دعاء الرسول | حلقة #1 | مقدمة | أ.د علي جمعة

دعاء الرسول | حلقة #1 | مقدمة | أ.د علي جمعة - دعاء الرسول, سيدنا محمد
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. كل عام وأنتم بخير. نعيش سويًا مع دعاء سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، نتعلم منه وننبهر به، ويؤكد هذا الدعاء بركة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومكانته الأسمى في القلوب. دعا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم للناسِ ودعا لأمتِه ودعا لأصحابِه ودعا للمهاجرين ودعا للأنصارِ ودعا للخلفاءِ الأربعةِ ودعا للمبشرين بالجنةِ. دعا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم للأطفالِ ودعا للنساءِ ودعا
للأقطارِ. دعا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم للناسِ وستكونُ له دعوةٌ مدخرةٌ يومَ القيامةِ. فأخرج البخاري أن الناس تمل وتتعب في يوم القيامة لطوله وطول الحساب فيذهبون للأنبياء، لآدم ولنوح ولإبراهيم وموسى وعيسى، وكل واحد يعتذر بعذر عن أن يخاطب ربنا سبحانه وتعالى ويدعوه في هذا اليوم، لكنهم يدلونهم على سيد الخلق أجمعين، على الأسوة الحسنة، على سيدنا النبي المصطفى والحبيب المجتبى صلى الله. عليه وآله وسلم فيذهب النبي صلى الله عليه وسلم
ويسجد عند العرش يجعل العرش قبلة كما نجعل في الحياة الدنيا الكعبة قبلة لنا في الصلاة إلى ربنا سبحانه وتعالى ويلهمه الله سبحانه وتعالى بمحامد كثيرة لم يلهمها لأحد من البشر ثم بعد ذلك يوفقه للدعاء حتى يقول الله له يا محمد ارفع رأسك تُسمع، واشفع تُشفع، فيشفع النبي صلى الله عليه وسلم للناس أجمعين، لمؤمنهم ولكافرهم، للسابق واللاحق، لكل الخلق. فيستجيب الله سبحانه وتعالى الدعاء، ويخفف عن الناس نصف هذا اليوم، فتلحق شفاعة النبي المصطفى جميع الخلق،
ويصيب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم جميع الناس، ولذلك كان رحمة للعالمين قال تعالى: "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين". سنرى سوياً كيف استجاب الله الدعاء لهذا النبي الكريم، وكيف أيده، وكيف كانت استجابة الدعاء ظاهرة عامة تامة. فمرة دعا لقتادة، قتادة الذي رد إليه عينه حينما سقطت، فكانت أحد عينيه بصراً، أصح عينيه، أقوى عينيه.
قتادة قال له رسول الله صلى الله وسلم ودعا له بسلامة البشرة، فكان وقد مات فوق السبعين من ينظر إلى وجهه يرى ابن خمس عشرة عاماً، كان وكأنه شاب في بداية الشباب، لم يتغير، لم يصبه الشيب، ولم يصبه العجز، ولم يصبه شيء حتى مات. دعا لعبد الرحمن بن عوف بالبركة، ففتح الله عليه في الأرزاق لدرجة. أن عبد الرحمن بن عوف لما مات لم يستطيعوا أن يعدوا ثروته وكانوا يأخذونها بالأجولة
أي بالشوال، أي كأنهم يحملون الذهب في شوالات كثيرة لأن العد غير ممكن. ويقولون إن هذا الشوال يعني كأنه يقرب من هذا الشوال، فيعدون أمواله بهذا الكم الهائل، وذلك أن عبد الرحمن بن عوف. مرة قال: يا رسول الله، وقد طلب من الصحابة التطوع والتبرع من أجل قيام المسلمين بالجهاد وبشؤون المدينة، فقال: عندي أربعة آلاف، نصفها لوجه الله ونصفها أتركها لعيالي للنفقة. وبعد ذلك دعا له النبي صلى الله عليه وسلم وقال:
اللهم بارك له في ماله. فبارك الله له في ماله النبي. صلى الله عليه وسلم دعا لصحابة كثيرين سنراهم بالتفصيل في كل لقاء معاً، ونرى كيف استجاب الله سبحانه وتعالى له في أمته وصحابته وأهل بيته وأزواجه وفي الناس أجمعين. هذا يدلنا على أنه كان نبياً مؤيداً، والنبي المؤيد نساه كثير من الخلق، نسوا أن هذا النبي أيده الله سبحانه وتعالى. واستجاب لدعائه وأيَّده بأن أبقى أمته، وأيَّده بأن بارك في نسله. "إنا أعطيناك الكوثر"، من
وجوه التفسير أن الكوثر هم أهل البيت. بدلاً من أن كانوا اثنين، الحسن والحسين، أصبحوا بالملايين. أصبحوا ينتشرون على وجه الأرض في كل مكان. حُفِظَت أنسابهم بما لم تُحفظ أنساب أحد في العالمين، لا الأنبياء الأولياء ولا العلماء ولا المفكرون ولا الأباطرة ولا الملوك حُفِظَت أنسابهم كما حُفِظَ أهل البيت الكرام. نعم استجاب الله دعاءه. فائدة قضية التأييد نسيها كثير من الناس. يحاول كثير من الناس أن يدَّعوا النصرة والتمكين، فإذا بنا نراهم في هزيمة إثر هزيمة على مر السنين
المتطاولة، ويعتقدون أنهم لا بد يصبرون على باطلهم الذي هم عليه حتى يحققوا هدفهم، وهدفهم مخالف لما نصح به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، مخالف لكل ما أمر به عندما أمر الإنسان بأنه إذا رأى الفتن انكف على نفسه، قال: "فعليك بخاصة نفسك ودع عنك أمر العامة". أمرنا رسول الله صلى الله. عليه وآله وسلم بالذكر وبالدعاء وسمى الله الذكر دعاءً، قال تعالى: "ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها". رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بيّن لنا كيف نذكر، وبيّن لنا في الحديث
القدسي أنه: "من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أحسن ما أعطي السائلين". هيا بنا في رحلة متواصلة مع الدعاء. رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للناس وللأمة وللأفراد وكيف استجاب الله له هذا الدعاء. إلى لقاء آخر، أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.