خطبة الدين المعاملة | 12 - 9 -2014 | أ.د علي جمعة

الذي يؤمن بالله وما شاء الله ويؤمن بالله ويؤمن بالله ويؤمن بالله وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ونبيه وصفيه وحبيبه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح للأمة وجاهد في سبيل الله
حتى أتاه اليقين فاللهم صل وسلم على سيدنا محمد في الأولين وصل وسلم على سيدنا محمد وفي الآخرين وصل وسلم على سيدنا محمد وفي العالمين وصل وسلم على سيدنا محمد في كل وقت وحين وصل وسلم على سيدنا محمد في الملأ الأعلى إلى يوم الدين يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس
واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء، واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا. يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم، ومن يطع الله ورسوله فقد فاز أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله وأن خير الهدي هدي سيدنا محمد رسول الله وأن شر الأمور محدثاتها فكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل
ضلالة في النار كانت الصحابة الكرام رضي الله تعالى عنهم تسمع كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يعلمنا دين الله وهو القائل تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، ثم تتأمل في كلامه الشريف ونصحه المنيف، ثم إنها تستخلص منه القواعد والعبر والأساليب والبرامج وتطبقها في حياتها،
ولقد سار المصريون على نهج الصحابة الكرام فترى كلامهم قد أخذ من الدين وتأثر بالفقه وكان دائما استخلاصا لحكم الكتاب والسنة. وساروا في تقعيد القواعد وفي وضع الأحكام، ومما تركه لنا الآباء من حكمة وتقعيد أخذوها من مجمل الكتاب والسنة قولهم: الدين المعاملة، والدين المعاملة
ليست بآية وليست بحديث ولا توجد في كتب الأقدمين الأولين من السلف الصالح رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، وإنما هي حكمة استخلصها الناس من كتاب ربنا. وسنة نبينا وفهم علمائنا رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم حتى صارت بين الناس قاعدة وشاعت بينهم مثلا وأصبحت نبراسا يحتذى به وصحيح نلخص فيه أشياء كثيرة فهمناها من الكتاب والسنة
والصحابة والتابعين والأئمة المتبوعين حتى أن بعض الناس ظنها حديثا وهو ليس كذلك بل إنها كلمة سائرة طيبة نأخذها ونسير هداها لأنها ملخص لما أراده الله ورسوله، الدين المعاملة، صياغة تشبه كلام سيدنا صلى الله عليه وآله وسلم في قوله "الحج عرفة" أي أن الركن الأهم في الحج هو عرفة، وكما
قال صلى الله عليه وآله وسلم "الدين النصيحة" أي أن الأمر الأهم فيما بيننا هو النصيحة، قالوا لمن يا رسول الله قال لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، صدق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. الدين المعاملة، مع من؟ مع الله ومع رسوله ومع النفس ومع الخلق ومع الدنيا ومع الآخرة. أساس المعاملة بيننا وبين الله
سبحانه وتعالى أننا نؤمن بأنه رب رحيم، واجهنا بالبسملة أول ما واجهنا فقال بسم الله الرحمن الرحيم ووصف رسوله الكريم فقال صلى الله عليه وآله وسلم الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ووصف الله نبيه فقال وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين وكان يصف نفسه فيقول إنما أنا رحمة مهداة تعلمنا
في أساس العلم أن الله سبحانه وتعالى قد أمرنا بالرحمة، فمن لا يرحم لا يرحم، وأن العلاقة بيننا وبينه سبحانه تقوم على الرحمة التي ينطلق منها الحب، فهو يحبنا سبحانه. والمعاملة مع الله يكتب فيها الإمام الغزالي كتابه الماتع "مكاشفة القلوب في معاملة علام الغيوب"، يتكلم فيه أن أساس هذه المعاملة: "فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون وأن
أساس هذه المعاملة والذاكرين الله كثيرا والذاكرات واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون إلا بذكر الله تطمئن القلوب هذه معاملة الله مبنية على عبادته وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون وهذه العبادة هي أركان الإسلام من الشهادتين والصلاة والصيام والزكاة والحج ويتوج ذلك كله الذكر إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله
يعلم ما تصنعون، والمعاملة بينك وبين رسوله قائمة على الصلاة عليه لفظا وعملا. أما اللفظ فقال تعالى فيه إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما، وذهب كثير من العلماء إلى فرضية الصلاة عليه صلى الله عليه وآله. وسلم كلما ذكر وقال صلى الله عليه وسلم أتدرون من البخيل قالوا لا يا رسول الله من بخل بالدرهم والدينار قال البخيل من ذكرت عنده ولم
يصل عليه فاللهم صل وسلم على سيدنا محمد لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون فيجب علينا أن نقول وأن نفعل الصلاة على النبي فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما هذه هي حقيقة العمل في الصلاة على النبي ليس باللسان بل أيضا بالجنان والأركان كما نصلي عليه صلى الله عليه وآله وسلم بألسنتنا وهو حقيقة بذلك وهو فرض من عند ربنا نسلم أمرنا إليه ونرضى
بحكمه فينا والرضا بالحكم فينا بمعنى الصلاة عليه هي أساس المعاملة مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أما التي بيننا وبين الخلق فحسن الخلق والنبي صلى الله عليه وسلم يرشد معاذا ويرشد الأمة كلها فيقول للأمة اتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن وعندما يذهب معاذ إلى اليمن فيقول له وعليك
بحسن الخلق حتى قال فيما رواه الحسن عن أبي الحسن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه عن جد الحسن صلى الله عليه وآله وسلم أحسن الناس خلقا فالذي بينك وبين العالمين أن تكون كالوردة يطلبها الناس ويتلذذون بجمالها وسمتها، والنبي الشريف كان الناس يرتاحون إليه حتى أن المشركين وضعوا ودائعهم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم مشركون يكذبونه، إلا أنهم كانوا يطلقون عليه الصادق الأمين.
أما العلاقة التي بينك وبين نفسك فمعاملتها مبنية على قوله تعالى: إن الحسنات يذهبن السيئات فبادروا إلى الأعمال الصالحة وكان أحدهم إذا أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم واشتكى له ذنبا قد ارتكبه أمره بأن يفعل شيئا من الحسنات أن يتوضأ أن يتصدق أن يصلي ركعتين أن يستغفر الله كل بحسب طاقته وحاله لا تترك ذنبا تقع فيه حتى تعامل بأن تقدموا إلى الله سبحانه وتعالى عملا صالحا واعملوا الخير لعلكم تفلحون، هلموا نتوكل على الله حق توكله،
هلموا نرضى بقضائه وقدره، هلموا نسلم بأمره فينا، هلموا نتبع نبينا، قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله، هلموا نعامل الله ورسوله والناس والنفس والدنيا والآخرة معاملة أرشدنا إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ودلنا عليها وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، والسلام
على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده صدق وعده ونصر عبده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله ونبيه وصفيه وحبيبه وخليله بلغ الرسالة فما قصر وأدى الأمانة
فاللهم صل وسلم عليه بما يكافئ فضله ومكانه ومكانته عندك يا أرحم الراحمين وعلى آله الأطهار وأصحابه الأخيار وأتباعه الأبرار في هذه الأيام نتذكر الأيام التي أمرنا في الكتاب الكريم أن نتذكرها إجمالا فقال تعالى واذكرهم بأيام الله في يوم نجى الله فيه موسى فقال نحن أحق بموسى منهم وصنع شراء لأنه يوم نصر الله موسى فيه على آلة الطغيان فرعون. في
هذه الأيام تحتفل بلادكم بيوم الشرقية وهو يوم خرج أحد أبنائها أحمد عرابي ليأمر بالمعروف ولينهى عن المنكر على قدر جهده وجهده واجتهاده فيبلغ الحاكم. حينما ولى وجهه إلى الخارج ولم يشعر بالمصريين ومصريتهم وبمصالح العباد والبلاد ويعلن له أننا أحرار ويأمره بالمعروف وينهاه عن المنكر فكان
هذا يوما مشهودا تغيرت فيه الموازين وفعل فيه الخير وأثر هذا الفعل في جمهور الناس وقاوموا بعد ذلك الاحتلال البغيض الذي كان يدبر قبلها بحين واستطاعوا أن يحافظوا على هوية مصر وأن يحافظوا على الإسلام في سورة القرآن الذي استمعنا إليه اليوم بصوت ندي شجي يثير الخشوع ويبكي الدموع، نعم
أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبتصحيح المسار متوكلين على الله جل جلاله، نعم في مثل هذه الأيام بدأ المصريون صفحة جديدة. في تاريخهم وما أكثر صفحاتهم التي عانوها في تاريخهم فلنبدأ من اليوم عهدا جديدا نريد فيه إصلاح البلاد ورفاهية العباد وتمكين هذا الدين من القلوب وهو بالمحل الأمكن منها وإحياء سنة المصطفى صلى
الله عليه وآله وسلم، اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم إنك أنت الأعز الأكرم آتنا في الدنيا حسنة الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وأدخلنا الجنة مع الأبرار يا عفو يا غفار احشرنا تحت لواء نبيك يوم القيامة واسقنا من يده الشريفة شربة ماء لا نظمأ بعدها أبدا ثم أدخلنا الجنة من غير حساب ولا سابقة عقاب ولا عتاب كن لنا ولا تكن علينا فارحم حينا وميتنا وحاضرنا وغائبنا فنحن في حاجة إلى
رحمتك ولسنا في حاجة إلى مؤاخذتنا، فهب مسيئنا لمحسننا وأدخلنا الجنة جملة واحدة. يا رب اجعل جمعنا هذا جمعا مرحوما وتفرقنا من بعده تفرقا معصوما، ولا تجعل فينا شقيا ولا محروما. حرر أرضنا واستر عرضنا واسترنا فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض عليك يا رب العالمين. اللهم رد علينا القدس ردا جميلا من غير حول منا ولا قوة واستعملنا فيما تحب وترضى يا أرحم الراحمين ارحمنا يا غياث المستغيثين أغثنا جئنا إليك تائبين وفي عفوك راغبين فاعف عنا بفضلك لا بعمل منا وسامحنا ولا تؤاخذنا
بما فعل السفهاء منا يا رب ارحمنا برحمتك وتب علينا بتوبتك لنا بغفرانك يا أرحم الراحمين، اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.