#حديث_الجمعة | السيرة النبوية | النقل والرواية عن النبي

#حديث_الجمعة | السيرة النبوية | النقل والرواية عن النبي - السيرة, سيدنا محمد
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع سيرة المصطفى والحبيب المجتبى صلى الله عليه وآله وسلم نعيش هذه اللحظات، وقد وصلنا في معيته الشريفة المنيفة إلى فتح مكة وما حدث بعده من حرب في معركة حنين ثم في
حصاره للطائف. ثم جاء وفد هوازن يطالب بالأموال والسبايا، وما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك كله من مواقف الإنسانية والرحمة مع العدو، فكيف مع الأتباع، وما كان من كرم فاق كل كرم، حتى إن الأنصار قد وجدت في أنفسها على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال. لهم كيف وقد ذهب الناس بالدثور وذهبتم برسول الله فاطمأنت قلوبهم وبكوا وأكدوا البيعة معه ورجعوا برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة ودخلت بذلك السنة التاسعة وفي
هذه السنة حرك رسول الله صلى الله عليه وسلم على سبيل الحرب الوقائية والاستباقية بعض السرايا أكثر من عشرين سرية تذهب إلى الأماكن لتطمئن على الأمن، لتقر الأمن، لتحافظ على الأمن، ولتكسر شوكة من أراد أن يدبر للمسلمين أذى، فهي حرب وقائية. وفي هذه السرايا لم يكن هناك قتال، وهي معدودة من الثمانين غزوة وسرية التي كانت في العهد المدني، وإنما
هي سرايا للضبط والربط. ولقد حدث هذا مع دخول... أثرت قريش على الإسلام، ومع فتح مكة أصبحت سمعة المسلمين طيبة في سائر أنحاء العرب. وبدأ العربي يشعر بذاته إزاء الفارسي والروماني، وأنه يريد أن يتحرر من تلك التبعية. وإن ما كان يمارسه الرومان والفرس من عنجهية وتكبر على المسلمين أثّر في العربي، وشعر أنهم يتكبرون عليه وعلى العربية، فدخل وسنرى هذا الدخول عندما نصل إلى السنة العاشرة في حجة الوداع، فقد حضر فيها مائة وأربعة عشر ألف مسلم رأوا
رسول الله صلى الله عليه وسلم بأعينهم، وكانوا على الإيمان وصحيح الإسلام، وحجوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. فهذا هو عدد الصحابة، لكن الكتب سجلت نحو تسعة آلاف. فقط من النساء تسعة آلاف وخمسمائة من أربعة عشر ألفاً وأربعمائة، فالمسجل عندنا من الصحابة يعني ثمانية في المائة أو تسعة في المائة، أقل من تسعة في المائة، وهؤلاء لم يرووا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ألفاً وسبعمائة وقليلاً، قل ألفاً وثمانمائة يعني. أقل من واحد ونصف في المائة يعني كل مائة صحابي ممن
رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يروي عن رسول الله الشيء القليل. عاش كثير من الصحابة من ألف وسبعمائة صحابي له حديث واحد، حياته كلها حفظ عن رسول الله حديثاً واحداً، سطرين أو ثلاثة، لأجل الذين يشككون في... السنة الصحابة لم تكثر من الرواية عن رسول الله بل نقلت حاله ومواقفه الشريفة وأحكامه الشرعية المرعية على أحسن وجه، وكان كثيرون من الصحابة يروون عنه الحديث الواحد مما يؤكد صدقه، وألهم الله هذه الأمة التوثيق عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى صار فريداً صلى الله عليه وسلم. في العالمين
ليس هناك ملكٌ ولا نبيٌ ولا وليٌ ولا جبارٌ ولا ضعيفٌ ولا أديبٌ ولا شاعرٌ اهتم الناس بتوثيق النسبة إليه إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصار الإسناد مزية هذه الأمة. والحمد لله الذي جعلنا مسلمين، وعندما أعطانا المشايخ السند قلنا: هذا يوم وُلدنا فيه، يوم جديد. كأننا قد وُلِدنا فيه فإننا قد صافحنا من صافح من صافح من صافح من صافح رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى منتهاه، فاتصلت السلسلة وتمثلت البركة وتم الإسناد، فتم
بذلك اليقين، فالحمد لله رب العالمين. رجع المسلمون من فتح مكة إلى المدينة والأنصار فرحون بالرغم من أنهم لم ينالوا. دنيا ولكنهم نالوا فضلاً إلى يوم الدين لا تساويه الدنيا ولا أمثالها كثيراً، نالوا رسول الله فدُفن عندهم عندما انتقل إلى باريه صلى الله عليه وسلم، وما زال رسول الله يُشرِّف المدينة وأهلها ويتشرفون به إلى يومنا هذا، وهو الذي جعل الناس من أقطار الأرض ومن كل الأجناس وبكل اللغات. تُصب وهو يجذبها جذب المغناطيس
للحديد، فصلى اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. رجع إلى المدينة ودخلت السنة التاسعة وأرسل السرايا. فلما أرسل السرايا كان منها سرية إلى قلس، والقلس هذا صنم من أصنام طيء، وطيء هي قبيلة حاتم الطائي، وكان على رأس القبيلة شيخ القبيلة عدي بن. حاتم له أختٌ، وأخته عَدِيّ كان اسمها سفانة. وعَدِيّ من خوفه من جيش المسلمين أخذ نفسه إلى الله، فأخذ أهله ليلاً،
وكان قد دبّر ذلك قبل ذلك وقال: "ألحق بالروم فهم على ملتي". كان مسيحياً، أما حاتم فكان مشركاً. عَدِيّ دخل في مذهب يُسمى بالآريسيين، ومذهب الآريسيين مذهب اندثر لأنه أنَّ عيسى إنما هو محض نبي كما يراه المسلمون الآن، بخلاف ما كان عليه العاقبة والمساطرة، ثم بعد ذلك الكاثوليك والأرثوذكس، وبعد ذلك البروتستانت. كلهم يرون أن شيئاً ما له صلة بالسيد المسيح، إما أنه الله، وإما أنه أقنوم من الأقانيم، إما أنه بطبيعة واحدة أو بطبيعتين، وهذا خلاف بينهم. لكن من
يرى أن المسيح كان نبياً هم الآريوسيون، وهؤلاء الآريوسيون نسبة إلى شخص اسمه آريوس. وآريوس هذا يُعَدُّ عند المسيحيين هرطوقياً، أي لا يأخذون به ويعتبرونه غير معتمد. فكان منتمياً إلى هذا المذهب، وكان هناك مذاهب كثيرة، فقال: الحق بأهل ملتي في الشام. فأخذ أهله وسافر إلى الشام. ونسيَ أختَه، كانت سفانة امرأةً كبيرةً في السن. أخذَ أهلَه وزوجتَه وأولادَه وما إلى ذلك، ونسيَ أن يأخذَ أختَه وهرب إلى الشام. عندما وصلَ إلى الشام لم يَسعَد، إذ
وجد أن القضية ليست دينية بل سياسية، والناس الذين في الشام، هرقل وغيره، هم أناس ظالمون وليسوا أتقياء. ما باله يظن أنه عندما يذهب إلى بلد مسيحي سيجد المحبة ويجد السلام ويجد كذا؟ أبداً، وجد الأمور هناك مضطربة تماماً، فتضايق وأصبح جالساً متضايقاً. قال: أنا أهرب من جيوش المسلمين لأقع في هذه الورطة! كان متضايقاً، جالساً متضايقاً. وكان علي بن أبي طالب هو الذي ذهب إلى طي. فأتى بسبي معه، ومن بين هؤلاء الأسرى سفانة أخت عدي بن حاتم الطائي. علي كان متربياً في بيت
النبوة وفي مدرسة النبوة، ويعرف ماذا تعني مكانة هذه المرأة الكريمة. فهي ابنة أناس عظماء، أبوها هو حاتم الطائي وأخوها عدي، أي أنهم من السادة والكرماء. فوزَّع الأسرى في الطريق إلا من الذي في قلبه مما قذفه في قلبه ربنا عن طريق رسوله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله يحب مكارم الأخلاق وحاتم كان يحب مكارم الأخلاق، فينبغي أن يكون هناك شيء سيتحسن، أشعر بذلك. فجاءوا فوقفت سفانة في السبي خارج المسجد، فمر عليها رسول الله صلى الله عليه
وسلم فقالت: مات الوالد وهرب الوافد، فقال: "ومن الوافد؟" قالت: "عدي بن حاتم". قال: "الهارب من الله ورسوله". ومضى الهارب من الله ورسوله. بعد الفاصل نرى ما حدث مع سفانة وعدي وسيدنا صلى الله عليه وسلم. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة
والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن. والله جاءت سفانة في السبي ووقفت في اليوم الأول فنادت رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هلك الوالد وغاب الوافد"، فقال: "ومن الوافد؟"، قالت: "عدي بن حاتم" وهو ولي الأمر، يعني ولي أمرها، فقال: "الهارب من الله ورسوله"، وسار. فجاءت في اليوم الثاني فكرَّرت عليه ما قالته هناك، كررت عليه الأول فأجابها بمثل ما أجاب، وفي اليوم الثالث جاء وخلفه رجل.
النبي عليه الصلاة والسلام داخل هكذا وخلفه شخص، فقالت مثل ما قالت، فأشار الرجل الذي خلفه لها أن اطلبي التحرير، اطلبي الفكاك، اطلبي منه الفكاك. قالت سفانة: فعرفت بعد ذلك أنه علي بن أبي طالب الذي قبض عليها. أو كان سبباً أو كان قائد الجيش حينها، فقالت: "يا رسول الله، أنا امرأة عجوز وابنة رجل كان يُحرِّر الأسير ويُطعِم الضيف
ويُكرِم الضيف ويُسكِن الجائع". فتوقف النبي وقال: "هذه مكارم الأخلاق، وديننا يدعو إلى مكارم الأخلاق، فحرروها". فأشار الرجل الذي وراءه أن اطلبي الرحلة، يعني يعطيها ناقة ويعطيها. مرشد ومال لأجل، فقال النبي عليه الصلاة والسلام دخل وقال إن أباك كان يحب مكارم الأخلاق، فقالت له: حسناً يا رسول الله، أهو في الجنة؟ قال:
لا، لم يقل، إنما فعل هذا لسمعة يسمعها، عمل هكذا لكي يُقال عنه أنه كريم، وقد قيل، حتى يومنا هذا نقول: أكرم من حاتم هل حاتم الطائي أبوها؟ هذا يعني أن علاقتنا في الدنيا تختلف عن قضية الأحكام المتعلقة بالآخرة. ما شأني بالآخرة؟ هل هي ملكنا؟ هل رأيناها أو ذهبنا إليها؟ هل نحن نملكها أو نعرف عنها شيئاً؟ وسيوجد من يقول في عذاب القبر أنه غير موجود. لا، هذه المسألة لا نعرفها. ما ورد لأنه وحي قال إن في عذاب القبر فهو موجود، ولم نذهب لنرى إن كان هناك عذاب في القبر أم لا، حتى نختلف فأقول أنا: نعم، يوجد عذاب القبر لأنني رأيته، وتقول أنت: أنا لم أره. عذاب القبر موجود لأن مصدره هو
الوحي وليس التجربة، فالأمر لا علاقة له بالتجربة. هذا حاتم إذاً، ماذا نفعل؟ لماذا نحبه؟ لأنه يتحلى بمكارم الأخلاق. حسناً، عندما يأتي شخص ويؤسس مؤسسة ينفق فيها على المساكين مثل بيل جيتس، فنحن نحب إنفاقه على المساكين ونقدره ونخدمه في هذا الجانب من أجل المساكين. هل سيكون هذا بمثابة الجدس في الجنة؟ وما شأني؟ أأنا في الجنة أم إذاً، قل لي بجدية هل سيكون في الجنة أم لا؟ لا، الشخص الذي يقوم بمكارم الأخلاق فقط سيكون في الجنة أم في النار؟ هذا في يوم القيامة لا شأن لي به، وهذا بيد الله تعالى وليس بأيدينا نحن. حسناً، ولماذا لا ترضى أن تقول إنه في النار كما قال النبي أولاً
لأن بالجدس هذا حيّ، لكن حاتم كان قد مات. ثانياً ليس النبي والذي سيمثّل دور النبي هذا سيُقسم نصفه، نعم، فإذاً إذا كان هناك وعي في الكلام، يعني بالجدس في الجنة أم في النار؟ أنا لا أعرف ماذا يعني طيبي بالاثنين في الجنة، نعم، فسقطت لأنك أدخلت شخصاً كافراً في النار؟ هل حكمت على أحدٍ يا عيني أنه في النار وقد يكون في الجنة؟ إذاً، فالذي سأل هذا السؤال لا يريد إجابة، بل يريد جدالاً ومراءً، وقد أُمرنا بترك المراء، "أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء ولو
كان محقاً". ما الذي نفعله نحن؟ إننا... نؤيد مكارم الأخلاق والناس نوكلها إلى ربها، فقد كان النبي يحب مكارم الأخلاق، فعفا عنها ومنحها وأعطاها الراحلة وقال: "انظري متى تريدين أن تسافري حتى أعطيك مؤونتك". ففكرت قليلاً يا أفنغرا هل ترجع إلى طي أو تذهب إلى الشام. كانت متضايقة من عادية جداً لأنه أخذ أغراضه وتركها وأخذ أهله. زوجته وأولاده وما شابه، وترك أخته العجوز. قالت: سأذهب لأشتمه وأوبخه قليلاً لأنه تركني. فسافرت إلى
الشام. والنبي وجد لها رحلة معه في الشام، فوضعها معهم كأنها شركة سياحية، وأركبها معهم وأعطاها النقود وما إلى ذلك، فذهبت وسافرت إلى الشام. فأول ما دخلت على عدي هكذا، كان ينظر من بعيد. هذه سفانة أم ماذا؟ والله مشيتها هكذا كما مشت سفانة، وقعتِ في سوء. لقد نسيتها، نسيت أن آخذها معي، فجاءت وهي تسب وتلعن وتشتم وما إلى ذلك. الناس الذين ليس لديهم أصل، والناس الذين يتركون إخوتهم في الضياع، والذين يجرون، والذي يفعل. قال لها: الله يحفظك. أنا جسدي لا يتحمل وأنا مخطئ، وأقسم برأسك، فقط قبّلها وعودي صامتة، لأنني لا أتحمل هذا الكلام،
أنا مشوش وحزين هنا في الشام. قالت له: حسناً. قال لها: ماذا فعل محمد معكِ؟ قالت له: لا، عليك أن تسارع بالذهاب إليه راغباً قبل أن تُضطر للذهاب إليه. مضطر أن أجري يا أخي بسرعة لكي تلحق بعض الوقت، فقال لها: "أترين ذلك؟" قالت له: "نعم". قال لها: "حسناً، قد أُقتَل عندما أدخل عليه". قالت له: "توكل على الله، أخلص النية لله، ستجد الأمور ميسرة". فذهب عدي بدون أمان، فدخل المدينة وتحدث الناس: "هذا عدي بن حاتم هنا يا كان من الممكن أن يمسكه أحدهم ويقبض عليه ويأخذه إلى السجن،
لكن الله ستره بحسن نيته، حتى وجده رسول الله فأخذ بيده وقال: "لِمَ تهرب يا عدي؟". وكانت قصة جميلة لطيفة بين النبي وبين عدي، سنذكرها في حلقة قادمة إن شاء الله. فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.