دعاء الرسول | حـ #9 | دعاء رسول الله للأنصار | أ.د علي جمعة

دعاء الرسول | حـ #9 | دعاء رسول الله للأنصار | أ.د علي جمعة - دعاء الرسول, سيدنا محمد
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. أيها الإخوة المشاهدون، أيتها الأخوات المشاهدات في كل مكان، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً ومرحباً بكم في حلقة جديدة من هذا اللقاء المتجدد حول دعاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من هذا الدعاء اختص رسول الله صلى الله عليه وسلم الأنصار الذين آووا الذين لم يُؤثِروا ولم يبخلوا ولم يحرصوا على الدنيا بل أنهم آووا رسول الله وآووا المهاجرين وفتحوا قلوبهم تماماً لهذا الحال
الذي جاء به رسول الله إلى المدينة صلى الله عليه وسلم وكان في نصرتهم عزة الإسلام وتبليغ للعالمين بتلك الهداية الربانية رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو للأنصار ويقول: "اللهم اغفر للأنصار ولأبناء الأنصار ولأبناء أبناء الأنصار"، يعني كأنه يدعو لهم ولأولادهم ولأحفادهم ممن لم يُخلقوا بعد. كان يقول: "لا يحب الأنصار إلا مؤمن، ولا يبغض الأنصار إلا منافق". كان صلى الله عليه وسلم يكرر. هذا كثيراً في دعائه يدعو للأنصار
ولأبناء الأنصار ولأبناء أبناء الأنصار، فكانوا يأتون ويقولون: "يا رسول الله، نحن قد اتبعناك ونريد أن يكون اتباعنا منّا، يعني تدعو بالهداية لأبنائنا". ولذلك ليس هناك أحد من أبناء الأنصار ومن موالي الأنصار ومن أتباع الأنصار ضل عن سواء السبيل إطلاقاً نهائياً، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم له ولأبنائهم ولأبناء أبنائهم ولمواليهم، فكان يقول أيضاً في مواقف أخرى: "اللهم اغفر للأنصار ولأبناء الأنصار ولأبناء أبناء الأنصار ولموالي الأنصار". استجابة لهذا الدعاء من
رسول الله صلى الله عليه وسلم، منَّ الله عليه بفتح مكة. فلما فتحت مكة كما وعده الله سبحانه وتعالى: "إنا فتحنا". لك فتحاً مبيناً ففتح مكة ورأى الناس يدخلون في دين الله أفواجاً وكان كريماً فجاءه صفوان بن أمية ووجد إبلاً تسد الوادي فقال له أعطني هذا يا محمد فقال هو لك هذا مبلغ من المال لا يستطيع أحد أن يعطيه لأحد من عظامه وكبره فوجئ هذا الرجل بهذا الحال فقال والله إنها عطية نبي، وأسلم
النبي صلى الله عليه وسلم أموال قريش كلها وزعها على قريش، فالأنصار تعجبوا من هذا وتحدثوا مع بعضهم البعض: كيف يفعل رسول الله هذا؟ أنه وجد قومه فسوف يعود إليهم ويتركنا، وهذا شيء يعني كأنه منطقي أن فترة المدينة كانت فترة مؤقتة وكانت فترة. من أجل الهروب من بلاء قريش وعدوانها نجاةً للدعوة. أما وقد فُتحت مكة، فلماذا يتغرب رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكان آخر؟ فأتى سعد، أتى أبو
سعيد الخدري إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أبو سعيد لصيقًا برسول الله، وكان عنده في الدرس دائمًا. يحضر درسه ويتعلم منه، وأبو سعيد الخدري مدني من الأنصار، فحكى لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن الأنصار تتكلم بأنك ستتركنا وأنهم لم يأخذوا شيئاً من هذه الغنائم الواسعة، ويسألون لماذا. قال: فأين أنت منهم؟ قال: أنا من قومي، يعني الأسئلة هي نفسها التي تخطر في بالي هكذا أنا. من قومي يعني اسأل أيضًا لِمَ تفعل هذا يا رسول الله؟ قال: إذًا فاجمع قومك في هذه الحضيرة، يعني
مكان أو فناء يجتمع فيه الأنصار. وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث طويل وهو يُظهر لهم المِنَن الإلهية التي جاء بها وما فعلوه أيضًا من نصرة. ومن إيواء ومن بذل ومن صبر ومن حروب تعرضوا لها ومن استشهاد استشهد منهم في هذه المعارك، وتكلم معهم بهذه المنن الإلهية في مقابل هذا العمل الطيب الذي قدموه. الأنصار بدأت تستحي لأن رسول الله يذكر أعمالاً قدموها في
هذا المجال، فبدأت تستحي وتعتذر لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: "ألا يرضيكم أن يذهب الناس بالدثور بالأموال والإبل وكذا إلى آخره وتذهبون برسول الله؟ اللهم أحبب الأنصار وأبناء الأنصار وموالي الأنصار". فبكى القوم والتفوا حول رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتذرون من هذه الرؤية وهذا المدخل؛ لأن رسول الله قد حوَّل المعيار الذي به التقويم من قضية الأموال. وتوزيع الأموال إلى قضية العلاقة الراسخة بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين هؤلاء الأكابر من الأنصار فهي علاقة ربانية إلهية ويعود الناس ومعهم رسول
الله صلى الله عليه وسلم، هذا شيء فيه شرف لهم، وفعلاً استجاب الله الدعاء وأحب الناس الأنصار وأنزل الله السكينة على أبنائهم إلى يومنا. هذا ترى أهل المدينة وعليهم السكينة وعليهم الرحمة وعليهم الحب وعليهم أجر كبير جداً من نورانية النبي صلى الله عليه وسلم ومن فضل النبي لدعائه اللهم أحبب الأنصار، اللهم اغفر للأنصار، اللهم أحبب الأنصار وأبناء الأنصار وموالي الأنصار. وفعلاً كل من نزل إلى المدينة يجد هذه السكينة سواء سكينة في الديار. وسكينة في الجو العام وسكينة في أهل المدينة نفسها، الأدب العالي، وحتى من أتى من خارج
المدينة فإنه يتخلق بأخلاقهم من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى يوم الناس هذا. هكذا كان دعاء النبي مستجاباً بهذه الطريقة عبر القرون، ليُضاف دليل إلى دليل فوق دليل على أنه مؤيد. وأنه مستجاب الدعاء وأنه صلى الله عليه وسلم بركة الأنام وسيد هذا الكون، فاللهم انفعنا به في الدنيا والآخرة. إلى لقاء آخر، أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.