دعاء الرسول | حلقة #3 | دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لأمته جـ2 | أ.د علي جمعة

دعاء الرسول | حلقة #3 | دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لأمته جـ2 | أ.د علي جمعة - دعاء الرسول, سيدنا محمد
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. أيها الإخوة المشاهدون، أيتها الأخوات المشاهدات في كل مكان، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً ومرحباً بكم في هذا اللقاء المتكرر حول دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، نتبعه ونستهدي به ونتبرك به. عسى أن يجعله الله لنا شفيعاً يوم القيامة وهادياً لنا في الدنيا، فاللهم يا ربنا أحينا على ملته وأمتنا على شريعته وابعثنا تحت لوائه واسقنا من يده الشريفة شربة ماء لا نظمأ بعدها أبداً، ثم أدخلنا الجنة من غير حساب ولا سابقة عقاب ولا عتاب. كان النبي صلى الله
عليه وآله وسلم يدعو لأمته، ومما ورد في هذا الشأن حديث عائشة رضي الله تعالى عنها، وفي حديث عائشة أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الدعاء، قالت: يا رسول الله، ادعُ الله لي في صلاتك. فقال: نعم. ودعا لها في الصلاة، فلما أخبرها وقال لها: دعوت لك يا ضحكت عائشة وفرحت فرحاً شديداً، فهي ترى بعينيها أنه كلما دعا لأحدٍ استجاب الله له في الأرزاق وفي الحياة وفي الهداية
وفي كل مناحي الحياة. كان إذا ما دعا استُجيب له، وهي ترى هذا ليلاً ونهاراً. فرحت لأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اختصها بهذا الدعاء حتى أنها أخذها الضحك من شدة السرور ومن شدة الفرح حتى قالت عن نفسها: فسقط رأسي في حِجري من شدة الفرح. تخيلوا أنها تضحك إلى درجة أن رأسها يسقط في حجرها. والنبي صلى الله عليه وسلم قال لها: "لِمَ تضحكين يا عائشة؟". قالت: "أضحك لأنني فزت بدعاء نبي"، يعني هذا هو السبب. أمرٌ عظيمٌ جداً
أن النبي صلى الله عليه وسلم يدعو لي، فيقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "اعلمي يا عائشة أنني في كل صلاةٍ أدعو الله لأمتي بهذا الدعاء". إذاً، فرسول الله في كل صلاة من صلواته يدعو الله سبحانه وتعالى، دعا لعائشة، رفع كلمة "أمتي" ووضع مكانها... عائشة تقول هذا الدعاء: "اللهم اغفر لأمتي ما تقدمت وما تأخرت، ما قدمت وما أخّرت، واغفر لأمتي ما أعلنت وما أسرّت". فبدلاً من أن يقول "أمتي" عندما سألته عائشة الدعاء، فقال:
"اللهم اغفر لعائشة ما قدمت وأخّرت، وأعلنت وأسرّت"، فكان سبباً لفرح عائشة هذا الفرح الكبير. كان رسول الله صلى... الله عليه وآله وسلم يدعو بهذا الدعاء لأمته بأن يغفر الله لها ما قدمت وما أخرت، وبأن يغفر الله لها ما أعلنت وما أسرت. فيجب علينا أن نفرح بهذا الدعاء من رسول الله صلى الله عليه وسلم. نعم، يقع منا أخطاء ولكن كل بني آدم خطّاء، وخير الخطائين التوابون. عودوا. إلى ربكم واستغفروه واقلعوا عن الذنوب وأطيعوا الله ورسوله فيما أمر، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد دعا لكم ففتح لكم
الأبواب وفتح لكم أبواب المغفرة. يجب عليكم أن تسألوا الله سبحانه وتعالى كما سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم لكم أن يغفر لكم ما قدمتم وما أخبرتم وما أسررتم وما أعلنتم خاصة في هذه الأيام الفضيلة، هذه الأيام التي يغلق الله فيها أبواب جهنم ويفتح أبواب الجنان، ويجعل هناك معونة على فعل الخيرات وعلى فعل الطاعات. هذه فرصة من الفرص أن ندعو الله سبحانه وتعالى كما كان يدعو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رسول. كان الله يحب أمته حتى أنه قد ورد أنه
يوم القيامة يسأل الله سبحانه وتعالى لأمته في أناس انتسبوا للأمة وليسوا منها. هناك بعض العلامات أو هناك تصنيف للناس يوم القيامة، فيظن النبي صلى الله عليه وسلم من شدة رحمته بأمته أن هؤلاء منهم، فيسأل الله سبحانه وتعالى ويرجوه ويتضرع. إليه في هؤلاء وهم لا يستحقون والله عليم بهم، فيقول: صَهْ يا محمد، فإنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، ولا يغفر الله لهم، بل يعاقبهم ويقيم عليهم الحساب. وورد أيضاً أن
ربنا سبحانه وتعالى تهدئةً لبال النبي صلى الله عليه وسلم يقول له إنه أرحم بأمته منه صلى الله عليه النبي صلى الله عليه وسلم رحيم بأمته، والنبي صلى الله عليه وسلم محب لأمته ويدعو لأمته. إلا أن الله جل جلاله أرحم بعباده من خلقه، فسيد الخلق أجمعين لا يقصر في هذا المقام، لكنه مع ذلك يطلب من الرحيم الغفار، فيدعو لأمته كل هذا الدعاء في الدنيا ويدعو. للناس أجمعين في الآخرة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يحب هذه الأمة، ولذلك يجب علينا أن نحبه، وحبنا
لرسول الله صلى الله عليه وسلم هو في الحقيقة حب لله، وقال تعالى: "قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ"، يعني "وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا". يعني لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً، إذاً فلا بد أن نحول هذا الحب إلى اتباع، وأن نحول هذا الحب إلى شيء من الالتزام، حتى ينظر الله إلينا بنظر الرحمة، فينور قلوبنا، ويغفر ذنوبنا، ويستر عيوبنا، وييسر غيوبنا وأمورنا. ويهدينا إليه ويسلك بنا الطريق ويعلمنا الأدب معه ويفتح علينا فتوح
العارفين به. فاللهم يا ربنا اجعلنا عند هذا الحد من طاعتك واجعلنا من متبعي رسولك. إلى لقاء آخر، أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.