#حديث_الجمعة | غزوة الخندق ونقض بني قريظة عهدهم مع رسول الله

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع أنوار النبي المصطفى والحبيب المجتبى صلى الله عليه وآله وسلم نعيش هذه اللحظات في نور هدايته، وفي طلب المدد من سيرته، والأسوة الحسنة من حياته ومواقفه وتصرفاته صلى الله عليه
وسلم، فقد جعله. الله سبحانه وتعالى أسوة حسنة لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا ووقفنا بعد العودة من غزوة الخندق في السنة الخامسة ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم عاش في المدينة عشر سنوات، ولذلك فالخامسة هي في منتصف الطريق أو في منتصف المدة المدنية. وفي أثناء غزوة الخندق عرفنا
أن حُيَيّ بن أخطب، وكان من بني النضير، ذهب إلى كعب بن أسد وهو سيد بني قريظة، وجلس يغريه بالخيانة. وحُيَيّ بن أخطب هذا... هو أبو السيدة صفية عليها السلام تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم وظن أنها على اليهودية فقالت: "يا رسول الله إنني على الإسلام". فقال لها: "منذ متى؟" قالت: "منذ كان عندي تسع سنوات أسلمتُ". وهي أتى
يبحثان عنها ويحملانها ويحتضنانها ويلعبان بها، وهكذا لعبوا معها من حبهم فيها وأنه في... ذلك اليوم ذهب عمي للقائك، أخو حُيَيّ بن أخطب ذهب إلى سيدنا النبي، فلما رجع دخل فلم يرني، لم يشاهدني،
فلم يرني، لم يشاهدني، يعني كان مغموماً عائداً من عند سيدنا النبي وظهر عليه الهم. قالت: فلما دخل لم يرني، وجاء أبي فلم يرني، وأنا جالسة أمامهم، لكن من لم يروها، فسأل أبي عمي: "أهو هو النبي الذي نعرفه والذي سيأتي؟" قال: "هو هو". عم صفية يقول لأبيها: "هو نعرف العلامات، علامات جسدية وعلامات في السلوك
وعلامات أخرى إلى آخره، هو هو". قال له: "وما العمل؟" انظر إلى الضلال، كان بنو إسرائيل عندهم أن هذا النبي يعني مثل شخص تقي أو صالح يعني مثل شخص موفق من عند الله، يعني ماذا؟ ليس النبي بالمفهوم الذي نفهمه، ولذلك أجازوا قتل النبيين. يعني لو أن مصلحة الدولة أو مصلحة كذا إلى آخره تعارضت مع هذا النبي، يُقتل يا أخي وننتهي. فقتلوا النبيين، فقال هو، قال هو، قال وما... العمل فقال له: "القتل
ليس له حل، هذا هو. حسنًا، ماذا نفعل؟ لماذا نقتله؟ لأنه مكتوب أن هذا الشخص لو بقي، فإن دينه سينتشر ويصل إلى آفاق الأرض، ولو طويت الأرض لانتشر". مكتوب عندهم أشياء كثيرة، فليس لها حل. حسنًا، إذا تركتموه الآن سيتم أمره، وإذا تم... أمره معروف كيف يتم؟ يجب ماذا؟ أنقتله ونحن نتعجب؟ الله! إذا كنت أنت مؤمناً أنه نبي، فكيف تؤمن أنه نبي ثم تقتله؟ يعني الأمر لا يستقيم. ماذا تريد أنت؟ أتريد الدنيا أم تريد رضا الله؟ هذان هما المنهجان المختلفان، ولذلك نحن غير قادرين على فهمهم وهم غير قادرين على
فهمنا. ما لكم أنتم تاركين مصالحكم؟ نقول له: كيف تكون مصالحنا؟ نحن نفعل ما يرضي ربنا. قال: ما شأننا وشأن الله، مصالحكم أهم من الله. ونحن عندنا أن الله أهم من مصالحنا. هذه هي القصة، طريقتان مختلفتان في التفكير، ولذلك لن نلتقي أبداً بهذا الشكل. إما أن يتغيروا هم أو نتغير علينا أن نتغير ونترك ربنا، سنترك ربنا لمن؟ للدنيا؟ لا، فنحن تاركوها. "الله! أنتم أصبحتم أعداء الحياة إذن!" لا، نحن لسنا أعداء الحياة، بل نحن نحب الحياة ونحب عمارة الأرض، لكننا نقول: "يا رب" فيها. هذه مسألة لا يستطيعون استيعابها. قيل
لك: لا، عندما يأمرك ربنا بأمر، وبعد ذلك الدنيا غير ذلك، اسعَ وراء الدنيا تكسب ما هو بعد ذلك. جعلوها أن الغاية تبرر الوسيلة، وجعلوها بأن ما تكسبه تنفقه، وجعلوها بأن المبادئ والمصالح قدّم المصالح دائماً، وامشِ على المبادئ واستمر أقول ديمقراطية وملوخية وكذا. وما إن تأتي المصالح قدّم المصالح، وهكذا. شيء نحن لا نعرف لماذا نقرؤه لأنه... شيء رائع بالنسبة لنا، لكن هذا هو ما يسيرون عليه منذ زمن وليس من الآن. حسناً، مقبول. فحيي بن أخطب هذا، من هو؟ إنه أبو صفية عليها السلام. ذهب إلى كعب بن أسد وقال
له: نفعل هكذا، وقريش كلها عشرة آلاف شخص. ولو تأملت لوجدت شيئاً غريباً في... منذ ثلاث سنوات في غزوة بدر كان الفرسان المؤمنون ثلاثمائة وبضعة، ثلاثمائة واثني عشر، والنبي هو الثالث عشر منهم، وكان المشركون القادمون من مكة ألفاً. أما اليوم في الخندق فالمشركون عشرة آلاف، والمقاتلون المسلمون ثلاثة آلاف أيضاً، فتبقى القوة ما زالت متوازنة كما كانت في الثلاثمائة وبضعة. كانوا مقابل ألف وزيادة بسيطة، فأصبح الثلاثمائة ثلاثة آلاف، والألف أصبحوا عشرة آلاف. ما
زالت القوة مقدوراً عليها، ما زلنا رجل لثلاثة رجال، هل تدرك؟ ثلاثة إلى عشرة، يعني ثلاثة وثلث لكل رجل. ألف إلى ثلاثمائة، عشرة آلاف، هذا مبلغ ضخم جداً، هذا لا يكون إلا في الصراع بين فارس. والروم وفارس لديها أرض محتلة تجلب منها كما كان الإنجليز يفعلون، يجلبون من المستعمرات جنوداً. والروم لديها أراضٍ محتلة تجلب منها جنوداً أيضاً، فيصبح لديها مائة ألف، لا مانع من ذلك، لكن العرب المساكين محدودون ومحصورون في عشرة آلاف. هذا رقم خيالي، ولكن انتهت
المعركة وخان كعب بن أسد. مع حيي بن أخطب خانوا العهد، وانصرف أهل الخندق بعدما حدث معهم من عواصف وأعاصير وقتل وهكذا، وكان القتل قليلاً، ومات من المسلمين ستة. وأوحى الله سبحانه وتعالى
إلى النبي صلى الله عليه وسلم بخيانة بني قريظة، إذ إنها خيانة عظمى بالتعاون مع العدو وقت الحرب، وهذا كان التوصيف الأول التي تستوجب عقوبتها الإعدام، ولأنها وقت الحرب فيجب أن تُقدَّم إلى محكمة عسكرية وليست مدنية لأن المتضرر منها هو الجيش. ولكن النبي صلى الله عليه وسلم خفف عنه فجعلهم أمام محكمة مدنية. هذا أول تخفيف، وأنشأ نظاماً لم يصل
إليه حتى الآن أي نظام قانوني في العالم. وهو أنَّ المتَّهم يختار قضيته، أي أنني أنا الذي أختار المحكمة، وأنا أقرر مَن الذي يحاكمني ومَن الذي لا يحاكمني. هذه حتى الآن لم يفعلوها. غاية المراد من رب العباد أن المحامي يطلب رد المحكمة، لكنه لا يستطيع أن يفرض على الجدول في المحاكم أن تأتي بالقضية الفلانية من القضية ما شأنك أنت؟ أنت الله؟ وحتى لو فعل هكذا تبدأ التهمة: أنت متواطئ مع هذا القاضي أم ماذا؟ أنت قمت برشوة هذا القاضي أم ماذا؟ إنها عملية صعبة جداً، ونحتاج نظاماً إذا أردناه في حياتنا الحالية أن نطبقه، نظاماً
معقداً للغاية حتى نحافظ على هيبة القاضي ولا يُتهم، وحتى نحافظ وحتى نبيّن إلى أي مدى وصل الإسلام في مراعاة حقوق الإنسان، لكنه صعب ولذلك النظم القانونية كلها لا تأخذ به من أمريكا إلى اليابان، ما من أحد يفعل هكذا. المتهم يختار قاضيه، لكن النبي صلى الله عليه وسلم تخفيفاً عنهم قال لهم: اختاروا قاضيكم، فقالوا له: حسناً، نحن نريد أيضاً. زيد القاضي مستشار نستشيره، قال لهم: "ماذا تريدون؟" قالوا له: "أرسل لنا أبا لبابة".
أبو لبابة رضي الله تعالى عنه وأرضاه كان لديه أموال وعلاقات وزيارات وما إلى ذلك، يعني كأنهم كانوا يعتبرونه الرجل الخاص بهم في المدينة، وهو صحابي جليل. "أحضروا لنا أبا لبابة لكي نستشيره ويقول لنا". كيف نخرج من هذه المسألة ونختار أي احتمال من الاحتمالات؟ أنهاجر أم ننزل أم نحتكم إلى القضاء أم نقاتل؟ ماذا نفعل؟ فذهب أبو لبابة بسرعة إلى بني قريظة بإذن رسول الله، حيث قال له: "اذهب يا أبا لبابة وانظر ماذا يريدون وانصحهم". دخل أبو
لبابة عليهم وجلس معهم، ثم قال ابن أسد وحيي بن أخطب جالس لأن حيي بن أخطب عندما نصح كعباً وكعب وافق على الخيانة قال له: حسناً، وماذا بعد؟ قال له: انظر، انتبه، أنا سأبقى معك حتى لو قُتلت وأُقتل معك، فأنا هنا في الحصن معك. فحيي بقي، هو كان هاجر هو وبنو النضير، خلاص ذهبوا، لا. جلس مع كعب فجلس وأبو لبابة جاء وبعد ذلك قالوا له: نحن نريد استشارة. قال لهم: تفضل. قالوا له: ما الذي ينوي محمد عليه الصلاة والسلام فعله؟ والله
هذه ليست استشارة، بل استخبارات وجمع معلومات. "ما الذي ينوي فعله؟" هذه ليست استشارة. الاستشارة هي "ماذا نفعل؟" لكنهم قالوا له... ماذا ينوي وما الذي يخطط له؟ لقد شعر بأن هناك أنساً ومزاحاً مثل ذلك الذي نقوم به عند دوار العمدة. أنس كهذا يعني أنه غير مركز ولا يفرق بين جمع المعلومات وأخذ الرأي، فقام بفعل هذا التصرف لهم. ماذا يعني؟ سيقطع رقابكم. هو لم ينطق وعندما فعل... هذه الحركة فقال ماذا؟ هذا جمع معلومات، أهذه استشارة الله؟ حسناً، أنا
الآن بهذه الإشارة خنت الله ورسوله. فذهبوا وماذا فعلوا؟ خافوا وقالوا: الله سيذبحنا، سيقتلنا، سيفعل بنا، سيسوينا. أبو لبابة أصابه اكتئاب واعتبر أنه كيف لم يكن منتبهاً ومركزاً جيداً في أنه لا يعطي معلومات وأنه... يعني أن يقول رأيه لكن لا يقدم معلومات، لم يفرق بين شيء دقيق كهذا، خاصة الألفة، وخاصة أنه عندما دخل وبكى الأطفال، رق قلبه لهم، أي أنه شعر بحميمية الأطفال الذين يبكون. لم ينتبه إلى أن هؤلاء أعداء وخونة، وأننا في حالة حرب،
وأن هناك خيانة عظمى، وأنه وفي. مسألة في قضية لم ينتبه للجزء هذا إلى آخره، يسير قليلاً هكذا، النساء تصوت، ولأن قلبه رقيق، أبو لبابة رضي الله تعالى عنه، فماذا يعني أن قلبه رق لهم؟ طبيعي، شيء طبيعي من صفات الناس الطيبين، فلما فعل ذلك، حدث ماذا؟ أصيب بالاكتئاب وقال: خنت الله ورسوله، نزل من... عندهم وهو يضيع عليهم، "الله يخرب بيتكم! أهكذا تضحكون علي؟ أهكذا تفعلون؟" وجلس يحدث نفسه حتى وصل إلى المدينة. لم يذهب إلى بيته، بل ذهب مباشرةً إلى أين؟ قال: "كيف سأواجه
رسول الله؟ كيف أقابله بوجهي؟" من شدة حبه لسيدنا، فذهب إلى المسجد وربط نفسه بعمود، ثم جاء. عند عمود من أعمدة المسجد وربطوا بالحبل. ما هذا؟ ذهبوا إلى رسول الله وقالوا: أبو لبابة خجل منك، فذهب إلى المسجد وقيّد نفسه في العمود. قال: لو جاءني لاستغفرت له. والله لا أفكّه أبداً حتى يتوب الله عليك. انتظر حتى ينزل الوحي ونفكّك. لماذا أنت الآن لم تأتِ إذن؟ أنا لم أُخلق من أجل هذا، أنا لم أُخلق لأستغفر لك. تعال وانظر إلى الجمال. نعم
والله، كان جميلاً، كان رائعاً عليه الصلاة والسلام. قال: "لو جاءني لاستغفرت له الله". وكان طبعاً استغفار الرسول انتهى الأمر، ولكنه قال: "لا يُحررني إلا رسول الله". قال له: "حسناً، ابق كما أنت وأنا حتى ينزل فيك وحي يُعلِن الله سبحانه وتعالى لنا فيه قبول توبتك، فهذا مشهد من المشاهد التي كانت في بني قريظة، وبعدها قالوا له: انتبه إذن، حسناً، نحن ننزل على حكمك وكفى، ننزل على حكمك وكفى. قال لهم: حسناً، تعالوا نحاكمكم. قالوا: لا، نحن نختار.
اختاروا الحاكم فاختاروا سعد بن معاذ. كان سعد بن معاذ مصاباً في عرق حياته من سهم أصابه، وكان ينزف ومتعباً. وكان النبي عليه الصلاة والسلام يحبه كثيراً جداً، وقد جعل له خيمة في المسجد ليبقى فيها حتى يزوره ويعوده كل يوم، وصنعها خيمة لطيفة مثل الخيام الطبية. هكذا وجالس فيها ساعة فجأة قالوا له: "إن سيدنا يريدك". فقال: "يريدني وأنا بهذه الحالة محمول؟" يعني احملوني لأذهب ولا يهمه، ما دام سيدنا يريدك فتعال. فماذا حدث في خبر سعد؟ إلى لقاء آخر، أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله