#حديث_الجمعة | السيرة النبوية | سرية طي

#حديث_الجمعة | السيرة النبوية | سرية طي - السيرة, سيدنا محمد
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع سيرة المصطفى والحبيب المجتبى صلى الله عليه وآله وسلم نعيش هذه اللحظات، نلتمس منها الهدى والتقى والعفاف والغنى. فإن فضل رسول الله ليس له حد فيعرب عنه ناطق بفمه، صلى الله عليه وآله. وسلم تحدثنا
عن سرية طي في السنة التاسعة بعد فتح مكة وأن في هذه السرية وقعت سفانة بنت حاتم الطائي في الأسر حتى عفا عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فرحلت إلى أخيها الهارب عدي في الشام ونصحته بأن يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت له والله يا عدي لو أن أباك كان حيًا ما فعل مثل ما فعل محمد. عدي عنده حاتم هذا شيء كبير أبوه وكريم العرب ليس هناك مثله. فقالت له هكذا، قالت له: "والله يا عدي لو أن أباك كان حيًا ما فعل أكثر مما فعل محمد
صلى الله عليه وسلم". فاستشعر عدي وذهب إلى المدينة من غير سابق اتفاق ولا أمان ولا تأشيرة، يعني مخالف بالإجراءات الحديثة التي نعرفها، فيكون مخالفاً لأنه عبَر وهو مطلوب القبض عليه. لكنه ذهب هكذا متوكلاً على الله كما نصحته أخته. وتحدث أهل المدينة أن عدياً قد وصل، فخرج له رسول الله حتى لاقاه فأخذه من يده عندما أخذ سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده، فقد حصل على التصريح. طه الأمر فأخذه من يده واطمأن عديم. عندما مشى معه لم يذهب به إلى المسجد وجلسا، فهذا يعني
أن الأمر رسمي. لا، بل ذهبا إلى البيت، أوه هذه مسألة أخرى. قال: فلما دخلتُ وجدتُ وسادة من لا يوجد شيء، أي أنه قد اعتاد على القصور المزينة بالذهب وما شابه، فوقع في قلبي أنه لا يفعل ذلك إلا نبي الله. إنه نائم على قطعة حصيرة وقطعة وسادة، وإذا كان على سرير، فهو سرير من سعف النخل. قال: والله ما يفعل هكذا إلا نبي، هذا ما
كان في يا عدي ممَّ تهرب؟ أتهرب من "لا إله إلا الله"؟ قال: والله إني لأعلم أنه لا إله إلا الله. قال: يا عدي ممَّ تهرب؟ أتهرب من أني رسول الله؟ آمركم بمكارم الأخلاق. انظر إلى هذا المدخل، فها هو يعيش طوال عمره يقول: نحن أصحاب مكارم الأخلاق، نحن أصحاب مكارم الأخلاق. في غير مكارم الأخلاق قال إن أبي
كان يحب مكارم الأخلاق. قال له: "طيب، أفررت من الإسلام؟" فقال: "نحن أسلمنا وجهنا لله"، يعني ما أنا أيضًا على ديانة، وهذه الديانة أنا أسلمت وجهي لله فيها، نحن أسلمنا وجهنا لله. قال: "أو أنت على دين؟" قال: "نعم". قال: "ألبست من الأريسيين؟" قال: "أتعلم الآريسيين؟" هؤلاء الآريسيون هم جماعة قليلة من الناس، والمسيحية لا تعترف بهم، أي بحقيقة نبيهم سيدنا عيسى وكل شيء. لكنه قال: "وإذا كنت
من الآريسيين فلماذا لا تتبع دينهم؟" قال: "وكيف لا أتبع دينهم؟" قال: "ألا تأخذ المرباع من قومك ودينك يحرمه؟" المرباع هو شيء مثل الضريبة. لكي تكون قريبة أي شيء مثل الضريبة، قال له: "أنت لا تأخذ الضريبة من قومك ودينك يقول لك لا تأخذ منهم شيئاً: (قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى)، دينك يقول هكذا". قال: "فعرفت أنه يعرف ما يجهل، ولا يعرف ما يجهل إلا نبي" أول ما قال. له: أنت لا
تأخذ المرباع من قومك، أهذا هو دينك؟ أنت تقول أنا قسيس متدين، حسناً، والكتاب المقدس يقول لك لا تأخذ، فلماذا تأخذ إذاً؟ "أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض؟" قال: إذاً أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. قال: فلما قلتها انفرجت أساريره وفرح كثيراً ابن حاتم دخل الإسلام ومنّ الله عليه بالإسلام، وكان عابداً ومخلصاً أيضاً، لكنه كان يقع في بعض الأخطاء مثل مسألة المرباع هذه. ومع ذلك كان مخلصاً، فالنبي عليه الصلاة والسلام رأى فيه الإخلاص، وكان النبي يحب أن يقول: "خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا". فجلستُ عنده، فجاءه
رجلٌ. كل هذا في سنة تسع يا إخواننا، كل هذا بعد سرية الطائف وما شابهها، وريثما تحركت سفنه وجاء هو وما يتعلق به، يعني في شهور. ها نحن في منتصف سنة تسع. قال: فجاءه رجلٌ يشكو إليه الفاقة. قال له: لقد تعبنا الآن يعني، حسناً. ثم جاءه يشكو إليه قطع الطريق، ويقول له: كثيراً ما يخرج علينا أناس يسرقوننا ويضربوننا ولا يوجد أمن، فيكون هذا هو الجوع والخوف اللذان ذكرهما ربنا في القرآن. فقال صلى الله عليه وسلم: "يا
عدي، امتد بعمرك وانظر"، والكلام دقيق بعض الشيء. "يا عدي، أطال الله في عمرك، فترى الظعينة المسافرة"، والظعينة فترى الظعينة تسير من الحيرة إلى بيت الله تحجه لا تخاف إلا الله والذئب على غنمها، يبقى في أي أمن، وليفتحن الله عليكم خزائن كسرى بن هرمز الذي في فارس، وليجلسن الرجل في حجره ذهباً في حجره، وليجلسن الرجل في حجره الذهب
يطوف به على الناس فلا يجد من يأخذه. قال: فرأيت الظعينة بعيني رأسي بعد ذلك، ثم بعد انتقال النبي صلى الله عليه وسلم، تسير من الحيرة إلى البيت الحرام لا تخاف إلا الله والذئب على غنمها. لقد تحقق الأمن، وكنت ممن فتح كنوز كسرى بن هرمز. ولئن مدّ الله في أعماركم - وهو يقول للتابعين - لترون الثالثة صلى الله عليه وسلم، وقد كان في عصر عمر بن عبد العزيز يطوف أحدهم بما في حجره من ذهب فلا يجد
من يأخذه، وسيدنا عمر بن عبد العزيز نادى في الشباب حينئذٍ حين تكونت الزكاة ولم نجد مصارف للزكاة، نريد أن نغير ما هو ضروري لكي نطبق الشرع، فنادى في من كان يريد أن نعينه على زواج زوجناه، فصرف الذكاء في الزيجات. النبي صلى الله عليه وآله وسلم بهذا الكيف جلس عنده عدي يتعلم منه ويناقشه، وكانت قصة عدي هذه قصة تبين أن المسلمين قد اشتغلوا بتبليغ الدعوة وبتعليم الدين بعد فتح مكة اشتغالاً تاماً،
وأنهم اطمأنوا وأن... الأمور استقرت والحمد لله رب العالمين، إلا أننا ذكرنا شيئاً قبل ذلك في مقتل سفير رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم. نعيش هذه اللحظات نلتمس من هداه ومن أسوته الحسنة ومن شريف حياته في مواقفه، في سكناته، في حركاته. لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان. يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرًا، وكنا قد وصلنا إلى السنة التاسعة، وهذه السنة بعد فتح مكة استقرت فيها الأمور، واشتغل فيها المسلمون أغلب أوقاتهم بالدرس والتدريس ونقل الأحكام وتعليم الديانة والأخلاق. ومن المعلوم أن
دين الإسلام قد اشتمل على مصادر هي القرآن وسنة النبي المصطفى والحبيب المجتبى صلى الله عليه وسلم. أما القرآن، فآيات الأحكام فيه لا تزيد على ثلاثمائة آية، وبقيته وهو أكثر من ستة آلاف آية كلها في الأخلاق المرتبطة بالعقيدة. ثلاثمائة على ستة آلاف تُعادل خمسة في المائة. والسنة، ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو ستين ألف حديث، ألفان منهم. في كل الشريعة والباقي في الأخلاق المرتبطة بالعقيدة بالله وإحسان النية والإخلاص له برجاء
الثواب بخوف العقاب والحساب، ولذلك فهي لا تزيد عن ثلاثة في المائة، وبقية الدين خمسة وتسعين في المائة، أو سبعة وتسعين في المائة في الأخلاق. هذا هو الذي تعلمناه فدخلنا الدين من قبيل بسم الله الرحمن دخلنا الدين من قبيل قول النبي: "يا عائشة، إن الرفق ما دخل في شيء إلا زانه، وما نُزع من شيء إلا شانه". دخلنا الدين من قوله: "إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، ومن قوله: "إنما أنا رحمة مُهداة"، ومن قوله: "الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى، ارحموا من في الأرض يرحمكم من يوم القيامة تتحقق
دعوة المظلوم ولو كان كافراً إلى آخر ما هنالك. أساس الهرم، فلما وصلنا إلى أعلاه وقرأنا قوله تعالى: "وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين"، عرفنا معناها وأنها تكليف وتربية وإعداد وسماح لنا بالدفاع عن أنفسنا مع حرمة العدوان. أما من... لم يتعلم الديانة وقرأ وحده مع شيطانه، فانقلب الهرم عليه وجعل الأساس قمة والقمة أساساً، فضاع وأضاع، ورأيناه وهو يشوه صورة الإسلام في العالمين. كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحسّن
صورة الإسلام في العالمين حتى أسلم الناس على يديه، أما الذي يتخذ العنف سبيلاً ويهدم ما فعله الرسول. الله صلى الله عليه وسلم ويحكم بالبطلان على الديانة بأسرها ديانة المسلمين فإنه ملعون في الدنيا والآخرة. بعض الناس يتساءل: "ما هذا؟" أو "هل هذا من الدين؟" والفاجر يقول: "نعم، هو من الدين". خسِئَ وخسِئَ مسعاه، وضلَّ سعيه. ما هذا من الدين، بل إنه قلب الدين رأساً على عقب بعد ذلك تكلم عن الأساس الذي أسس لنا به العلماء الأتقياء الأنقياء الأولياء وهو أنه "فمن شاء فليؤمن ومن
شاء فليكفر" و"لكم دينكم ولي دين" و"ما على الرسول إلا البلاغ" و"لست عليهم بمصيطر". ولكن هذا جاء يبتر الآيات فيقول "واقتلوهم حيث ثقفتموهم" ولم يتكلم عن "وأخرجوهم من حيث أخرجوكم" و"والفتنة القتل، ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه، فإن قاتلوكم فاقتلوهم. هذا هو الذي أباحه لنا الإسلام: الدفاع ورد العدوان ورفع الطغيان. لكنه يأخذ من هنا ومن هناك، ويلتقط من هنا ومن هناك. أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض؟ فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا. ويوم القيامة يُردُّون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون. شوَّه الإسلام، وكل
من أراد أن يشوِّه الإسلام ضيَّع الله عمله حتى لو كان صالحاً. فالحجاج بن يوسف الثقفي أقر العمارة وكتب المصحف وجزَّأه ونشر الدين، إلا أنه كان بتاراً جباراً وقتل سعيد بن جبير. الحجاج دخل عليه طفل. فقال: "أمعك شيء من القرآن؟" قال: "نعم". قال: "اقرأ". وكان الحجاج في الأصل مُحفِّظاً للقرآن في سقيفٍ في الطائف، كان هو وأبوه فاتحَيْن كُتَّاباً. فقال: "إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يخرجون من دين الله أفواجاً". فقال: "يا ولد، يدخلون". قال:
"هذا كان على أيام النبي، وأما في أيامك يَخرجون اغتاظَ منه الحجاج وهو طفلٌ صغير، لكن هذه القصة فيها حكمة أن الحجاج بن يوسف الثقفي شوَّه الصورة، وكأن الإسلام يدعو إلى القتل، وكأن الإسلام يستهين بالدم. ولذلك حتى لو خَلُصَت نيته بأنه يريد الاستقرار أو يريد كذا إلى آخره، فإنه شوَّه الصورة. هذا هو الذي يقوم به بعض... الخوارج ممن حذرنا منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قال: "الخوارج كلاب النار" فيما أخرجه البزار. إذ في
السنة التاسعة استقرت الأمور وبدأ رسول الله وأصحابه يشيعون في الناس الخير ودخل في دين الله أفواج كثيرة، ولكن تكلمنا قبل ذلك في مؤتة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل سفيراً له كان اسمه الحارث بن عمير الأزدي فأخذه شرحبيل بن عمرو الغساني وقتله، شيء لا يصدقه عقل. قتل السفراء لا يجوز حتى لو كان كافراً، حتى لو كان فاسقاً، حتى لو كان عدواً، لا يجوز.
فالنبي صلى الله عليه وسلم أرسل للثأر زيد بن حارثة ومات زيد. ومات جعفر ومات عبد الله بن رواحة واستطاع خالد أن يلملم الجيش ويعود، ولكن كانت مؤتة لها أثر حسن في سمعة المسلمين أنهم ذهبوا بثلاثة آلاف فقط إلى الروم. بدأت أخبار تأتي مع الأنباط، هؤلاء موجودون في الشام، ماذا يفعلون؟ يأتون ليبيعوا لنا الزيت، فمع الأنباط يأتون ليبيعوا الزيت. الزيتون في الشام مشتهرة كلها بزيت الزيتون وأشياء أخرى، فهم قاعدون
يتسامرون فيما بيننا واشترينا ذلك ونسهر. عرف المسلمون أن شُرحبيل هذا هو الغساني، أي أنه يُعِدّ جيشاً لغزو المدينة، وأن هرقل بعد فتح المدينة غاضب، وقالوا: "وبعد ذلك إنه جالس يأخذ كل فترة قطعة"، فجهز جيشاً من أربعين. ألَّفَ وضمَّ إليهم قبيلةً اسمها لخم وقبيلةً أخرى اسمها جذام، لخم وجذام وهكذا، وأربعين ألف فارسٍ من فرسان الروم قادمين لكم. هذا الكلام يأتينا من طريق مَن؟ من طريق التجار ومن طريق الأنباط ومن
طريق سراياه. هكذا بدأت تأخذ شكلاً، وكان سيدنا عمر خائفاً، فمرةً جاءه أحدهم يقول له هذا... النبي عليه الصلاة والسلام طلق زوجاته فطرق (الباب) فقام إليه وقال له: "هل أتى الغساني؟" يعني هل جاء متأهباً بشدة كأنه يخبرهم بأن هناك خطراً داهماً قادماً إليهم. كانت هذه بدايات غزوة تبوك التي لم يقاتل فيها المسلمون، بل أرعبوا الرومان وعادوا بسلام، والحمد لله رب العالمين. انتهى الوقت مع صلى الله عليه وسلم يسير سريعًا، ولذلك فإلى لقاء آخر، نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.