#حديث_الجمعة | صلح الحديبية وشروطه وموقف الصحابة منه

#حديث_الجمعة |  صلح الحديبية وشروطه وموقف الصحابة منه - السيرة, سيدنا محمد
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع أنوار النبي المجتبى والحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم نعيش هذه اللحظات، عسى أن تتنزل علينا السكينة والرحمة، فإن الرحمات من عند الله سبحانه وتعالى تتنزل عند ذكر النبي صلى الله عليه. وسلم وعلى من التفوا لذكره،
نأخذ من هذه الأنوار ما نهتدي به في الطريق إلى الله. تكلمنا عن صلح الحديبية وعن أن سهيل بن عمرو جاء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما رآه: "الآن سهّل الله عليكم"، ولأنه كان يعرف سهيلاً وأنه رجل عاقل حكيم، وأننا سنصل إلى اتفاق مرضٍ للطرفين وأنشأ عندئذ صحيفة الحديبية (عهد الحديبية/معاهدة الحديبية)، وإذا تأملنا فيها وجدناها على أربعة بنود، وذكرنا أنه في
بدايتها قال: "بسم الله الرحمن الرحيم"، فقال: "لا ندري ما الرحمن وما الرحيم، اكتب باسمك اللهم"، وكان الكاتب علي بن أبي طالب، وكان كاتباً قارئاً، فمحا "الرحمن الرحيم" وكان... بسمك اللهم. الأمر بسيط، دعنا... نريد هذا الموضوع. هذا ما عاهد عليه محمد بن عبد الله رسول الله. قال له: لو علمنا أنك رسول الله ما قتلناك وما فعلنا كذا وما منعناك. قال له: اكتب هذا ما عاهد محمد بن عبد الله سهيل بن عمرو. قال: والله لا أمحوها، اشطب قال له: "لا، لست أمحوها"، ومن هنا استنبط العلماء أن الأدب مقدم على الاتباع من هذه اللفتة. سيدنا علي
تأدب ولم يطع الأمر "امح"، قال له: "لا، لن أمحوها". فقال له: "اكتب"، فقالوا: "لن أكتب، هيا دعنا نقوم ونمضي، لندع المفاوضات"، حتى أخذها النبي صلى الله عليه وسلم ومحاها بريقه، السلام الأدب على الاتباع. مرة عندما كان سيدنا النبي عليه الصلاة والسلام في مرض الموت، فأذِنَ لأبي بكر أن يصلي بالناس، ثم وجد في نفسه قدرة، فتحامل على نفسه وخرج إلى الصلاة، فتأخر أبو بكر، فقال: "مكانك يا أبا بكر، مكانك"، يعني الزم مكانك.
أبداً تأخر أيضاً، فبعد الصلاة قال... له: "ما منعك أن تطيع أمري؟" قال: "ما كان لابن أبي قحافة أن يتقدم رسول الله"، يبقى الأدب ماذا؟ مقدم على الاتباع. ومن هنا بعض الناس لا تعرف أن تنطق اسم النبي هكذا، فلابد أن يقول "سيدنا محمد"، لا يعرف أن يقول "محمد" هكذا، فتجد أنه يقول "أشهد أن أشهد أن سيدنا محمدًا رسول الله. النبي لم يكن يقول هكذا، أيكون الأدب أم الاتباع؟ هل يجوز تقديم الأدب على الاتباع؟ لو كان سيدنا علي قد تنحى، حسنًا، اتبع، فليس في ذلك شيء. ولو كان سيدنا أبو بكر مكانه وتقدم رسول الله، فليس في ذلك شيء،
فهذا أمر، ولكنهم فضلوا في مواطن تكون فيها الحب وفيها التعظيم وفيها الجمال والود، وهكذا. يعني لا بد في تقديم الأدب على الاتباع أن يكون لغرض التعظيم ونحوه. كتبوا الكتابة من أربعة بنود، ثلاثة في صالحنا وواحد في صالحهم. الثلاثة التي لنا، ما هي؟ "النبي ومن والاه" جملة واحدة، والنبي ومن والاه من القبائل الذين لم
يسلموا جملة واحدة، يكون هذا فريق وذاك فريق، بحيث أن أي فريق أو أي طرف، فأنا معي خمسون قبيلة وهو معه خمسون قبيلة، أي قبيلة من هنا أو من هناك ضربت بعضها، يكون كأننا نضرب بعضنا، حسناً، تكون هذه حلفاً، فيكون حلف النبي وحلف قريش. البند الثاني أننا ولمدة عشر سنوات لا نتخاصم مع بعضنا ولا نحارب بعضنا ولا نقاتل بعضنا، بركة هذا أنا أعمل في الدعوة أم القتال؟ يعني ما هدفي؟ المال أم القتل والسيطرة أم الدعوة؟ الدعوة، اتركوني عشر سنين أدعو إلى الله سبحانه وتعالى.
إذا كنت في ست سنوات قلبت لكم الدنيا بالدعوة وأنتم الذين وأنتم الذين تأتون في بدر وأحد والخندق، كل هذه أين في المدينة؟ هو لم يذهب إليهم، بل هم الذين جاؤوا إليه. فالبند الثاني أننا لا نتخاصم مع بعضنا، لمدة عشر سنوات، ولا ننقض العهد، وإذا نقضنا العهد فالعبرة تكون على من نقض، أي يكون العيب على من نقض. رقم ثلاثة تعالوا السنة القادمة إن شاء الله، لأننا في الحقيقة افتضحنا أمام العرب لأننا صددناكم عن البيت. ولكي لا تكون الفضيحة كبيرة، نقول لهم: "لا، إنهم سيأتون السنة القادمة". ولكي يرى المتشددون الذين
في مكة أنه يجب ألا تدخلوا، وبسبب عزتهم وكرامتهم وما إلى ذلك، نوفق بين... هكذا أن تأتوا السنة القادمة وتطوفوا بالبيت وكل شيء، إذا كانت هذه الثلاثة في صالحنا نحن الحلفاء، فقد أصبحت رسمية. كانت القبيلة قديماً تختبئ وهي تساند النبي كي لا تغضب قريش، أما الآن فقد أصبح مباحاً أن تساند النبي علناً بموجب المعاهدة والاتفاقية. هذه في صالحنا لمدة عشر سنوات، لن نتقاتل أبداً لا عشر سنوات ولا عشرين سنة، النقطة الثالثة تأتون السنة القادمة لتعتمروا، هذا هو ما نريده، أن نأتي ونعتمر،
إذاً لا تمنعونا عن البيت الحرام، النقطة الرابعة لو أحد، وهذه التي كانت ماذا يعني في الظاهر، في الحقيقة ليست معنا أبداً ولكنها معنا أيضاً في الظاهر أنها. ضدنا وهي في الحقيقة معنا. كيف؟ أنت الآن لو أسلم شخص من مكة وذهب إلى المدينة، فإن أهل المدينة يكونون ملزمين بإرجاعه إلى مكة حتى لا يغضب أبوه وأمه وعمه وأعمامه. وبعد ذلك تحدث مصيبة أخرى وهي أنه إذا ارتد شخص من المدينة وعاد إلى المشركين، فإن مكة لا تعيده. نصفها أن شخصاً
ارتد من عندي، وأنا لا أريد أن أفعل به شيئاً عندما ارتد، فهذا يندرج تحت "لا إكراه في الدين"، فليذهب مع السلامة. يوجد هنا حرية للعقيدة "فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر"، فليذهب مع السلامة. نحن لن نكون مسلمين إلا إذا كنا مسلمين حقاً، أما النفاق فلا. من جهة وأسلوب المراوغة من جهة أخرى، نحن لا نريده. والجزء الخاص به أصبح كالآتي: الذي يبدو أن ظاهرها مؤذٍ أنه عندما يُسلم أحد من مكة إلى المدينة، يتكفل أهل المدينة بإرجاعه إلينا. ونحن نقول له: اشدد حيلك، اصبر، هذه معاهدة، هذا شيء مثل ارتكاب أخف الضررين، افعل شيئاً للإسلام الله يعينك. أربعة بنود كانت
في هذه الصحيفة، ولا تزال الصحيفة موجودة والمداد لا يزال كذا. وبعدها سيختم النبي عليه الصلاة والسلام بختمه، وسهيل بن عمرو سيختم بختمه حتى تكون توثيقًا للمعاهدة. أبو جندل يأتي يجري هكذا، من هو أبو جندل هذا؟ إنه ابن سهيل الذي هو جالس معنا. هذا هو الطرف الآخر من المفاوضات، ماذا فعل؟ أسلم أبو جندل، أسلم ودخل الإسلام، فماذا سنفعل؟ فالنبي عليه الصلاة والسلام
قال له: "مرحباً أبا جندل". قال له سهيل: "يا محمد، اتفقت معك، والله لو لم ترد علي أبا جندل لا أقاضيك في أمر أبداً"، أي لن أجلس معك. سأغضب منك، حسناً اغضب. قال له: هبه لي أو اهبه لي، فقال: والله لا أفعل. سهيل بن عمرو قال له: بل تفعل من أجلي، اهبه لي. قال له: والله لا أفعل. النبي عليه الصلاة والسلام قال له: لم نوقع بعد. فقال له: لن يكون جيداً، حسناً، أعيدوا
أبا جندل. ردوا أبا جندل فردوه إليه، أخذ سهيل بتلابيبه، أي أمسكه هكذا من ثيابه، تلابيب من؟ ابنه أبي جندل، وجره جراً إليه. قال عمر: هم معهم السيوف في أغمادها، فذهب عمر وأخرج السيف قليلاً هكذا، أي هاه، وفعل هكذا، وسار مع أبي جندل وقال: اصبر فإنك على الحق ووالله. أن دم أحدهم بالنسبة له كدم كلب وهو يفعل به هكذا. أراد أبو جندل أن يسحب السيف ويضرب أباه،
وظل يمشي معه، لكن أبو جندل لم يفعلها. لماذا؟ لأن قضية "أبي" تعني كيف أقتل أبي؟ هذه فكرة غير واردة وغير موجودة في الذهن أنه يفعل أي شيء من هذا القبيل سيدنا عمر هكذا يقول هكذا فظن بأبيه ونفذ الأمر والحمد لله أنه فعل أبو جندل هكذا لأنها كانت ستصبح فتنة لو أن سهيل ذهب ليوقع المعاهدة فقتلوه، يعني حرب،
والنبي عليه الصلاة والسلام لا يريد ذلك أبداً. بعد الفاصل نواصل، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا الله وآله وصحبه ومن والاه، سيدنا عمر رجع من مسيرته مع أبي جندل، قال: فضن بأبيه ونفذ الأمر، نفذ خلاص، لكنه حزين. رجع وقال لرسول الله: لِمَ نقبل الدنية في ديننا يا رسول الله؟ ما هي الدنية التي يقصدها؟ أنهم صدونا عن المسجد الحرام، إن... نحن عقدنا اتفاقية نعود فيها المسلمين، كأننا يبدو
أننا ضعفاء، فقال: "إلا أني رسول الله ولينصرني الله"، يعني اسكت أنت الآن، فأنت ترى الظاهر لكنك لا تعرف حقيقة الأمر. "إلا أني رسول الله ولينصرني الله ولا يخزيني أبدًا". سيدنا عمر يسمونها أسئلة الاستحضار، عندما يكون المرء... جالس هكذا يفكر، تأتيه أسئلة لكنه ليس متشككاً، هو مؤمن بالله. حسناً، لنفترض أن شخصاً غير مؤمن قال لي أن الله غير موجود لأننا لا نراه، ماذا أقول له؟ هذه المسألة ليست بسبب أنني غير مؤمن بالله، بل هي أسئلة
استنتاجية، أي أن هناك مشكلة. أريد أن تُحل هذه المسألة. قم بحلها، قم ليحلها لك. فقال له: يا رسول الله، ألم تقل لنا أننا نطوف بالبيت؟ ألست أنت من قلت لنا أننا سنذهب للطواف بالبيت؟ كيف إذن؟ فقال له: أقلت لك في عامنا هذا؟ هل قلت لك أننا سنطوف بالبيت هذه السنة؟ قال: لا، أنت نطوف بالبيت فقال له: "إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً"، فاطمأن عمر وهدأ لما عرف أن المسألة أعمق منه وأن هناك أمراً يُدبَّر وهو لا يعرفه. فالنبي
عليه الصلاة والسلام قام بذبح الذبائح الخاصة بهديه لأنه أُحصِر في الأرض، والذي يُحصر وهو محرم متوجهاً إلى بيت الله الحرام فإن عليه هدياً. فإن أُحصرتم فما استيسر من الهدي، فقام يذبح وقام الناس يمسكون البهيمة أو الماشية ونحو ذلك، ويبتعدون عنه. لا يريدون ذبحها، ما زالوا يريدون القتال. فاستغرب النبي عليه الصلاة والسلام وقال: "ما هذا؟ هذه فتنة كبيرة، عندما آتي إليك عند هذا الموضع، تقوم أنت بإشاحة وجهك وتأخذها، كأنك غاضب". وغاضب من مَن ستغضب؟ من سيدنا. ولذلك عمر عندما ذهب إلى أبي بكر قال له:
"لماذا نقبل الذلة في ديننا؟" فأجابه: "أليس أنه رسول الله ولن يخزيه الله وسينصره الله". ولذلك نفس الإجابة هنا، نفس الإجابة هنا. فدخل النبي وهو حزين خباء أم سلمة، وهي التي معه من زوجاته في... هذا الوقت السيدة أم سلمة رضي الله عنها، فقالت إن الناس غضبوا، فقالت: "يا رسول الله، لا تكلم أحداً واخرج واحلق رأسك في صمت هكذا واذبح شاتك ولا تكلم أحداً". فخرج السيدة واعية وكانت معدودة
من المجتهدين هي والسيدة عائشة من أهل الفقه. خرج يعني الرجل ها هو يطيع المكتوب في التراث من بعضهم أنه "شاوروهم وخالفوهم"، يقول لك: أتريد أن تصل إلى الحقيقة؟ استشر زوجتك، وبعد ذلك إذا قالت لك يميناً فاذهب شمالاً، وإذا قالت لك شمالاً فاذهب يميناً. هذا كلام فارغ لا نعرف من أين أتى، لكنه نابع من مجتمع حدثت فيه هذه الثقافة المغلوطة، ولكن هذا بالدين بالإسلام بسُنة المصطفى سيدنا النبي استشار أم سلمة فقالت له: "يا رسول الله، اخرج فاحلق وانحر ذبيحتك ولا تتكلم". فأطاعها، لم يقل لها: "ماذا تعنين؟ وما الفرق بين أن
أتكلم أو لا أتكلم؟ كيف لا أتكلم أبداً؟" بل خرج وأحضر الحلاق وقال: "احلق"، ثم قام ونحر، فبدأوا في النحر، وجلس بعضهم يحلق لبعض وهم حزانى حتى أن بعضهم كاد أن يقتل بعضاً. فعندما تمسك الموس وأنت متوتر وتحلق لزميلك أو لأخيك وأنت غاضب، يحدث جرح على الفور. تجرّح بعض الناس من الحزن والقهر لأنهم كانوا على استعداد لأن يقاتلوا وأن يفعلوا كذا إلى آخره، لكن في النهاية الصورة... هذه تبين لك أن الصحيفة كانت
صحيفة ممتازة وأن النبي حقق بها غرضه. كيف؟ أولاً: اعترف بالمسلمين لأول مرة، فقد كانوا غير معترف بهم في السابق. اليوم اعترف بدولة المدينة من عند العرب جميعهم، فأصبحت كياناً يجري مفاوضات، وما دامت تجري مفاوضات فقد أصبحت طرفاً من الأطراف، أصبحت دولة. إذاً هذه هي دولة مكة، لكن هناك الاعتراف بماذا رقم اثنين؟ حصلنا على اعتماد بالدعوة، فلم تعد الدعوة إلى الله جريمة. كانت في
السابق جريمة، ولو جاء أحد معك فأنت متورط في جريمة، لكن هكذا اعترفت بالدعوة، وهذه مسألة مهمة جداً - الاعتراف الدولي. ولذلك نقول لإخواننا الذين يعيشون في أمران عن المشروعية والمرجعية: إذا أردت أن تعيش في الغرب، فالتزم بالمشروع، واحذر من مخالفة قوانين هذه البلاد، واحذر أن تغدر أو تخون. عندما تركب الحافلة، ادفع تذكرتها، واحذر أن تكون خائناً وهم قد فتحوا لك بلادهم، وسمحوا لك بالتعلم، وأتاحوا لك العمل، وسمحوا لك بأمور أخرى كثيرة. ثم بعد لا يوجد تأويل إذاً، الأصل أنهم ظلمونا، الأصل أنهم استعمرونا، الأصل أن
المسلم ليس غداراً حتى لو كان كل الناس غدارين. وما شأني بذلك، لكن المسلم يمثل الإسلام وهو غير غادر إذا اعترف بالدولة واعترف بجواز الدعوة، والأهم من ذلك أنه حيَّد قريشاً لمدة عشر سنوات، حيَّدها ففك الكماشة التي كانت ترتب أن يهجم أهل خيبر وأهل مكة على المدينة ويقضوا على المسألة، فذهب إلى المنطقة السفلية وقام بتحريرها. سيتوجه مباشرة في سنة سبعة، ونحن نتحدث الآن في ذي القعدة سنة ستة، وسيفتح خيبر فيفك الطوق، ولا يكتفي بتحرير المنطقة
السفلية بل يضرب المنطقة العلوية لأن أهلها يعملون. دسائس منذ ساعة جلاء اليهود من المدينة، فإذا أنا أمام معاهدة تحتاج إلى دراسة كبيرة من أجل أن نصل بها إلى استفادة في الحاضر الآن، وكيف نقوّم الأمور. إلى لقاء آخر، أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله.