درجات تغيير المنكر| أ.د علي جمعة | حديث الروح

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه أيها الإخوة المشاهدون أيتها الأخوات المشاهدات في كل مكان السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا ومرحبا بكم في حلقة جديدة من حلقات حديث الروح نلتقي فيها مع سيدنا النبي المصطفى والحبيب المجتبى صلى الله عليه وآله وسلم في حديث متجدد من الأحاديث التي جمعها الإمام النووي رحمه الله تعالى في الحديث الرابع والثلاثين وهو عن درجات تغيير المنكر وأقسامه وأنواعه فعن أبي
سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه وأرضاه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان رواه مسلم وهذا الحديث فيه فوائد كثيرة الإنسان لا بد له أن يبتعد أصلا عن المنكر وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من رأى منكم منكرا فليزله أو فليبتعد عنه ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخاطب أقواما على درجات مختلفة في أحوال مختلفة ويقول
لهم من استطاع منكم أن يغير بيده لأن المنكر إنما هو في دائرة ولايته وسلطانه فليفعل ذلك في بيته وهو رئيس في مكانه ورأى منكرا والظلم من المنكر فإنه يزيله ولا بد والفساد من المنكر وعدم الانضباط والكسل والعجز من المنكر وكان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله سبحانه وتعالى من العجز والكسل وكل هذه الأمور الفساد والظلم والعجز والكسل من معوقات العمل الذي نحن في أشد الحاجة إليه في تلك الأيام وفي هذه الفترة التي تمر بها بلادنا وهو قال اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون
وإذا من رأى منكم منكرا في سلطانه ودائرته فليغيره بيده، فإن خرج عن دائرة سلطانه فإنه يغيره بالنصيحة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالخطاب بتوجيه الكلام، وهذا مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة، أهم شيء في الدين هو النصيحة، أمرنا أن ننصح وأمرنا أن ننصح، قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم للجميع والدين النصيحة كقوله صلى الله عليه وسلم الحج عرفة أهم ركن في الحج والذي لا يتم الحج إلا به عرفة وكذلك الدين أهم شيء
في التناصح والعمل كفريق لينوا في أيدي إخوانكم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإن لم يستطع فبقلبه ولكن ممنوع أن أتوجه إلى فعل المنكر لأن الناس قد شاع فيهم المنكر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يكون أحدكم إمعة يقول أنا مع الناس، إن أحسن الناس أحسنت وإن أساءوا أسأت، ولكن وطنوا أنفسكم على أنهم إن أحسنوا فأحسنوا وإن أساءوا فلا تظلموا، ومعنى لا تظلموا أي لا تظلموا أنفسكم. وذلك أضعف الإيمان، والإيمان الكامل هو أن
تبتعد أصلا عن المنكر ويبتعد المجتمع كله من حولك فيكونوا ممن يعينونك على عبادة الله سبحانه وتعالى، ولذلك رأينا النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتحدث عن إخوانه فقالوا: نحن إخوانك يا رسول الله، قال: لا، قوم يأتون من بعدكم لا يجدون إلا يقرؤونها أجر العامل فيهم كخمسين منكم قالوا منا أم منهم يا رسول الله قال بل منكم فإنكم تجدون عونا على الخير وهم لا يجدون وقد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأدركنا العصر الذي لا نجد فيه عونا على الخير فنسأل الله سبحانه وتعالى المساندة والمعونة والتأييد حتى
لو كان الممسك بدينه كالممسك بالجمر، إلى لقاء آخر أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.