#حديث_الجمعة | السيرة النبوية | السنة السابعة من الهجرة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع سيرة المصطفى الحبيب المجتبى صلى الله عليه وآله وسلم، وعند ذكره تتنزل الرحمات والسكينة والمحبة، فقد كان طاقة حب كبيرة ملأت العالم. آمن به من آمن
وكفر به من كفر لجهلٍ وغشاوةٍ على قلبه وعدم معرفة بسيرته الشريفة نعيش هذه اللحظات مع سيرة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ونحن الآن في السنة السابعة في مدينته المشرفة المنورة بعد الهجرة كان قد بدأ يرسل الكتب والرسائل وذكرنا ذلك بتفصيل وأرسل سفيراً له كان يسمى بالحارث بن عمير رضي الله تعالى عنه وأرضاه ذهب الحارث إلى عظيم
بصرى حتى يبلغه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقابله رجل يسمى شرحبيل الغساني وشرحبيل هذا قتل الحارث بن عمير. شرحبيل وكأنه كان عظيم بصرى أو النائب أو ما شابه ذلك، أي رجل كبير هناك. ومعنى هذا أن بصرى قد ارتكبت مصيبة كبيرة وجريمة عند كل قتل السفراء، فلما بلغ هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم اشتد حزنه وقال:
"لا بد أن نثأر للحارث بن عمير". فجهّز جيشاً قوامه ثلاثة آلاف مقاتل من المدينة، ولم يجتمع جيش كهذا إلا يوم الخندق. يوم الخندق كان الأعداء عشرة آلاف وكان جيش الرسول ثلاثة آلاف، ووضع عليهم قائداً. زيد بن حارثة الذي كان قد نسبه لنفسه حتى قيل زيد بن محمد إلى أن نهى الله عن التبني، كان يحب زيد بن حارثة. زيد بن حارثة فضّل رسول الله صلى الله عليه وسلم
على أبيه وعمه، فلما جاء يطلبانه خيّره قائلاً: "هذا أبوك وهذا عمك فاختر ما شئت". يعني هذا الجانب أو ذاك الجانب، فاختار رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة وزوّجه النبي صلى الله عليه وسلم بالسيدة الشريفة زينب بنت جحش ابنة عمته. وبعد أن طلقها زيد - وزيد هو الوحيد الذي ذُكر اسمه في القرآن - "فلما قضى زيد منها وطرًا زوجناكها"، تزوجها صلى الله عليه وسلم وصارت أمًا للمؤمنين. كان زيد بن حارثة حِبَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولما تزوج
أنجب أسامة بن زيد من غير زينب. وكان أسامة يقال له حِبُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يُقال له "الحبيب بن الحبيب" أسامة بن زيد. فلو قالوا لك... من في الصحابة الحبيب بن الحبيب تقول أسامة بن زيد بن حارثة - زيد رضي الله تعالى عنه - أمره رسول الله بقيادة الجيش الذي يذهب لقتال بُصرى في الشام في بلاد الروم، والآن هذه المواقع توجد في الأردن، وقال
له: "فإن أُصبت"، كان الوحي يخبر سيدنا رسول الله بالصورة إن وُجِدَ زيدٌ فليكن زيدٌ، فإن استُشهِدَ زيدٌ فجعفر، جعفر ابن عم النبي عليه الصلاة والسلام، فإن أُصيبَ جعفر فعبد الله بن رواحة. عبد الله بن رواحة كان وزير الإعلام الخاص بالنبي، كان شاعراً يقول الشعر ويدافع عن الله ورسوله والإسلام والمسلمين. فإن أُصيبَ عبد الله قال: "فلتختاروا واحداً من ليس من المعقول أن يُصابوا بثلاثة وخرجوا إلى وادي أم القرى. وادي
أم القرى هذا يبعد مائة وستين كيلومتراً، وفيه خيبر وفدك وغيرهما. ومن وادي أم القرى صعدوا إلى أعلى حتى نزلوا معان، وهي في الأردن حالياً، وعلموا أن هرقل يُعِدّ لهم العدة وأنه أتى بجيش. الروم مائة ألف ونحن ثلاثة آلاف، نريد أن يكون الواحد منا بعشرة، فعندما يكون العدو ثلاثين ألفاً نحارب، وعندما يصبحون واحداً وثلاثين ألفاً، حينها يجوز لنا الانسحاب. فالكثرة لا يقدر عليها إلا الله، ماذا سيفعل؟ وأمدَّ العرب بالليث ونحوها بمائة ألف آخرين، فأصبحوا كم؟
مائتي ألف، ونحن كنا نعدهم. قُل مائتين وعشرة لكي تُقسم على ثلاثة، فنحن ثلاثة وهذا مائتان وعشرة، يعني أعطانا كم مرة؟ سبعين مرة، سبعين مرة، أليس أعطانا عشرة؟ إن الله نسخ العشرة وجعلهم اثنين. عندما نكون ثلاثة آلاف والذي أمامنا تسعة، نعم بالكاد هكذا الواحد باثنين، لكن كون أنه يعني مائتين. وعشرة آلاف، هذا بحر من البشر، إذا أحاطوا بهم هكذا انتهت المعركة. فجلسوا ثلاث ليالٍ ينظرون ويفكرون ماذا سيفعلون،
فقال واحد منهم: "نحن ننسحب"، والثاني قال: "لا، لا ننسحب، نحن نرسل إلى سيدنا الرسول ونخبره بالوضع، فإن قال لنا قاتلوهم قاتلنا ولا يهمنا، وإن قال لنا انسحبوا ننسحب، لا يحدث بأناس آخرين. رأى عبد الله بن رواحة أنني لا أرى هذه المسألة هكذا، فنحن قادمون لأجل الشهادة، ندخل ونتوكل على الله. إن حدث شيء فليكن، وإن لم يحدث فها نحن نستشهد في سبيل الله ولا يهمنا. فلماذا أرسلنا إذن؟ وكان هذا هو الرأي السديد،
لأنه صنع سمعة للمسلمين غريبة وعجيبة آلاف يصمدون أمام مئتي ألف، هذه وحدها هزت الدنيا. هكذا انتقلوا، وكان هرقل جالساً في مكان يسمى مؤاب الموجودة حتى الآن، وهم في معان، ساروا هكذا والتقوا في مؤتة، فسميت هذه الغزوة بغزوة مؤتة. وحدث اللقاء، فقُتل زيد بن حارثة رضي الله تعالى عنه وأرضاه، عاش حميداً ومات شهيداً. رضي الله تعالى عنه مات ورسول الله راضٍ عنه، أخذ
الراية أو اللواء جعفر، ونرى بعد الفاصل ما الذي كان من شأن جعفر عليه السلام. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. بدأت المعركة بين المسلمين وبين الروم وزحفوا وفي اليوم قُتِلَ زَيدُ بنُ حارِثَةَ، عِندَما
قُتِلَ زَيدُ بنُ حارِثَةَ كانَ يُقاتِلُ بِالسَّيفِ لا يَكِلُّ في يَدِهِ، وبَعدَ ذلِكَ ماتَ. فَكانَ لَدَينا شَيءٌ يُسَمَّى اللِّواءُ، وهَذا واحِدٌ فَقَط لِلجَيشِ، عَلَمٌ هَكَذا يَكونُ واحِدًا فَقَط في الجَيشِ كُلِّهِ. ولَدَينا شَيءٌ يُسَمَّى الرَّايَةُ، تَكونُ مُتَعَدِّدَةً، فالجَيشُ خَمسَةُ أَقسامٍ، أُناسٌ في اليَمينِ يُسَمُّونَها. الميمنة وأناس في الشمال يُسمونها الميسرة، وأناس في القلب، هكذا هو في المقدمة يُسمونها المقدمة، وأناس في الوسط، وأناس في الآخِر، فيكون ثلاثة أمامنا هكذا، واثنان يعني
مثل حرف تي هكذا. هذه الجيوش كانت تكون هكذا، فكل جماعة من هؤلاء معهم راية حتى يعرفوا بعضهم، وحتى لا تكون هناك نيران. صديقةٌ والناسُ تقتلُ بعضَها من تلقاءِ نفسِها، وكذلك العدوُّ لديه لواءٌ ولديه رايةٌ. تنظيمُ الجيوشِ في ذلك الوقتِ كان هكذا؛ اللواءُ عندما يُقال لك "وأعطاه لواءً أبيض" أو "لواءً أبيضاً"، فيكونُ لواءٌ واحدٌ فقط هكذا أبيض. أما الراياتُ فهي أمورٌ أخرى، تكونُ ذاتَ ألوانٍ مختلفةٍ وأشكالٍ مختلفة، لكن... اللواء واحد، اللواء. مَن الذي أمسكه؟ القائد العام. سقط القائد العام صريعاً شهيداً رضي الله تعالى عنه. زيد بن حارثة أمسكه، ثم جعفر. وبينما
هو ممسك به هكذا، أتى أحد الروم وقطع يده، فتبع اللواء حيث يجب أن يكون مرفوعاً هكذا، فتبعه بيده اليسرى وهو يجمع الناس، فضربوا يده اليسرى. فاحتضن عضديه في قلبه هكذا، فجاء واحد من الروم وضربه فقسمه نصفين. سيدنا جعفر، والروم كان عندهم تدريب عسكري هائل، وكانوا طوال عمرهم - كما يقال - المصارعة الرومانية، تجد الواحد منهم بحجم باب، هكذا أخذ اللواء مباشرة بناءً على أوامر رسول الله، ثم عبد الله بن رواحة.
قدَّمَ له فخذًا مشويًا، فقال له: "خذ وكُلْ، من الأفضل أن تأكل فأنت بذلت مجهودًا كبيرًا بالأمس، قوِّ ظهرك، خذ منها قطعة هكذا". فقال: "أنا لست جائعًا"، وذهب فرماها. رمى الكباب والكفتة، رمى اللحم المشوي الجيد، والفخذ المشوي الشهي. أخذ منها قطعة ثم قال: "أنا لست جائعًا"، وذهب فرماها، وقاتل فبحثوا عنه فوجدوا عنده تسعين طعنة ورمية في جسمه، عدّوها فوجدوها تسعين، وفي رواية أنها كلها من قِبَله، يعني كلها في الوجه هكذا، ليس هناك شيء، يعني
لم يُعط ظهره، ليس هناك ولا واحدة في ظهره، مع أنه من الممكن أن يُضرب من ظهره، لكن لا، ولا واحدة في ظهره، عنه ورضي الله عنه، وتوفي عبد الله بن رواحة شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ الراية أحد من المسلمين هذا اللواء، فقال: "يا معشر المسلمين، اتفقوا على قائد". قالوا: "أنت، ما دمت أنت الذي تمسك اللواء فأنت القائد". قال: "لست بفاعل، أنا لا أستطيع تحمل هذه المسؤولية". قالوا: الوليد خالد
جاء وأخذ اللواء وقاتل وقال: فانقطع في يدي تسعة أسياف ولم يبق معي إلا صحيفة يمانية. تسعة أسياف انكسرت في يده. خالد ليس بسيطاً، خالد أولاً قائد يعرف كيف يخوض الحرب، وثانياً فارس، ليس قائداً فحسب بل هو فارس، إنه عسكري رضي الله تعالى عنه وأرضاه. الوحي يقول رسول الله في المدينة، والذي حصل كله أنت تنتبه له، لم يكن هناك تلفزيون ولا قنوات فضائية ولا هذا الكلام، ولكن كان هناك جبريل، فقال للصحابة: "أُصيب زيد بن حارثة" بعد قليل قال لهم:
"أُصيب جعفر وله جناحان"، يعني قُطعت يداه فأبدله الله بهما جناحين، فسُمي بذي الجناحين وسُمي بجعفر ما زال نسله إلى الآن ينسب إليه بجعفر الطيار، يقول هذه أسرة جعفر الطيار، أولاده باقون معنا إلى اليوم. قال: أُصيب عبد الله بن رواحة فذهب الله باللواء لسيف من سيوف الإسلام مسلول، فسُمي خالد بسيف الله المسلول، سيف الله المسلول. وبالليل اجتمع مع القيادة وقال لهم: هكذا لن ينفع
وعشرة آلاف، فيجب علينا الانسحاب، ولو تركنا بعضنا وأعطينا للخلف ظهورنا وانسحبنا، سيجرون خلفنا ويُبيدوننا، فلا بد من خطة. ما هي الخطة؟ رسم خالد الخطة. أولاً، نحن قلنا إن اسم الجيش هو الخميس، ولماذا سُمي خميساً؟ لأنه خمسة أقسام. فذهب وأحضر الميمنة ووضعها في الميسرة، وأحضر الميسرة ووضعها في الوسط، في القلب وأدخل في الآخر ووضعهم في الميمنة، فلما كان اليوم التالي دخلوا على الرومان قالوا: "الله! أليس هؤلاء هم الذين كنا نقاتلهم بالأمس؟ هؤلاء أناس جدد! الله! لقد
أرسل محمد جيشاً جديداً. يا لمصيبتنا! نحن لم نكن قادرين على مواجهة جنود الأمس، فكيف سنقدر على هؤلاء؟" وألقى الله الرعب يتأخر هكذا بالجيش النظامي، خطوة للخلف، خطوة للخلف. فظن الروم أنهم سوف يستدرجونهم إلى الصحراء ويعملون كميناً، فذهب قائد الروم وقال: "خطوة للخلف، خطوة للخلف" لجيوش الروم. فأصبحت جيوش الروم تصعد إلى مؤاب، وجيوش المسلمين تنزل إلى معان، ويظن كل طرف أنها حيلة يفعلها في الآخر. الثاني لكي يقتلوه، وهو في الحقيقة لا، بل
الحقيقة أنه أراد أن ينسحب انسحاباً مشرفاً، فانسحب هذا الانسحاب إلى أن وصل إلى المدينة، ولم يتبعهم الروم، ولكن هذه المعركة، معركة مؤتة، في الحقيقة أثرت لصالح المسلمين، ومات فيها من عندنا اثنا عشر رجلاً، اثنا عشر رجلاً، فقد كنا نظن. أنَّ الثلاثة آلاف سيذهبون لأنه مائتان وعشرة وألف، فقلنا حسناً، هؤلاء لن يعودوا. اثنا عشر شخصاً فقط هم الذين استشهدوا منهم، بما فيهم الثلاثة القادة. انظر، القيادة دائماً تكون أين؟ في المقدمة وليست في المؤخرة، في المقدمة.
انسحبوا إلى المدينة والنبي عليه الصلاة والسلام فرح بهم. ذاهبون لماذا؟ لأجل ثأر لم يأخذوا ثأر الحارث بن عمير، لكنهم صنعوا سمعة للجيش الإسلامي بأنه جيش قوي جداً، ذكي جداً، مدرب جداً، ويهزم أي أحد. كانت هذه غزوة مؤتة. بعد ذلك جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم في البناء والإرسال، وهكذا حتى دخلت السنة الثامنة. إلى لقاء آخر، أستودعكم الله. والسلام
عليكم ورحمة الله وبركاته