#حديث_الجمعة | غزوة الخندق | الجزء الثاني

#حديث_الجمعة | غزوة الخندق |  الجزء الثاني - السيرة, سيدنا محمد
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه مع الأنوار المحمدية المصطفوية نعيش هذه اللحظات في ظلال سيرة سيدنا النبي المصطفى والحبيب المجتبى صلى الله عليه وآله وسلم وصلنا إلى غزوة الخندق وعرفنا كيف كان إنشاء
هذا الخندق وكيف أن النبي أمن المدينة وجعل عليها عبد الله بن أم مكتوم رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وكان ضريراً. ومن هنا أخذ العلماء أن الحاكم إذا ضَرَّ، أي فقد عينيه، فإن ذلك لا يستوجب عزله. فاستدلوا بهذا الحديث، واستدلوا بذهاب عيني النبي يعقوب عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، فإن بعض الأنبياء فقدوا عينيهم العزيزتين. لكن إذا فقد الحاكم سمعه أو أصيب بالخرس يُعزل،
أما إذا فقد البصر فلا يُعزل، وقد يكون قاضياً ضريراً أو حاكماً ضريراً، أو قد يكون في ماضي الأيام قبل سيدنا النبي نبياً ضريراً، ولكن هل هناك نبي أصم أبداً؟ هل هناك نبي أخرس أبداً؟ وما كان في شأن زكريا كان. آية قال لا تكلم الناس ثلاث ليالٍ سوية، ثلاث ليالٍ فقط، شيء كهذا لأن هذه آية، هذه معجزة، هذه علامة. ولكن إذا أُصيب الحاكم أو القاضي بالصمم
فإنه يُعزل، فهذا من أسباب العزل. ورأينا أيضاً في الجامعات إذا أُصيب الأستاذ الجامعي بالصمم، كيف سيتواصل مع الطلاب؟ لا يصلح ذلك، ولو الوفاء إبقاؤه أستاذاً وما إلى آخره وهو لم يفقد عقله، إنما فقد السمع فقط، فيجب عليه هو أن يتنازل عن التدريس كي يتم التواصل. انظر كيف درس واحد ها أن العمى لا يمنع... أما الصمم والخرس فإنه يمنع القضاء ويمنع الحكم ويمنع التدريس. انتبه
إلى كيفية تصرف رسول الله، هناك أمور مباشرة وأمور غير مباشرة. كان لدى سيدنا النبي في المدينة أشياء تسمى الآطام، وهذه الآطام هي ما نصنعه الآن عندما تكون هناك حرب أو شيء ما، فنذهب لنختبئ فيها، إنها مخابئ، تحت الأرض، نجعل المرائب مخابئ. عندما كانوا يقولون أطفئوا النور لئلا يضربونا بالقنابل، فلكي لا نتضرر، نذهب إلى أي مكان في القبو أو المخابئ هذه. ماذا يسمونها؟ لا، الدشم، لا، الدشم هذه التي نحتمي وراءها، لكن هذا مكان نحتمي فيه مثل القلعة، لكنها أصغر
من القلعة، وشيء نذهب لنختبئ فيه، ما اسمه؟ فذهب إلى القطم وقال للنساء والأطفال والمشايخ الشيوخ والمرضى أن يبقوا في القطم. استجابوا لذلك، فتركوا بيوتهم وأقاموا في القطم، وأقاموا عليهم حراسات حتى لا يتسلل أحد من المشركين - لا قدر الله - فيفجع أهل المدينة، أو يستولي على الأطفال أو النساء أو كبار السن في الجبال، فأجلسهم في نحن نأخذ الكلمة الموجودة في الكتابات القديمة ونحاول أن نتصورها، ونرى مجالسهم في تلك الفترة. النبي عليه الصلاة والسلام أول ما دخل المدينة عمل دستوراً، هو مباشرة هكذا وضع الدستور، ولم يحتج
إلى لجنة خمسين ولا لجنة ثلاثين، وضع الدستور ووافق عليه أهل المدينة بتنوعهم كان. فيهم اليهود وفيهم مشركون وفيهم مسلمون وكان فيهم منافقون أيضاً يظهرون الإسلام ويبطنون الوثنية أو الشرك أو نحو ذلك، ولكن الدستور (صحيفة المدينة) كان ينطبق على الجميع، ومن ضمن بنوده أننا ندافع عن هذه المدينة ضد أي عدوان خارجي. لا يمكن أن ترتكب أنت جريمة الخيانة العظمى أثناء الحرب، جريمة الحرب تستوجب الإعدام، ليس هناك نقاش في العالم كله. إذا خنت بلدك أثناء الحرب، أما أثناء السلم فعقوبتها خمسة
وعشرين سنة أو ثلاثين سنة أو سجن مدى الحياة، هذا أثناء السلم. أما الخيانة أثناء الحرب، أثناء الحرب مع الأعداء، فلا نقاش فيها. إذا كان رسول الله قد أمّن الموضوع داخلياً، الخيانة العظمى في وقت الحرب غير معقولة. ذهب بنو قينقاع وذهب بنو النضير وبقي لدينا في المدينة بنو قريظة. وكان على بني قريظة رجل اسمه كعب بن أسد وهو رئيسهم. كان كعب بن أسد عاقلًا
ويدرك أنه لو تعاون مع هذا القادم فإنه يرتكب الخيانة العظمى التي عقوبتها الإعدام، فهو يريد أن يرتكب هذا الخطأ، لكن ذلك الشاب الذي ينتمي إلى بني النضير الذين طُردوا، جاء إليه ليلاً وزاره هكذا في الخفاء وقال له: "جئت إليك بقريش وبعشرة آلاف فارس، جئتك بعز الدنيا، فأنت اضرب محمداً ولنتخلص من هذه القضية". اليهود لديهم شيء غريب جداً غير مفهوم لدينا، نحن نعتبر النبي عنده
أنه، نعم، هذا نبي لكن اقتله، لن يحدث شيء. غريب لا نفهمه نحن حتى الآن، لسنا مستوعبين له، لسنا فاهمين له. تأتي بهذا النبي، نعم نبي، وستقتله. نعم سأقتله. لماذا؟ المصلحة تقتضي ذلك. الله، لا تفهم إذاً النبوة عندهم ماذا تعني. ماذا يعني نبي؟ رجل صالح يعني. وسنقتله أيضاً، حسناً، الرجل صالح فكيف تقتله؟ إنه لأمر غريب عجيب لا نفهمه حتى الآن. لكنه يحتاج إلى علماء النفس الاجتماعي ليفكروا كيف حدث هذا ولماذا؟ أنت تقر بالنبوة وفي نفس الوقت تؤمن بوجوب قتله! لا بد أن تقتله. فعندما جاءه حي بن أخطب،
قال له: "أتيتك بعز". الدنيا فقال والله أتيتني بذلها كعب قليلاً عائل مفكر فلا زال به حتى وافقه يظل يضغط عليه ويقول له ويفهمه الذي نسميه الآن ماذا؟ التحليل السياسي، والتحليل السياسي هذا ماذا يفعل؟ يصنع ضلالات فكرية. هل تنكر ما ترى وتتمسك بما تفكر؟ ما اسم هذه الحالة؟ ما اسمها؟ الضلالات الفكرية حصلت لكعب بن أسد ضلالات فكرية، قال: "والله معقول، فلماذا لا نفعل هكذا وننهي الأمر". بدأ
يخرج عن دراسة الواقع، ولم ينتبه إلى التقنية الحديثة التي حدثت في أمر الخندق التي انبهر بها أصحابنا هؤلاء. لم ينتبه أن الله مؤيد محمدًا، لم ينتبه. أنه يوجد ثلاثة آلاف مقاتل مقابل العشرة لم ينتبه، أو انتبه، خلاص انتهى معه الأمر الذي هو ماذا؟ الرغبات والشهوات والإرادات وأنا شجاع أنت شجاع، حسناً بقي حياً وهو وراءه إلى أن وافق على الخيانة. بعد الفاصل نعرف ما ترتب
على الخيانة. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله. والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. عرفنا أن حياً من بني النضير جاء إلى كعب من بني قريظة وأحدث له ما نسميه بضلالات التحليل السياسي والموقف بالرغبات والشهوات بعيداً عن الواقع وعن مراكز القوة فيه وعن حساب المآلات التي تؤول إليها الوقائع. كعب وافق على الخيانة. وبدأت بنو قريظة فيها، ومن تجليات هذه الخيانة أن كانت السيدة صفية عمة النبي صلى
الله عليه وآله وسلم كانت كما ذكرنا في أُطُم من الآطام، فوجدت يهودياً جاء يتسلل من أجل أن يستولي على ما فيها. نحن مخزنون فيها ماذا؟ مخزنون فيها بعض القمح وبعض الشعير وبعض... تمر لأن يعني الحالة تستمر وكانوا يخزنون حتى مع شدة جوعهم أيضًا يخزنون فقط لكي تكون هناك فترة طويلة للحصار يستطيعون بها التغلب سياسيًا على عدوهم هذا، يعني ليس من الناحية العسكرية فقط بل أيضًا من الناحية السياسية. فالطعام والشراب هذا مهم للغاية، فالرجل جاء ليتسلل
ويريد أن يسرق. الذين هناك لإضعاف المسلمين، يذهبون فيجدون أن المؤن قد نفدت، "لا توجد مؤن، نحن جائعون، لنسلم". السيدة الصافية نظرت هكذا فوجدته وهو قادم إلى المقطم، وهي تراه من فوق، حيث إن المقطم أيضاً له مداخل ومخارج تجعلك منكشفاً أولاً، يعني حتى إذا كان هناك من يدافع معها، من معها؟ سيدنا. حسان بن ثابت، سيدنا حسان بن ثابت شاعر رقيق، يقولون بالإنجليزية "ديليكت"، أي رأيه ليس متعلقاً بالحرب، ولا شأن له بالحرب، ولذلك قال له النبي: "اُقعد في المدينة"، بينما أحرص أن أفعل هكذا، ابقَ في
المدينة، لا تمسك سيفاً أبداً، ولو ضرب أحداً وخرج الدم عليه سيُغمى عليه، لا يستطيع، هكذا نصفه بأنه ماذا؟ أصبح لا شيء. هو هكذا خُلق، سبحان الله. كان سيدنا يحبه وكان يقول: "قُل وروح القدس تؤيدك". فقط كان لديه بعض الشعر وكان لديه لسان يدافع به عن الإسلام، وهو أفضل من أي صحيفة الآن. إذاً، ينبغي على كل شخص أن يخدم الإسلام بقدر ما يستطيع، بمالها في بعض الناس، بقلمها ولسانها في بعض الناس، بعلمها في بعض الناس، بقيادتها وتنظيمها وإدارتها في بعض الناس، بقوتها وهكذا.
إذن، نصرة الإسلام ليست قاصرة على جهة واحدة دون الجهات الأخرى، بل بالعكس هي مفتوحة، نسق مفتوح. السيدة صفية نادته: "يا حسان! يا حسان! في الوادي يهودي هنا". انزل إلى الأسفل واقتله. قال: لا يا أختي، وما شأني بقتله؟ ما هذا؟ أنا لم أقتل أحداً ولن أقتل أحداً، أنا لست معنياً بالأمر. قالت له: يا حسان، لقد أتى ليأخذ المؤونة وما إلى ذلك. قال لها: فليأخذ المؤونة أو لا يأخذها، وأنا... قال له: ما هذا؟ سأضرب رأسي أيكون يا حسان عيب؟ قال: لا أبداً لا يكون. فنزلت رضي الله تعالى عنها وجاءت مع الغلام اليهودي من الخلف وضربته
على رأسه، فقضت عليه رضي الله تعالى عنها. سيدنا عمر كان طوله مترين ونصف، مترين وستة وخمسين، فكانوا جميعهم... كان يمسك الواحد من قفاه ويرميه. هذا لو ولّى الأدبار، أما سيدنا حسان فهو رجل شاعر يشم الزهور ويرى الألوان ويفعل كذا، سبحان الله. إننا نتعلم من الناس، وكل هذه النماذج موجودة. لا يأتي أحد ليجبرنا على شيء معين ويقول لي: هذا هو الإسلام، فيُخرِج ثلاثة أو أربعة من المسلمين. إنها أنواع مختلفة من البشر. كلهم رضي الله عنهم ورضوا عنه، ربنا راضٍ عن هذا، والسيدة
صفية تقوم بواجبها، فتكون أيضاً هذه مثالاً للنساء، وترفض أن تقول له: إلى هنا يكفي، أنت بالغت، وأنا لن أتخلى عن ثيابي ولا أي شيء. إن الله جعل في العقل تفكيراً يُميز متى أفعل ومتى لا أفعل، لكن هذا الأمر الأول أن بني قريظة قد خانوا بأفعال هي اعتداء على المدينة من الخلف، أي كانوا من الداخل. والأمر الثاني نستفيد منه صفات نساء المسلمين وصفات أفراد المجتمع
وما إلى ذلك. وقعت فتنة بين اليهود وبين المشركين سببها سيدنا نعيم بن مسعود. نعيم بن مسعود أسلم لكن المشركين لا يعلمون. تعلمون أنه أسلم، ولا اليهود يعلمون أنه أسلم، فذهب إلى المشركين وقال لهم: "انتبهوا، أنا أنصحكم لوجه الله، إن هؤلاء اليهود لا أمان لهم، وهؤلاء اليهود لن يساعدوكم إلا إذا أخذوا منكم أفراداً
على سبيل الفدية يحتجزونهم عندهم. ثم بعد ذلك، لأنكم ستُهزمون وستفرون وستذهبون، فماذا سيحدث بعد ذلك وهم فهم ليس لديهم ذلك، وستقولون لهم: "أحضروا سلاحاً"، فيقول لكم: "حسناً، وهذا السلاح هل سترجعونه أم لا؟ أحضروا إذن عشرة من أبنائكم كي نضعهم عندنا حتى تكون لكم عليكم معرة إذا أخذتم السلاح وهربتم". قالوا له: "يا رجل، هذا غير معقول! هل وصلت بهم الخساسة والندالة وقلة الحياء إلى هذا قال لهم: "أنا أقول له خلاص أنا لا أتدخل، لكنني أوضح لكم النفسية التي تتعاملون معها والشخصية التي تتعاملون معها". ثم ذهب إلى اليهود وقال لهم: "على فكرة،
سلاحكم سيذهب ومحمد سينتصر، وأنتم الذين ستقعون في هذا، لن تستطيعوا أن تقاتلوا محمداً ولن تستطيعوا استرجاع سلاحهم". قالوا: "حسناً". وبعد ذلك ماذا نفعل؟ قال لهم: اطلبوا منهم عشرة من أبنائهم يأكلون ويشربون وينامون حتى يردوا السلاح، ويأخذوا أبناءهم. قال له: والله هذه فكرة. فلما اجتمع اليهود مع المشركين قالوا لهم: يا جماعة، نحن نريد عشرة رجال منكم سيقيمون معنا معززين مكرمين من أجل السلاح. قالوا له: وما به؟ لقد نبكي صدقةً، نبكي. اخرج خارجاً أنت وهو، وفشلت الخطة بسبب الخيانة. وهذا أصبح يدعو مرة أخرى إلى أن الخيانة موثقة وما إلى ذلك. لا يأتي اليهود ويقولون
لك: "أنا لم أخن". بل خنت، فنحن الذين أفسدنا هذه الخطة لصالح المدينة ولصالح الديار. إلى لقاء آخر، أستودعكم الله والسلام. عليكم السلام ورحمة الله