حقوق الجار | مجالس الطيبين | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه أيها الإخوة المشاهدون أيتها الأخوات المشاهدات في كل مكان السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا ومرحبا بكم في حلقة جديدة من حلقات مجالس الطيبين ومع سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الشهر العظيم نلتمس منه الهداية في حياتنا اليومية، والنبي صلى الله عليه وسلم مما علمنا إياه وأكد وكرر بطرق مختلفة أمورا بدأنا نسمع
الشكوى بشأنها، ومن ذلك وصيته صلى الله عليه وسلم بالجار. كان الناس الذين رأيناهم منذ خمسين عاما يحبون بعضهم بعضا، والجار له حقوق قد تزيد على حقوق والآباء عند بعضهم كان الناس يقولون لك هذا يصح وهذا لا يصح، كانوا في الحقيقة أناسا طيبين، كان هناك الجار المؤذي والجار المشاكس ولكن ليس في صورة ظاهرة يصبح كل المجتمع ضده، وكانوا دائما حتى
في أمثالهم يتحدثون أن الجار قبل الدار، لو كانت الدار واسعة وجميلة ومريحة فإنهم لا عن الجار أولا لأن الجار هذا هو جزء لا يتجزأ من الحياة، كان الجار هو الذي يسعف وهو الذي ينقذ وهو الذي يغيث إن احتاج الإنسان إلى إسعاف أو مساعدة أو إغاثة، فكان الجار ولا بد أن يظل هكذا هو جزء لا يتجزأ من الحياة لما تطاولنا في البنيان وأصبح العمارة فيها أحيانا تكون مائتي شقة وأحيانا تكون عشرين شقة كانت العلاقات الاجتماعية قد بدأت في التفكك ولم يعد للجار
هذه الأهمية أو لم يعد للجار هذا التقدير الذي كان عليه في الماضي النبي صلى الله عليه وسلم فيما ورد عن عائشة بنت أبي بكر أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها ورضي الله عنها قالت إن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه أي سيدخله في الميراث أي أن جبريل كلما التقى برسول الله صلى الله عليه وسلم يؤكد له حق الجار ويؤكد له أهمية الجار ويؤكد له أن الجار هذا له حياة
الإنسان فلا بد أن نتفقده وأن نقف معه وما دام الله قد جعلنا في جوار واحد نشاركه في أفراحه وأحزانه وأزماته وخيره وشره وفي كل شيء والخير والشر هنا معناهما الفرح والمصيبة وليس معناهما المعصية في كل شيء من الحياة ينبغي علينا أن نقف مع الجار هكذا كرر عليه جبريل حتى ظن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سيكون
من الوارثين لهم أسباب نكاح وولاء ونسب يعني إذا كان هناك بنوة أو أبوة علاقة أن هذا عمي أو أن هذه أمي قوم يرثون في نسب موجود أو نكاح زواج فهذه زوجتي إذن يبقى اثنان: الولاء، وكان في أيام الرق، أيام ما كان فيها عبودية، قام إنسان فأعتق عبدا، والعبد هذا اغتنى ومات، قام هذا الإنسان فورث فيه لأنه
وليه، فكان هناك شيء يسمى الولاء، وعلاقة الولاء كعلاقة النسب. هذا المفهوم للميراث نرى أن هناك سببا من أجل أن نرث، فأين هذا السبب في صلى الله عليه وسلم من كثرة تردد جبريل لحق الجار ومن كثرة تأكيده له ظن أنه سيكون سببا رابعا للميراث، فلو كان قدر الله هذا لرأينا أن الإنسان يرث إما بالنسب وإما بالزواج بعلاقة الزواج وإما بالولاء وإما بالجوار، وهذا لم يحدث في شرع الله ولكن لما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
أنزل الجوار منزلة النسب ومنزلة المصاهرة والعلاقة التي تقوم بين الأصهار ومنزلة الولاء التي فيها نوع من أنواع الإحياء للإنسان عندما نمنحه حريته ولذلك نشأت هذه العلاقة القوية بين المحرر والعبد الذي تحرر الآن وأصبح حرا فكأنه وهبه حياة جديدة وكان سببا في هذه الحياة الجديدة كالأب فهو سبب لوجود الابن أو الأم فهي سبب لوجود الابن ولذلك حديث عظيم جدا لو تأملناه لاختلفت علينا تصرفات كثيرة نقوم بها الآن فلنستمع إلى الشكاوى جاري الذي يسكن
فوقي والحمام عنده يتسرب علي فأقول له حسنا ولكن دعنا ندخل لنرى ما العلة فيرفض هذا كان يبادر بالإصلاح لكن الآن قيمة الجيرة أقل عنده في ذهنه من قيمة إصلاح الحمام، فكيف يضحي بالألف أو الألفين من أجل جاره؟ جاره هذا عنده لا يستحق أي شيء بالرغم من أن هذا الجار لم يؤذه ولم يعن أنهما تشاجرا في يوم من الأيام، لم يتخانق أبدا وبالرغم إلا أننا نجد أنه لا يحبه، لماذا لا يحبه؟ ترتيب الأولويات: التعليم، التربية، الإعلام لم يؤكد
له كما أكد جبريل على سيدنا رسول الله وأكد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الأمة "لا يزال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه" فنجد شيئا من العجائب، جارا من العجائب يضع أعزكم الله الزبل أمام جاره، لماذا يفعل هذا؟ لأن قيمة حق الجار لم تدخل بعد عقله ولم تدخل بعد قلبه. هذه أشياء نستطيع أن نقول إنها سلبيات، لكن هناك أيضا أفعال إيجابية أي أفعال حية أي وليست إيجابية بمعنى أنها جيدة، لا هي ليست جيدة، أفعال شر موجبة. تفعل
ضد الجار ولذلك نرى في حياتنا اليومية وهو يؤذي وليس فقط أنه يعني يمنع عنه الأذى ويفعل له الخير ويعينه ويساعده لا القضية تحولت إلى أيضا إيذاء وضرر وإيقاع بالغير أخرج من طريق أبي شريح الخزاعي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ضيافته من كان يؤمن بالله واليوم الآخر
فليحسن إلى جاره، من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت. انظر إلى هذه النصائح الثلاث من إكرام الضيف ومن الإحسان إلى الجار ومن عدم التكلم إلا بالخير وربطها في الوقت نفسه بالإيمان بالله واليوم الآخر. حقا فهم حقيقة الجوار وحق لا يتأتى إلا مع الإيمان بالله ومع الاستعداد لفهم مدى التوفيق في الدنيا إذا ما فعلنا ذلك ومدى الأجر والثواب في الآخرة أيضا وفي الوقت نفسه إذا ما فعلنا ذلك، فربنا
سبحانه وتعالى لا يضيع أجر المحسنين، ولذلك فما نشاهده من سلبيات سواء أكانت إيذاء محضا للجار أم عدم مساعدة وعدم المعاونة أمر مذموم ينسي حقا من الحقوق المهمة، والنبي صلى الله عليه وسلم يؤكد هذا المعنى فيقول: الجيران ثلاثة، وهذا في أوقات تتعقد فيها الأمور. الجيران ثلاثة: جار له حق واحد وهو الجار المشرك، أي أن هذا الشخص مشرك بالله ملحد كافر، فهو له حق وهو حق الجوار.
هذا جاري، أي بعد هذا الحديث في الحقيقة يعتبر الجار الكافر له حق الجيرة، وجار له حقان وهو المسلم له حق الجوار وحق الإسلام، وجار له ثلاثة حقوق وهو ذو الرحم المسلم فهذا يكون عنده حق الجار وحق الإسلام وحق الرحم، واحد من أقاربي ومن أرحامي جالس بجانبي جار يكون لدينا على علي ثلاثة حقوق، انظر إلى المشرك يعني عابد الوثن له حق، فما بالك بما نحن فيه الآن. إذا لا يمكن
الخروج عن حق الجيرة سواء كان هذا الشخص فاسقا أو كافرا أو مسلما أو ملتزما أو غير ذلك، فإن الجميع يتساوون في حق الجوار وهو معنى مهم نلتقي عليه مرة أخرى إن شاء الله لأن جبريل كان يكرر على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك فإلى لقاء آخر أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته