#حديث_الجمعة | السيرة النبوية | أحداث المبيت بمزدلفة في حجة الوداع للرسول "صلى الله عليه وسلم "

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع الأنوار المحمدية المصطفوية، مع سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، نعيش هذه اللحظات عسى أن تتنزل السكينة على قلوبنا ببركته وشفاعته وعلو مقامه عند ربه سبحانه وتعالى. فاللهم يا ربنا صل وسلم.
على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم، وصلنا إلى السنة العاشرة وهي سنة الوداع، آخر سنة كاملة فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكانت هناك علامات تهيأ بها سيدنا صلى الله عليه وسلم للقاء ربه، فمن هذه العلامات أنه كان يعتكف العشرة الأواخر من رمضان، وفي السنة عشرين يوماً ومن تلك العلامات أن جبريل عليه السلام كان يراجعه
القرآن كل عام في رمضان، شهر رمضان الذي أُنزل فيه القرآن هدىً للناس وبينات من الهدى والفرقان، وفي هذا العام راجعه مرتين، وهذا أساس من فعل هذا في التراويح، فنرى أن المسلمين يختمون القرآن في التراويح مرة، ومنهم من يُختم القرآن في التراويح مرتين، أما الذي ختم مرة فإنه قلّد ما كان يراجع جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه في رمضان مرة، وأما الذي يأتي به مرتين
فإنه يكون قد قلّد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في آخر سنة في رمضان مرتين، وكان كل ذلك. إعداداً وتهيئةً للقاء إلى الرفيق الأعلى، فاللهم صلِّ وسلم على سيدنا النبي. وكانت السنة العاشرة امتداداً لسنة الوفود، والوفود بدأت في السنة الخامسة مع وفد مزينة، وكان فيهم بلال بن الحارث المزني، وجاء أربعمائة رجل من مزينة في السنة الخامسة، وكان ذلك هو أول مجيء للوفود، وأسلموا وعدَّ
لهم. سمى النبي صلى الله عليه وسلم مجيئهم هجرة لأنها كانت قبل الفتح وبعد الفتح لا هجرة، وكما هو معروف أنه لا يستوي الذين هاجروا وقاتلوا قبل الفتح والذين أتوا بعد الفتح لأن ما بعد الفتح لا يسمى هجرة ولكن لهم الحسنى كما ورد في القرآن الكريم. مزينة أربع. مائة رجل كثير على قدرة المدينة فأرجعهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى بلادهم مع اعتبار أنهم من المهاجرين، وهذا يُعتبر
تنظيماً سكانياً. أرجِعْهم إلى بلدهم لأننا لن نطيق وجودهم هنا، ولن نقدر على تحملهم، فهذا العدد كافٍ، ولكن الاعتبار التصنيفي لا يتغير، فهو مهاجر؛ لأنه جاء وقَبِلَ الإسلام قبل حتى سُمِّيَت بعام الوفود واشتدت الوفود بعد تبوك بعد ما ارتعب العالم مما أحدثته تبوك وإن لم يكن فيها قتال. فاشتدت الوفود إلى رسول الله بعد الفتح بعد تبوك وامتدت في السنة العاشرة. ووصلنا في حديثنا معكم إلى حجة الوداع ورأينا كيف فعل النبي صلى الله عليه وسلم فيها
ورأينا. أنه ذهب بنا فخطب فيها الخطبة الأولى في يوم الترويع وأنه خطب في يوم عرفة وهي الخطبة الثانية مع لقائه مع المؤمنين وفي هذه الخطب أشار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى الوداع وقال: لعلي لا ألقاكم بعد عامكم هذا، ومرة قال: لعلي لا ألقاكم بعد عامكم هذا. أبداً وخطب الخطبة الثالثة في يوم النحر (العيد الكبير). العيد الكبير مكون من قسمين:
يوم النحر الذي هو اليوم الأول، وثلاثة أيام التشريق. ويجوز فيها النحر أيضاً إلى مغرب آخر يوم من أيام التشريق. وسماه المصريون كبيراً لأنه أربعة أيام، بينما عيد الفطر يوم واحد بعد أن تظهر الرؤية. الناس يكبرون حتى صلاة العيد هذه في عيد الفطر، وهي لمدة بسيطة هكذا، فكانوا يكبرون في الأسواق. ولكن عيد الأضحى لا، عيد الأضحى كما قلنا كم يوم؟ أربعة، وزد عليهم أيضاً يوم عرفة، وبعد ظهر يوم عرفة يكبر الناس في الآفاق من طنجة إلى جاكرتا ومن غانا إلى فارغة،
ويستمر التكبير إلى عصر اليوم الثالث من أيام التشريق وهو اليوم الرابع من أيام العيد الذي هو آخر يوم، ويستمر جواز ذبح الأضحية إلى ما قبل المغرب. فإذا أُذِّن للمغرب فهي ذبيحة لحم وانتهى وقت الأضحية. والأضحية سُنَّة إلا إذا نذرتها فتصبح واجبة لأنك ألزمت نفسك بما نذرته. إذاً حسناً، والشافعي يرى أنك إذا نذرت لا تأكل منها، فهي كلها للفقراء. أما مالك فقد فرّق بين قولك "هذه لله" أو "هذه للفقراء"، فإن قلت "هذه للفقراء"
حَرُم عليك الأكل منها، وإن قلت "هذه لله" دخلت من عباد الله وعياله سبحانه وتعالى فتأكل منها. لكن الشافعي - لا - لله يعني للفقراء، يعني أن لا تكون منهم، خلاص، لا يفصل التفصيل الخاص بسيدنا، ماذا عن سيدنا مالك؟ طيب، رسول الله يوم النحر ماذا فعل؟ نزل من عرفات إلى جمع، وما هي جمع؟ المزدلفة لها حدود حتى الآن، حدودها واضحة مرسومة ومعلنة على اللافتات، هذه بداية المزدلفة، هذه نهاية المزدلفة، قبل عرفات والنهاية لأنك تنزل من عرفات إلى مزدلفة، ومزدلفة وادٍ كبير هكذا،
وكان قد جمع منه الحصى وصلى في جمع أو في مزدلفة يعني المغرب والعشاء وبات في مزدلفة وقام في فجر يوم العيد، في الفجر نحن جاء الفجر فيكون ماذا؟ فجر يوم العيد، وأذِن لأم سلمة عليها. السلام للضعفاء ولمن يخدم الحجاج من السقاة والرعاة ورجال الأمن وكذلك أنهم يدفعون بعد منتصف الليل. ومنتصف الليل كما تعلمنا أنك تأتي بوقت الغروب وتأتي بوقت الفجر وتحسب الساعات وتقسمها على اثنين وتضيفها إلى المغرب. فإذا كان المغرب
في الساعة الخامسة والفجر في الساعة الرابعة فإن بينهما إحدى عشرة ساعة إذا وضعت اثنين فيصبح خمسة والنصف، وإذا وضعتهم مع خمسة يصبح عشرة والنصف، فيكون الليل يبدأ من العاشرة والنصف. حسناً، وإذا كانت هذه خمسة وهذه ستة، فالمغرب في الساعة السادسة والآخر في الخامسة، فكم يكون الفرق بينهما؟ عشرة أو إحدى عشرة ساعة. إذا وضعت اثنين يصبح خمسة والنصف، وإذا أضفتهم اثنا عشر هذه، اثنا عشر هذه للإخوة الأجانب يقولون لك منتصف الليل الساعة الثانية عشرة لأجل جداول الطيران وجداول السيارات والطائرات والسفن، ليس لنا تدخل. لكن أين هو منتصف الليل هذا؟ فمنتصف
الليل يتغير عبر السنة، منتصف الليل يتغير عبر السنة. في يومين فقط تكون الساعة الثانية عشرة بالحسابات التي... نقولها بعد الفاصل: نرى ما هنالك. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. يُحسب منتصف الليل طبقاً للمغرب والفجر، وكذلك ثلث الليل في قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله ينزل إلى السماء الدنيا في ثلث الليل الآخر فيقول هل" مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرَ لَهُ بِالضَّمِّ هَكَذَا فِي البُخَارِيِّ، هَلْ مِنْ سَائِلٍ فَأُعْطِيَهُ فِي غَيْرِ البُخَارِيِّ، فَأَغْفِرَ
لَهُ فَأُعْطِيَهُ فِي البُخَارِيِّ بِالرَّفْعِ، فَتَكُونُ الفَاءُ هُنَا لَيْسَتْ السَّبَبِيَّةَ بَلْ تَكُونُ عَاطِفَةً. فَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: يَنْزِلُ رَبُّنَا إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، إِذًا هَذَا وَقْتُ بَرَكَةٍ ثُلُثُ اللَّيْلِ، كَيْفَ تَحْسِبُ ذَلِكَ بَيْنَ وتُقسم على ثلاثة وتطرحها من الفجر فتحصل على ثلث الليل، فإذا كان المغرب الساعة السادسة وحل وقت الفجر الساعة الخامسة، فالفارق إحدى عشرة ساعة، نقسمها على ثلاثة فتكون أربع ساعات إلا ثلثاً، نطرح أربع ساعات إلا ثلثاً من الخامسة، فيصبح الوقت
الساعة الواحدة والثلث، فتكون الساعة الواحدة والثلث هي بداية وهكذا كل يوم أبداً، هذا كل يوم يتغير، كل يوم ثلث الليل يتغير حسب النتيجة، حسب وقت المغرب ووقت الفجر. طيب، سيدنا مكث في المزدلفة المسماة بجمع والمسماة أيضاً بالمشعر الحرام، بالمشعر الحرام، وفي مسجد هناك كان يصلي فيه النبي، وهو على يسار الماشي من عرفات فوق هكذا. ثابت عالية هكذا لا أحد يستطيع الوصول إليه الآن، فتسمى هذه المنطقة بالمزدلفة مشعر الحرام.
جمع ولم يحدث شيء. بات فيها رسول الله وصلى فيها الفجر، فقد صلى المغرب والعشاء جمعاً وقصراً، وبات ونام، وقام قبل الفجر وهكذا إلى آخره، وصلى الفجر بالمسلمين، والذين مشوا بعد منتصف الليل ذهبوا إلى... ذهب منّاء إلى ميناء، والنبي عليه الصلاة والسلام جلس، صلى الفجر وانتظر حتى اصفرت - ما هذه التي اصفرت؟ - الدنيا يعني الدنيا اصفرت جداً، اصفرت جداً يعني قبل الشروق بخمس دقائق أو عشر دقائق، شيء كهذا. يعني اصفرت جداً بمعنى أن الضوء ظهر ولم تطلع الشمس بعد، والناس عرفت أعرفك مَن أنت في حين أنه لا يوجد ضوء
وقابلتك فأشتبه فيك، مشيتك، لهجتك، صوتك لا غبار عليهم، لكن لا تكن متأكداً مائة في المائة. لكن مباشرةً أنا أراك بعيني من الضوء. والسفور ضد الحجاب، امرأة تترك شعرها هكذا. ماذا يعني أسفرت؟ يعني كشفت، فهذا المكان يُسمى حتى "أسفرت جداً" حتى انكشف أن الناس كانت تعرف، فالنبي صلى الله عليه وسلم دفع من مزدلفة إلى منى، وعندما دفع من مزدلفة إلى منى صلى الله عليه وسلم، جاء في وادٍ اسمه وادي محسر لأنه حَصَرَ
الفيل، فتستطيع أن تقول وادي محسر لأنه اسم فاعل، أو محسر لأنه حُصِرَ فيه الفيل. عندما جاء ملك الحبشة ليهدم الكعبة في السنة التي وُلد فيها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، جاء أبرهة الأشرم ووصل إلى هذا الوادي، والفيل لم يرضَ أن يتقدم بل توقف. حاول أن يتحرك هكذا كأن أمامه جداراً، أي جدار؟ كأنه ليزر، سبحان الله، كأنه شيء غير مرئي، كهرباء أو الفيل لا يعرف شيئاً، إنه أمر رباني، شيء كالجدار.
الفيل يدفع ويجد شيئاً أمامه فيتراجع للخلف ويدور ويجري. يُحضرونه للأمام هكذا، وعندما يصل إلى هذا المكان يدفع ويرجع مرة أخرى. النبي حينئذ كان عمره خمسين أو ستين يوماً. في ذلك الوقت، قال عبد المطلب جده لأبرهة: "انظر يا أبرهة، أعد قال له: "ظننتك عاقلاً ورجلاً، أنت تبدو رجلاً محترماً. المئتان والثلاثمائة جمل التي أخذتها، أهي من البيت الحرام المقدس الخاص بك؟" قال له: "لا، المئتان جمل خاصتي، والثلاثمائة جمل خاصتي، وإن للبيت رباً يحميه، وما شأني أنا بالبيت؟ وهل
تظن أن هذا البيت ميراث لنا عن..." آباؤنا هذا خاص بربنا. إنه غاضب من ربنا، وقد أصبح كذلك لكي يغضبك. فقال له: "والله أنا أنت، يعني أنت لا تعجبني هكذا". قال له: "لا عليك، أعطني فقط الجِمال التي تخصني، ونحن تركنا لك مكة. افعل ما تريد، اذهب يا أخي، اذهب وافعل". هذا الفيل، ما كان اسمه؟ كانوا قال له محمود: "الفيل هذا نفسه يقولون عنه ماذا؟ ينادونه محمود. يا محمود تعال، يا محمود اذهب". وفي المربى وهذا قائد القطيع كله الذي جاء. قال: "يا يهدم الكعبة؟ حسناً، ماشٍ". فتوقف في وادي محسر، هذا
هو. سيدنا وهو ماشٍ قام يظهر فيه بقايا من هذه الأشياء يعني في الناقة. وقفت ولم تمشِ ماشية كأنها تمشي في صعوبة، فقال: حبسها حابس الفيل. يعني يعلمنا أن وراء هذا المنظور عالماً غير منظور، وأن له قوانين أخرى قد نكتشفها وقد لا نكتشفها، قد نعرفها وقد لا نعرفها، قد تُكشف لنا في يوم من الأيام بفضل الله. علَّم الإنسان ما لم يعلم. وقد لا يكون، فيشعر الإنسان دائماً بالعجز أمام الله، فلا يسعه إلا أن يسجد لله
لأنه هو العالم العليم العلام علام الغيوب سبحانه وتعالى، وما علمنا كله إلا قطرة في بحار علوم الله سبحانه التي لا تتناهى. لا توجد مقارنة بيننا وبينه، وفوق كل ذي علم عليم، وقل رب زدني. علماً اصطدم بشيء ما من الأمواج المخلوقة لله في هذا الوادي والتي سبق أن صدت محمود الفيل محمود. وكانت السيدة عائشة تقول: "رأيت قائده، قائد محمود، هذا القائد الخاص به وهو أعمى
عليه أطمار يتسول في طرقات مكة. الرجل القائد الخاص بهذا قد عمي فلم يستطع العودة إلى بلده فأصبح المكرمة يتسول الناس ويعطونه هكذا إلى آخره، والسيدة عائشة رضي الله تعالى عنها توفيت سنة سبعة وخمسين هجرية. السيدة عائشة رأته وهي طفلة صغيرة هكذا، هي رأت هذا الرجل، وهو حدث قريب. فالنبي صلى الله عليه وسلم حبست ناقته الشريفة في وادي المحصر لأنه وادٍ نزل فيه عذاب على... أمر
الصحابة الناس أن تهرول قليلاً هكذا لكي نجري من هذه الوضعية، فهرولوا وخرجوا من وادي محسر، وهو وادٍ يقع قريباً بين مزدلفة ومنى. وما زلنا مع سيدنا في حجته التي هي حجة الوداع، ننهل من بركاته، وعند ذكره تتنزل الرحمات. لقاء آخر، أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.