دعاء الرسول | حـ #12 | دعاء الرسول لعمر بن الخطاب | أ.د علي جمعة

دعاء الرسول | حـ #12 | دعاء الرسول لعمر بن الخطاب | أ.د علي جمعة - دعاء الرسول, سيدنا محمد
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. أيها الإخوة الأعزاء، أيها الإخوة المشاهدون، أيتها الأخوات المشاهدات في كل مكان، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وأهلاً وسهلاً بكم في هذا اللقاء المتجدد مع دعاء الرسول صلى الله عليه وآله وسلم. يا رب. استجِبْ فينا دعاء نبيك، كان يحب أصحابه ورباهم فأحسن تربيتهم، كان يحب عمر بن الخطاب. كان عمر شديداً في الحق، لا يقول إلا الحق ولو كان مراً. نعم، كان يتواصى بالحق ويتواصى بالصبر على هذا الحق فيستمر،
ليس يقول الحق ثم يهرب، إنما يقول الحق ويثبت ويصبر على هذا الحق. إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً، كانت هذه مزية في عمر بن الخطاب ظاهرة، وكانت مثل هذه المزية، مزية الشهامة أو نوع من أنواع الفتوة والقوة، كانت موجودة في أبي جهل، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "اللهم أعز الإسلام بأحد العمرين"، عندما يجمع العرب عمرو بن هشام. الذي كان يُكنى بأبي جهل من شدة حزمه فيجهل على أعدائه، فيقول الشاعر بعد ذلك: ألا لا
يجهلن أحد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلين. فكان عمرو بن هشام وعمر بن الخطاب، دعا رسول الله ربنا: "يا رب أعز الإسلام بواحد من هذين الرجلين"، فاستجاب الله لنبيه في... عمر ولم يستجب في أبي جهل، ومات أبو جهل في يوم بدر قتيلاً كافراً على ما كان عليه من وثنية. وعمر في حياته لم يؤذِ النبي صلى الله عليه وسلم، لكن أبا جهل آذى النبي صلى الله عليه وسلم. كان عمر أكثر شهامةً وأكثر فروسيةً وأكثر رجولةً من هذا. اللهم
الإسلام بأحد العُمَرَيْن. العرب عندما يجتمع أبو بكر وعمر يقولون العُمَران. لو فصّلنا العُمَران هذين، يظهر أبو بكر وعمر. إذاً هما ليسا عمر وعمر (عُمَران). عمر وعمر (عُمَران) نسميه مثنى. وأبو بكر وعمر (العُمَران) نسميهما ملحقاً بالمثنى وليس مثنى حقيقياً. المثنى الحقيقي هو الذي يُكرر فيه الاسم بالألف والنون. مسلم ومسلم مسلمان، مؤمن ومؤمن مؤمنان، عمر وعمر عمران. هذا مثنى حقيقي، لكن عمر وأبو بكر عمران، عمر وعمر عمران، يكون هذا ملحقاً بالمثنى. فقولنا "اللهم أعز الإسلام بأحد العمرين" يكون هذا ملحقاً بالمثنى، يأخذ حكم المثنى في
النحو، لكن حقيقته ليست المثنى لأنه عندما نفكه يخرج عمر وعمر وليس... عمر وعمر أو عمر وعمر، عمر وعمر عمران، عمر وعمر عمران، طيب عمر وعمر عمران أيضاً. اللهم أعز الإسلام بأحد العُمَرَيْن: عمرو بن هشام وعمر بن الخطاب، وهذا من الملحق بالمثنى. رسول الله صلى الله عليه وسلم، ذهب عمر بعد أن عرف من قريش أن أخته فاطمة بنت الخطاب أسلمت. هي وزوجها سعيد فذهب إليها في بيتها وضربها لطمة على وجهها وقال: أسلمتِ؟ قالت: نعم،
أسلمتُ. لم تكن هناك دعوة سرية كما يدّعي البعض أو يسميها، كان كل الناس يعرفون الدعوة وكل الناس، ولكن لم يكن هناك صدام بين هؤلاء المسلمين الذين يخافون من أهلهم وبين المجتمع والناس، لكن لما... سألها: "أسلمتِ؟" قالت: "أسلمتُ". قال: "على ماذا؟ يعني لِمَ تُسلمين هكذا وتتبعين شخصاً لا نعرف إن كان كاذباً أم غير كاذب". فقالت: "معه القرآن". قال: "أسمعيني إياه". قالت: "حتى تغتسل، لأنك على حالة الشرك وفيك نجاسة معنوية. لا يقبل القرآن أن تلمسه أو نحو ذلك حتى تغتسل". فقام فاغتسل. انظروا النفسية التي تتطلع إلى معرفة الحق وتتطلع إلى المعرفة ويكون
لديها شهوة المعرفة تريد أن تتعلم. فأتت له بصحف وكان فيها سورة طه، فقرأ: "طه، ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى، إلا تذكرة لمن يخشى، تنزيلاً ممن خلق الأرض والسماوات العلى". فأسلم عمر وقال: "دلّيني على محمد". قالت: "لا أدلك عليه". قال: "دلني فإنني أريد أن أسلم"، فدلته عليه في دار الأرقم بن أبي الأرقم. ولما جاء عمر بالباب، وصوته معروف، كان طويل القامة. كان إذا سار بجوار حائط ظنه من خلف الحائط أنه يركب حصاناً وهو لا يركب. لو حاسبنا هذه الحسبة، يعني لو أتينا بشخص يركب حصاناً... ثم قِسنا من رأسه إلى الأرض
فوجدنا أنه يبلغ حوالي مائتين وسبعين، مائتين وستين، مائتين وسبعين سنتيمتراً، فكان سيدنا عمر بهذا المقياس عملاقاً، وكان من أمثال هؤلاء العمالقة المقداد، وكان منهم ابن معدي كرب، وكان منهم المقداد بن الأسود، وكان منهم حمزة. كانوا رجالاً طوالاً وضخامًا في الجسم، فالنبي صلى جعل حمزة يفتح الباب لعمر، فلما رآه أخذه على يده على ساعده وقال: "ماذا تريد يا ابن الخطاب؟ إن أردت خيراً بذلناه لك، وإن أردت غير ذلك قتلناك بسيفك"، يعني في قوة وفي عزة عند هؤلاء الناس. قال:
"بل أردت أن أسلم"، فتركه حمزة وأدخله على رسول الله، فكبّر الصحابة. الملتفين حوله لأن النبي قد استجاب الله دعاءه فهدى عمر بن الخطاب، وكان في بعض الأحيان يقول: "اللهم أعز الإسلام بعمر، بن الخطاب خاصة". يعني هناك يقول "بأحد العُمَرين"، لكن هنا كان يخص عمر بن الخطاب، فاستجاب الله له، وكان أول ما رآه وضع يده على صدره وقال: "اللهم..." اشرح صدر عمر للإسلام، اللهم اشرح صدر عمر للإسلام واملأه إيماناً، فاستجاب الله له وشرح صدر عمر للإسلام حتى دافع
عنه في كل المواطن، وملأه إيماناً حتى كان ناصراً للإسلام في كل المواقف، وحتى بعدما انتقل النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى الرفيق الأعلى، وكان أحد وزيري. رسول الله أبو بكر وعمر جاء أبو بكر وعمر ذهب أبو بكر وعمر كان يجلس مع أبي بكر وعمر فهما وزيرا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مشورته وفي حله وفي ترحاله فرضي الله عن عمر استجاب الله دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في عمر حتى قال النبي المصطفى: "إن كان منكم محدثون فعمر". الموفق الذي استجاب الله له كان عمر. رضي الله تعالى عنك يا عمر، فكنت فاروقاً بين الشرك
وبين الإسلام. إلى لقاء آخر، أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.