#حديث_الجمعة | السنة الثالثة من الهجرة | يوم أحد ومعصية الرماه للنبي | الجزء الثالث

#حديث_الجمعة | السنة الثالثة من الهجرة | يوم أحد ومعصية الرماه للنبي | الجزء الثالث - السيرة, سيدنا محمد
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع أنوار النبي المصطفى والحبيب المجتبى صلى الله عليه وآله وسلم وما أجراه الله عليه وعلى يديه من بركات ونزول رحمات وسكينة، نعيش هذه اللحظات، نتعلم منه صلى الله عليه وسلم وهو الأسوة الحسنة. الذي جعله الله مثالاً للعالمين "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر
الله كثيراً". وكنا قد وصلنا إلى السنة الثالثة من الهجرة النبوية المشرفة وإلى يوم هو يوم أحد، ووصلنا فيه إلى معصية الرماة - رحمهم الله تعالى - وكانوا مع عبد جبير قائدًا لهم وكان عددهم خمسين راميًا وقفوا على جبل الرماة وهو معروف لمن زار منطقة أحد ويسمى إلى الآن بجبل الرماة وذلك لحماية ظهر الجيش الإسلامي وكان ذلك في
السابع من شوال في السنة الثالثة وهو يوم أحد وكان النصر أولًا للمسلمين ويسميها بعض أهل السير بالصفحة الأولى لأن هناك صفحة أولى وصفحة ثانية وصفحة ثالثة، ففي الصفحة الأولى انتصر المسلمون وكانوا نحو سبعمائة، والنبي صلى الله عليه وسلم كما ذكرنا مرّ بكتيبة من اليهود حسنة التسليح فرفض أن تقاتل معه حيث إنهم لم يُسلموا، وعبد الله بن أبي بن سلول لما وصل إلى أرض المعركة انسحب بنحو ثلاثُ مئةٍ ممن معه، وأصبح مع النبي سبعُ مئةٍ، خمسون
منهم على جبل الرماة. وجرت المعركة وانتصر المسلمون وولّى المشركون. وحاول خالد بن الوليد - ولم يكن قد أسلم بعد - أن يهاجم جبل الرماة لأنه عرف أنها النقطة الاستراتيجية التي بها النصر والهزيمة، ثلاث مرات، ولكن الرماة صدّوه وسقط نحو سبعة وثلاثين رجلاً سقط منهم هناك في بدر، سقط سبعون، وهنا سقط سبعة وثلاثون، وتفرقوا وذهبوا حتى أن بعض المسلمين بدأ في جمع الغنائم وانصرفوا انصرافاً تاماً عائدين واحداً
تلو الآخر في شمال المدينة إلى جهة الجنوب، جهة مكة من الطريق المعتاد، أما الذين كانوا على جبل الرماة وعددهم فرأوا إخوانهم قد انتصروا فأرادوا أن ينزلوا حتى لا تفوتهم الغنيمة، وهذا عصيان لرسول الله صلى الله عليه وسلم. ويعطينا درسًا كبيرًا أن ظاهر الأمور ليس كباطنها، ويعطينا درسًا كبيرًا وهو أن الأمور بمآلاتها، فلا توجد مصلحة في الانتصار اليوم والموت غدًا. احذر أن تنظر إلى ما تحت قدميك فقط، الغنيمة انتهاء
المعركة، والوصية التي هي وصية عسكرية واجبة التنفيذ بحذافيرها، ولا دخل لنا أن نفكر وأن نُعمل عقولنا فنفسد كل شيء. في هذا المقال الطاعة حذّرهم عبد الله بن جبير من النزول فأبت الأكثرية، وهذا الدرس الثالث أنها ليست الأكثرية على حق، بل قد تكون على أبطل الباطل. إذا خالفت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون، وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله. إذاً دروسٌ في كل حركة من حركات أُحد: نزل
أربعون رجلاً وتركوا عبد الله بن جبير مع تسعة استشهدوا جميعاً في سبيل الله وهم يدافعون. عن جبل الرماة رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وبدأت الصفحة الثانية حيث تمكَّن خالد من الإحاطة بجبل الرماة واقتحامه واقتحام ما بعده، وفاجأ المسلمين بأنه من ورائهم، ونادى المشركين فجاؤوا من أمامهم، ووقع المسلمون في مصيدة. الشعور بانتهاء المعركة يُذهب الهمة، الشعور بانتهاء المعركة يؤدي إلى الفرقة، الشعور بانتهاء المعركة. خاصةً إذا
كان هناك نص يؤدي إلى شيء من السرور والحبور وجمع الغنائم، فالارتباك يحدث عندما يتبين لهم أنه لم تنته بعد، وحوصر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان معه تسعة، كان معه سبعة من الأنصار واثنان من المهاجرين، ودافع الأنصار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما. وعدوه وماتوا جميعاً، سبعة ماتوا. وكان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأيته في الحرب رأيت أسداً، وقالوا: كنا إذا حمي الوطيس احتمينا برسول
الله صلى الله عليه وسلم. بالإضافة إلى أنه كان مؤيداً، كان مؤيداً، فواحد من المشركين قال: ابحثوا عن محمد، لا نجوت إن نجا، خيبه. اللهُ لا نجا إن نجوتَ، فعاتبه صفوان بن أمية قال: "محمد كان بجوارك فلماذا لم تقتله وكان وحده ولم يرَه أحد؟" فقال: "والله ما رأيته". قال: "دعك من الكذب، أنت خفت منه، لقد أدرت وجهك إلى الناحية الأخرى، كلما يأتي هكذا تدير وجهك إلى الناحية الأخرى هكذا، أنت
تتغابى". إنه أمية يرى الحادثة من بعيد، يرى النبي صلى الله عليه وسلم ويرى هذا الرجل وهو بجانبه وجالس يصرخ هكذا وهو لا يراه، لا يرى النبي أصلاً، لا يراه في صورة شخص آخر ولكن لا أجده أبداً، فهو لا يراه أصلاً، فيكون مؤيداً، وبعضهم قال: رأينا رجلين لا. نعرفهما عليهما البياض يدافعان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. لم يقفا هكذا، بل أحاطا به بسرعة. فقال أهل السير: "إنهما جبريل وميكائيل". فهو مؤيد، بالإضافة إلى أنه فارس، وبالإضافة إلى كل
هذه الفدائية والفروسية، وبالإضافة إلى أنه نبي، إلا أنه كان مؤيدًا. من كان يدافع عن سيدنا النبي؟ كان مصعب شبيهاً بالنبي، بمعنى أنك عندما تراه من بعيد تقول: "نعم، هذا هو سيدنا محمد"، ثم تقترب منه فتقول: "لا، إنه مصعب". فقد كان شبيهاً بالنبي. مَن الذي اختلط عليه الأمر؟ ابن قمئة. اختلط الأمر على ابن قمئة في مصعب بن عمير، فظن أنه النبي. وبعد الفاصل سنرى ماذا وما الذي سيحدث،
وصحبه ومن والاه، ما زلنا في ساحة أُحُد وفي الصفحة الثانية حيث تمكن المشركون من المسلمين. عندما رأى النبي هذا كان بين أحد أمرين: إما أن يختبئ وإما أن يجمع الجيش حوله، لكن بينه وبين جيشه المشركون قطعوا الطريق هكذا، فاختار
الثانية وقال: "إليَّ عباد الله" يعني. يا عباد الله إلى عباد الله، فسمعوا صوته وسمع المشركون صوته، فجاء ابن القمئة ومن معه سرية ابن القمئة، وكان الغرض ليس القتال بل قتل محمد والذهاب وهذا يكفي، فجاء ابن القمئة ورأى مصعب بن عمير وكان شبيهاً برسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان فارساً وهو أول من جمع المدينة كان العالِم الذي ينتمي إلى المدينة والنبي عليه الصلاة والسلام أرسلوه من مكة إلى المدينة لكي يُعلِّم أهل العقبة الأولى وأهل العقبة الثانية، فكان عزيزاً على أهل
المدينة جداً. فمصعب بن عمير قاتل جماعة بن القمئة هذا، والشيء القميء - أي القبيح - وأيضاً الممزق هو قبيح لماذا؟ لأنه فشيء ممزق يكون قبيح المظهر، وهذا الذي سمّى نفسه ابن القَمِئة هو من يمزق. فابن القَمِئة ومجموعته التفوا حول مصعب بن عمير وهم يعتقدون اعتقاداً جازماً أنه سيدنا الرسول. ولأنه كان بطلاً يقاتلهم بشدة، فقد التفوا حوله وتكاثروا عليه وقتلوه، وكان في جسده سبع وثلاثون طعنة.
بسيف ورمح وكذا مصعب بن عمير ودُفن في شهداء أُحد مع حمزة. ابن القمئ فرح، ما هذه الخيبة التي تخصه، أن يقتل محمداً، فنادى أن محمداً قد قُتل، فانتشرت الشائعة بين المسلمين والمشركين أن محمداً قد قُتل. من الذي أطلق هذا الكذب؟ ابن القمئ، أي متعمداً. لا هو ظن أنه قد قتل محمداً بقتله لسيدنا مصعب بن عمير رضي الله تعالى عنه. محمد قد قتل، حسناً ونحن جالسون نفعل ماذا؟ بعضهم مشى راجعاً إلى المدينة
لكنهم قليلون. نحن نتحدث عن كم شخص؟ عن سبعمائة شخص قُتل منهم سبعون. قُتل من المشركين كما قالوا أربعة وعشرون أنهم سبعة وثلاثون عندما تأتي لتحقق وترى الأسماء وما إلى ذلك يظهرون سبعة وثلاثين، حسناً لا بأس، يعني مائة وسبعة أشخاص ماتوا في هذه المعركة، سبعون من عندنا وسبعة وثلاثون من عند المشركين، وبعد ذلك نصر واحد، لماذا أنا محتارة؟ لقد انتهى الأمر، فالقائد ذهب ليعلمنا هذا الدرس أن الراية إذا سقطت الراية يحدث ارتباك وتضاربات، ويبدأ كل فرد
بالتفكير لنفسه فتحدث الهزيمة. كان مصعب بن عمير هو الذي يحمل الراية، فقطعوا يده اليمنى فأمسكها باليسرى، فقطعوا له يده الثانية، فاحتضن اللواء كي لا يسقط، حتى أتتهم عمارة وأخذت اللواء منه وهم يظنون أنه هو. مات مصعب بن عمير، فعاد بعض الناس إلى المدينة، وأثناء عودتهم وصل خبر إلى المدينة أن المسلمين يتعرضون للضرب بشدة. فخرج بعض الناس، ومن بين الذين خرجوا أم أيمن، ومن بينهم أيضاً عائشة، وكذلك أم سلمة وغيرهن. علماً أن زوجها أبا سلمة
كان ما يزال حياً في ذلك الوقت. بعد ذلك أصبحت ماذا؟ توفي أبو سلمة في إحدى المعارك، ثم تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد انتهاء عدتها، فأصبحت أماً من أمهات المؤمنين. لكن في غزوة أحد كان أبو سلمة لا يزال حياً، وهو من المجاهدين في أحد، وصاحب الهجرتين إلى الحبشة. يعني شخصية عظيمة جداً أبو وأم سلمة هؤلاء راجعون قليلاً هاربين فقابلتهم من؟ أم أيمن. من هي أم أيمن؟ مرضعة النبي. قلنا من هي أم أيمن؟ كانت جارية وعبدة عند من؟ عند عبد الله بن عبد المطلب، عند أبيه،
ولذلك تركها له في الهبة، الجارية وهي أمه في الرضاعة. عزيز عليها جداً سيدنا النبي أم. من أمهاتهم فخرج يشعل فيهم النار، فلم يقبله إخواننا وهم راجعون حائرين مساكين، ليسوا منافقين بل هم حائرون، ليس لديهم قيادة. ماذا سنفعل الآن؟ أسنقاتل أم نرجع أم سنضطرب؟ فهؤلاء من الأبطال أيضاً، لكنني وجدتهم هكذا في وقفتهم. تعالوا أقول لكم خطة. قالوا له: ما هي؟ قال لهم: لا شيء. تأخذون مغزلي، هذا المغزل الذي يخص النساء، المغزل كان للسيدات، وتُحضرون لنا السيف لأننا سنذهب للقتال، ماذا
يعني هذا؟ إنه مثل المرأة اليوم عندما تقول: "شخص ما أخذ حجابي هذا، وهات لحيتك يا أخي لكي أذهب"، أي كأنها تقول له: "أنت لست رجلاً"، صَعُبَ عليهم كثيراً كيف يمكن لأحدٍ أن ما هو أنت الفارس، هذه الكلمة تحرقه وتوجعه، فقالوا له: دع هذا الكلام، نحن نرجع ونذهب ونقاتل إلى أن نُقتل. الله، ما دامت القضية هكذا، فذهبوا هم وأم بركة والسيدة عائشة وأم سلمة وغيرهم إلى آخرهم. حضروا المعركة واشتغلت فرق التمريض، فأخذوا يسقون الناس الجرحى، وأخذوا يجلبون المياه ويحملونها. على أكتافهم ويذهبون ويأتون وهكذا إلى آخره حتى
قال بعضهم: "لقد رأيت سوقهن" يعني كانت تشمر هكذا عن ساقها فينكشف. لم يكن قد ظهر بعد هؤلاء المتشددون الذين ظهروا لأنهم يريدون إماتة المرأة واعتبارها نجسة ويجب دفنها وهي حية كما في الجاهلية. لا، بل ذهبوا واشتركوا وحاربوا، ولم يقل لها هذا الكلام عن شيخ حارب، نعم حارب، وما الأمر غير ذلك؟ وطلحة بن عبيد الله هو الذي ماذا؟ وسعد بن أبي وقاص، هما الاثنان اللذان كانا مع النبي، وضُربا ضرباً موجعاً ودافعا عن
سيدنا النبي، ومعهما أم سليم بنت ملحان. من تكون أم سليم هذه؟ إنها أم أنس بن مالك. في الأحاديث يقول: قال أنس بن مالك عن رسول الله (عن أنس بن مالك عن رسول الله). هو أنس هذا، أمه من تكون؟ أم سليم بنت ملحان. أنجب أم سليم وأنجب أم حرام وأنجب حرام أخاه. يكون قد أنجب أنس بهذه الطريقة حرام بن ملحان، نعم، أم سليم قاتلت. عن رسول الله واشتد القتال، كان هناك أناس ذهبوا إلى المدينة وبعضهم عادوا،
أما السيدات فذهبن ووصلن إلى أرض المعركة وقاتلن دفاعاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ابن القمية وعتبة بن أبي وقاص - وهو أخو سعد بن أبي وقاص - حاولوا قتل النبي عليه الصلاة والسلام. مصممون على قتل النبي، سنرى في حلقة قادمة ولقاء آخر ماذا كان من أنوار النبي المصطفى والحبيب المجتبى التي ملأت المكان فحفظته، والتي علّمت البشرية إلى يوم الدين. إلى لقاء آخر، أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
    #حديث_الجمعة | السنة الثالثة من الهجرة | يوم أحد ومعصية الرماه للنبي | الجزء الثالث | نور الدين والدنيا