دعاء الرسول | حـ #7 | دعاء الرسول ﷺ للمهاجرين والانصار | أ.د. علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه، أيها الإخوة المشاهدون، أيتها الأخوات المشاهدات في كل مكان، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلاً ومرحباً بكم في لقائنا المتجدد حول دعاء الرسول المصطفى والنبي المجتبى صلى الله عليه وآله وسلم حيث دعا لأمته. وأصحابه بل دعا للناس أجمعين. في هذه اللحظات نعيش مع دعاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للأنصار وللمهاجرين. كان عدد المهاجرين إلى المدينة المنورة طيب الله أجواءها حتى سُميت بطيبة، كانوا نحو تسعين
أسرة، تسعين أسرة استطاعوا أن يهاجروا من مكة إلى المدينة تهيئةً لقدوم رسول الله صلى. الله عليه وسلم أهل المدينة كانوا أكثر من ذلك بكثير، فكان المهاجرون لما نزلوا المدينة آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم وبين الأنصار أصحاب المدينة. يروي أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما نزل من مكة نزل في أعلى المدينة عند قباء في أرض تسمى في أرض عوف بن عمرو أو عمرو بن عوف، وهي أرض
عوف عمرو بن عوف هذه عند قباء في أعلى المدينة، نزل هناك ووصل إليها يوم الاثنين. ثم إنه صلى الله عليه وسلم كان يحب أن يصلي، وكان لا يرى بأساً. صلى الله عليه وسلم وكان يقول: "دعوها فإنها مأمورة"، إلى المكان الذي سوف ينزل فيه، عندما نزل في هذه الحارة أو في هذا المكان في قباء في أرض عمرو بن عوف، استدعى أخواله من بني النجار لأنها عائلة أمه عليها السلام. فجاء الملأ من بني النجار
- والملأ يعني الناس الكبار - يستقبلون رسول الله صلى الله عليه وسلم، على غير الإسلام، لكن هذا ابن السيدة آمنة فلا بد أن يستقبلوه وأن يخدموه وأن ينصروه حتى لو كانوا على غير الإسلام. من محاسن العرب ومن الشهامة هذه الرابطة القوية التي كانت بين القبائل والعائلات والأسر. رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل المدينة فجاءت الناقة وبركت في هذا. المكان المبارك الذي هو مسجد رسول الله إلى الآن، وكان هذا المكان هو مقابر للمشركين، فاشتراها النبي صلى الله عليه وسلم منهم ودفع ثمنها، وحوّلها بعد ذلك بعد تنظيمها
وبعد تنظيفها وبعد إعمارها إلى المسجد، وكانت القبلة حينئذٍ في اتجاه بيت المقدس، فكانت القبلة شمالاً وليس جنوباً كما هي الآن. بعد ما تحولت القبلة إلى جهة الكعبة لأن مكة في الجنوب وبيت المقدس في الشمال وجلس ثمانية عشر شهراً رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا المكان يصلي جهة بيت المقدس حتى أذن الله لتحويل القبلة إلى الكعبة المشرفة، رسول الله صلى الله عليه وسلم أثناء هذا الإعداد الذي كان يعدّه للمكان من أجل أن يحوله منطلقاً ومركزاً لأول دولة إسلامية تسعى لنشر الخير في العالم وتخرج الناس من الظلمات إلى النور وتبين
للناس طريق الهداية وتعلم الناس مكارم الأخلاق. رسول الله وهو يصنع هذا وجد المهاجرين الذين هم في تسعين أسرة والأنصار معهم وكانوا قد زادوا عن هذا. كثيرٌ ممن آمنوا في العقبة الأولى والعقبة الثانية كلهم يسعون للبناء وللنظافة وللعمارة للمسجد الجديد، فدخل يعمل معهم وهو يقول في الدعاء: "اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة، فاغفر اللهم للأنصار والمهاجرة". هكذا كان يدعو رسول الله صلى الله عليه وسلم للمهاجرين وللأنصار: "اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة".
فاغفر اللهم للأنصار والمهاجرين، وفي بعض الأحيان، ولأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينزهه الله عن قول الشعر وعن قول الموزون من القول، كان يقول: "اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة، فاغفر اللهم للمهاجرين والأنصار"، فلا يصير هكذا موزونًا ولا شعرًا، وكان أبو بكر رضي الله... تعالى عنه سبحان الله الذي أبى أن يجري الشعر على لسانك يا رسول الله، فيقول هي يعني الأنصار والمهاجرون مثل المهاجرين والأنصار. وكذلك في مواقف عدة كان أبو بكر، وهو الحافظ للشعر ولأيام العرب وتاريخهم وأنسابهم، كان يتعجب من أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم يمنعه ربه إلا... بالقرآن الكريم الذي علمه فأقره في قلبه الشريف رسول الله صلى الله عليه وسلم في موقف آخر في غزوة الخندق. في غزوة الخندق أرادوا من جهة الشمال في المدينة أن يسدوا على جيوش المشركين بهذه الفكرة الجديدة عسكرياً التي لا يعرفها العرب وهي فكرة الخندق الذي لا يستطيع الفرس أن يقفز من عليه، وإذا حاول الفرس أن يقفز من عليه سقط في الهواء وأُصيب. إذاً فلا بد من حفر خندق
لا يستطيع الفرس المعتاد أن يتجاوزه، وما دام الفرس لا يستطيع أن يتجاوزه، إذاً فلا يستطيع البشر أن يتجاوزوه لأن الفرس من شأنه القفز ومن شأنه. وتركيبة أرجله وتركيبة جسمه تساعده على هذا، فالنبي صلى الله عليه وسلم ذهب فوجد الأنصار والمهاجرين ولم يكن عندهم عبيد فكانوا يعملون بأيديهم. كان المهاجرون والأنصار حينئذ وصلوا أيام الخندق بعد ثلاث سنوات من الهجرة وصلوا إلى ثلاثة آلاف، فكانوا يحفرون هذا الخندق وهذه الفكرة الجديدة التي منعت المشركين بعد. حصار واحد وعشرين يوماً تقريباً من أن يستطيعوا أن يهجموا على المدينة وأن يقضوا على المسلمين
أيضاً. رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءهم فوجدهم فأخذ في العمل معهم، وكان يقول وهو يردد: "اللهم لا خير إلا خير الآخرة، فاغفر اللهم للأنصار والمهاجرة". هذا الكلام الذي قاله في البناء. المسجد كرَّرهُ مرةً أخرى بأسلوبٍ آخر في دعائه للمهاجرين والأنصار، واستجاب الله لهذا الدعاء فغفر لهم وألَّف بين قلوبهم وأحسن إليهم حتى انتقل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى وهو راضٍ عنهم. فاللهم انفعنا ببركاتهم في الدنيا والآخرة، وأدخلنا يا ربنا في دعاء رسولك الكريم صلى الله. عليه وآله وسلم وانفعنا به في
الدنيا وفي الآخرة. إلى لقاءٍ آخر، أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.