعات وصلت إليه من الفلاسفة كتلك التي
وصلت لسيدنا الشيخ محمد بخيت المطيعي في إنكاره للتسلسل وإنكاره للدور وهذا لم يخرجه عن أن يكون إمام الأئمة وعالم الأمة وأنه هو المتصدر الذي كان الناس يلجؤون إليه رأينا فيما تعلمناه من مشايخنا حرية الفكر على أبدع ما تكون أنها ليست انفلاتا وليست تعصبا وليست انتقاء بل هي احترام للآراء المدللة عند صاحبها وهي قابلة أغلب كتب الأشعري ضاعت ولولا مجرد أقوال الأشعري
لابن فورك ما وصلنا منها إلا النزر اليسير، أين البقية؟ نحن نتحدث عن أمة ولا نتحدث عن فرد، عندما نتمسك بالبخاري هذا التمسك الذي يتعجب منه غير المتخصصين نقول لهم إن صحيح البخاري ليس من تأليفه فقط بل هو كتاب أمة اشتغلت عليه وخرجت المستخرجات وشرحت تلك المتون وتتبعت تلك المعاني إلى آخر ما هنالك، هو كتاب أمة وكل ما في البخاري مما ينتقده المنتقدون هو موجود في القرآن، ولذلك فهي خطوة أولى لضرب القرآن بعد ما احتمى هذا الناقد بالاعتراض
على الإمام البخاري، كل ما ذهب إليه الأشعرية إنما هو ترجمة صحيحة لما في الكتاب والسنة، ولذلك رأينا هذا. فإذا غاب هذا المعنى عن أحدهم وغفل عنه واتبع المذهب الفلاني أو العلاني، فإنه يكون تحت مظلة أهل السنة والجماعة، إلا أنه قد خالف ما عليه العلماء. منهج الأشعري يعايش الواقع ويدركه، منهج الأشعري هو الذي به العمران والحضارة، وأنا ألخص ما ذكر
في هذه المنصة الكريمة عبر تلك الأيام أما جهالة النابتة فقد فقدوا أيضا السند وكان من المضحكات أن أحدهم حاول أن يجعل سندا ملفقا بالنابتة ثم بعد ذلك لما اكتشف الحال ورد عليه أن هذا سند لا وجود له في الواقع أخفوه الآن السند فيه بركة هكذا علمنا وإن البركة تنثال من خلال السند وأنا أتذكر أن ناصر الدين الألباني تحدث عن سند قد أخذه
من الشيخ راغب الطباخ في مكتبته بحلب ثم إنه مزقه لأن هذه تمثيلية السند الذي فيه جريان البركة أصبح تمثيلية إذا هذا هو الفارق الكبير بين أهل العلم أهل السنة والجماعة أهل الحرية الفكر المنضبط الذي مصدره الكتاب والسنة وبين أصحاب الأهواء والبدع، الحمد لله جماهير الأمة وحتى الآن ما زالت على معتقد أهل السنة والجماعة يفوقون ما عليه الناشئة وهؤلاء المتشددون
وخوارج العصر، ولكن قضية التواصل الاجتماعي تشكل خطرا عظيما فإنهم بهذا الإغراق الذي يحدث قد يستطيعون أن يؤثروا في جيل بأكمله. فالأمر خطير والعمل كثير واجب علينا أن نعمل ليلا ونهارا من أجل أن نترك لأبنائنا وأحفادنا ديننا كما علمه لنا مشايخنا وآباؤنا. ماذا حدث وهل هذا الكلام كلام نظري؟ أبدا، كما سمعنا الآن وكما سمعنا عبر اليومين الماضيين أدى هذا الانحراف عن الجادة وعن
المنهج الصحيح إلى العنف والدماء. هذا الانحراف أدى إلى تشويه صورة الإسلام في أذهان العالمين، أدى هذا الانحراف إلى الصد عن سبيل الله حتى ولو كان ذلك بغير علم، وهناك فرق بين تشويه الصورة وبين الصد عن سبيل الله وقد نتج الأمران معا، أدى ذلك إلى ضياع مصلحة المسلمين في أموالهم وفي دمائهم وفي أعراضهم أوطانهم أضاعوا المصلحة وأدى هذا إلى الفشل في معالجة الحياة الدنيا، وهذا نلخصه في أن هذا النمط من
أنماط التعليم والاعتقاد يمثل الهرم المقلوب، والهرم المقلوب قاعدته في الأعلى ورأسه في الأسفل، والقاعدة أثقل بكثير من الطرف والقمة فينهار على رأس صاحبه. احفظوا أن هؤلاء يدعون إلى الدين الموازي، والدين لا علاقة له بالإسلام ولذلك فهمت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم الخوارج كلاب أهل النار وكنت أسأل نفسي وأنا صغير كيف وهم مسلمون كلاب أهل النار نعم إنهم يستعملون المصطلحات الإسلامية ويتكلمون بلساننا ولكنهم
ينقلون دينا آخر ليس هو الدين الذي أنزله الله على سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم، كل جيل منهم يأتي يلعن الجيل الذي سبقه ويزداد في الغلو والتشدد والجهل والفشل وسفك الدماء، كل جيل يأتي بأشد مما كان عليه آباؤه الذين لم يعلموه وإنما تركوه مع منهج منحرف، كل ذلك أدى إلى زوال الأمن من العالم وزوال الأمن وخوف الناس جميعا الآن تخاف بعضها من بعض سواء في الداخل الإسلامي أو بين المسلمين وغيرهم أو حتى بين غير المسلمين
أنفسهم، الناس خائفة. أهل السنة والجماعة طمأنوا الناس عبر القرون، أرجعوا الأمن الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف، وبالأمن جاء الإيمان. وكان مشايخنا يذكرون لنا قاعدة غريبة لم نفهمها حق فهمها إلا عندما رأينا هؤلاء الناشئة كانوا يقولون لنا في الدرس الأمن قبل الإيمان ولقد رأيناها بأعيننا أنه إذا ذهب الأمن ذهب الإيمان قطعا ولكن إذا جاء الأمن كانت هناك
فرصة للإنسان أن يدعى إلى الإيمان وأن يدعى إلى عمارة الأرض وإلى تزكية النفس من خلال عبادة الله هذا البلاء أدى إلى التكفير والشرذمة وأن كل شخص يكفر من حوله حتى كفروا أنفسهم بلاء شديد، هو التسقيف حلال أم حرام؟ خذ العفو وأمر بالمعروف وأعرض عن الجاهلين، لكنني تذكرت أن هؤلاء الفئة الغريبة عندما يحدث شيء مثل هذا يقولون لك: الله أكبر الله أكبر الله أكبر
عليكم، سيهزم الجمع ويولون الأدبار الدور أمامنا عمل كبير، دعاؤنا في هذا المؤتمر أن يوفق الله سبحانه وتعالى الشيشان رئيسا وحكومة وشعبا وبلدا لمستقبل زاهر ولبناء صالح. الشيشان قامت بمعجزة أجراها الله سبحانه وتعالى على أيدي أهلها، هذا الجو الروحاني وهذا الضبط الأمني وهذه العمارة التامة في خلال عشر سنوات وهذا الحال الذي بدله الله تحويل هذا البلد من الجوع والخوف إلى الطعام والأمان
إنما هو كرامة من عند الله سبحانه وتعالى وخارقة من خوارق العادات فندعو الله سبحانه وتعالى أن يمكن لهذا البلد وأن يجعله نموذجا يحتذى به وأن يقيه من كل سوء وأن يصرف عنه كل شر آمين يا رب العالمين وأرجو من أن تكون توصية لكل واحد منا أن يبدأ في موقعه ويعمل ليلا ونهارا لأننا ليس لدينا ما لديهم من أموال ولا لدينا ما لديهم من أوقات وهم قد سبقونا إلى التواصل الاجتماعي سبقا يقتضي منا العمل، يا رب افتح علينا فتوح العارفين
بك واجعل قليلنا كثيرا واجعل كثيرهم قليلا وأحط يا رب العالمين فإنك تعلم نواياهم وتعلم حالهم ومآلهم فاللهم يا رب العالمين يا محيط يا قدير يا عليم مكن لأهل شريعتك ودينك وأهل سنة نبيك صلى الله عليه وآله وسلم مكن لهم في الأرض والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته