حول علم الحرف والأوفاق | الدروس الشاذلية | حـ 27 | أ.د علي جمعة

ونحن في الطريق إلى الله سبحانه وتعالى يسأل كثير من الناس عما يوجد في كتبنا وفي أحزابنا من الأوفاق من الأعداد من الألفاظ الغريبة التي تُؤخذ من الجداول وتُؤخذ من المثلثات وتُؤخذ
من التاسعيات وتُؤخذ من علم واسع اسمه علم الحرف، وعلم الحرف لا علاقة له مباشرة بالتصوف إنما هو علمٌ يخدم شيئاً ما لفهمٍ أعمق ونحن في طريقنا إلى الله، ولكن إذا عشتَ حياتك كلها وأنت لا تعلم هذا العلم، فإن علاقتك مع الله لا تتأثر لا بالزيادة ولا بالنقصان. هذه علومٌ مثل علم النحو، مثل علم الصرف، مهمةٌ وبها يستقيم اللسان العربي وبها فهم كتاب الله، إلا أننا نرى أولياء الله قد يخطئون في النحو والصرف في أحزابهم وفيما يكتبون. لماذا؟ لأن هذه علوم مساعدة تجعل
الإنسان يحسن من اللغة، يحسن من الشكل الخارجي لكلامه، لكن من الوارد جداً أنه في الأحزاب وفي الكتب يخطئ الولي ولا يعرف مساحة واسعة من النحو مثلاً، لأن هذا الولي لا نأخذ التفسير أو علم الفقه أو علم التوحيد أو علم المناظرة، بل نستأنس بكلامه اللطيف الذي فيه نوع إشارة لا تنكر ظاهر الآيات، إنما يشعر ويتلقاها بذوق لا ينكر معه الظاهر. إذا أنكره فهو باطل مردود عليه وهو خارج عن أهل السنة والجماعة، لكنه يشرح ذوقه فإذا به معنى لطيف جميل.
أن نعيش فيه وهو لا يخالف الظاهر ولا ينكر الظاهر، هذا شرط الأخذ بالأذواق، ألا تكر على الظاهر بالبطلان، وألا تكون هي الأساس، وألا تقيد الظاهر أو تجعله حتى ثانوياً أبداً. الظاهر مستقر وهو المقياس، ولكننا في الأذواق نتمتع بها المتعة الروحية كالمتعة الحسية، قد تكون حلالاً وقد تكون حراماً. تكون حلالاً إن وافقت الظاهر وتكون حراماً إذا خالفت الظاهر أو أدت إلى مضرة أو إلى أذية الغير لأن النبي وضع لنا القاعدة لا ضرر ولا ضرار.