#حديث_الجمعة | السياسة الخارجية في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه، مع أنوار النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسيرته العطرة نعيش هذه اللحظات، عسى أن نتعلم منه ما يفيدنا في الطريق إلى الله، وأن يأخذ الله سبحانه وتعالى بأيدينا إليه، وأن يفتح علينا فتوحاً. العارفين به لقد
كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً. تحدثنا حتى وصلنا إلى نهاية كتابة الصحيفة بين المسلمين وبين قريش، بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبين سهيل بن عمرو، وانتهى ذلك بأن ذبح النبي وحلق كأنه قد أحصر. في الأرض صدّوا عن البيت الحرام حتى أنه لما جاء في أول مرة يدخل إلى الحديبية بركت القصواء، والقصواء هي ناقة سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: خلأت القصواء.
تعبت أم ماذا يعني؟ القصواء لم تعد كما كانت، فقد كانت تسبق الجميع وتأتي في المرتبة الأولى، فما لها القَصْوَاءُ قالَتْ: ما خُلِقْتُ وما هو لها بِخُلُقٍ، ليست عادتُها هكذا، وإنما حَبَسَهَا حابِسُ الفيل. حسناً، ولماذا حَبَسَ الفيل؟ لأن الفيل كان داخلاً وهو ينوي أن يُقاتل أهل الكعبة، وبعض الذين جاؤوا مع النبي كانوا ينوون أن يُقاتلوا أهل الكعبة، وهذا ظهر في يوم الفتح عندما قال سعد بن عبادة: اليوم الدماء إلى الركب، ما هم فاعلون بهم
يعني نصف كف كما يقول، ولكن إذا دخلت مكة قاصداً حرب أهلها ستجد صداً ومانعاً إلهياً، فقال صلى الله عليه وسلم: "حبسها حابس الفيل"، صدَّه هكذا هو، وعندما تذهب وأنت بنية صافية للتعظيم والتشريف والطواف، اللهم عظِّم. هذا البيت وعظِّم من عظَّمه وشرِّف هذا البيت وشرِّف من شرَّفه وأنت داخل على البيت حتى أنه يُقال عندما ترى بيوت مكة تقول: "اللهم إن هذا الحرم حرمك والأمن أمنك، فحرِّم جسدي على النار وآمِن روعتي يوم القيامة"، وهكذا إذاً لا بد أن تدخل معظِّماً ومشرِّفاً
متعبداً لله سبحانه وتعالى. لأن الكعبة هي محل نظر الله، فلما كان بعض الناس في قلوبهم احتمال القتال والاستعداد له، بالرغم من أنه ليس معهم سلاح، وبالرغم من أنه ليس لديهم استعداد، وبالرغم من أن الواضح أننا نذهب للعمرة، فلما كان الأمر كذلك، حبسها حابس الفيل، فقال لها النبي: "قومي"، فقامت لأنها مختلفة عن الفيل برك أيضاً هكذا ورفض، فعندما وجهوه إلى مكة امتنع في وادي محسر، وسُمي محسراً لأن الفيل حُسر فيه. وعندما يُدير له ظهره يجري، الله -يعني- أنت تعرف أنه يجري، ها هو
لم يُخلق ولا شيء، يعني لم يتعب ولم يتغير، لكن هناك شيء صده. الغنم، غنم، وإن للبيت رباً قال عبد المطلب له: "أنا أمامك البيت يا أخي، ولكن على فكرة هذا له رب يحميه". والآخر لم ينتبه. كيف يحميه رب؟ نعم، كان للبيت رب يحميه. فالمشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى وحلق وذبح، ثم بدأوا ينصرفون إلى المدينة، والمعاهدة نافذة، وأبو بصير... واحد من شباب مكة الذي هو شاب حديث السن أسلم، أبو بصير رضي الله
تعالى عنه وأرضاه، وذهب إلى المدينة. وكانت هناك مشاكل، فهناك أبو جندل بن سهيل بن عمرو الذي رددناه ونحن في ماذا؟ في الجلسة. لكن أبو بصير هذا بعدما وصلوا المدينة جاء إليهم أبو بصير وهو مسلم: الله، ماضٍ، لكن المعاهدة معاهدة، وارتكاب أخف الضررين واجب، وتقديم مصلحة العامة على مصلحة الخاصة قواعد استخلصوها من هذه المواقف. يعني أنت ستتذكرها قصة، لا، هذه ليست قصة، هذه قواعد تؤسس للتفكير المستقيم. أرسلت
مكة، وهي كانت تنتظر غلطة من النبي عليه الصلاة والسلام، فأرسلت مكة من يأخذ أبا بصير. من النبي فجولوا اثنين، نحن نريد أبا بصير مباشرة هكذا من غير لف ولا دوران بوضوح، من حقه. نعم صحيح، سنتجرع المر وحزننا، لكن سنعمل بالمعاهدة هكذا. ولذلك عندما تكون هناك اتفاقيات يجب احترام الاتفاقية. حسنًا، هذه الاتفاقية يبدو أنها تؤلمني وحتى تضيع مني مصالح ضرورية. اصبر غيّر الاتفاقية لكن إياك
أن تظهر أمام العالم في صورة تُظهر أن الإسلام خائن أو غدار أو لا ينفذ اتفاقاته، فهذه أمور ستضر الأمة بعد مائة سنة، وليس أنت فقط. إياك أن تخالف المعاهدة لأننا نتصف بصفات المؤمنين وليس المنافقين. خذوا أبا بصير، اصبر يا أبا. سأصير - وربنا إن شاء الله - سيؤذن له بالفرج. أبو بصير مشى مع الاثنين بهدوء وبدأ يسامرهم ويتحدث معهم. والاثنان جالسان يأكلان التمر وهو يعتبر نفسه في حالة حرب، ويعتبر أنهما يختطفانه لأنهما يقيدان عقيدته
وينتهكان حريته في التنقل، وهي إحدى الحريات الأربع التي يتحدثون عنها الآن في الدستور. حرية الاعتقاد، حرية الانتقال، حرية السكن، حرية العمل، هذه من الحريات الأساسية. فذهب وأخذ السيف من أحدهم وقتله. قتله من هنا، وصاحبنا الآخر جرى إلى المدينة خائفاً. فالنبي عليه الصلاة والسلام عندما رآه وهو قادم هكذا يلهث ويجري وحالته هكذا، قال: "هذا رأى شيئاً جعله مذعوراً". الشخص الذي... قادم من بعيد، هذا هو، هذا قادم وهو مذعور، رأى شيئاً
أفزعه. وهذا الفتى الذي كان مع أبي بصير، ما الأمر؟ فجاء في اضطراب وارتباك وغير ذلك، وهو لا يدري ماذا يقول: "أنقذني يا محمد، ماذا هناك؟ أبو بصير قتل صاحبي أمامه، وهو يجري خلفي ليقتلني"، فجاء أبو بصير وراءه. بعد ساعتين أو ثلاث هكذا وقال له: "يا رسول الله، لقد أحلك الله من الوعد". إنه ليس فاهماً أن هذه سياسة دولية، وليس فاهماً أنها ترمي إلى ما وراءها، وليس فاهماً أن هذا في بناء أمة، وليس فاهماً أن هذه دولة. هو فاهم أنه ماذا مثلما... كان في القبائل قديماً يُعفيك الله من الوعد أو لا يُعفيك أو ما شابه ذلك إلى آخره، يعني المستويات النفسية سبب
فشل الناس في حكم الدول أن تقيس الدولة على الجماعة. الدولة ليست جماعة، إن الدولة لها قواعد أخرى تنضبط بها ومؤسسات. نحن في مصر هنا لدينا ثلاثة آلاف مؤسسة الجيش والشرطة والقضاء والإعلام والجامعة عندما تعدهم، يصبح عددهم ثلاثة آلاف، ثلاثة آلاف، بعد الفاصل نواصل. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
وآله وصحبه ومن والاه. أبو بصير جاء وقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: "لقد أحلك الله من وعدك معهم وليس هناك شيء، فالنبي عليه الصلاة والسلام قال إنك مسعر حرب، أنت ستهيج الدنيا على بعضها يا أبا بصير، إنك مسعر حرب. وصارت هذه الكلمة من العبارات التي تُستعمل فيما لو أن أحداً من الناس وعن غير قصد وبحسن نية سيضيع الدنيا. لو أنك رأيت واحداً طيباً ليس
فيه، يعني ليس... لا يوجد خبز ولا أي شيء، ولكن تصرفاته ستضيع الدنيا. فلنقل له إنك تُشعل حرباً، لكنه غير راضٍ أن يسكت ويستمر في إشعال الحرب، ونحن لا نريد ذلك الآن. إن خطتنا الدولية هي تهدئة الأمور واستقرار الدولة والانطلاق بهدوء إلى آخره. ليست مهمتنا الصدام، ولذلك كانت قضيتنا جميعاً. هو نوع من أنواع رد الفعل أو رد العدوان. طوال تاريخ المسلمين هكذا، ليس شيئاً منعزلاً عن الدين أو عن الواقع أو عن الحياة أبداً. إنها مسألة حياتية، ولكن الدين جزء من
الحياة وليس مصادماً للحياة. الفرق بين الدولة والجماعة ماذا؟ الجماعة تقول إن الدين ضد الحياة، يعني الدين شيء فلا بد أن تترك الحياة من أجل الدين، فالناس ليسوا راضين، إحساسهم الفطري هكذا أنه سيترك الحياة، كيف يعني؟ أما أهل الله وأهل العلم فيرون أن الدين جزء من الحياة، أعمل وأبيع وأشتري وأتزوج وأتقاضى وأصلي، فهو من ضمنها، وأنا أمام القاضي إذن، فكيف أذهب لأصلي ثم أعود وهكذا والقاضي... يقوم يصلي الدين ماذا جزء من الحياة وليس مصادماً للحياة، ولذلك قلنا للكيانات أن تفك نفسها. هذه الكيانات أول ما بدأ حسن البنا يؤسس
الإخوان المسلمين ذهب لشيخه الشيخ عبد الوهاب الحصافي رضي الله تعالى عنه، فقال له: احذر، أنت هكذا مثل الذي يضع البيت كله في سلة واحدة. فليس هناك بيضة في السلة، والتي في السلة تضرب فتموت وتنكسر، لكن الإسلام سرى في الناس في العالم سريان الماء في الورد. فأوحى أن يفعل هكذا وكتب في مذكراته، وكان لنا طريق وكان لهم طريق، وصار كل في طريقه. ليس هؤلاء أولياء الله. ذهب إلى الشيخ الدجوي من كبار هيئة من كبار العلماء في العالم الأزهري، فرفض وقال له: لا. فتحدث معه كلمتين
ليستا لائقتين وخارجتين عن حد الأدب، فقال له: حسناً، أحضر ورقة أو قلماً، اكتب أننا سنقيم دعوة ومقالات ونقيم نشاطاً ونعقد مؤتمرات ونفعل كذا إلى آخره. وسجل فيه، وسجل الشيخ رشيد رضا، وكان الشيخ الدجوي. ضد الشيخ رشيد رضا، كان للشيخ رشيد رضا مجلة المنار فقال: "لا يبخل علينا بها". قال: فأكبرتُه أنه جعل الشيخ الدجوي خصماً ضد الشيخ رشيد رضا، لكن خصومته كانت في مسائل الفقه والإسلام وما يتعلق بها، ويرد عليه بصواعق من نار على صاحب المنار. كان هناك كتاب بهذا المعنى للشيخ الشيخ الدجوي يرد على رشيد رضا
في المنار في كتاب وهكذا، لكن عندما نأتي جميعًا ضد الاحتلال الإنجليزي، نقف جميعًا معًا. فيملأها عدة أشخاص يصلحون للقيام بذلك، لكنها جميعها دعوة وليست كيانًا. بعد ذلك للأسف تحولت إلى كيان ثم تحولت إلى كيان داخل الكيان. وأصبح نفس الشخص الذي هو فيه ليس درايةً بما يحدث، فعندما نقول له هذه جماعةٌ إرهابية، يقول: كيف يعني؟ أنا لست إرهابياً. لأنك لا تعرف أنك منتمٍ، فكّ الانتماء واقفز من السفينة الغارقة. أنت تضع نفسك في سفينةٍ وتظن أنها تسير وهي تغرق، فلو سمحت اقفز منها، يقول لك. غريب جداً، فما بالي لا أشعر لأنها تغرق. هذه هي الحكاية،
هذه هي الرواية، هذا كلام سيدنا رسول الله وهو يقول لأبي بصير: "إنك مسعر حرب". شعر أبو بصير أنه سيُسلَّم، "إنك مسعر حرب"، أتُسلّمني مرة أخرى؟ حسناً، السلام عليكم. وهرب أبو بصير، هرب من المدينة حتى وصل إلى سيف البحر حتى وصل إلى سيف البحر، ما هو سيف البحر هذا؟ سيف البحر يعني شاطئ البحر الذي يسمونه جدة. تعني ماذا؟ تعني شاطئ البحر. فالسيف أو الجدة أو الشاطئ أو الشط كلها واحد، معناها واحد. حتى وصل إلى سيف البحر، فعمل هناك عريشاً وجماعة
وما إلى ذلك، فلحق به. أبو جندل ابن سهيل بن عمرو سمع أنه بجدة، وجدة تبعد عن مكة سبعين كيلومتراً، فالمسافة بين جدة ومكة بسيطة يعني، فذهب إليه. من هو أبو جندل؟ وكان كلما أسلم أحدٌ بالمدينة لحق بأبي بصير. من هو الزعيم؟ أبو بصير. بدأوا أنهم يقطعون الطريق على الكفار، هؤلاء أصبحوا ليسوا قبيلة. هؤلاء مجموعة خارجة من أفراد وليس لهم علاقة بأي شيء، ولذلك هم مؤمنون نعم ومسلمون نعم، لكنهم ليسوا
تابعين للكيان المُعيَّن. أتعلم، لو كانوا تابعين للكيان لكان النبي مسؤولاً عنهم. أتعلم، لو كانوا تابعين لكيان لكانوا سيُفسدون الدنيا، لكنهم عملوا بمفردهم ولا النبي يعرف ماذا يفعلون ولا قال لهم. افعلوا ماذا؟ أو هو يريد حتى أنهم يفعلوا، لكن ذلك الشخص قال لك: "لا، أنا وأنت لستَ تريد أن نذهب إلى المدينة، لن أذهب وأنا جالس لك هنا، إذاً أفعل هذا". هذا تصرف شخصي هكذا. انظروا الفرق بين العمل الفردي الذي ينسب إلى صاحبه والعمل الكياني الذي ينسب إلى الكيان فلو كانوا هؤلاء بأمر النبي، هذه التشكيلة أو تشكيلة خارجية وصلت إلى حد القبيلة ووالت محمداً
ومحمد والاها قبلها، دخلها كأنها تصبح من الخمسين ضد خمسين الذين تحدثنا عنهم، وكان سيصبح أي عدوان من هذا الفريق على ذاك يُؤخذ به، لكن لم يكن أبو بصير أكثر بصيرة ممن أنشؤوا. الجماعات في عصرنا هذا وعَلِمَ أن الأمر ليس كذلك، ولذلك مرة في مصر عندنا هنا كان هناك شخص اسمه إبراهيم الورداني قتل بطرس غالي. قتله لماذا؟ قال لأنه كان عميلاً للإنجليز. قال هكذا. أمسكنا إبراهيم الورداني وحاكمناه لأنه ارتكب جريمة قتل نفساً بغير حق. هو يرى ذلك، والشعب كله كان... مع إبراهيم الورداني وهو الذي قالوا له قولوا لعين الشمس لا تسخني وإلا
فإن حبيب القلب خارج ماشياً، سيُعدم غداً. عندما قُتل العيسوي وعندما قُتل الخزندار، قتلوهم. وعندما فهم محمود أن قرشي مات على يد جماعة الإخوان المسلمين، قبضوا على الجماعة كلها. لماذا لا تقبضون على الذين قتلوا؟ قال: لا، أنت منتمٍ للكيان. إبراهيم الورداني لم يكن منتمياً للكيان. عندما حاول محمود عبد اللطيف اغتيال عبد الناصر، واعترف عليه من أعطاه المسدس هندوي دوير، قبضوا عليهم جميعاً في نصف ساعة. كان هناك ثمانية عشر ألف شخص في المعتقل في نصف ساعة. لماذا؟ قال لك لأن هذا كيان له، لأن عندنا. المباشر والمتسبب، الاثنان يُتَعقَّبان. مَن الذي قال لك أن تقتل عبد
الناصر؟ لا بد أن أبحث عن أحدكم. إنه يَضع الجميع في مأزق. ولذلك لم يعد هناك وقت، سنكمل في حلقة أخرى. ولكن أبو بصير وأبو جندل قد أتعبا المشركين في مكة. إلى لقاء آخر، أستودعكم الله، والسلام عليكم