#حديث_الجمعة | السيرة النبوية | فتح مكة والأحداث التي تلتها

#حديث_الجمعة | السيرة النبوية | فتح مكة والأحداث التي تلتها - السيرة, سيدنا محمد
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع سيرة المصطفى والحبيب المجتبى صلى الله عليه وآله وسلم نعيش هذه اللحظات، نستهدي من سيرته الشريفة المنيفة ما نعيش به في حياتنا، فيخفف عنا آلامنا ويعلمنا صلى الله عليه وسلم في كل سكناتنا.
وحركة ما نحيا به ونتقرب به إلى ربنا فنفوز بسعادة الدارين، فاللهم صلِّ وسلم على سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم. وصلنا في السيرة إلى فتح مكة، ومكة تحرك النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان فوصل إلى مَرِّ الظهران وهي على بُعد ليالٍ قليلة من مكة، ليلتين أو نحو في السابع عشر من رمضان ودخل مكة في العشرين من رمضان، فنحن نحتفل في العشرين من رمضان بفتح مكة،
وذلك في السنة الثامنة من الهجرة النبوية الشريفة. تحدثنا عن حاطب بن أبي بلتعة الذي أراد أن يوجد لنفسه شيئاً في مكة، فأرسل امرأة بخطاب، هذا الخطاب يقول فيه لأهل مكة. أن محمداً يجهز لكم الجيوش. وأقسم حاطب رضي الله تعالى عنه للنبي صلى الله عليه وسلم في حضرة مجلس القضاء، وكان موجوداً سيدنا عمر وموجودون كبار الصحابة: "دعني يا رسول الله، فهو مثل عضو يسار وعضو يمين، أقتل هذا المنافق". قال: "لعل الله أن يكون قد اطلع على أهل بدر". فقال: "افعلوا ما شئتم فإني قد غفرت لكم". وأخذ
العلماء من هذا أن الجاسوس قد لا يُقتل حتى ولو كان في زمن الحرب، فالأمر فيه موكول للإمام. وقتل الجاسوس ليست مسألة تتعلق بجريمة فقط، بل هي جريمة تتعلق بالسياسة، وكل ما كان يتعلق بالسياسة جاز للإمام أن يخفف الإعدام وأن... يعفونها، ولذلك أخذوا من حديث حاطب بن أبي بلتعة، وقد رُوي بواحدٍ وعشرين رواية في مسند الإمام أحمد، وجديرٌ بأحدهم أن يجمعها وأن يشرحها لأنها تُؤثر في التشريع الحديث تأثيراً بيِّناً، بل
وتُغير صورة الإسلام عند غير المسلمين، فالنبي صلى الله عليه وسلم مع الجرم الكبير الذي وصل إلى حد... الخيانة العظمى والذي أباح دماء البشر جميعهم، عفا عن حاطب فأصبح في جيشه ودخل مكة. البنت التي كانت تحمل الخطاب كان اسمها سارة وكانت تعلم ما في الخطاب، فهي شريكة في الجريمة، فوضعها النبي صلى الله عليه وسلم في قائمة المطلوبين للقتل. وكان المطلوبون للقتل كما يقول ابن حجر العسقلاني... ثمانية رجال وست نساء،
أربعة عشر شخصًا، أربعة عشر من بني آدم. النبي عليه الصلاة والسلام قال: "اقتلوهم ولو وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة". لماذا؟ لأنهم قتلوا ولأنهم آذوا وحاربوا وهكذا. ولكن عفا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثرهم، وممن عفا عنهم سارة هذه، حيث توسطوا له وقالوا له: إلى الله قال: من تاب الله عليه. فسارة التي حملت الخطاب كانت مطلوبةً قضائياً، ولكن مع هذا الطلب عفا رسول الله عنها. ومن هنا أخذ العلماء أن
الإمام يستطيع أن يعفو عن أحكام الإعدام، وجارٍ به العمل في بلاد المسلمين إلى يومنا هذا، فبعد أن يُصدر حضرة القاضي حكم وبعد أن يصادق فضيلة المفتي على هذا، وبعد أن يحكم القاضي الحكم النهائي ويحدث النقض والإبرام، تُرفع الأوراق إلى رئيس الجمهورية الذي هو الإمام ليقرر إن كان سينفذ الإعدام أم لا، وذلك حتى يومنا هذا. ومن طريف ما حدث في عصرنا الحديث أن سوار الذهب، رضي الله تعالى عنه، كان عبد الرحمن سوار الذهب تجمّعت عنده قضايا الإعدام فلم يأذن
بإعدام أحد أبداً حتى مضت مدته، حتى لا يكون قد وقع ولو في خطأ، والخطأ معفو عنه هنا، إلى أن سلّم لمن بعده الأمانة وقال له: "هؤلاء ابحثوا فيهم، أنا ليس لي دعوة"، تحرجاً من الدماء. عنه في ثمانية من الرجال وست من النساء. وصل رسول الله إلى مر الظهران ونحن في رمضان، فأفطر وأفطرت الصحابة معه. إذن يجوز للمسافر وللغازي وللمجاهد في سبيل الله الفطر في رمضان. مكث رسول الله صلى الله
عليه وسلم ليالي في مر الظهران، وفي هذه الليالي لم يكن محرماً فلم. يكن قد طلب مكة معتمراً ولم يكن طلب مكة للشعيرة وإنما طلب الفتح الكبير بناءً على الخلل الذي ذكرناه من قريش عندما أخلّت باتفاقية الحديبية. في مر الظهران كان يخرج أبو سفيان ويخرج بديل بن ورقاء. تذكرون بديل بن ورقاء جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
ينبئه بخيانة. مكة وضد خزاعة، فأبو ديل واقف مع سيدنا الرسول، وعندما أراد العودة لم يرضَ أن يخبر أبا سفيان أين كان، حتى اكتشف أبو سفيان من روث البعير أن هذه علف النوى، وهي علف يثرب أو علف المدينة المنورة، فقال: لقد أخبر محمداً بديل بن ورقاء. ومعه أبو سفيان خرجوا. يتحسسون ويتجسسون عن جيش محمد أو عن غيره، ففي مَرِّ الظهران كان النبي قال لمن معه: "أوقدوا النار"، فاشتعلت
نار عظيمة جداً. فقال: "ما هذا؟ هذه نار عظيمة، من أين أتت؟" عمَّى الله أخبار النبي كما أراد النبي صلى الله عليه وسلم، عمَّى الله أخبارهم عن قريش، فقال له بديل. بن ورقاء هذه خزاعة. قال: خزاعة هذا كله خزاعة. أهون عند الله من أن يكون هذا نارها. ما هو بديل بن ورقاء خزاعي، يعني شتمه، يعني يقول له: هذا تجده الناس الذين معنا. قال له: قومكم، هؤلاء ماذا أيضاً؟ أنتم لا تساوون شيئاً. كأنه أبو سفيان. يقول للبديل هكذا، فالبديل صَمَتَ. خلاص ماذا أفعل؟ فخزاعة صغيرون بالفعل مقارنة بقريش. فمن كان يمشي بجانبهم سمع
الحوار. إنه سيدنا العباس عم النبي. ماذا كان يركب؟ كان يركب ناقة سيدنا النبي. وكان النبي يعامله مثل أبيه، يعني كأنه والده. فعم الرجل مثل أبيه. أتعلمون نقاط قوة النبي؟ ما معنى ذلك؟ أيعني جواز سفر؟ أيعني حماية؟ أيعني أنه قادم في طائرة الرئاسة؟ أيعني أنه لن يمر على الجمرك؟ أيعني أنه لن
يمر على صاحبه ومن والاه؟ سمع العباس حوار أبي سفيان مع أبي ذيل بن ورقاء فقال: الدنيا مظلمة، لا توجد كهرباء، وفي أي يوم نحن الآن؟ ما سبعة عشر، أي ليس يوم ثلاثة عشر أو أربعة عشر أو خمسة عشر. ما هذه الأيام؟ هذه الليالي يكون فيها القمر بدراً، فينير الدنيا وتستطيع أن ترى بعض الشيء. لكن في ستة عشر وسبعة عشر ينكسر هذا
الضوء ويخف وينتقل إلى الناحية الأخرى. فقال: من هذا؟ عندما سمع أبو سفيان العباس الفضل بن العباس أبو الفضل عرف صوته، فقال له: "أهو أنت يا أبا سفيان؟" قال له: "نعم". قال له: "ما شأنك؟ لماذا أتيت إلى هنا؟" قال له: "لماذا أتيت إلى هنا؟ هذا محمد وجيشه". قال له: "محمد وجيشه، فما الحيلة إذن؟ نحن لا نقدر عليهم هكذا، خلاص، فما..." الحيلة قال له الحيلة أن تركب خلفي وأن
أستأمن لك رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: ألا توجد غير هذه الحيلة؟ يعني يصعب عليه أن يُهزم هكذا. قال له: يوجد بديل عنها وهو أن يضرب عنقك، يضرب عنقك لأنك آذيت الناس كثيراً. فذهب قافزاً على البغلة، على بغلة. دخل النبي ومعه العباس معسكر المسلمين، فسألوا: "من هذا؟" فأجابوا: "إنه عم النبي صلى الله عليه وسلم، ومعه بغلته". هذه البغلة
تشبه طائرة الرئاسة، أي أنها معفاة من التفتيش. عندما تدخل من بوابة الرئاسة، لا تخضع للتفتيش. فتركوه يمر، إذ لم ينتبهوا إلى هوية أبي سفيان ومظهره. ماذا حتى ولا شيء في الطائفة الثانية، الحراسة الثانية واقف؟ من الذي يقف إذاً؟ الكبير سيدنا عمر. سيدنا عمر إذاً يتجول واقفاً. قال: من هذا؟ قال: العباس. قال: ومن معك؟ ليس كالأوائل الذين خافوا من العباس ومن البغلة، لكن سيدنا عمر، العباس راكب بغلة رسول الله، لا يصح، فهذه القرابة. من القيادة يعمل هكذا، يعمل الحالة النفسية هذه، القرب من القيادة.
نعم، أنت يا عباس تمشي، وهذه بغلة رسول الله تمشي. من الذي وراءك الآن؟ فقال وهم ينظرون إليه هكذا: إنه أبو سفيان عدو الله. حسنًا، انزل الآن لأقتلك، انزل من البغلة لكي أقتلك. فأسرع العباس بالبغلة. ماذا أفعل؟ وبعد أسرع العباس بالبغلة وعمر يجري وراءه، فسبقت البغلة ودخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي أثره عمر. قال له: "يا رسول الله، أبو سفيان يستأمنك وأنا أجرته لكي ننتهي". فقال عمر: "يا رسول الله،
لا تُجِرْه، هذا من غير عهد ولا وعد، هذا عدو الله". فلما... سيدنا العباس خاف من كلام سيدنا عمر لأنه كلام، يعني حتى الآن كلام، يعني الرجل لم يُسلِم بعد. قال: "ما لك يا عمر ولأبي سفيان؟ اترك الرجل في حاله". قال: "والله يا عباس إنك لتعلم أني فرحت بإسلامك لفرح رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسلامك، وأن إسلامك عندي..." لَهُوَ أقرب من إسلام الخطاب، لو
أسلمَ الخطابُ ماتَ كافراً أبوه. قال له: أنا أحب أن تُسلِم أكثر من أبي، لأن رسول الله كان يحب أن تُسلِم أكثر من أبي. يبقى سيدنا عمر ذاب في رسول الله حباً، ذاب ذوباناً هكذا في حب رسول الله كما يريد رسول الله. هو يحب النبي عليه الصلاة والسلام، وجد هناك احتداماً في المناقشات بين اثنين من الكبار، العباس هذا في مقام أبيه، وعمر هذا يده اليمين. قال: "أرجئه عندك إلى الغد واقتنِ به". لكي يهدأ الجو عندما تحتدم المناقشات في الاجتماعات، فكوها وأجلوها، قولوا: "هيا
نؤجلها لوقت لاحق"، يكون هناك. ساعةً ما، تهدأ النفوس وتصبح أكثر تدبراً وهكذا إلى آخره. يعني يعلمنا في الاجتماعات والمجالس وأمثالها، أنه عندما يحتدم النقاش، أن ننهي الاجتماع ونؤجله إلى الغد، ريثما تهدأ نفوس الناس وتتروى بدلاً من الانفعالات من هنا وهناك. وبالفعل، أخذ سيدنا العباس أبا سفيان واستضافه عنده في الليل. وفي الصباح بعد صلاة الفجر أحضروا لسيدنا صلى الله عليه وسلم فقال: "يا أبا سفيان، أما آن لك أن تعلم أنه لا إله إلا الله؟" هذه صعبة. فقال
له: "ما أكرمك وما أحلمك وما أحلاك! أو رأيتني لو كنت لا أعلم أنه لا إله إلا الله كنت فعلت كذا؟" وهكذا قال له: "حسناً، يعني أنت مصدق أنه لا إله إلا الله؟" قال له: "نعم". "وهل هذا كلام؟ هل فيها كلام؟" قال له: "يا أبا سفيان، أما آن لك أن تشهد أن محمداً رسول الله؟" قال له: "أما هذه ففي القلب منها شيء"، وأشار له هكذا. ومن كان واقفاً وراءه؟ قال له العباس: "انطق بالشهادتين يا لئيم
من أجل من أجل من أجل عائشة". فقال العباس: "أوقفه عند أنف الجبل. أنف الجبل هذا هو حيث يكون الجبل هكذا، ثم يبرز منه جزء يضيق
الطريق، فيسمونه أنف الجبل". قال له: "أوقفه عند أنف الجبل حتى يرى الناس وهي داخلة". فوقفوا عند فتأتي أناس مدججة بالسلاح والأدوات وأشياء كثيرة لم يرها من قبل، فيقول له عباس: "من هؤلاء؟"، فيقول له: "هؤلاء بنو مزينب"، فيسأل: "ومن هؤلاء؟"، فيقول له: "هؤلاء بنو سليم"، فيقول: "الله! إذن من هؤلاء الذين وراءهم؟"، فيقول له: "هؤلاء بنو..."، فيرد: "وما شأني أنا بهؤلاء القوم؟ الله! أنتم قد أثرتم أجنبي: لقد جعلتم كل العرب يأتون، حسناً، وأنا ليس بيني وبين هؤلاء الناس أي علاقة. حتى مر أناس يرتدون الخوذات ولا يظهر منهم سوى عيونهم، ويلبسون كل أنواع السلاح وهكذا. قال له: من هؤلاء؟ فأجاب: لا تقبل أي أحد
سوى هذه المجموعة فقط، هكذا فقط. من هؤلاء؟ قال: هذا رسول. الله في المهاجرين والأنصار فارتعب أبو سفيان وقال له: ما هذا كله؟ وكيف وجاء من أين؟ قال: يا أبا سفيان إنها النبوة. فقال: إذاً هي النبوة. وأسلم أبو سفيان إسلاماً صحيحاً وحَسُنَ إسلامه من أنف الجبل، ودخل الإسلام حقيقةً، أي لم يدخل الإسلام كلاماً فقط، بل دخل الإسلام حقيقةً عندما رأى هذا وقال له هذه النبوءة فقال نعم، إذاً هذه النبوءة. إلى لقاء آخر، أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
    #حديث_الجمعة | السيرة النبوية | فتح مكة والأحداث التي تلتها | نور الدين والدنيا