#حديث_الجمعة | السيرة النبوية | دخول المسلمين مكة

#حديث_الجمعة | السيرة النبوية | دخول المسلمين مكة - السيرة, سيدنا محمد
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم وآله نعيش هذه اللحظات، عسى الله سبحانه وتعالى أن ينزل علينا السكينة والرحمة والبركة بذكره صلى الله عليه وسلم وبدرس سيرته الشريفة المنيفة. تكلمنا في حلقة
سابقة... عن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة ومعه نحو ألفين من الصحابة الكرام من الرجال سوى النساء والصبيان، وأنه قد ترك سلاح القتال في ياجوج وترك عليه رجلاً يسمى أوذ ومعه مئتان من الصحابة لحراسة السلاح الذي هو للقتال، وكان سلاح العرب على نوعين: سلاح يسمى بسلاح. القتال وفيه الخوذة وفيه الدرع وفيه الرمح وفيه النبل وفيه السيف وفيه
الخنجر وفيه كذا وكذا وسلاح آخر يسمى بسلاح المسافر، وسلاح المسافر السيوف في أغمادها، فالسيف وحده لا يصلح للقتال لأنه يحتاج إلى التحام، وإذا هاجمني لص فيعني أقتله هكذا، أدافع عن نفسي بالسيف، لكن القتال لابد أن يكون. مركب ولا بد أن يكون من بعيد، أي النبل والقوس والنبال وأشياء مثل ذلك، فيكون من بعيد ومن قريب، ويكون هناك تناغم بين القريب والبعيد. فدخل المسلمون مكة والمشركون يعرفون هذه
القصة، يعرفون أن هناك فرقاً بين سلاح القتال وبين سلاح المسافر، وذكرنا أن عبد الله بن رواحة عندما دخل الكعبة شاهراً سيفه الذي هو في القراب الذي هو علامة الفرح، العرب يعرفون أنه ليس علامة القتال ولا أننا سنجعل الدماء تصل إلى الركب. تذكرون عندما دخل النبي مكة في الفتح، نحن الآن ما زلنا في السنة السابعة، وبعد ذلك سيدخل مكة في السنة الثامنة، أي بعدها بسنة. فسعد بن عبادة قال: "اليوم يوم الملحمة، اليوم السماء فيه للركب". قال: "كذب سعد، كذب سعد"، وهو يعني ضيفه في المدينة سيد المدينة، وأزال
سعد ووضع ابنه قيس بن سعد بن عبادة على نفس الكتيبة لأن سعد لا يؤثر على خطته ولا يغضب، ولكن كلمة "اليوم يوم الملحمة" هذه... كذب وخالف البعض، ولذلك قالوا: الكذب بلغة قريش هو الخطأ، يعني أخطأ سعد. الكذب بلغة قريش يعني الخطأ. فسيدنا عبد الله بن رواحة رفع السيف لأنه علامة الفرح وعلامة أنهم مسرورون بأنكم تاركون لنا الكعبة. وهكذا رأى سيدنا الرسول صلى الله عليه وسلم مائتي رجل يحملون السلاح. فأحضر مائتين وواحداً مثلهم وقال لهم: "يا إخواننا، أنتم أديتم العمرة واستمتعتم في أمان الله. سيدنا
عندما سعى بين الصفا والمروة، أتى عند المروة ونحر وحلق عندها وقال: هذا منحر، ومكة كلها منحر". كان دائماً يفعل الشيء ويُشجّع المسلمين على الاجتماع عليه في هذا المكان. قال: "وقفت هنا وعرفت". كلها موقف وبات في مكة في منى وقال منى مُناخ لمن سبق، كلها هكذا لكي يوسع على المسلمين. فلما ذهب عند المروة وانتهى، نحر أي ذبح وحلق شعره. وجلب مائتين وقال لهم: "الحقوا إخوانكم وأحضروهم ليعتمروا وهم محرمون". محرمون من
أين؟ محرمون من الجحفة وذي الحليفة. مِن عند المدينة، من قبل قبر علي - مع أن قبر علي لم يكن موجوداً، فهو جاء بعدها بقليل يعني قبل قبر علي بقليل - المكان الذي كان فيه النبي عليه الصلاة والسلام، وكانوا جميعهم محرمين، والمحرمون يحملون السلاح. فذهب المئتان الذين أنهوا العمرة بثيابهم وهم غير محرمين وكل شيء، كانوا يحمُون السلاح، فسيدنا يُعلِّم القائد ألا ينسى جنوده هناك، وليس الأمر أننا انتهينا وحسب، بل هو منشغل بهذا دائماً. مكث في مكة ثلاثة أيام، وفي صباح اليوم
الرابع قال لها: "إنكِ لأحب أرض الله إليّ". لم يكن يريد أن يغادر بلده الحبيبة ووطنه، فأصبح في اليوم الرابع غير مستعد شيء أن المشركين اتصلوا بسيدنا علي وقالوا له: "تعال وقل لصاحبك أن يغادرنا فقد انتهت المهلة، قل له أن يخرج هو وصاحبته لأننا تخاصمنا". وبالرغم من كل هذا، عفا عنهم في الفتح وقال: "ماذا تظنون أني فاعل بكم؟" قالوا: "أخ كريم وابن أخ كريم". فقال: "اذهبوا فأنتم الطلقاء" وأغلق
الصفحة. وفتح صفحة وعلّم العالمين المصالحة والمصارحة، خلاص هكذا، ألا إن كل ربا الجاهلية موضوع تحت قدمي هذا، وأول ما أضع ربا العباس عمي الذي هو المصالحة والمصارحة، لكن في ظل العفو لكي تلتئم البلاد ونمضي هكذا، أما إذا قتلتُ ابن عمك فسيغضب ويقتلني، فيغضب ابن عمي فيقتله، وبعد ذلك يصبح... لا بد من التجاوز والتسامح وإنهاء الموضوع. سيدنا أتى ومعه المائتان وبقي ثلاثة أيام في مكة يطوف ويسعى وما إلى ذلك. وكانوا في جبل قيقعان، وهو يقع
في الاتجاه الشمالي. وبعد ذلك قالوا له: "كفى، قل لصاحبك" - وليس "قل لابن عمك" - بل "قل لصاحبك أن يغادرنا فقد انتهت انظر إلى النبي وكيف التزم بالمواعيد والمواثيق مع حبه العميق للمكان وللوطن، وهم أيضاً قد أخرجوه ظلماً وعدواناً، فسار بأصحابه إلى سَرِف، وهو موضع يبعد عشرة أميال عن مكة. فسيدنا ذهب مصطحباً الألفين وكذلك النساء والصبيان وغيرهم، وذهب إلى سَرِف هذه، وعندما كان يتجه
إليها، من الذي جرى وراءهم؟ فتاة صغيرة هكذا، ابنة سيدنا حمزة، وهي تقول: فتاة صغيرة في التاسعة أو العاشرة من عمرها. يا عم، يا عم! على سيدنا علي، من هذه؟ إنها ابنة حمزة. فأخذها سيدنا علي. من يناقشه؟ يقول له: "لا، هذه ابنتي". هنا سيدنا جعفر الذي استشهد بعد ذلك في معركة مؤتة، وسُمي بجعفر ذو الجناحين فمات في مؤتة رضي الله تعالى عنه، فاختلفوا على
عليٍّ وجعفر، وقيل أيضاً عقيل دخل في الوسط كثيراً، فحكم لها بأن تكون مع جعفر لأنه هو متزوج خالتها. أتدرك؟ وأخذها جعفر. انظر إلى الناس وانظر إلى فهمهم أن هذا سيربي بنتاً، وهذه مسألة مهمة جداً ادخلوا بها الجنة، دخلوا الجنة من أوسع الأبواب واستشهد رضي الله تعالى عنه في مؤتة، جعفر هذا
وهي تجري وتقول يا عم يا عم، فيأخذها عليه وينازعه فيها جعفر، فيحكم النبي صلى الله عليه وسلم لجعفر بها لمكانة خالتها عنده، فالخالة والدة والخالة أم. فالمهم الحاصل أن سيدنا جعفر هذا هو ذهب إلى وعندما ذهب إلى الحبشة أسلم النجاشي، وكان جعفر هناك. وعندما كان النبي عليه الصلاة
والسلام في خيبر، ونحن ما زلنا في السنة السابعة، أرسل إلى الحبشة قائلاً: "يا جعفر تعال أنت ومن تستطيع إحضاره معك"، فجاء هو وستة عشر رجلاً في سفينتين، جاء هو ومعه ستة عشر رجلاً وهم في على اليمن أبو موسى الأشعري، يعني ماذا؟ سمع بأن النبي في خيبر فجاء هو والأشعريون وركبوا المركبين معه. فلما دخلوا عليهم، دخلوا عليهم في خيبر جعفر ومعه أبو موسى، وقلنا قبل ذلك ونحن نشرح كان معهم أبو هريرة، وهكذا أبو موسى الأشعري. فلما دخلوا على سيدنا النبي قام النبي فقبَّل. وعندما دخلوا
على سيدنا النبي، كان جعفر هذا معه ستة عشر من الذين ذهبوا. كم كانوا؟ كانوا ثمانين. حسناً، وأين ذهب البقية؟ بعضهم تسلل واحداً تلو الآخر إلى المدينة، وبعضهم بقي في الحبشة، وهم آباء المسلمين الموجودين في الحبشة إلى الآن. ستجد كثيراً من المسلمين هناك، أربعين إلى خمسين في منذ أيام الصحابة وأبناء الصحابة، وهؤلاء الصحابة قد تزوجوا وعن طريق العائلة انتشر الإسلام. فعندما وصل جعفر ووصل أبو موسى ووصل أبو هريرة، قسم لهم النبي وأعطاهم من الأسهم والأشياء في خيبر، فرضي الله تعالى عنهم
أجمعين. النبي عليه الصلاة والسلام أرسل يخطب السيدة ميمونة، من هي هذه السيدة ميمونة؟ بنت الحارث أخت من؟ أخت أم الفضل. ومن هي أم الفضل؟ زوجة سيدنا العباس، أم عبد الله بن عباس الذي هو العالم الكبير النحرير، وهو حبر الأمة. من هي أمه؟ أم الفضل بنت الحارث. ومن هي خالته؟ ميمونة بنت الحارث عليها السلام أم المؤمنين. فالنبي بعث جعفر بن أبي. طلب منه وقال له: "يا جعفر، اذهب واخطب لي ميمونة وقل لها هل توافق أم لا
توافق؟" فذهب سيدنا جعفر إلى ميمونة وعرض عليها، فميمونة على ما كان عليه العرب وإلى آخره، قالت: "وكّلت أمري للعباس" الذي هو زوج أختها والذي هو عم سيدنا النبي، وكّلت أمرها للعباس. المرأة عندما أمري للعباس تعني أنها وافقت، لكنها تمتلك بعض الحياء، فهي نعم موافقة. هذا هو الأمر، هل سنطيل الحديث؟ هي لم تقل لا، بل قالت: "أنا وكلت العباس"، أي أنها وافقت تماماً. لذلك أصبح العباس وكيلها في الزواج، وبذلك تكون قد وافقت عرفاً على الزواج. فأرسل من يحضرها
ودخل عليها في سَرِفَ الَّتي اثنان ينفعان، فَمَيْمُونَة عليها السلام بنت الحارث تكون خالة ابن عباس، وهي أخت أم الفضل، والوكيل الخاص بها في الزواج هو العباس نفسه الذي هو عم سيدنا صلى الله عليه وسلم. وتزوج النبي بالسيدة ميمونة في سَرِف أو في سَرِفَة، وبنى بها، وسافر بها إلى المدينة المنورة. ورجع النبي صلى الله عليه وسلم من عمرة القضاء بهذه الكيفية. عندما كنا قد تحركنا في ذي
القعدة واستغرقنا عشرة أو خمسة عشر يوماً في الطريق، ثم أقمنا ثلاثة أيام، وبعد ذلك مكثنا ثلاثة أو أربعة أو خمسة أيام في سرف، ثم أخذنا بعضنا ورجعنا مرة أخرى. وبذلك نكون قد بهذا الشكل سنة ثمانية تكون، إذاً نحن سنبدأ في السنة الثامنة. النبي عليه الصلاة والسلام في هذه السنة الثامنة أرسل لشخص في الشام أو قريب من الشام في مكان يُسمى بُصرى. قام بإرسال أحد صحابته، وهذا الصحابي اسمه الحارث بن
عمير. أرسل الحارث بن عمير إلى بُصرى لكي يقدم. الرسائل التي هي الخطابات النبوية التي مرة أرسلها إلى المقوقس ومرة إلى هرقل ومرة إلى البحرين ومرة إلى غيرهم وهكذا، يدعوهم فيها إلى الإسلام، فهذا يعني أن حاملها سفير، والسفير له حصانة في العالم كله، فاحذر من قتله لأن قتله سيسبب بلاءً ومصيبة كبيرة جداً، فاحذر من قتله، وهذا ما حتى لو استغاثت منه أو حدث معك شيء ما، فتقوم وتقول له: "لولا أن السفراء لا يُقتَلون لقتلتك"، أي أنك غاضب جداً منه، لكن احذر أن تقتله. كان العُرف العالمي
هكذا. فجاء الخبر إلى سيدنا النبي أنهم - أن شخصاً هناك كان اسمه شرحبيل بن عمرو قد قتل الحارث بن كان وكيل الروم في هذه المنطقة قد اغترَّ بنفسه على ما يبدو، فقام بقتل الحارث بن عمير. غضب النبي صلى الله عليه وسلم، وثانياً بالإضافة إلى أنها خسيسة، فإن قتل السفراء كان يعادل إعلان الحرب، كأنه يقول له: "لقد أعلنا عليك الحرب يا محمد". القوانين
الدولية جعلتني هكذا خائفاً. هكذا أكون قد خفت تماماً. هكذا أقول له: أنت سيدي وأنا سأطيع، فهل يستطيع العبد أن يقول شيئاً لسيده؟ لكننا لسنا عبيداً، ولا نحن ولا هذا الإنسان ولا هرقل ولا غيره سيدنا. ما هو سيدنا ولا شيء. فقتل السفير كان بمثابة إرسال رسالة واضحة غير مكتوبة بإعلان الحرب. أنا أعلنت عليك يا محمد، فالنبي صلى الله عليه وسلم جهّز جيشاً من ثلاثة آلاف مقاتل، وهذا أكبر جيش عربي تجمّع للعرب،
بل للمسلمين، لأنه دائماً كان جيش العرب أكثر من جيش المسلمين. جيش المسلمين كان في بدر ثلاثمائة وثلاثة عشر، وفي الأحزاب جاء عشرة آلاف واحد. كنا نحن كم إذاً؟ ثلاثة آلاف في مؤتة، وهي المعركة التي سيرسلهم فيها، ثلاثة آلاف شخص. يعني أيام الأحزاب، أكبر جيش إسلامي تكوّن هو هذا: ثلاثة آلاف إنسان، ثلاثة آلاف مقاتل. وذهبوا معاً، وقال لهم زيد بن حارثة قائد الجيش، فإذا مات زيد كان... النبي يشعر أنه بعده
سيكون جعفر، فإذا مات جعفر فعبد الله بن رواحة الذي كان يقول الشعر ويمسك السيف هذا، فإذا مات عبد الله قال: "فالله ولي على المسلمين" يعني واحد منكم إذن. فماذا حدث في مؤتة؟ هذا ما سنراه مفصلاً في حلقة قادمة إن شاء الله تعالى. ثلاثة آلاف كانت في مواجهتهم نحو مائتي ألف من الروم ومن معهم من العرب، وبالرغم من ذلك لم يستشهد في مؤتة من المسلمين سوى ثمانية عشر شخصاً. هذا يعني أن مؤتة غيرت موازين القوى بالرغم من عدم الانتصار وعدم الانهزام أيضاً. فالحمد
لله الذي بنعمته تتم الصالحات. إلى لقاء آخر، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته