#حديث_الجمعة | خروج الرسول صلى الله عليه وسلم إلى " خيبر "

#حديث_الجمعة | خروج الرسول صلى الله عليه وسلم إلى " خيبر " - السيرة, سيدنا محمد
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع سيرة المصطفى الحبيب المجتبى صلى الله عليه وسلم نعيش في ظلالها وسكينتها ورحمتها وتنزلاتها ومغفرتها وإرشادها هذه اللحظات، عسى الله أن ينظر إلينا بنظر الرحمة وبنظر الرضا وبنظر الهداية وأن يهدينا به صلى
الله عليه وآله وسلم إلى طريقه وإلى الوصول إليه وإلى أن يفتح علينا فتوح العارفين به سبحانه وتعالى. وصلنا في سيرنا مع السيرة المشرفة المنيفة إلى السنة السابعة بعد أن رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية، ورأينا في السادسة كيف أنه أرسل الكتب إلى الآفاق. أسلم من أسلم وأبى من أبى ورد بإحسان من رد، لكنه استطاع أن يفك بالحديبية واحدة من المعاقل الثلاثة التي
كانت تريد بالمسلمين الشر: أكبرها مكة، وثانيها خيبر يهود، وثالثها نجد في اليمامة. وكل هذه الأماكن كانت تريد أن تحيط برسول الله صلى الله عليه وسلم وأن تدبر له التدابير من أجل... القضاء عليه وعلى أصحابه وعلى الدعوة إلى الله نزل وبهذا العهد عهد الحديبية فك ما كان من جهة الجنوب ثم بعد ذلك وفي المحرم من السنة السابعة خرج إلى خيبر وقال لا يأتين معي إلا
من كان ناوياً للجهاد لأن المنافقين تعودوا أن يخرجوا ثم يخذلونه ويعودون ويتفرقون وهذا اللعب المشهور عن المنافقين أن المنافق أمره أشد من العدو لأن المنافق يظهر أمراً ويبطن آخر، يتكلم بكلامٍ ويعد بوعودٍ ويتعهد بتعهداتٍ ثم إنه يخالف في عمله ما يقول. إذا حدث كذب، وإذا اؤتمن خان، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر، فهذه علامات ظاهرة، والمنافقون كان يعلمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم. وسلم بالوحي
لكنه يعلم أيضاً ويعلم الأمة أيضاً صفاتهم، وهذه الصفات للأسف ما زالت موجودة وإلى يومنا هذا في داخلنا. نرى من يتكلم كلاماً ثم إن الفعل شيء آخر، حتى قال العوام: "اسمع كلامك أصدقك، أرى أمورك أستغرب"، وهو يصر على أنه من المسلمين بل من خيارهم وأنه إنما يعمل. لله ورسوله وأنه هو الذي يمثل الدين أمام العالمين والله أعلم بما هنالك والله يعلم من قلبه ذلك فحسبنا الله ونعم الوكيل سيؤتينا الله من فضله
ورسوله وسيهزم الجمع ويولون الدبر كما هزم الأولون سيهزم الآخرون والمنافقون كان منافقاً لأنه أحب الدنيا ودخلت في قلبه وتمكنت منه ولذلك فهو يريد الملك ويريد الحكم من غير كفاءة وهذا الأمر لا نعطيه من طلبه كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعزم رسول الله للخروج إلى خيبر وخرج في ألف وأربع مائة فارس من الذين حضروا الشجرة وعاهدوا الله ورسوله تحت الشجرة على أن يدخلوا مكة عند بلوغهم خبر موت عثمان. مقاتلين إلى الموت خرجوا
معه إلى خيبر، رأس النفاق في المدينة عبد الله بن أبي بن سلول أرسل إلى خيبر الخبر: "الحقوا، هذا محمد قادم"، وعلى كل حال معه عدد قليل، ألف وأربع مائة، وكانت خيبر حصينة معروفة بحصانتها، معروفة بشدة حصونها وقوتها، وفي أرضهم ليسوا مسافرين فهم أقوى، والسلاح. كثير والضربة أكثر وكان فيهم رجل يُضرب به المثل في العرب في الفروسية وفي القوة اسمه مرحب. فمرحب هذا
رجل يهودي، وهذا اليهودي كان فارساً له قصص مثل عنترة بن شداد. فمرحب يُخشى منه، وكان مرحب وابني أبي الحقيق هم الذين يتولون أمر اليهود في هذا المكان. فأرسل إليهم أن محمداً يأتيكم في خيبر، شمال المدينة بنحو ثمانين ميلاً. ثمانون ميلاً تضرب في واحد وستة من عشرة تعطيك حوالي كم؟ مائة وخمسين، مائة وأربعين، مائة وخمسة وأربعين كيلومتراً. وهي الآن قرية لكنها وخيمة، عندما تمكث
فيها تصاب بالحمى، تصاب بالإنفلونزا وهكذا. قرية وخيمة على بعد مائة. وخمسين كيلومتراً من المدينة تقريباً شمالاً، فالمدينة جنوبها. فالمفترض أنهم عندما يأتون سيأتون من جهة الجنوب، جهة الجنوب هكذا. طيب، إذا كانت جهة الجنوب هذه، فهم جالسون ماذا؟ ينظرون هكذا من الحصون إلى جهة الجنوب لكي يبادروا رسول الله صلى الله عليه وسلم عند وصوله بالجيش ويقاتلونهم فيهزمونهم، طيب. فالمنافق دائماً تجد له اتصالات أجنبية هكذا، ولكن ضد مَن؟ ضد وطنه وضد بلده. وعندما
تأتي للقبض عليه، يقول لك: "أبداً، فتشني، هل فعلتُ شيئاً؟" إنه منافق، وما زال فينا منافقون. إلا أننا ليس عندنا وحي لكي نميّز، فقلنا: حسناً، سنقبل إسلامكم. ولذلك عندما سُئل سيدنا علي عن الخوارج الذين... قال فيهم رسول الله كلاب النار، قال إخوة لنا بغوا علينا. لم يستطع أن يقول هذا كذا وذاك كذا، لم يصنّف، لم يصنّف لماذا؟ لأنه لا يوجد وحي. ماذا سنفعل؟ نتحمل، وكلما تحملت كلما تدخل الله في صالحك. والذي يحدث هكذا، فالعينة واضحة، والذي لا يرى من الغربال يكون.
هناك أناس يدعون الله ثمانين أو تسعين سنة ولا يستجيب لهم، فيقولون: ما هذا؟ ما هذا؟ إذن الله غاضب عليهم ثمانين أو تسعين سنة ولا يستجيب. ليس هكذا الله، فالله كريم، يستجيب مرة، ثم يقول: ادعني مرة أخرى، فيستجيب، ثم في المرة الثالثة لا يستجيب، وفي المرة الخامسة يستجيب، وفي المرة السابعة والثامنة لا يستجيب، ولكن يا... أخي ثمانون سنة لا يستجيب، فانظر إليها الآن. الله! ثمانون سنة لا يستجيب، ولذلك أهل القلوب يرونها بأعينهم
ويعرفون أن هذا باطل وزور وكلام معسول، ومن الخارج مظهر خادع. والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أصبح بألف وأربعمائة فارس. إلى خيبر ومعهم دليلان، سيدنا رسول الله كان يحب العلم والعلماء، والدليل
اسمه الخريط الذي يعرف الطرق ويعرف من أين يسير. الطرق كثيرة، وهذا يمكن أن يتوه في الصحراء. لا يقول: "أنا ابن الصحراء وأعرف كيف أسير فيها وهكذا". لا، هو ليس ابن الصحراء، بل هو ابن الحضر، ولذلك لا يصح أن يفعل هكذا. شيء بغير علم فأخذ معه دليلين وهو يمشي يفكر، يريد أن يصل إلى خيبر. وسيدنا كان ذكياً، قال: "والله، إننا لو أتينا من الجنوب هكذا سيروننا. فلندخل من الشمال من جهة الشام، لأنها أرض يمكن دخولها وأنت قادم هكذا من الشمال، فيجب أن تلتف حولها وتنزل إليها". مِن
الشمال ستطول المدة قليلاً، لا بأس، لكن الخطة العسكرية هكذا. أحضر الأدلاء وقال لهم: "نريد أن ندخل من الشمال، ماذا نفعل؟" قالوا له: "نعم". هذا الدليل يا إخواننا كأنه راكب طائرة ويرى الطرق كلها بشعابها وجبالها وما إلى ذلك. هكذا هو الدليل، هكذا مهمته، هكذا علمه، هذه هي خريطته. هكذا قالوا له: "إنه الآن عند مفترق الطرق، لأن هناك أربعة طرق. في تلك اللحظة، طريق يأخذك إلى الشمال ولن تراك الخيبة، وهناك طريق في أمان الله يأخذك من الجنوب، وهذا هو الذي كنا سنسير فيه قبل
أن تخبرنا بذلك". قالوا: "حسناً، وكيف نسير؟ من أي طريق منهم؟" قالوا: "لا، هذا أصبح اختيارك". أنا وأنت سأقول لك ما أحوال كل طريق، وأنت الذي ستختار. قال له: طيب، لكن الأربعة جيدون. قال: الأربعة جيدون، في أمانة الله، ولكن هؤلاء الأربعة هم الذين سيوصلونك إلى الشمال. وصلوا إلى مفترق الطرق الذي كانوا يتحدثون عنه، وعرفوا أنه مفترق الطرق. هذه هي الخريطة، انظر انظر. الأهمية لو لم يكن معه هذا لكان يخرج من الجنوب ويُهزم، لو لم يكن معه هذا لتاه. يعرف متى وأين يوقفه، قال له: هذا مفترق الطرق، وها هي واحد اثنان ثلاثة أربعة، الطرق التي توصل إلى خيبر، واختر أنت.
سيدنا كان يحب التفاؤل في كل شيء، يحب التفاؤل لكن في مكان. ثانية زائد التفاؤل أنه كان أفصح العرب، كان أفصح العرب. والعرب ما هم؟ هم من نطقوا بالعربية. والعربية ما هي؟ هي لغة. واللغة ما هي؟ ألفاظ أمام معانٍ بإزاء معانٍ. من الذي وضعها؟ الله. في الأصول عندنا في علم الأصول يقول: من واضع اللغة الله أم البشر؟ ويأخذون من قوله تعالى "علَّم". وعلَّم آدم الأسماء كلها، وفي البخاري عن ابن عباس: علَّم آدم حتى القصعة والقصيعة، حتى أن
هذا الطبق اسمه قصعة وهذا الطبق اسمه قصيعة لأنها صغيرة. يأتي كله من عند ربنا، واستدل أهل الله أن كلمة الله عرفها الإنسان كيف؟ لا بد أن الله هو الذي وضعها أمام الذات. العلّية خاصة في لغة العرب، فالذي وضع اللغة هو الله. من هنا قال له: "ما اسم هذا الطريق؟" قال له: "اسمه حَزْن". والحَزْن في اللغة العربية يعني الصعوبة. ربنا سمى هذا الطريق حَزْناً، إذاً هناك أمر ما، هناك صعوبة فعلاً. قالوا: دعنا من حَزْن، لا نريده. حسناً، وهذا الطريق؟ قال: اسمه... ماذا؟ ماذا؟ ماذا؟ دعك
من هذا. والطريق هذا قال له اسمه صعوبة. قال له: كيف صعوبة؟ إذن فهو ليس معنا. قال له: لا يوجد إلا هذا الرابع. قال له: حسنًا، ما اسمه؟ عمر كان واقفًا في هذا الموقف، ما اسمه؟ قال له: اسمه مرحبًا. قل له: مرحبًا هو. هذا يعني أن هناك قضيتين: مرحباً، أي أهلاً وسهلاً، ومرحب، وهو ملك خيبر. فنحن سنواجه مرحباً ومن خلفه مرحباً وسنغلب الآية مرحباً. فاختار النبي صلى الله عليه وسلم طريقة مرحب وسار فيها حتى وصل إلى
الشمال، عندما وصل إلى شمال خيبر. عندها خبر لكن ما يهمهم، هم لا يرون الجنوب، ليس فيه شيء، ومن غير المعقول أن يسيروا خمسين كيلومتراً إضافية ليأتوا من فوق ويتعبوا. اليهود يفكرون هكذا، فكانوا ينتظرونهم في الجنوب ولم يأتوا. نزل النبي عليه الصلاة والسلام في مكان يسمى نطاة. في نطاة هذه توجد ثلاثة حصون أو خمسة حصون، ثلاثة منها في نطاة. كانت خيبر يا إخواننا قسمين: قسم كبير يضم خمسة حصون، وقسم صغير
يضم ثلاثة حصون، وحصونات أخرى صغيرة بعد ذلك. إذا انتصرت على القسم الكبير انتهت المعركة. فجاء عند القسم الكبير وعند الحصون الثلاثة الكبرى ونزل هناك، فقال له الحباب بن المنذر: "يا سيدنا، هل هذا منزل؟" قد أنزلك الله، قال لك: انزل هنا، خلاص، ربنا عالم، أو أنها الحرب والمكيدة. قالوا: لا، بل الحرب والمكيدة. إننا هكذا بمعلوماتنا العسكرية. قالوا: لا، يبقى مجلس الحرب عنده رأي آخر. تسمعني الآن فيه؟ قال: تفضل. ماذا؟ قال له: هذا المكان وخيم، من الممكن لو
مكثنا فيه ثلاثة أو أربعة أيام تصيبنا. أمراض الحصن الكبير ها هو وراء النخل، وريثما نصل إليه تصل سهامهم إلينا ولا تصل سهامنا إليهم، وبيننا وبينهم مستنقعات لن نستطيع عبورها، إنه حائل مائي. فأنا أرى أن نذهب إلى الناحية الأخرى لنكون أقرب إليهم بدلاً من هنا، فنكون هناك وليس في مواجهتهم دون أن يعرفوا. يضربوننا ونحن نراهم وهم لا يروننا، ويكونون في انكشاف، لا توجد حواجز بيننا وبينهم ونحن نهاجم. قال له الرأي رأيك. وافق سيدنا وكان جميلاً في المفاوضات، ويعلم
أصحابه كيف يتكلمون وكيف يأخذون الرأي، وكذلك مجلس حرب. ولذلك جلسوا هنا ليلة، ثم ذهبوا هاربين منها من الوخامة التي فيها وذهبوا.