دعاء الرسول | حـ #6 | دعاء النبي ﷺ لصحابته | أ.د. علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. أيها الإخوة المشاهدون، أيتها الأخوات المشاهدات في كل مكان، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً ومرحباً بكم في لقائنا المتجدد عن دعاء الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وكما رأينا أنه دعا للناس. أجمعين وأنه دعا لأمته وأنه دعا لصحابته والمهاجرين والأنصار وأهل بيته الكرام وأنه أيضاً يشفع للناس جميعاً يوم القيامة. النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو لصحابته الكرام. عن سهل بن ساعدة رضي الله تعالى عنه
وأرضاه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم اغفر للصحابة ولمن رأى". من رآني يعني دعا لجيل الصحابة الكرام ودعا أيضاً لمن نسميهم بالتابعين الذين لم يروا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكنهم رأوا الصحابة. هناك من آمن برسول الله وهو حي إلا أنه لم يستطع أن يصل إلى المدينة فآمن به وانتقل رسول الله إلى الرفيق الأعلى وهذا أو هؤلاء. الأشخاص يسمعون عن رسول الله ولم يروه لكنهم رأوا بعد ذلك الصحابة، وكان من سادة هؤلاء أويس القرني.
وأويس القرني من قبيلة من اليمن، وأويس رضي الله تعالى عنه عرف شأنه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن طريق الوحي، ودعا له لأويس: "اللهم اغفر للصحابة ولمن رأى من رآني". وكان يقول لعمر بن الخطاب: "التمس أويساً في الحج فإن وجدته فاحرص على أن يدعو لك". وكان عمر يسأل كل اليمنيين ممن أتوا إلى حج البيت العتيق: "هل فيكم أويس القرني؟" حتى جاء أويس. والذي منع أويساً من الإتيان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أنه كان باراً. بأمه
ولم يحب أن يتركها حتى يخدمها، فكانت أمه قد حبسته، وهذا الحبس الذي حبسته أمه له جعله في مصاف سادة التابعين، وأن رسول الله يدعو له، بل وينصح عمر أن مثل هذا الإنسان مستجاب الدعاء من بر والديه، خاصة بر الأم. وجد عمر أويساً وقال له: "هل فيكم أويس؟" قال: أنا أويس القرني. قال: نعم. قال: لا أتركك حتى تدعو لي. فلما عرف أويس أنه قد عرفه الناس، وكأنه كان يريد
ستر حاله ولا يعرفه أحد، ويعبد الله بينه وبين الله في عدم ظهور وعدم رياء وكذا، دعا لعمر لكنه رحل إلى العراق ولم يعد مرة أخرى. إلى اليمن خوف الشهرة أو خوف السمعة أو خوف الرياء أو خوف هذه العلاقة الخاصة التي بينه وبين الله سبحانه وتعالى. رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا أيضاً لصحابته، خرج في غزوة بدر، قالوا في ثلاثمائة وثلاثة عشر نفراً، وقالوا في خمسة عشر نفراً خرجوا. فكان من دعاء الرسول لهم صلى الله عليه وسلم: "اللهم إن هؤلاء
حفاة فاكسهم، اللهم إن هؤلاء لا دابة لهم فاحملهم، اللهم إن هؤلاء فقراء فاغنهم". فاستجاب الله له، أولاً نصرهم. دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم قلب موازين القوى، فالكفار كانوا ثلاثة أضعاف المؤمنين، وبالرغم من ذلك وهم قد... جاءوا مستعدين وبدر على بعد مائة وستين كيلو تقريبا من المدينة لكن الله سبحانه وتعالى استجابة لدعاء الرسول صلى الله عليه وسلم استجاب لهم ونصرهم وكانوا يحتاجون إلى كساء فكساهم
الله سبحانه وتعالى وكانوا يحتاجون إلى وسائل للنقل فحملهم الله سبحانه وتعالى وكانوا يحتاجون مالا للمعيشة فأعطاهم الله سبحانه وتعالى من الغنائم التي غنموها من هؤلاء المشركين المستعدين لقطع أكثر من أربع مئة وخمسين كيلومتراً من أجل قتال رسول الله صلى الله عليه وسلم، أغنى الله الصحابة الكرام من هؤلاء الناس. قالوا: فرجع كل واحد منهم بالجمل أو الجملين محمَّلَيْن، أي ليس فقط حمل جمل، لا بل حمل أيضاً. جملين لبعض الفرسان أو لبعض من اشتركوا في هذه المعركة التي هي بداية انتصار
المسلمين وبداية تأييد الله رب العالمين بقوة شديدة لهذا الدين. رسول الله يدعو لأصحابه ويدعو لمن بعدهم، بل ويدعو للقرن الثالث منهم ويقول إنه خير القرون قرني هذا، والقرن يطلق في اللغة على مائة عام ويطلق. على ثمانين عاماً أيضاً، ويُطلق على جيل الصحابة الذين رأَوْه "قرني"، "هذا خير القرون قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم"، دعا رسول الله بالخيرية للصحابة وللتابعين ولتابعي التابعين، فكان هؤلاء هم حَمَلة سنة رسول
الله صلى الله عليه وسلم. كان الصحابة الكرام أكثر من مائة وأربعة عشر ألفاً. صحابي كانوا معه رأوه بأعينهم في حجة الوداع ولكن الذين تحملوا عنه الرواية وتحملوا عنه الحديث لا يزيدون إطلاقًا عن ألف وسبع مئة صحابي من هؤلاء الألف والسبع مئة صحابي أكثر من ألف صحابي له حديث واحد فقط يعني عاش حياته كلها من أجل أن يروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً واحداً فقط. نعم استجاب الله دعاء النبي فجعلهم خير قرن، وجعلهم مباركين، ورزقهم رزقاً حسناً، وأقامهم في الهداية، فكانوا كالنجوم بأيهم
يقتدي الناس يهتدوا إلى الله سبحانه وتعالى. فهكذا صدق فيهم دعاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. إلى لقاء آخر، نستودعكم الله، والسلام عليكم. ورحمة الله وبركاته