#حديث_الجمعة | المدينة المنورة كانت خالية من قبائل اليهود وليس اليهود

#حديث_الجمعة | المدينة المنورة كانت خالية من قبائل اليهود وليس اليهود - السيرة, سيدنا محمد
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع أنوار النبي المصطفى والحبيب المجتبى صلى الله عليه وسلم نعيش هذه اللحظات، نتلمس من هدايته ما نعيش به في عصرنا ومصرنا بما يشرح الله صدورنا وأفهامنا لفهم هذا النبي العظيم وما تركه لنا. وكيف يدرك في الدنيا
حقيقته قوم نيام تسلوا عنه بالحلم؟ هذا سيدنا عظيم جداً، ولذلك سيظل مورد هداية إلى يوم الدين هناك. وقد وصلنا إلى السنة الخامسة وانتهينا من سرد أحداث الخندق وما حدث فيه في معركة الأحزاب وفي هزيمته المنكرة، وفيما حدث بعد ذلك من تطهير المدينة من... اليهود بعد خيانة ثبتت عليهم قضاءً وصدر فيهم حكم العدالة ونُفِّذ، وأصبحت المدينة خالية من قبائل اليهود وليس من اليهود، نتعامل مع منظمات
مع دول، مع قبائل، مع كيانات. وعندما نتعامل مع الكيانات فهناك ما يسمى في القانون - وهو مشهور عند الدارسين له - مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعيه. في فى الكيانات أما الأفراد الأفراد كل واحد مسؤول عن نفسه. كل فرد مسؤول عن نفسه ما لم ينضم إلى كيان. فإذا انضم إلى كيان كانت هناك مؤاخذة للكيان كمؤاخذة المتسبب والمباشر عند القتل. فعندما يقتل شخص ما، نقول له: تعال، من الذي قال لك
اقتل؟ فيقول: فلان ودفع لي. وأعطاني المسدس ليكون فلان مسؤولاً. جاء وقال: "أنا لم أقتل". قلنا له: "نحن نعلم". قال: "لماذا تظلمونني إذن؟ هو الذي قتل". فيقوم بقتل المباشر الذي هو القاتل الفعلي، والسبب الذي هو المحرض والمسهل. ويقول سيدنا عمر: "لو تمالأ عليه أهل اليمن لقتلتهم به"، في قتل الجماعة بالفرد، أي جماعة. قتلوا شخصاً فتُؤاخذ الجماعة كلها؛ واحد أمسك بيده، والثاني أحضر السلاح، والثالث ضربه، والرابع حمل الجثة، فيُؤاخذ الجميع. هكذا في الفقه، هكذا ديننا، وهكذا القانون أيضاً، حيث
أن السبب والمحرض والمباشر كلاهما يُؤاخذ. كان لدينا في التاريخ الحديث - كي نفهم - شخص كان اسمه إبراهيم الورداني. وإبراهيم الورداني هذا كان، رحمه الله، يعمل صيدليًا في منطقة الحلمية. إبراهيم الورداني كان يعمل صيدليًا في الحلمية، وقد غضب من بطرس غالي باشا الذي كانت له توجهات معينة، وكان قاضيًا في محاكمة دنشواي هذه
هذه قضية وطنية اعتدى فيها الإنجليزي المحتل على المصري المسكين، ومن تولى هذا الأمر هو مصطفى باشا. كامل وذهب إلى فرنسا وغيرها، وكانت هذه الحادثة سبباً في وفاة مصطفى كامل لأنه أجهد صحته في الدعوة إلى محاربة الاحتلال الإنجليزي لمصر وفضح ألاعيبه. ففي مسألة أو قضية دنشواى كان من بين القضاة بطرس غالي، ومنهم أيضاً شخص اسمه فتحي زغلول الذي كان يكون ماذا إذاً؟ أخو سعد زغلول، أخو سعد زغلول مستشار، وحكموا على المصريين
بماذا؟ بالإعدام. من أهل دونشواى إبراهيم الورداني، يعني غضب، فجاء موقف آخر لبطرس غالي، فقرر قتله، قرر قتله وترصد له وهو نازل هكذا، ضربه بالنار وقتله. يعني إبراهيم الورداني قتل بطرس باشا غالي. بطرس غالي معروف أنه هو... يعني يميل قليلاً. الإنجليز ذهبوا إلى إبراهيم الورداني هذا. قبضوا عليه، وعلى من أيضاً؟ على لا شيء، لا يوجد أحد معه. لماذا؟ لأن إبراهيم ليس تابعاً لجماعة. إبراهيم ليس تابعاً لجماعة. هذا إبراهيم
صيدلي في الحلمية، غضب من شخص مواطن مثله اسمه بطرس غالي. إبراهيم الصيدلي. قُتِلَ بطرس غالي المستشار وانتهى الأمر، فقبضنا على مَنْ؟ على إبراهيم الورداني. الشعب مع مَنْ؟ مع إبراهيم الورداني. العدالة مع مَنْ؟ مع بطرس غالي. هل فيها شيء اسمه أنه دجاجة فيذهبون ليقتلوه؟ لا، ولكن عندما جئنا لنقبض، قبضنا على مَنْ؟ على إبراهيم الورداني. ولماذا لم نقبض على الجراد ولا على أبيه؟ ولا على أمه ولا على إخوته ولا على الرجل الذي بجانبه في الصيدلية، ربما كان يعمل بقالاً. هم
لا علاقة لهم بالأمر، "ولا تزر وازرة وزر أخرى". وإبراهيم الورداني يا أخي، هذا - رحمه الله - وقف الشعب معه، لكن صدر الحكم ضده بالإعدام لأنه قتل عامداً متعمداً مع سبق الإصرار والترصد بطرس باشا. غنيٌّ والحُكم صَدَق عليه وتمَّ واتخذ إجراءاته، فماذا فعل الشعب بعد ذلك؟ خرج يُغنّي. الشعب المصري خرج يُغنّي أغنية لا يزال يُغنّيها حتى الآن: "قولوا لعين الشمس لا تحترق، حتى لا يخرج حبيب القلب ماشياً". مَن هو حبيب القلب؟ إنه
إبراهيم الورداني. هل انتبهت؟ مضت أيام وجاءت أيام، وكانت هناك جماعة اسمها جماعة الإخوان المسلمين. قاضٍ اسمه أحمد الخزندار، وأحمد الخزندار هذا رحمه الله تعالى كان مستشاراً أيضاً، مثل بطرس باشا غالباً، مستشار حكم في قضية عليهم بالسجن فغضبوا. فالجهاز الخاص الذي كان أساساً مُنشأً لأي شيء؟ ليقاوم الإنجليز ويقاوم اليهود، ذهب وقتل أحمد الخزندار، قتل المستشار أحمد الخزندار. فقامت الحكومة بجمع هذا الكيان فتساءلوا. قالوا يا جماعة، أنتم عندما قبضتم على إبراهيم
الورداني، هل من المعقول أن تكونوا قد قبضتم علينا جميعاً؟ لماذا هكذا تقبضون على المئات دون سبب؟ قالوا لهم: لأنكم كيان. لم يستوعبوا، لم يفهموا، ليسوا راغبين في فهم أنك كيان. فكّك الكيان. الذي سيقتل الخزندار سنمسكه، سنقتل فقط وانتهى الأمر. فكّك الكيان فقط وعِش. حياتُكَ وكلامُكَ ليسَ مثلَ سيدنا النبي، لأنَّ سيدنا النبي حاسَبَ بالكيانِ. فكلُّ واحدٍ من بني قريظة الذين صدرَ ضدهم الحكم كان مشاركاً في الخيانة لأنه منتمٍ إلى كيانٍ. تبرأ يا أخي من الكيان وأنا آخذك أنت وحدك، لكن الكيان يا إخواننا يُحاسَب في العالم كله وإلى يومنا هذا وأكثر. في دين الله أيضاً
مثل ما حدث مع سيدنا النبي، الذي سيفعل شيئاً بمفرده مثل ابن ملجم. ابن ملجم قتل سيدنا علي، قتله بمفرده، وقتلوه بمفرده. أبو لؤلؤة المجوسي قتل سيدنا عمر، قتله بمفرده. ثم يأتي من يقول لك: انظر كم كان الناس طيبين، قتلوا أبا لؤلؤة بمفرده، وابن ملجم بمفرده، ولم يثيروا الدنيا. كلنا نعرف أنه ليس هناك كيان، ليس هناك كيان، لكن لو كانوا في كيان، لو تجمع عليه أهل اليمن لقتلتهم به. لو كانوا في كيان حكم على بني قريظة ستمائة وخمسين شخصاً ماتوا لأنهم خانوا. إذاً، أول قاعدة في
ذهنك لكي تفكر وتستطيع قراءة السيرة. جيد وتطبقها جيداً. هناك فرق بين التصرف الفردي وبين فرض في جماعة. بعد الفاصل نواصل: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. ذكرنا في الجزء الأول من لقائنا هذا أن هناك فارقاً واضحاً بين التصرف الفردي وبين تصرف الشخص وهو منضم. إلى كيانٍ أو جماعةٍ،
وأن الشريعة عَلَّمَتْنا أن نؤاخذ الكيانَ بما صدر عنه، ولذلك إذا رأيتَ كيانَكَ وقد انحرف عن الجادة، فقتل وأفسد وأهلك الحرث والنسل، تَبَرَّأْ منه واخرج، وليس لك حلٌ إلا هذا. وقياداتُ هذا الكيان، إذا كان أفرادُه قد خرجوا عن طوعه، فلا بد أن يتبرؤوا منهم وأن يُفكون الكيان، يُعلن فك أي كيان ويقول: خلاص، نحن كنا قد اجتمعنا لوجه الله ولكن فقدنا السيطرة، فلا نكون مسؤولين أمام الله ثم أمام الناس، ولذلك فنحن براء من هذا
الإهلاك والهلاك. ويأتي متبرئاً مما يفعل، لكن لا، أين يذهب العناد وأين تذهب الأنا؟ آه، هذه قضية أخرى الآن، هذه الأنا. قضية ثانية ليس لها علاقة بالشريعة: إنك لست تقاتل أو تقتل حتى في سبيل الله، بل إنك ترتكب إثماً في دين الله. ولذلك يجب عليك كقائد أن تدرك ذلك. عليه الصلاة والسلام بعد كل هذه الأموال والسلطة والبرلمان والسلطان، هذه دنيا وليست آخرة، نعم هذه حياة دنيا، هذا متاع. الحياة الدنيا وما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل لو
كنتم تعلمون. لو كان قلبك متعلقًا بالله من غير أوهام لتركت الدنيا لله ولنصرك الله حق نصرته، لكن الشرك يعني أنك تحب الدنيا وتحب ربنا. قال: "أنا أغنى الأغنياء عن الشرك"، لا أريد هذه المسألة، لا أريد منك. أيها المؤمن أن يكون قلبك منشغلاً بالدنيا وبالله لا بالله فقط، نعم بالله فقط، إذاً هذا هو التوحيد، طلب الوحدة لأن الله كافٍ في الأنس به سبحانه وتعالى. وصلنا
إلى السنة الخامسة من هجرة المصطفى إلى المدينة المنورة وهي السنة التاسعة عشرة من الوحي، بقي لنا خمس سنين وينتقل الحبيب صلى. الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى بعد ما أكمل الدين وأتم مهمته رضي الله عنه وفتح عليه وبه وله وفتح على المؤمنين من بعده والحمد لله رب العالمين الذي جعلنا مسلمين من أتباع هذا النبي الأمين. النبي صلى الله عليه وسلم مضى عليه خمس سنوات حدثت الخندق ومعجزتها وأراد أنه ينظف هذه الجهات، فكان العقاب القضائي لبني قريظة كما ذكرنا وفصلنا تماماً. انتهت هذه المشكلة واستفدنا
منها فوائد، منها نظام لم يطبق إلى الآن وهو اختيار القضاء، أن تختار قاضيك، ليس أنك تُحاكم أمام قاضيك الطبيعي، لا، بل أنت تختار قاضيك أيضاً، فاختاروا سعد بن معاذ في قصة ذكرناها. انتهت بنو قريظة ولكن انتهت ككيان. المدينة بقي فيها يهود أم لا؟ نعم فيها. لماذا؟ لأن هناك فارقاً بين الفرد وبين الكيان. الكيان الخاص ببني قينقاع ظلم فطُرد، وبنو النضير ظلموا فطُردوا، وبنو قريظة ظلموا فطُردوا. حسناً، وأنا من أكون؟ أنا لست منهم، فأبقى مواطناً عادياً في أمان الله
وعهد النبي. في الاتصال بهم وفي المودة إليهم مع مخالفتهم، فمرض ولد من جيران النبي صلى الله عليه وسلم، فذهب إليه يعوده. الله، يعني النبي يعرفه ويعرف أنه مرض، ويقيم حقوق الجيران على المسلم وغير المسلم، فذهب يعوده فوجده متعباً جداً. ومن يستقبل سيدنا النبي؟ سيدنا النبي هذا من يكون؟ إنه سيدنا النبي. أما عندنا فإن سيد الخلق وسخرة الكونين وحبيب الرحمن، قل ولن تكفي، فسيدنا النبي هو القائد والرئيس الأعلى للمدينة وقائد الجيوش، سيدنا النبي أمر عظيم
جداً، والرجل اليهودي استقبله ودخل الولد المسكين مريضاً ونام على الفراش، فسيدنا النبي قلبه متعلق بالله وتأثر بحال الصبي. هكذا سيموت، فقال له: "ألا تشهد أنه لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله"، يعني من شدة الحب، يعني يدخل إليه بالحب والرحمة، وليس داخلاً إليه يريد أن يُصعِّب عليه. هذه النقطة التي نركز عليها، أنه صعب عليه. فنظر الولد إلى أبيه: ماذا
أفعل لئلا تغضب؟ فقال: أجب. أبا القاسم وأطعه، أجب أبا القاسم وأطعه. هذا الفتى فرح، وهذه القصة تكشف لنا عن أمر آخر، وهو أن سيدنا الرسول كان لديه فراسة وذكاء، فقد رأى في عيني الفتى أنه يريد أن يسلم لكنه مستحٍ، ممن؟ من أبيه. لكن الفتى كان مؤدباً جداً ومُحسن التربية. ماذا أفعل يا أبا؟ أراد أن يستخرج الأمر منه، فقال له ماذا؟ قال له اليهود: كلهم يعرفون أنه نبي، لكن يصعب عليهم أن يصدقوا. لا عليك، هذه قضية أخرى. قال: "اذهب واجلب أبا القاسم وأطعه". فأسلم
الولد. إنه يُعلمنا الدرس الأول عن معنى الداعية. ما هو الداعية؟ هناك فرق بين من يذهب بالحب والرحمة والعناية وقلبه مشفق عليه، وهناك فرق بين من... نصب نفسه قاضياً على الخلق يحقق معهم وكأنه في يوم الدين، وكأنه قد تزيّن بالصفات التي يعطيها الله لمن يشاء من ملائكته، ملائكة العذاب وملائكة الرحمة. هو إن كلفك أنت أن تعبد ولم يقمك قاضياً، إذاً هناك فرق بين الشيخ الذي أتاه
السكير، واحد سكران وقال له أعطني. كانت تلك الفيشة (القابس) تساوي عشرة صاغ. هذا الكلام كان في سنة ألف وتسعمائة وثلاثين، فأعطاه إياها فأنكر عليه، أو سأله أولاده: "أليس سيذهب ليشرب بها الخمر فوراً؟" فقال: "هكذا عندما دخل عليه السكير يعامله بالرحمة، وليس لكونه سكراناً". قم وحدّث الناس بهذه القصة، فيقول لك: "إنها من الله". أنتم تريدون الناس أن تسكر، ما هذا الكلام! إن جمال الإسلام يكمن في أنه حرّم الخمر وحرّم الخنزير وحرّم الربا وحرّم الزنا، هكذا هو الإسلام. فعندما أعطاه، أعطاه لأنه إنسان عاصٍ، نعم، لكن هذه كانت علاقة المشايخ بالمجتمع، أعطاه وهو
يدعو له بأن يتوب الله عليه. عليه ما يمكن صرف ماله في الخمر والعشرة صاغ هذه سيطعم بها أهله، ربما هكذا. لماذا لم أدخل من هذا المدخل؟ المهم أن الرجل غاب ثلاثة أيام ثم جاء وقال له: يا مولانا، ماذا كنت قد وضعت في العشرة صاغ؟ قال له: لم أضع فيها شيئاً، لقد تفاجأت أنه لا يوجد. قال له: هذا... أنا كلما شربت كأساً بها اشمأززت حتى كرهت الخمر وذهبت للخمر وتقززت. انظر إلى الخمّار، قال له: بإرادة الله. فتاب. انظر، انظر، انظر، هل ستدخل بالرحمة وبالحب؟ تُحضر واحداً من زبائنك. الآخر دخل
عليه بسكين. قالها وهو سكران وفي المسجد اضربوه. هل هذا يُرضي ربنا؟ لا، لا يُرضي. إلى اللقاء. أخيراً أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.