#حديث_الجمعة | أحداث مابعد غزوة أحد | أبتداءامن موقعة "حمراء الأسد" ومقتل المسلمين

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع سيرة المصطفى الحبيب المجتبى صلى الله عليه وسلم نعيش هذه اللحظات نلتمس من أنواره وأفضاله عليه الصلاة والسلام حتى نعيش بها في حياتنا. فقد كان صلى الله عليه وسلم الإنسان الكامل الذي
أراده الله. الله سبحانه وتعالى جعل نبيه باباً إليه ومثالاً يُحتذى وأسوةً حسنةً للعالمين، وبذكر النبي صلى الله عليه وسلم وسيرته تتنزل الرحمات والسكينة على قلوب المؤمنين، وينشرح الصدر وتنفتح الروح على عالمٍ من الأنوار ومن كشف الأسرار ومن رفع الأستار، فيسير المؤمن بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم على هداية وعلى هدىً وصلنا. إلى ما حدث بعد غزوة أحد ابتداءً
من حمراء الأسد وما استأسد به أعداء الإسلام على المسلمين فقتلوا واغتالوا وخانوا وحاصروا، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج بجماعة المسلمين ومن هذا البلاء كله قوياً مرهوب الجانب لأنه لم يدعهم يحطمون الإسلام ولا المسلمين ولم ينسَ في ظل هذه. المصلحة من الحماية والرعاية والعناية. لم ينسَ مبادئه التي يأمر الناس بها، والتي
ينهى عن تركها، ولم يخالفهم إلى ما ينهاهم عنه، فلم يفعل شيئاً من ذلك. وعرفنا أنه لما قتل أحد أصحابه الكرام على سبيل الخطأ اثنين من ذوي العهد، كان عاهدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على الأمان. أنه ذهب بهم وأراد جمع الدية، ولأن صحيفة المدينة والتي كانت تمثل دستور المدينة حينئذ والقانون الأعلى الذي يجب على الكافة أن يرجعوا إليه، ذهب النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى اليهود من أجل أن يأخذ منهم جزءاً من الدية.
هكذا تنص صحيفة المدينة على أن احتياجات المدينة تؤخذ من الكافة فجمع النبي قدر ما جمع من المسلمين وأيضا من كبار المشركين والمدينة في حالة تعدد حينئذ ولم يبق إلا اليهود فذهب إليهم يطلب أن يسددوا شيئا من هذه الدية باعتبارهم مواطنين في بلد تحتاج وتمر بأزمة وهنا حاول اليهود أن يقتلوا النبي صلى الله عليه وسلم وسخروا منه أنت ماذا يحدث أو ماذا يجري؟ أأنت في هزيمة منيت بها أم في اثنتين ستدفع ديتهما؟ ليحترقوا في نار جهنم هؤلاء الاثنان. إننا في
حالة هيجان، كيف تفكر؟ لأنهم إذا تعارضت المصالح والمبادئ عندهم قدموا المصالح ونسوا المبادئ، والناس إلى يوم الناس هذا هكذا إذا تعارضت. المصلحة مع المبدأ انسَ المبدأ. نحن نهتم بالمصلحة. المبادئ مبنية على الأخلاق، والمصالح مبنية على المنافع، وقد يتعارضان وقد يتوافقان. ففي السياسة المعلومة عند الآخرين: الغاية تبرر الوسيلة، يعني أن المصلحة مقدمة على المبادئ. وصاحب
هذه المصلحة يرى أن صاحب المبدأ ليس عاقلاً؛ لأنه يتمسك بمثاليات ويترك المنافع، ونحن لا... يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون. صاحب المثل والأخلاق تعلّق قلبه بالله وتعلّق قلبه باليوم الآخر الذي هو يوم الدين، وتعلّق قلبه بالمبادئ وتعلّق قلبه بالدين وبالأحكام. أما صاحب المصلحة فقد تعلّق بالمنفعة، والمنفعة هي جلب الملذات وردّ وصدّ الآلام، هذه هي المنفعة وهذه هي المصلحة. في غايتها وفي وظيفتها، وحدث
هذا ورأينا اليهود قد دبروا قتل النبي صلى الله عليه وسلم، وأوحى الله إليه كما ذكرنا من قبل بهذا، فقام هو وعمر وعلي وذهبوا إلى المدينة، وقالوا: "لماذا تفعل هذا يا رسول الله؟" قال: "جاءني جبريل وأخبرني أنهم يدبرون قتلي"، وغزا وطردهم من المدينة، ولما... طردهم من المدينة فذهبوا إلى مكة يستحثون أهلها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويؤلبون زعماء قريش عليه ويقولون لهم: أما آن لنا
أن ننتهي من هذا البلاء ومن هذا الشخص الذي فعل فينا كل هذا؟ واقتنعت قريش وحضرت أربعة آلاف، وألقى الله في قلوبهم الوهن والخوف وقالوا إن... أربعة آلاف لا تكفي، فقد انتشر الإسلام وازداد عدد المسلمين، وأصبحوا في المدينة ثلاثة آلاف. عندما دخل النبي في أول سنة كانوا تسعين، واليوم ونحن في السنة الخامسة أصبحوا ثلاثة آلاف ومائة، بزيادة ثلاثين ضعفاً، غير الذين قُتلوا وغير الذين لا
يسكنون المدينة. فهؤلاء الأربعة آلاف سيغلبون الثلاثة آلاف. الذين في المدينة تأكلنا إذن، وماذا نفعل؟ قالوا: نحن نجمع الأحزاب. ما هذه الأحزاب؟ قالوا: القبائل التي من هنا إلى المدينة. وذهبوا إلى القبائل التي بين مكة وجنوب مكة والمدينة حتى يثيروهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاجتمع لهم من غطفان ومن هذيل ومن كنانة ومن كذا وكذا من الأحزاب. التي هي القبائل اجتمع لهم عشرة آلاف. ماذا تعني عشرة؟ أمعقول نقضوا
العهد والميثاق. وجاء أحد اليهود المطرودين وهو حيي وكلم كعباً. لا يزال البقية الذين في المدينة. بعد الفاصل نرى ما الذي حدث مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصبر على المبادئ ويحافظ. الحمد لله والصلاة والسلام على... سيدنا رسول الله وآله
وصحبه ومن والاه، سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم سمع وعرف وأوحي إليه بشأن الأحزاب، ووجد العدد الذي وصلت إليه المؤامرة عدداً كبيراً: عشرة آلاف إنسان، عدد ضخم، عشرة آلاف، وهم أهل حرب وأهل قتال، والقتال هنا سيكون له أولاً مصالح وثانياً ثأر، يعني قادمون. في حقدٍ في قلوبهم يريدون أن
يُظهروه، وثالثًا قوة، ورابعًا عقيدة، فهم يتمسكون بالعقيدة الشركية عندما يريدون أن يثيروا عموم الناس، يقول لهم: "دينك يا أخي"، وهو لا علاقة له بالدين ولا لديه دين أصلًا، وإنما يثيرون الناس بهذا العنوان، فكل ذلك معناه أن الأمر جلل. هل قال رسول علم النبي صلى الله عليه وسلم حينئذ أن الله ناصره والله في السماء لا يستطيعون أن يمدوا أيديهم عليه أبداً، وهو كذلك لأنه كان معصوماً من الخلق "والله يعصمك
من الناس"، ولن يستطيع أحد أن يمد يده عليه عليه الصلاة والسلام، لكنه معلم ومشرع وقدوة، ولذلك علمنا كيف نواجه هذه الأخطار وأنه يجب. علينا أن نتعامل معها بكل جدية وبالعلم وبالخبرة وبالنصيحة وبالإدارة وبالإرادة. فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم لديه مجلس أعلى لشؤون الحرب، وبعد ذلك سيأتي أحدهم إلينا ويقول لك: "هل كان النبي عليه الصلاة والسلام لديه مجلس أعلى لشؤون الحرب؟" وهكذا. فلا تلتفت إليه لأنه حتى أهل السنة من كتّاب السيرة والمحدثين [يعرفون ذلك].
يفعلون هكذا، يقول: "فكوّن مجلساً أعلى لشؤون الحرب". هكذا تجد المرحوم محمود شيت خطاب، وكان رجلاً عسكرياً من العراق، وكان يكتب في السيرة وفي الأحوال. يكتب هكذا، تجد أهل الهند كالمباركفوري والعظيم آبادي وغيرهم يكتبون هكذا. تجد هذا الكلام فلا تلتفت عندما نقول مثلاً: "وكان على شرطة رسول الله". ويقول لك هل كان النبي لديه شرطة؟ نعم، كان لديه شيء يحميه ويحمي الأمن الداخلي الذي يُسمى الشرطة حالياً. حتى أن النبي عليه الصلاة والسلام جعل من علامات الساعة كثرة الشُرَط، وهذا موجود في الحديث. هل أنت منتبه؟ فلا تلتفتوا إلى الجهل والجهلاء وهذه
المتراكمات لأننا مللنا بما فيه الكفاية. من الجهل والجهالة أن نكوّن مجلساً أعلى لشؤون الحرب. ماذا نفعل في هذا المجلس؟ أبو بكر وعمر وعلي في هذا المجلس، سلمان الفارسي في هذا المجلس، أكابر الصحابة في هذا المجلس. ماذا نفعل؟ فقال سلمان رافعاً يده: "يا رسول الله، أنا عندي خبرة في هذا الأمر، كنا في فارس إذا داهمنا العدو احتمينا." بالجبل وحفرنا خندقاً لا يستطيع الفرس
أن يقفز إليه، إذاً يجب أن أكون عارفاً كم متراً تبلغ قفزة الفرس لكي أحفر خندقاً لا يستطيع الفرس أن يقفز فوقه، وعندما يحاول القفز سيقع، وعندما يقع تحت، سأتمكن من ضربه بالنبل، وسأتمكن من فعل هذا وذاك إلى آخره، فإذا لم يمت من السقوط فسيكون هناك الخندق. كم يجب أن يكون عرضه وكم يجب أن يكون عمقه وكم يجب أن يكون طوله؟ إنه يوجد علم هنا، لذا يجب عليكم يا جماعة أن يكون لديكم علم، وهذا العلم يجب أن يكون له قواعد وتدريس، وإلا
فلن نعرف المعلومات، وبالتالي لن نتمكن من تنفيذ حتى الأفكار الجيدة. استشر الجماعة: ما رأيكم؟ في هذه الفكرة الجديدة قالوا له: "يا رسول الله، هذه الفكرة غير معتادة عند العرب"، فأصبحت عنصر المفاجأة والمباغتة. وفي عنصر استيراد التكنولوجيا ونقل التقنية، توجد تكنولوجيا في فارس لم تصلنا بعد، سنحضرها. فماذا سيفعل العرب؟ سيفتحون أفواههم ولن يعرفوا كيف تعمل هذه التكنولوجيا الجديدة. ماذا يفعلون؟ كيف يكون ما يحدث هكذا؟ لماذا يكون هذا الموقف مثلما فعل سلمان الفارسي في
نقل الخبرة؟ ثانياً: لا بد أن يكون مبنياً على العلم. ثالثاً: هناك نقل للتكنولوجيا. لم يقولوا أعوذ بالله سنتخذ من الكفار الفرس، سنأخذ منهم هكذا، بل إن هذا حتى لا يبارك الله لنا فيه. لا مشكلة، فهذه أمور كونية. هذه الحرب مسألة كونية، مسألة تحتاج إلى تدريب، وتحتاج إلى سلاح، وتحتاج إلى خطط، وتحتاج إلى ترتيب معين تسير عليه لتنجح، وإن لم تسر عليه فلن تنجح. ولذلك رأينا المسلمين عندما شعروا بأن العلوم العسكرية ليست معهم، فماذا فعل
محمد علي؟ ذهب وأحضر سليمان باشا الفرنسي لكي يعمل له. جيش مَن سليمان الفرنسي هذا؟ رجل فرنسي، فهو يقول لك الفرنسي، يعني الفرنسي، أيكون إنجليزياً؟ إنه فرنسي. ولماذا أحضره؟ لأن له علاقة جيدة مع فرنسا أيام محمد علي. وجاء ليعلمني، جاء ليعلمني وينشئ الجيش، فأنشأ الجيش وأخلص له، وأصبح الجيش المصري منذ ذلك الحين ذا تدريب حديث واستطاع. الجيش المصري هذا أنه يضرب حتى الآستانة استطاع هذا الجيش أن يساهم في حروب المكسيك، نعم إنه جيش قوي، أصبح جيشاً منظماً، جيشاً نظامياً، جيشاً يدرس. نعم هكذا النبي عليه الصلاة والسلام يريد منا أن
نتعلم. بعد ذلك وجدنا الملوك والرؤساء يرسلون أبناءهم إلى إنجلترا لكي يدرسوا الفنون. الحرب... آه، لابد أن نعرف ما يجري في الدنيا وكيف تسير، وما الذي نستطيع أن نقوم به في هذا المجال. فالنبي صلى الله عليه وسلم سمع كلام سلمان، فقال له: "حسناً، هل نفعلها يا أبناء أم لا نفعل؟" فقالوا له: "لا، إنها فكرة جيدة لأنها شيء جديد علينا". حسناً، الخبير الذي... من سيفعلها لنا؟ سلمان هو الخبير. كان سلمان كبيراً في السن. وافق مجلس
الحرب الأعلى على حفر الخندق حتى يكون في مواجهة العدد غير المقدور عليه بالوسائل التقليدية من القبائل والأحزاب إذا ما تهورت وجاءت إلى المدينة. إلى لقاء آخر، أستودعكم الله لنكمل مسيرة غزوة الأحزاب وما فعل الله. فيها من كرامات ومعجزات لنرى تأييد الله سبحانه وتعالى لنبيه بعدما اتخذ الأسباب المناسبة التي اتخذها هو وصحابته
الكرام. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.