دعاء الرسول | حـ #24 | دعاء الرسول لجابر بن عبد الله وزوجته | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه أيها الإخوة المشاهدون أيتها الأخوات المشاهدات في كل مكان السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا ومرحبا بكم في هذا اللقاء المتجدد مع دعاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للرجال وللنساء وللمهاجرين وللأنصار وللكبار وللصغار. ها كل من دُعي له وافتخر بها كل من طلب منه الدعاء. عن
جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنه أنه أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في دين على أبيه وقد مات، يعني جابر له قَبْ، والقَبْ... مات على الديون فذهب جابر إلى النبي عليه الصلاة والسلام لعله يكون معه فضل مال أي مال زائد، فقال له: "أنت وزوجتك"، أي ليس فقط سأسدد الدين بل سأزوركم أيضاً. المصريون يقولون "زارنا النبي"
وهم يظهرون الفرح والسرور بزيارة أحدهم ويعظمون شأن هذه الزيارة، يقولون هذه الكلمة "زارنا". تخيل أن النبي فعلاً هو الذي زارك أو هو الذي دخل عليك، فكانت زيارة النبي تعني انزعاج جابر وخوفه من زوجته، لئلا تُشغل النبي أو تؤذيه، أو تتكلم كلمة هكذا أو تتكلم كلمة هكذا. كان يُهيئ الجو المناسب تماماً لراحة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذهب إليها. وقال لها هناك حدث كبير سيحدث، النبي صلى الله عليه وسلم سيزورنا وإياك أن تكلميه أو تؤذيه، ولا داعي للثرثرة
الزائدة ولا الأذى ولا أي شيء، أرجوك. فقالت: نعم، حاضر. فلما أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأكل عندها قالت: يا رسول الله، قال: نعم، قالت: صلِّ عليَّ. وعلى زوجي صلِّ، أي ادعُ لي، كما أن الله وملائكته يصلون على النبي، يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً. صلوا عليه يعني اطلبوا بقول: "اللهم صلِّ على سيدنا محمد"، "اللهم" هذا دعاء، صلِّ على سيدنا محمد بالبركات والنماء وعلو الدرجة وإتيان السؤال وبالشفاعة الكبرى يوم القيامة
وبالحسنات وبالرقي. حتى الفردوس الأعلى، يعني الدعاء هكذا: "مَن قدَّم لكم معروفًا فجازوه، فقولوا له: جزاك الله خيرًا". الجزاءات التي نقدمها لسيدنا الرسول صلى الله عليه وسلم تتمثل في الصلاة. قبل ذلك، سيدنا الرسول قال لعبد الله بن أبي أوفى: "اللهم صلِّ على آل أبي أوفى"، فإذًا يجوز للنبي أن يدعو بهذا. الدعاء للمرأة، قالت: "صلِّ عليَّ وعلى زوجي". فقال: "اللهم صلِّ على جابر وعلى زوجة جابر". نالتها، نالتها وحصلتها، وأصبحت الآن النبي عليه الصلاة والسلام دعا لها. فجابر
بصَّلها هكذا: "أنا ألم أقل لكِ يا ستي ألا تؤذي النبي ولا تكلمي النبي؟" فقالت له: "يا جابر، رسول الله في بيتي". ولا تريد أن أطلب منه أن يصلي علي وعليك، هذا الأمر غير مفهوم لي. وصدقت رضي الله تعالى عنها، فقد فازت هي وزوجها. سدد رسول الله دينه ودعا لها وله. ودخلت امرأة جابر، زوجة جابر، دخلت التاريخ. هذه هي المرأة التي قال رسول الله لجابر فيها: "من تزوجت؟" قال: "تزوجت". امرأة ثيباً قال: "هلا تزوجت بكراً؟" فقال: "لا يا رسول الله، إن عندي إخوة
صغاراً بنات، لو أحضرت لهم فتاة بكراً ستلعب معهم وليس لديها تحمل للمسؤولية، فهي تريد أن تعيش حياتها، ولكني أتيت بثيب حتى ترعاهم وتكون لهم كالأم". فيُستنتج أن جابراً فضّل هذه المرأة وإن كانت كبيرة. في السن على المرأة صغيرة السن التي تحتاج إلى رعاية أيضاً وتحتاج إلى فرصة للحياة، وللطبيعة. الإنسان لو يتأمل في كل هذه المعاني يفهم قيماً أخرى غير القيم التي يُراد لنا أن نفهمها من المتطرفين ومن المفرطين. فدعا النبي لجابر ودعا لزوجة جابر،
واستجاب الله دعاء النبي صلى الله. عليه وسلم وظل الزوجان في هناء وفي سعادة وفي استقرار في ظل صلاة النبي المصطفى والحبيب المجتبى يعني في طلب الرحمة والبركة والنماء والصلة والهدوء النفسي والسكينة والثقة وكل هذه المعاني التي تجعل الإنسان مدركاً لحقيقة الدنيا ومدركاً لأن هذه الدنيا فانية وأنها لا تساوي عند الله جناح بعوضة وأنه لا نفرح بالموجود ولا نحزن على المفقود وأن لكل أزمة ولكل مشكلة ولكل كدر ونكد نهاية وحل، ثم
بعد ذلك أن تطمئن القلوب وتسعد بذكر الله. ألا بذكر الله تطمئن القلوب. عاش جابر وعاشت معه زوجته وعاش معه إخوته في هناء، وذلك بعد استشهاد أبيه الذي كان من كبار الصحابة. وكان جابر بن عبد الله الأنصاري فنحن أمام نماذج وكلها من خلال دعاء النبي الذي كان مخلصاً في دعائه وكان متعلقاً بقلبه وكان مدركاً وواعياً ومستحضراً لمراد ما يريده من الله سبحانه وتعالى فكانت الاستجابة على قدر
هذا العطاء. سيدنا الرسول صلى الله عليه وسلم كان يطوي جائعاً وأمرنا وقال. بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، وأمرنا فقال ونفذ أمر ربه: "قم الليل إلا قليلاً"، وأمرنا بأن نعتكف وأن نقلل من الكلام وأن نبتعد عن اللغو، فكان جديراً من هذا الفم الطاهر أن يستجيب الله له، واستجاب الله له. إذا أردنا أن يستجيب الله لنا فعيشوا رسول الله صلى الله. عليه وسلم في أنفسكم وفي أهليكم وفي حياتكم. إلى لقاء آخر، أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.