#حديث_الجمعة | فوارق الكلمات ومعانيها في الإسلام

#حديث_الجمعة | فوارق الكلمات ومعانيها في الإسلام - مجلس الجمعة
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه، مع سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم ومع محجته البيضاء التي تركنا عليها ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، نحاول من خلالها أن نتفهم ما الذي يدور حولنا، نحاول من خلالها أن نعرف. عندما آلت الأمور إلى هذا الفساد
وإلى تلك الدماء البريئة الزكية التي تُراق وإلى تسلط المسلمين على أنفسهم، نحاول أن نتبين كيف أن المنهج إذا اختل اختل الميزان واختلت العدالة واختل التفكير. نحاول أن نتبين ما هذا الذي وصلوا إليه وكيف وصلوا، وقلنا في حلقات سابقة أن هناك أوصاف مثل... وصف الهرم المقلوب ومثل وصف الدين الموازي ومثل وصف الأجيال المتتالية ومثل وصف انعدام الرؤية. أما الأجيال المتتالية فهو أن كل جيل منهم من هذه النوابت الخوارج يأتي أشد
وأضل سبيلاً ممن كان قبله، ويضيف إليه ما لم يقله الأول، كل جيل يخرج، وهذا شأن الانحراف، يكون كلما ابتعدت عن... الأصل كلما زادت المسافة بينك وبين الحق والخوارج لهم أجيال بدأت بإنشاء الدين الموازي وتراهم في الدين الموازي قد افتقدوا ما أسميناه بالعقلية الفارقة تراهم تماماً لا يفرقون كما كان السلف الصالح والصحابة الكرام وكما علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من خلال الألفاظ الشرعية
دقة الكلام واللغة سأل سأل رسول الله مرة صحابته: "مَن تعدون فيكم الشهيد؟" قالوا: "مَن قاتل في سبيل الله فقُتِل". قال: "إذاً شهداء أمتي لقليل". الشهيد، وجلس يعد أنواعاً، لما جمعوهم يمكن أوصلوهم إلى نحو عشرين نوعاً. فمن مات دون ماله شهيد، ومن مات دون عِرضه شهيد، والرجل يموت تحت الهدم شهيد، والغريق شهيد، والحريق شهيد. شهيد
والمرأة تموت بجَمْع شهيدة، تموت بجَمْع أي تموت بسبب حملها أو تموت بسبب ولادتها أو تموت بعد ولادتها أو تموت وطفلها في بطنها، والمرأة تموت بجَمْع شهيدة. ويَعُدُّ هكذا صلى الله عليه وآله وسلم، فيوسع معنى الشهادة ويجعل الذهن يلتفت إلى فوارق الكلام. وإذا جئتم "إنما الصدقات للفقراء والمساكين". سألت نفسك ما الفرق بين الفقير والمسكين واحتجت إلى اللغة حتى تجيبك على
هذا السؤال، فالفقير الذي ليس معه مال فهو معدوم، ولكن المسكين ليس كذلك، معه ما لا يكفيه، فهو كأنه يقول: إنما الصدقات للفقراء، وليس فقط الفقراء بل أيضاً المساكين، فلا تشترط في إعطاء الزكاة أن يكون معدوماً. هو مقدم لأنه أحوج وأولى بالرعاية، إلا أن المسكين أيضاً يحتاج إلى الزكاة ويحتاج إلى العطاء ويحتاج إلى سد الفجوات، وإلا سوف يتحول إلى صنف آخر وهو الغارم المديون، وحينئذٍ تعطيه
مرة أخرى وقد فاته العطاء الأول الذي يمنعه من الدين، تعطيه وهو مديون يسد بها دينه وأصلاً هو لا. يقوم بحاجته هو يسد دينه يعني سيعطي هذه الأموال إلى الغير ولكن هكذا أمرنا الله أن نفرج الكرب عن الناس ولذلك جلس علماء اللغة يتدبرون في تلك الفوارق حتى ألف بعضهم وهو أبو هلال العسكري الفروق وقال إن كل كلمة هي قائمة بذاتها ولها معنى وأنه هناك كلمات قليلة معدودة هي التي تترادف
ولكن كل هذه الكلمات إما أن تكون أصلاً ويكون البقية صفة تحمل معنى الصفة كما يقول ابن جني، وإما أن يكون هناك فارق في المعنى بينها وبين الكلمة الأخرى، وإما أن تكون بينها وبين الكلمة الأخرى عموم وخصوص إما أن يكون وجهياً وإما أن يكون مطلقاً وضرب. للترادف التام القدر والبرمة فهما سيان ولم يجد فارقاً في الاستعمال ولا في الشكل ولا في الحجم بين البرمة والقدر، كلاهما واحد. ولكن السيف عندما تسميه
المسلول فهو في حالة القتال، وعندما تسميه القاطع فهو في حالة القطع، وهكذا. ومن هذا الفقير والمسكين إذا اجتمعا افترقا وإذا افترقا اجتمعا، فإذا... عبرت بالفقير فإنك تعني المعدوم ومن يحتاج إلى شيء من المساعدة، وإذا استعملت المسكين فإما أن يكون معناه أيضاً المعدوم أو من يحتاج إلى مساعدة. إذا افترق اجتمع في المعنى، وإذا اجتمع في كلمة واحدة كسياق القرآن في سورة التوبة، فهذا يعني شيئاً وهذا يعني شيئاً آخر. مثل
هذه العلوم. التي تجعل هناك فهماً عميقاً للنص الذي أمامك وتبين لك كيف تطبق يبدو أنها قد عُدِمَت عند النوابذ فلا يعرفون عنها شيئاً أصلاً، ولذلك بدأوا في التعامل مع كتاب الله وسنة رسوله بتعمية، وبدأوا يفعلون هذا أيضاً مع نصوص الأئمة الأعلى، فلم ينج منهم الكلام المقدس كتاباً وسنةً ولم ينج. منهم كلام الأئمة عبر التاريخ، وكل ذلك لأنهم قد افتقدوا التربية. لم يتربَّ،
لم يجلس يدرس بسم الله الرحمن الرحيم ستة أشهر، لم يفعل هذا، لم يجلس على الشيخ فيعترض عليه، ثم يظهر له أن الشيخ هو الذي على الحق، ويتعجب من نفسه تربية ويقول: "يا الله، لقد كنت متأكداً". ولكن طلعت غير ذلك، فلما يحدث هذا معه مرة والثانية والثالثة والرابعة يبدأ يمنع نفسه من العجلة. فيك خصلتان يحبهما الله ورسوله: الحلم والأناة، لأشج عبد قيس: "الحلم والأناة". فهؤلاء يتعجلون، إذاً هناك شيء
قد فُقِد، هناك شيء قد فُقِد وهو التربية، فقدوا التربية ونتج من هذا فقد العقلية الفارقة. التي تفرق بين الألفاظ والتي تفرق بين المعاني والتي تفرق بين المواقف والتي تفرق بين كل هذه المنظومة، ولذلك تراهم يتعجلون. بعد الفاصل نبين لكم كيف يتعجلون. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه.
ما يتعجلون فيه كما سمعت من أحدهم أنه... يسب علماء السنة الكرام أحدهم سمعته يسب الشيخ أحمد بن الصديق الغماري والشيخ أحمد كان يحفظ خمسين ألف حديث سرداً والشيخ أحمد رحمه الله كان يحفظ الحديث بأسانيده والشيخ أحمد الغماري رحمه الله تعالى أحيا مجالس الإملاء في جامع الكخية بمصر القاهرة ومجالس
الإملاء يجلس فيها المحدث فيتكلم عن الحديث بأسانيده ورواياته ومداخله ومخارجه ويصحح ويضاعف ويشرح حتى يتم الأمر إملاءً وليس من كتابه. ألف الشيخ أحمد بن الصديق الغماري كتاباً سماه "المداوي لعلل المناوي"، وذلك أن أحداً وهو الشيخ عبد الرؤوف المناوي قام بعمل كتاب أو شرح على الجامع الصغير للسيوطي أسماه "فيض القدير شرح الجامع". الصغير لكنّه
أخطأ كثيراً في النسبة وفي التصحيح وفي التضعيف، فألّف أحمد رحمه الله كتاب "المداوي لعلل المناوي"، يعني كأنه طبيب سيداوي المناوي من عِلَلِه التي وقع فيها، وهذا الكتاب ألّفه في مجلدين كبيرين بخط يده رحمه الله تعالى وطُبِع، فلما طُبِع أُسنِدَت - أُسنِد تصحيحُه لاثنين من المحققين، يقول الشيخ. أخرجه البزار. لما
ألف الشيخ الكتاب، كان البزار مخطوطًا بسند ويسوق السند ثم يتكلم على رجاله ثم يبين إذا كان صحيحًا مقبولًا أو ضعيفًا مردودًا في طول الكتاب، وانتهى منه في شهور. فجاء المحققان ليعيد كل نص إلى كتابه بعد أن طُبع. الشيخ أحمد توفي عام ألف وتسعمائة وستين ودُفن. هنا بمدافن الغفير، وهي منسوبة إلى أحد الصحابة اسمه غافر على طريق صلاح سالم. هكذا يكون أحمد سعيد على يسارك والغفير على يمينك، فهو مدفون هناك
في ذلك المكان. فالشيخ أحمد ألّف الكتاب وتوفي، وجئنا في سنة أربعة وثمانين وطبعنا الكتاب، فلم يجد المحققان كلمة واحدة مخالفة أو على. سبيل الخطأ السيد أحمد بن الصديق العماري هذا المحدث الفذ وحافظ الدنيا كان يقول عنه بعض خصومه وكان ابن حجر العسقلاني قد أحياه الله مرة أخرى. هذا الرجل يشتمه النابتة قاتلهم الله. هذا الرجل زار
سيدنا الشيخ أمين البغدادي محمد أمين البغدادي في الظاهر جشنكير في خلوته التي كان يعبد. الله فيها، فلما دخل عليه وهو شاب، الشيخ أمين البغدادي مات سنة ألف وتسعمائة وأربعين، والشيخ أحمد مولود ألف وتسعمائة، والزيارة كانت سنة ألف وتسعمائة وثلاثين عندما كان عمره ثلاثين سنة. فلما دخل عليه وكأن الشيخ استعظم حاله وتعجب منه: "ما هذا؟ ما الأمر؟ ما الذي حصل؟" الشيخ رأى. رأى نوراً داخلاً هكذا، وجلس وتباحث، وسأله السيد أحمد أسئلة،
فأجاب سيدي الشيخ محمد أمين البغدادي. ثم قام لينصرف، فقال له: "تفضل يا سيدي، اخرج من الباب أولاً" لأنه أكبر منه سناً، وهو جاء يعتقد فيه الولاية والصلاح والعلم. فأحمد الصغير يقول للرجل الكبير وهو حينئذ عنده أكثر من ستين سنة، الشيخ البغدادي تفضَّلَ يا سيدي وقال: "تقدَّم على مَن تتلألأ أنوار النبوة في صدره، يرى الأحاديث أنوار النبوة، ويرى الرجل قد وفقه الله لحفظ أنوار النبوة، فيرى النور
قد فاض عليه وبدت عليه بهجته، فلا يتقدم مَن خصَّه الله بحفظ أنوار النبوة." النابتة عندهم، هذا الأدب عندهم، هذه. النظرة يَرَوْنَ أنوار النبوة، يَرَوْنَ هذا ضعيفاً وهذا صحيحاً وهذا وهماً. أجهلُ من دابةٍ. مناسبة ذلك أن الشيخ أحمد بن الصديق ألَّف كتاباً يُبيِّن فيه للنابتة أن يتوقفوا وألا يتسرعوا، وذلك أسماه "إحياء المقبور في استحباب اتخاذ المساجد على القبور". فقولوا
انظروا رسول الله يقول: "لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا". قبور أنبيائهم وأوليائهم مساجد كأنه كره ذلك، وهذا يقول استحباب بناء المساجد على القبور! ما الذي حدث؟ النص موجود في البخاري، وفي حديث أم سلمة أنها جاءت فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم أنها دخلت كنيسة في الحبشة فوجدت فيها تصاوير تمثيل، فقال: "هم شرار الخلق"، ذلك أنه إذا مات الصالح فيهم بنوا عليه مسجداً وصوروا
له التصاوير كأنه ينهى عن ذلك. ما هذا الحادث؟ حافظ السنة ألّف ليورد كلام الأئمة الأعلام الأتقياء الأنقياء الفقهاء، وهذا ناشئ معه حديث يظن أنه واضح، يعتقد أنه قد فهمه لأن الأمر سهل. فعندما سألنا مشايخنا عن هذا، لأننا بحمد الله وجدنا من نرجع إليه. إليه فقالوا: مساجد جمع مسجد، ومسجد مصدر ميمي يصلح للدلالة على الزمان
والمكان والحدث، وعلى ذلك فمسجد معناها زمن السجود أو مكان السجود أو نفس السجود، ويبني عليه مسجدًا أي مكانًا يُسجد عليه فيه للمقبول تعظيمًا لشأنه والتماسًا لبركته، وهو ما لم يحدث عند المسلمين قط، لا صورنا الصور ولا التماثيل لم نضعها في مساجدنا، ولم نأتِ للقبور فنبني عليها مكاناً نضع فيه الجبهة لمن في القبر، لم يحدث ذلك. أما المسجد بمعنى جامع فهذا أمر آخر، أما الذي بمعنى جامع
فمنه قوله تعالى: "وأن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحداً" يعني الجوامع، ومنها قوله تعالى: "قال الذين غلبوا على أمرُهم لنتّخذنّ عليهم مسجداً يعني جامعاً، وعلى هذا صار المسلمون فلم يعبدوا من في القبر ولم يرسموا علامة للسجود على الأعتاب. وفي ذات الوقت هم بنوا المساجد على ما اختاره الصحابة الكرام لسيد الخلق وصاحبه. إذاً هؤلاء الناس ضُلّال لا يعرفون شيئاً. إلى لقاء آخر، نستودعكم الله والسلام عليكم. ورحمة الله وبركاته