دعاء الرسول | حـ #27 | دعاء الرسول لأم حرام بنت ملحان | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه لأمته، لصحابته، للمهاجرين، للأنصار، للشباب، للشيوخ، للرجال وللنساء، بل وللناس أجمعين. نعيش هذه اللحظات مع دعائه صلى الله عليه وآله وسلم. اليوم نرى. قصة يغفل عنها كثير من الناس، كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم عندما أتى المدينة أتت له امرأة اسمها أم سليم بنت
ملحان. وأم سليم بنت ملحان كانت متزوجة برجل اسمه طلحة أو طليحة. فهذه أم سليم معها ابنها ذو العشر سنوات أو إحدى عشرة سنة، أنس بن مالك الصحابي. المشهور الذي روى كثيرًا عن رسول الله لأنه كان خادمًا لرسول الله، قالت: "يا رسول الله، هذا أنس يخدمك"، إذ أمُّ سُلَيم بنت مِلحان ترسل ابنها من أجل ملازمة سيد الخلق وخدمته. وكان أنس إذا كان في مشوار أو إذا كان في حاجة يريدها من السوق أو نحو ذلك، يبعث أنسًا.
يُحضرها ويأتي بها فيقول: فما نهرني يوماً قط، ومرة غبتُ عنه وذهبت ألعب مع الصبيان فتأخرت عليه. فلما جئت قال لي: أرهقتني يا فتى، أتعبتني، انتظرتك كل هذا الوقت. لولا أني أخاف الله لأوجعتك بهذا السواك. والسواك يعني عوداً، أي أنه لن يُسبب أي ألم له إن ضربه به هكذا أبداً. قال: فهذا كان أشد ما قاله لي. عشر سنوات لم يشتكِ أنس مرة واحدة إلا هذا الموقف الجميل الذي حدث من رسول الله
صلى الله عليه وسلم مع هذا الخطأ الذي وقع فيه سيدنا أنس رضي الله تعالى عنه وأرضاه. أم سليم بنت ملحان لها أخت اسمها أم حرام بنت. مُلْحَان، وكانَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم يذهبُ إليها، يبدو أنه كانَ عندها منامةٌ يعني سريرٌ أو شيءٌ ينامُ عليه، فنامَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم عندها. النبيُّ عليه الصلاةُ والسلامُ طوالَ الليلِ ساهرٌ يقومُ الليلَ، وطوالَ النهارِ في التعليمِ والقضاءِ والجهادِ وتحصيلِ الأرزاقِ إلى آخرهِ، فذهبَ لينامَ في... هذا المكان هذه الاستراحة عند
أم حرام بنت ملحان التي هي خالة أنس التي هي أخت أم سليم بنت ملحان. تحكي أم حرام بأنها كانت تنتهز فرصة مناسبة حين ينام النبي وتأتي لتفلي رأسه، أي تسرح له شعره بهدوء وهو نائم. كانوا يحبونه صلى الله عليه وسلم، كانوا... كانوا يحبونه ويُعزّونه، فقام النبي صلى الله عليه وسلم من نومه ضاحكاً، قام يضحك كثيراً، فقالت: أضحك الله سنك يا رسول الله. كلمة "أضحك الله سنك" هذه معناها عند العرب: أنت تضحك لماذا؟ أضحِكنا معك. معناها هكذا: أضحك الله سنك يا رسول الله. قال: رأيت أقواماً من
أمتي عُرضوا. على يركبون ثبج هذا البحر غزاة في سبيل الله. فلما رأت أم ملحان أم حرم بنت ملحان الفرحة هكذا والسرور من هؤلاء الذين يركبون البحر غزاة في سبيل الله، وقد تم هذا فعلاً بعد ذلك، قالت: "ادعُ الله لي يا رسول الله أن أكون منهم". قال: "اللهم اجعلها منهم"، ونام. مما يدلك على أنه كان مرهقاً وكانت الملائكة تقول تنام عينه ولا ينام قلبه من شدة الإجهاد الجسدي البشري المحتاج إلى رحمة، ثم قام فضحك
أيضاً أي من النوم يضحك، فقالت: "ما يضحكك يا رسول الله؟" قال: "رأيت أقواماً آخرين يغزون في سبيل الله". قالت: "إذاً فادعُ الله أن يجعلني". منهم قال: أنت من الأول أنت مع الجماعة الأولين، الجماعة الثانية هذه أنت لست فيهم، لكن الجماعة الأولين دعوت الله لك أن تكوني منهم. انتقل رسول الله وبدأ المسلمون في غزو الروم، وذهب معهم أبو أيوب الأنصاري ومات هناك في اسطنبول. الآن في تركيا تجد قبر أبي
أيوب الأنصاري وكان الأتراك المسلمون يفتحون كوة في قبة أبي أيوب ويسألون الله نزول الغيث فينزل المطر للسقيا. وإذ فعلاً أم حرام بنت ملحان، يستجيب الله دعاء نبينا فتذهب في هذه الغزوة. فلما ذهبت في هذه الغزوة نزلت إلى الأرض من البحر، يركبون سفناً كالأسرّة على وجه البحر، فعلاً وجدت الذي قال. قال لها رسول الله هو تم تمام، فلما نزلت وجاءت تركب الجمل، جمحت (أي أن الجمل رماها)
فماتت استشهدت، ولذلك لما قالت له: "أكون من الآخرين يا رسول الله" مرة أخرى، قال: "لا، أنت من الأولين"، لأنه حدثت شهادة وهي في حالة الغزو مع الجيش الإسلامي الذي ضرب أسوار روما. إذا فانظروا إلى هذه الشفافية، انظروا إلى هذا الوحي، انظروا إلى هذا الإلهام، انظروا إلى هذا التوفيق في دعاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وكل هذا هو الذي نريد أن نكون متبعين فيه رسولنا، بجعل قلوبنا قلوباً عامرة بالذكر، متعلقة بربها، بمعنى القلوب الضارعة. كل هذا. نستفيد منه ضراعة القلب إلى الله سبحانه وتعالى. طيب،
ضراعة القلب إلى الله، أمّ حرام بنت ملحان استجاب الله لنبيه، فجعلها من المجاهدين، وجعلها من الشهداء، وجعلها من المكرمين في الدنيا والآخرة، فجزاها الله عنا خيراً. فاللهم في هذه الأيام الجليلة نسألك العفو والعافية والمعافاة التامة في الدين والدنيا والآخرة. اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا يا كريم، إلى لقاء آخر، أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.