#حديث_الجمعة | كيف يتم اختيار الأمام في الصلاة وما الفرق بين المؤذن و الأمام

#حديث_الجمعة | كيف يتم اختيار الأمام في الصلاة وما الفرق بين المؤذن و الأمام - السيرة, سيدنا محمد
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع سيرة سيدنا صلى الله عليه وآله وسلم نعيش هذه اللحظات، نتبرك بذكرها ونستفيد من دروسها ونعيش في ظلاله، فهو الحبيب المصطفى والنبي المجتبى صلى الله عليه وآله وسلم. تكلمنا عن الأذان وعرفنا أن الذي رآه في
المنام عدد من الصحابة وأن أول من أخبر به عبد الله بن زيد رضي الله تعالى عنه وأرضاه وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال له علمه بلالاً فإنه أندى منك صوتاً وكان بلال يعتلي المسجد ويؤذن وكان صوته حسناً وكانت له طريقة في الأذان وهذه الطريقة دخلت قلوب المسلمين وقلوب غير المسلمين، وبلال عندما توفي النبي صلى الله عليه وسلم وانتقل إلى الرفيق الأعلى امتنع عن الأذان ولم يستطع أن يستمر لأنه كان يحدث له حالٌ عندما يؤذن فيتذكر
رسول الله، وعند تذكره لرسول الله يغلبه البكاء فلا يستطيع أن يؤذن، فاعتزل الأذان ومرة رجع بلال. من العراق إلى المدينة، فطلب أهلها ممن حضروه من الصحابة الكرام وأبنائهم وأهلهم أن يؤذن، فأذّن فأبكى المدينة كلها. تذكروا ذكريات النبي وأيام النبي فبكوا. لم يعد هناك أحد في المدينة وهو يسمع بلالاً يؤذن إلا وبكى. رضي
الله تعالى عنه وأرضاه، وكان بلال من السابقين إلى الإسلام. وكان من المهاجرين إلى الله وكان قد حرَّره أبو بكر رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وبلال كان النبي صلى الله عليه وسلم قد مرَّ وقال له: "يا بلال، سمعتُ خشخشةَ نعليك قبلي في الجنة، فبمَ هذا؟" قال: "والله لا أدري يا رسول الله، ولكني كلما توضأتُ صليتُ ركعتين". قال: "بهذه يا بلال". بلال في المنام رمزي، رأى النبي أن الله قد رضي عن بلال رضاً واسعاً، حتى أنه سبقه في
الجنة. هو لا يسبقه سيد الخلق، فهو أول من تُفتح له الجنان، لكن الرؤية رمزية تشير إلى مدى رضا الله عن بلال. وأذِن للنبي صلى الله عليه وسلم بلال وعبد الله. ابن أم مكتوم وكان ضريراً وأبو محذورة في مكة وأخو صداء وذكرنا حديثه من قبل وأقام له عبد الله بن زيد وأخو صداء أيضاً والنبي صلى الله عليه وسلم في حياته لم يؤذن إلا مرة واحدة في الصحراء وقيل في شأن ذلك أنه لم يؤذن لأن من سمع النداء من أمته. ولم يلبِ كفر ورحمة بالأمة فإنه
لم يؤذن، بعضهم قال إن مقام الإمام أعلى من مقام المؤذن ولذلك كان إماماً ولم يكن مؤذناً، وبعض العلماء لاحظ هذا المعنى أنه لو أذَّن وقال: حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، يعني يأمرك أن تأتي فلم... تأتي فتكون مصيبة، وتكون قد وقعت في المحظور، وخالفت رسول الله في ندائه، وبذلك تكون كفرت. فرحمةً بالأمة لم يؤذن أبداً، على الرغم من أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أحسن الناس صوتاً. نعم، فالنبي صلى الله عليه وسلم كان له مقام الإمامة، وأذَّن
مرة واحدة في حياته وفي الإمامة. أمَّ الناس، لكنه مرةً كان قد ذهب ليتوضأ فتأخر عن الجماعة في سفر، وظنوا أنه قد صلى، فصلى بهم عبد الرحمن بن عوف. فجاء النبي وصلى وراءه، وعبد الرحمن لا يدري. فلما انتهت الصلاة وجد رسول الله وراءه، فقال: "ما من نبي إلا صلى وراء صاحبٍ من أصحابه فهو حواريه". فعبد الرحمن بن عوف ذهب وأخذ لقب حواري من ذلك اليوم، أصبح عبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه بمثابة حواري رسول الله. عندما يسألك أحد في الألغاز أو في
أي شيء: من هو حواري رسول الله؟ فتجيب فوراً: عبد الرحمن بن عوف. ومن هو أمين هذه الأمة؟ أبو عبيدة بن الجراح، لماذا؟ لأن وفد نجران، جماعة أهل نجران، قالوا له: أرسل معنا رجلاً، ولا ترسل معنا إلا أميناً. فقال: "لأرسلن معكم أميناً حق أمين الله". فاشرأبت لها أعناق الصحابة، كل واحد منهم قال: أنا هنا يا رسول الله، لأن هذه شهادة كبيرة أن يرسل واحداً أميناً حقاً. فكل واحد ينظر هكذا اقرأ أبا، اقرأ أبا، يعني هم كانوا جالسين في استرخاء هكذا وبعد
ذلك ماذا؟ ظهر ها نحن هنا، يعني أنا أم ماذا؟ إنني أريد أن آخذ هذا الفضل. كانوا يسارعون إلى الخيرات، عندما يشهد لك سيدنا فهذا شيء عظيم، يعني ليس هذا طلباً للدنيا بل هو طلب. للآخرة فقال: قم يا أبا عبيدة بن الجراح، فأصبح اسمه أمين هذه الأمة عليه الصلاة والسلام. إذًا هذا شأن الأذان، علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس من أجل جمع الأمة إلى صلاة الجماعة. كان المسجد في عصره وقد جعله كذلك مدرسة يعلم فيها الناس، ولما
حصلت غزوة بدر جعل... أسرى بدر يعلمون من علم عشرة أُطلق سراحه، فكان يريد إزالة أمية الأمة. كان صلى الله عليه وسلم يقضي بين الناس في المسجد، فهو محكمة أو مجلس تحكيم. الفرق بين القاضي والمحكّم هو الإلزام، فالقاضي كلامه ملزم، أما المحكّم فكلامه غير ملزم. لابد أن يرضى الطرفان به، فإذا لم يرضيا به فسننتقل إلى... القضاء ولذلك يقول لك تَحُلُّ هذه المشكلة بالتراضي أو بالتقاضي. التراضي أن نجلس ونُحضِر لنا كبيراً ونقول له: كيف نحلها؟ فيقول:
افعلوا كذا، خُذْ أنت كذا، سوِّ كذا. وهذا يفعله الإخوة مع بعضهم عندما يكونون في شركة، أو عندما يكونون في ميراث، أو عندما يكونون في أمر مماثل، فيقومون بإحضار الكبير. خاصتهم يفصلوا بينهم ويتصالحوا دون أن يذهبوا إلى المحكمة، لكن التقاضي يعني أننا سنذهب إلى المحكمة. وقد فعل النبي الأمرين؛ حكم، فلما لم يصلح التحكيم أحالها إلى القضاء. بعد الفاصل نراه
ومن والاه. كان رسول الله صلى الله عليه وسلم له مهام عديدة، منها أنه إمام، ومنها أنه معلم، ومنها أنه قاضٍ، ومنها أنه مفتٍ يستفتونك فكان مفتياً، قل الله يفتيكم، يعني أيضاً سينزل الإفتاء بالوحي، ومنها أنه كان قائداً للجيوش، ومنها أنه كان زعيماً للأمة، ومنها أنه كان نبياً مربياً. مهام
كثيرة يشير إليها الإمام القرافي في كتابه الفروق، ما الفرق بينه وبين حكمه قاضياً وحكمه مفتياً وحكمه معلماً وحكمه صلى الله. عليه وسلم مربياً وحكيماً وزعيماً وقائداً، وهكذا كانت له مهام وُزعت بعد ذلك على الأمة. ذكرنا في الجزء الأول من تلك الحلقة أن هناك فارقاً بين المُحَكِّم والقاضي، وبين المفتي والقاضي، فالمفتي والمُحَكِّم كلامهم ليس مُلزِماً، بل لا بد فيه من رضا الطرفين، فإذا أتاني اثنان وأتيت لهم
بما إذن والله فيمكن لأحدهما أن يعترض ويقول لي: "فتواك هذه لا تلزمني"، أو المحكَّم حكم بينهما فيقول: "لا تلزمني". فحَكَمٌ من أهله وحَكَمٌ من أهلها، هذا هو التحكيم وليس قضاءً. إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما. التحكيم من الممكن جداً ألا يصل إلى شيء، لكن القاضي لا، القاضي لابد أن يصل وكلامه ملزم. قلت له: "خلاص، أنا قاضٍ حكمت عليك بالتفريق بينك وبين زوجتك". قال له: "لا يلزمني، هذه زوجتي وأنا
لن أترك زوجتي". قال له: "خلاص، لم تعد زوجتك، فأنا حكمت، وحكم القاضي ينهي الخلاف، وحكم القاضي يعبر عن حكم الله، وحكم القاضي يقع فيغير الواقع. خلاص، حكم القاضي هكذا". شأنه هكذا فالمرأة تعتد ثم تتزوج زوجاً آخر، فيقول: لا، أنا لست موافقاً على ذلك. توافق أو لا توافق، اضرب رأسك في الحائط أو لا تضرب. هو ليس يضرب رأسه، بل يضرب رأسه في حائط القضاء الذي يعبر عن حكم الله ظاهراً وباطناً. نعم، يوجد فرق، لا يصح أن تقول. هكذا فالنبي
صلى الله عليه وسلم علّم الناس كل هذا، علمهم العلم، علمهم التقوى في التربية، علمهم الإمامة والصلاة، علمهم كثيراً من هذا الشأن. سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس خمس مرات كل يوم، بيته مفتوح على المسجد، بيوت رسول الله مفتوحة على المسجد، يدخل البيت خلاص ما ليس بينه وبين المسجد إلا خطوة واحدة، وما عليه إلا أن يضع قدمه هنا. ولكن كان مرة سيدنا يصلي فقال للسيدة عائشة: "أحضري لي شيئاً مثل
الشال أو نحوه، فالدنيا باردة". فقالت له: "لكنني يا رسول الله، مع أنني جالسة هنا والمسجد هناك، إلا أنني حائض". كانت تظن - مسكينة. أن الحائض عندما تمد يديها هكذا، فإن المكان الذي مدت يديها فيه يكون قد دخل المسجد وهي نجسة. الأمر ليس كذلك، فالحائض ليست نجسة. إنما كنا نخشى في الزمن السابق، قبل أن يصنعوا الأشياء التي تمنع سيلان الدم، كنا نخشى على المسجد أن يتلوث فقط، لكن الحائض في حال حيضها طاهرة. فقال سبحان الله ليس حيضتك بيدك، هي حيضتك. هل يدك فيها
حيض؟ إن يدها فيها حدث وليس حيضاً، فلا مانع أن تُدخلي يدك هكذا وتناوليني الشيء الذي طلبته منك. سبحان الله! ليس حيضتك بيدك. الإسلام بخلاف اليهودية، فاليهودية تعتبر المرأة نجسة ولا يؤاكلها زوجها، ولا تطبخ له ولا يأكل معها. من يدها ولا يأكل معها أو أمه. لا، الإسلام دين سماحة ويسر. وحقيقةً، أبو هريرة مرة كان جنباً، فالنبي لمحه هكذا من بعيد وهو يمشي في الطريق، فأبو هريرة ذهب واختبأ وراء شيء ما، فالنبي لحق به ووصل إليه وقال له: "تعال هنا، لماذا تختبئ مني؟" قال له: "يا رسول الله، أنا جنب وأنت
ستقول لي السلام عليكم وسأضطر أن أقول عليكم السلام أو تصافحني". أو أن اليهود أفهموهم أن الجنابة والحيض هي نجاسة وأن المؤمن يكون نجساً هكذا. قال له: "سبحان الله! المؤمن لا ينجس، جنباً كان أم غير جنب، المؤمن طاهر دائماً، لكن الجنابة هذه تمنع من..." الصلاة للحائض تمنع من الصيام، فلا تصوم المرأة الحائض ولا تصلي، لكن المؤمن في ذاته هو طاهر، سبحان الله، المؤمن لا ينجس. فسيدنا النبي صلى الله عليه وسلم عندما بنى المسجد وأصبحوا يصلون، بدأ يعلمهم الإسلام شيئاً فشيئاً،
وبدأ يعلمهم ما قد تعلمناه وألفناه بعون الله تعالى وحمده. وشكرنا له على منته أننا جعلنا مسلمين فتعلمنا الصلاة وتعلمنا الصيام وتعلمنا الزكاة وتعلمنا الحج وتعلمنا كذا وكذا وأصبحت المسألة سهلة علينا لكن قديماً كان هؤلاء حديثي عهد بالشرك ويحتاجون أن يتعلموا الأمر من أوله لآخره. فمما كان كذلك أن علمهم الصلاة وقال الصلاة خير موضوع هو يريد. يخفف عنهم تكليف الصلاة. الصلاة هذه قال الله تعالى عنها: "وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين". يعني الصلاة صعبة. هل يوجد شخص يفعل هكذا ويصلي خمس مرات كل يوم؟ كل يوم
وليس مرة في الأسبوع، خمس مرات كل يوم. تخيل أن المسلمين صلوا خمس مرات كل يوم وأنهم ما زالوا يصلون هكذا. في مشارق الأرض ومغاربها، تخيل أن المسلمين هم الذين يسجدون لله الواحد القهار وحدهم. إن أمة الإسلام تدل على صحة دين المسلمين. لماذا؟ لأن الله موفقهم. والذي يصلي يا أخي ليس متبرماً ولا شيئاً، بل يصلي. قم إلى الصلاة، فكلما صليت أكثر كلما تعلق قلبك بالمساجد، أي بمواضع العبادة. السجود الذي يتجاهل ولا يصلي تجد الصلاة ثقيلة عليه، والذي يتعود عليها تجدها أسهل
ما يكون ويريد أن يؤديها ليلاً ونهاراً. سبحان الله، هذه كلها معجزات، كلها آيات. فقال صلى الله عليه وسلم: "الصلاة خير موضوع"، وقال: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر". وانظر إلى الدقة، قال: ماذا؟ لقد كفر، لم يقل فهو كافر. وهنا يعلمنا الإمام الشافعي كيف نقرأ. انظر، قال: "قد كفر" يعني أتى عملاً من أعمال الكفر، ولم يقل "كافراً". قلنا له: هل تختلف "كفر" عن "كافر" يا مولانا الإمام الشافعي؟ قال: نعم بالطبع تختلف. "كفر" فعل يفيد التجدد والحدوث، شيء ما
آتٍ. ورائحة عرض يعني كافر اسم يصبح كافر هذه مصيبة اسم والاسم يفيد الدوام والثبات ففي فرق بينهم فمن ترك الصلاة فقد أتى بعمل من أعمال الكفر حتى ولو لم يسمى كافراً لأنه ما زال يشهد الشهادتين وما زال يحب النبي وما زال كذا إلى آخره قوم نقول له حسناً ربنا يتوب عليك وترجع. مرة ثانية إلى حلاوة الصلاة، إلى لقاء آخر، أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.