دعاء الرسول | حـ #21 | دعاء الرسول لأبي هريرة | أ.د علي جمعة

دعاء الرسول | حـ #21 | دعاء الرسول لأبي هريرة | أ.د علي جمعة - دعاء الرسول, سيدنا محمد
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. أيها الإخوة المشاهدون، أيتها الأخوات المشاهدات في كل مكان، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هذه لحظات مع دعاء الرسول صلى الله عليه وآله وسلم نعيشها، نرجو الله أن تتنزل على قلوبنا السكينة وأن ينفعنا. به وبدعائه في الدنيا والآخرة، اللهم آمين. من أشد الناس التصاقًا في دروس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان أبو هريرة. جاء وإن تأخر إسلامه إلا أنه لازم الصُّفَّة، وهي موطن يتجمع
فيه طلبة العلم يأخذون عن سيد الخلق صلى الله عليه وآله وسلم، يأخذون عنه العلم ويحملون عنه. العلم وكان أبو هريرة من أكثر الناس حفظاً ومن أكثرهم فهماً لحديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وتتبع العلماء حديث أبي هريرة فوجدوا أن الصحابة قد رووا نفس الأحاديث التي رواها أبو هريرة رضي الله تعالى عنه. كان أبو هريرة متميزاً في تلقي العلم وفي حفظه وفي أدائه. وكان أمينًا غاية الأمانة أبو هريرة، كان في منحة تفرغ والذي كان يصرف عليه هو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ودعا
لأبي هريرة بالحفظ فاستجاب الله له دعاءه. جاء أبو هريرة باكيًا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال: "ما أبكاك يا أبا هريرة؟" قال: "يا يا رسول الله، كنت عند أمي وجئت بكلام عنك، فأخذت تسبك وتسمعني فيك ما أكره، فأتيتك باكياً. فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "اللهم اهدِ أم أبي هريرة". استبشر أبو هريرة وهو يعلم النبي ويرى النبي وحال النبي ودعاء النبي، كلمات بسيطة: "اللهم
اهدِ أم أبي هريرة". فذهب مرة. أخرى انظروا إلى الثقة في الله وإلى الثقة في رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة أخرى. إن الإنسان في هذه الحالة يكون وجلاً خائفاً، لأنها منذ ما لا يزيد عن ساعة أو ساعتين كانت تُسمِعنا في رسول الله ما نكره، وكانت على الشرك. فإذا بالباب فيه فرجة يعني. الذي نسميه في العامية الباب الموارب أي غير مغلق تماماً، قال: فسمعت خشخشة، فقالت: أأنت أبا هريرة
الذي وراء الباب؟ قال: نعم يا أمي. قال: انتظر، فدخلت فلبست درعها (وهو فستانها) ووضعت خماراً على رأسها وقالت: هيا بنا، اذهب بي إلى النبي صلى الله عليه. وسلم أبو هريرة في حالٍ يعني لا يصدق نفسه يعني اذهب بي إلى النبي، أستعملين مشاكل أم ماذا؟ اذهب بنا إلى النبي فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. فقال لها: استجاب الله دعاء نبيه فيك، الله سبحانه وتعالى استجاب لدعاء النبي "اللهم اهدِ
أم". أبي هريرة فإذا بأم أبي هريرة تأتي بعد ساعتين وقد غيرت دينها وتركت شركها وغضبها على رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث استقل أبو هريرة به ولازمه وانقطع عن طلب الرزق واكتفى بالكفاف في مقابلة العلم لأنه يريد أن يتعلم ويريد أن يؤسس نفسه في هذا العلم وهذا الدين. حتى صار أبو هريرة يُذكر وإلى يومنا هذا فيترضى الناس عنه ويقولون: قال أبو هريرة، قال أبو هريرة رضي الله تعالى عنه. كل هذا دعاء مدخر في ميزان أبي هريرة عبر العصور ومر الدهور. كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا
كان مستجاب الدعاء دعا لأبي هريرة. هذا المشهد من الجلال. والجمال المحمدي شاهدناه عند فتح مكة عندما جاء أبو محذورة وأبو محذورة شاب حسن الصوت لكنه يسخر من الأذان عندما رُفع من الكعبة المشرفة فيسير خلف النبي صلى الله عليه وسلم بمسافة وهو يسخر من الأذان ومن كيفية إلقاء الأذان فالتفت إليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال له ماذا تقول يا أبا محظورة؟ قال: لا أقول شيئًا، النبي
منتصر، النبي من أهل مكة، النبي عادت مكة إليه وفتحها. خاف أبو محظورة فقال: لا أقول شيئًا. قال: إذًا فتعالى، ووضع يده الشريفة على صدره. قال أبو محظورة: فذهب ما في صدري، والله كان أبغض الناس إليَّ فصار أحب الناس. انظر إلى هذه البركة، انظر إلى هذا التأييد، انظر ماذا حدث لهؤلاء الناس حتى يدخلون في دين الله أفواجاً. إن الله هو الهادي، يهدي من يشاء ويضل من يشاء. إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء. فقال: ألا أعلمك الأذان يا أبا محذورة؟ قال:
علمني يا. رسول الله فعلَّمه الأذان وعيَّنه مؤذناً للمسلمين في الحرم. انظر إلى الثقة في الشباب، وانظر إلى الثقة في الله، وانظر إلى الثقة وهو كان منذ لحظات يسخر من الأذان ومن المسلمين ومن الدين كله، وكان النبي أبغض الناس إليه، ولكن أبو محذورة تحوَّل ليس مائة وثمانين درجة بل ثلاثمائة وستين. عندما لاقى هذا الجمال من ذلك الجلال وأصبح أبو محذورة في مقام عالٍ جداً وهو ما زال شاباً لأنه أصبح مؤذن الحرم المكي، وهذه مرتبة عالية جداً. إذا وزعنا المهام أو المناصب أو الوظائف الدينية، كان المؤذن
من أعلى هذه المراتب، فهو مؤتمن على دخول الوقت وهو أيضاً يدعو إلى الله بالإضافة إلى الثواب الذي ادخره الله له. تكرر هذا المعنى مع أسيد بن عتاب، ونذكره لكم تفصيلاً في لقاء آخر إن شاء الله. كان دعاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم مستجاباً، وكان يعلمنا كيف ندعو. والعبرة في كل ذلك بالقلوب الضارعة مخلصين له الدين، وليس بكثرة. ليس بالكلام ولا بزخرفته وإنما بالضراعة، اللهم اهدِ أم أبي هريرة. فجاءت بعد ساعات
إلى لقاء آخر. أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.