رب لترضى جـ 2 الحلقة (23) | صفات الله | أ.د علي جمعة

رب لترضى جـ 2 الحلقة (23) | صفات الله | أ.د علي جمعة - تصوف, رب لترضى
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. أيها الإخوة المشاهدون، أيتها الأخوات المشاهدات في كل مكان، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً ومرحباً بكم في حلقة جديدة من حلقات "رب لترضى". ومعنا الشباب، ومن معه السؤال اليوم؟ أحمد، حضرتك
يا مولانا. كنت ذكرت لنا سابقاً أن هناك سبع صفات لله التي منها السمع والبصر والكلام، فلماذا خصصت هذه السبع صفات على وجه التحديد، مع أنك قد أخبرتنا أن لله صفات كثيرة غير هذه السبع؟ لقد قسّم العلماء صفات الله سبحانه وتعالى إلى قسمين: منها ما هي صفات ذاتية، ومنها ما هي صفات أفعال ففي صفات ذات وفي صفات أفعال صفات الذات منها ما هو صفات يسمونها الصفات السلبية وفي صفات ضدها صفات المعاني وفي صفات
المعنوية رسموا خريطة للصفات. ما هي صفات الأفعال هذه؟ نفيها لا يلزم النقص في حقه تعالى: الرزق، الإحياء، الإماتة، فالله سبحانه وتعالى يرزق الآخر فلاناً ولا يرزق لا يجري شيء أن الله سبحانه وتعالى يعفو عن فلان ويؤاخذ الآخر، لا يجري شيء في الرزق والعفو والإحياء والإماتة ونحوها والخلق. الله سبحانه وتعالى خلق لي ابناً ولم يخلق للآخر ابناً، أو خلق لي حفيداً ولم يخلق للآخر، وهكذا. هذا ليس نقصاً في شيء. صفات الأفعال إذاً هي
الصفات إذا ما نفيناها فإنها لا يلزم منها نسبة النقص إلى الإله سبحانه وتعالى. أي صفة فيها هكذا نسميها صفات أفعال. صفات الذات منها صفة يعني كأنها محايدة هكذا لكي نفهم وهي الوجود أنه موجود سبحانه وتعالى، ومنها صفات سلبية أنه لا بداية له، ولذلك سموها السلبية، مدلولها العدم لا. بداية له والتي ماهيتها مفهوم القِدَم، ولا نهاية له والذي هو البقاء، وليس البقاء هو أنه لا نهاية له وأنه لا، الله لا
يمتلئ، لا يا أخي، ولذلك سموها سلبية بسبب كلمة "لا" هذه، لا يحتاج إلى غيره، لا يحتاج إلى غيره. إلا هو أنه قيوم السماوات والأرض أو أنه سبحانه وتعالى لا شريك له الذي هو الوحدانية أنه أحد واحد أحد فرد صمد، فيكون إذن لا بداية له ولا نهاية له ولا احتياج له ولا شريك له، فهذه سموها الصفات الإلهية السلبية، إما أن تقول لا، وإما أن تقول القِدَم والبقاء. القيومية الأحدية وهكذا،
لكن في معاني ما هذه المعاني؟ أن الله حي، ولأنه عليم، قدير، مريد، سميع، بصير، متكلم بكلام، وصفة من صفاته، وهذه الصفة ليست مخلوقة، بل هي قائمة بذاته. لا بد أن يكون حياً، فتصبح سبعة. عندما نقول: العلم، الإرادة، القدرة، السمع، البصر - يسمونها صفات المعاني. عندما نقول إنه بصير قدير مريد عليم حي متكلم، فتُسمى الصفات المعنوية
وهي سبعة، وأمامها سبعة أخرى، فتكون سبعة وسبعة، كم؟ أربعة عشر. أربعة عشر مع الصفات الخمس السلبية تصبح تسعة عشر، ومع صفة الوحدة الذاتية التي هي الوجود تكون عشرين صفة. فهذه الصفات العشرون هي التي وردت في التقسيمة الخاصة بالصفات النفسية، سبحانه وتعالى التي هي الذات التي نفيها يستلزم نقصًا، انظر هناك في الأفعال نفيها لا يستلزم نقصًا. هذا التقسيم أن الصفات كلها بعضها يستلزم نقصًا فنجعل اسمها نفسية، وبعضها لا يستلزم نقصًا فنجعل اسمها أفعالًا. هذا تقسيم
للتقريب جاء عن طريق التتبع والاستقراء والدراسة والتأمل والتدبر فيما تحت أيدينا. من أسماء الله سبحانه وتعالى - نعم سيدي - من أسماء الله الخالق والبارئ والمصور. ما الفرق بينهم؟ هذا عندما تحدثنا في حلقة سابقة عن نسبة الألفاظ للمعاني، فذكرنا فيها قضية التواطؤ، وقضية الاشتراك، وقضية التشكيك، وقضية الترادف، وقضية التباين. عندما نقول أسد وسيف، فهما متباينان ليس لهما أي علاقة ببعضها هي نسبة، لكن عندما نقول أسد وسبع فهذا ترادف. الأسد هو السبع، والسبع هو الأسد. عندما جُمعت
أسماؤه، فواحد جمع له مائة اسم، ثم جمع الآخر له سبعمائة اسم. عندما سأله ابن الجني: "الأسد، ما أسماؤه؟ قل لنا هكذا بعضاً من أسمائه"، قال الأسد. اسمه "أسد"، يعني من ضمن أسمائه قالوا له "ليث" و"غضنفر" و"أشاوس" وغيرها. قال: هذه كلها صفات، فكأن الاسم عند ابن جني؟ هذا هو واحد. حسناً، فهذه مترادفات. ماذا تعني مترادفات؟ تعني معنى واحداً وهو الأسد ذو اللبدة الذي نراه في حديقة الحيوانات ونشاهده في الأفلام وما إلى ذلك. الذي يزأر هكذا زئير الأسد. اسمه أسد، وأحياناً يقولون ليث، وأحياناً يقولون غضنفر، وأحياناً يقولون قسورة التي هي في القرآن.
كلمة "أسد" غير موجودة في القرآن، "قسورة" هي الموجودة، وأحياناً يقولون كذا وكذا. كم واحداً؟ كم اسماً؟ سبعمائة اسم! إذن نحن عرفنا معنيين مختلفين الذي هو الترادف والتباين، فهل يا تري الخالق البارئ المصور بينهم فروق أم هم من قبيل المترادف؟ فذهبوا يبحثون في اللغة يريدون جمع أمثلة هكذا لكي نفهم، فقالوا إن هناك أشياء - سبحان الله - عندما تُذكر بمفردها تكون بنفس المعنى، وعندما تُذكر في عبارة
واحدة يصبح من الضروري أن فقال: حسناً، وضحوا لنا الكلام. قال: مثل الفقير والمسكين والضعيف مثلاً، يعني إذا قلت لك: أعطِ الفقير والمسكين، فلا بد أن يكون بينهما فرق، وإلا لماذا قلت "والمسكين"؟ فوضعوا قاعدة تقول: إذا انفردت اللفظتان اجتمعتا في المعنى، وإذا اجتمعتا افترقتا في المعنى. في الجملة افترق في المعنى، يعني ربنا هو يقول: "إنما الصدقات
للفقراء والمساكين"، يعني لازم هذه شيء وهذه شيء. ما هو الفقير؟ الفقير هذا معه ثلاثة ويحتاج عشرة، فيكون محتاجاً الفرق بين الثلاثة الدخل والعشرة المصاريف وهو سبعة. لكن المسكين معه ثمانية ويريد دفعة صغيرة هكذا، فكان الله يقول: أعطِ للفقير الذي هو في عداد المعدمين يعني معه ثلاثة ويريد عشرة، وليس هذا فحسب، وكأنه يقول هكذا، بل أيضاً الذي يريد صدقة، الذي هو المسكين. فعندما اجتمعا في الجملة وذُكرا معاً هكذا جنباً إلى جنب، أصبح لهذا معنى ولذاك معنى، لكن لو أنني قلت لك وقلت الزكاة. لمن قلت
لك للفقراء يدخل فيهم المساكين، أو قلت لك للمساكين يدخل فيهم الفقراء؟ إذا افترقا اجتمعا وإذا اجتمعا افترق. نأتي الآن للسؤال الأصلي، فكل هذا ونحن نمهد للإجابة على السؤال الأصلي الذي يقول ماذا؟ الخالق، البارئ، المصور، هل سيجتمعون أم يفترقون؟ افترض أنهم سيفترقون هي هي، ما الخالق هو الباري هو المصور وهكذا. وإذا اجتمعوا فهو الخالق البارئ المصور. الخالق يكون في أصل الوجود، أي إنه أخرج هذا الكائن من العدم إلى الوجود، فهذا هو
الخالق. والباري: يكون شكله فالخالق مجرد وجود فقط، لكن برأ النسمة فيكون شكله. وماذا عن صوّره فيكون قد أضاف إليه الصورة
النهائية للجمال بسم الله الرحمن الرحيم رجعنا من الفاصل، وكنا تحدثنا على أن هناك شيئاً في اللغة يُسمى ترادفاً، وهو الألفاظ الكثيرة للشيء الواحد والمعنى الواحد، مثل ما نقول: سيف، حسام، مسلول، وهكذا، وكلها واحد وهي السيف، يعني: اليماني، المهند، وما إلى ذلك. لكن هذه الأشياء الترادفات إذا ما ذُكرت بجوار بعضها فقد يكون لكل واحدة منها معنى مستقل لأن البحر له ثلاثون اسماً في لغة العرب، والخمر لها تسعون اسماً في لغة العرب. وكانت العرب إذا أحبت شيئاً كثيراً أو خافته كثيراً
أكثرت من أسمائه، فهم يخافون البحر كثيراً ويخافون من الأسد فيكثرون من أسمائه، ومن هنا رأينا أن الله أكثرْ من أسمائه في الكتاب وفي السنة لأنه هو الجدير بالحب وهو الجدير بالخوف، وعلاقتنا معه بين الرجاء والخوف. وكنا قد ذكرنا أنه ما دام توجد ظاهرة الترادف فإنها أيضاً تصاحبها قاعدة تقول: "إذا اجتمعا افترقا وإذا افترقا اجتمعا"، وضربنا لها الأمثال. وهناك أمر آخر وهو الذي يقول لك واحد بالذات مختلف بالإعتبار إن يعني يقول لك مثلاً الإسلام والإيمان هو
أين المسلم؟ ها هو مسلم، ها هو بلال. طيب أين المؤمن؟ أيضاً بلال. إذاً هو شخص واحد بعينه هكذا. لا فرق بين الإسلام والإيمان؟ لا، يوجد فرق لكن في الفهم فقط. الإسلام هو الأركان الخمسة، والإيمان هو الأركان الستة: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره هذا مفهوم مختلف، ولكن الذات التي في الخارج، لا، الذات واحدة. هل انتبهت؟ المسلم هو المؤمن والمؤمن هو المسلم في علاقة تلازمية بينهم في علاقة وحدة، هل انتبهت؟ لأنه من الممكن في الخارج أن يكون مسلماً وليس مؤمناً. هل انتبهت؟ إذاً لا، ليست
علاقة تلازم، هي وَحدة فهو مختلف في الاعتبار ويأتي في الخارج فيكون هو واحد هكذا. قالت الأعراب آمنّا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان، يعني أنت مسلم ولكن لم تصبح بعد مؤمناً من الدرجة الأولى. إذاً فالمبحث الخاص بالفوارق بين أسماء الله سبحانه وتعالى يتضح عندما نفهم قضية الترادف. وقضية التباين وقضية الاعتبار مختلف بالاعتبار واحد بالذات مختلف بالاعتبار وقضية إذا افترقا اجتمعا وإذا اجتمعا افترقا عندما نعرف هذه القواعد سنجد الأمور أمامنا واضحة أوضح من الواضحات أَجْلَى من البينات. من لديه سؤال؟ حضرتك قلت لنا
أن الأخلاق كلها في صفات الله وأسمائه، حضرتك تنصحنا كيف نتعلمها، على فكرة، لم أقل هكذا، ولكن للتصحيح قلت إن منظومة أسماء الله الحسنى هي المحور. لم أقل العبارة التي تفضلت بها "هي محور منظومة القيم". المحور هو ماذا؟ يقال إنه "أكس أكس". ماذا يعني ذلك؟ يعني عمود تدور حوله الآلة هكذا، فهو المحور لو نزعنا هذا المحور الآلة تقف ولا تتلف، ستدور على ماذا؟ فمعنى أن أسماء الله الحسنى هي المحور يعني أنها هي التي تشغل منظومة القيم هي ذاتها هي التي ستجعل هناك
فعالية إن صح التعبير. هذا هو معنى المحورية. تفضل بسؤالك حضرتك سيدي تنصحنا كيف نتعلمها أو كيف نعرفها؟ سنقول مرة أخرى لأنه انتبه من المعرفة، الممارسة، الاستمرار، المعيشة، وقد فصّلناها في مرة سابقة أن المعرفة نعرفها، نقرأها، نفهمها، نسأل عنها، نعيشها. بعد ذلك عندما تحدث ممارسة لها، قلنا: التخلق والتعلق وما إلى ذلك. فلا بد من هذه الخطوات: المعرفة، الممارسة، الاستمرار، المعيشة. نعم، هل يمكن أن تكلمنا عن اسم الله المؤمن، الله سبحانه وتعالى؟ هذا اللفظ أو الاسم مشتق من الأمن،
والأمن هو الطمأنينة والسكينة، والله سبحانه وتعالى هو القاهر فوق عباده، والذي ينزل السكينة على قلوب الناس. والسكينة قد تكون تنزل على الفرد، وقد تكون تنزل على المجموعة، وقد تكون تنزل على المجتمع، وقد تكون تنزل على البشرية جمعاء، فالله هو المؤمن لأنه. هو الذي يُؤمِّن الناس من روعاتهم ومخافتهم، وكذلك ونحن داخلون إلى مكة لنا دعاء أول ما ترى بيوت مكة وأنت ذاهب لتعتمر أو تحج أو نحو ذلك، تقول: "اللهم إن هذا الحرم حرمك، والبيت بيتك،
والبلد بلدك، والأمن أمنك فأمن روعتي يوم القيامة، يوم القيامة، يوم تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حَمْلُ حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى، يعني مشاهد يوم القيامة صعبة بعض الشيء، فيقول له: يا رب آمن روعتي، فهو المؤمِّن لأنه هو الذي بيده تأمين الروعات. أتفضل، إذا كانت الكلمة ليست مشتقة من الأمن فسيكون اسمه المؤمِن وليس المؤمِّن. مؤمِن مُفَعِّل، والصيغتان صحيحتان ولكن الإشتقاق يختلف من الأمن أو التأمين المؤمن
يكون من التأمين، لكن من الأمن وهو الذي خلق الأمن وأنزل الأمن وكذا يكون مؤمن. فالاشتقاقات تختلف بين الثلاثي والرباعي وهكذا. طيب أليس من الإيمان أيضاً يا مولانا؟ يأتي مؤمن من الإيمان ومن الإيمان. إذا جعلتها بالعكس في بعض الكلمات في اللغة العربية تصلح. لأن تكون اسم فاعل واسم مفعول مثل "مختار" و"مختار"، هذه ما معناها؟ الذي يختار أم الذي يُختار؟ يعني الشخص الذي اخترناه فوقع اسمه مفعول أي "مختار"، والشخص الذي يختار اسمه "مختار". أصبح شخص يختار فهو "مختار"، وشخص اختير
فهو "مختار". ففي بعض الكلمات هكذا، حسناً سيدي، إذا كانت فعلاً وإذا كانت الكلمة مشتقة من "الأمن" فسيكون فعلها المضارع "يؤمّن"، وبالتالي سيكون اسم الفاعل منها "مؤمِّن" ؟ وليس "مؤمن". لا أبدا سيكون الفعل هنا "يؤمّن" بمعنى يقوم بتوفير الأمن. فالتشديد يحوّل الفعل من كونه لازماً إلى كونه متعدياً، وهذا هو الفرق بين الفعل الثلاثي البسيط والفعل الذي شددناه. مثال ذلك: تقول "حضر التلميذ حَضَرَ حسنا، وحَضَّرَ لا، هذا معنى آخر. هنا جعلتها متعدية: حَضَّرَ المدرس الدرس، أو حَضَّرَ التلميذ الواجب. فيكون "حَضَّرَ"
غير "حَضَرَ". الفرق بينهما ماذا؟ التشديد. يقول لك: لكي تحول الفعل من لازم مثل الحضور هكذا إلى متعدٍ، إما أن تضيف له همزة، أو تشدد العين التي فيه. التي هي الضاد هنا، إما أن تقول "أحضِر" ستتحول إلى متعدٍّ "أحضِر الولد والكتاب"، أو أنك تشدّد الثاني فتقول "حضَّر الطالب الدرس"، لكن "حضَر" فتقول حضر الطالب فقط وانتهى الأمر. فأنت لكي تفك الإشكالات التي في ذهنك هذه، لابد أن تدرس مسألة اللازم والمتعدي، وهذا الكلام ستجده في المعاجم جميلاً جداً وواضحاً. جداً، ولذلك قلنا يا جماعة لا بد
أن يتعلم المرء اللغة. اللغة هي التي تسهل على الإنسان الإدراك، وهي التي تسهل على الإنسان ربط المعلومات، وهي التي تسهل على الإنسان التفكير. ولذلك فإن اللغة والتفكير وجهان لعملة واحدة. كلما تعمقت في اللغة وصارت لك ملكة، كلما وجدت نفسك قد أدركت معاني القرآن ومعاني السنة ومعاني أيضاً البشر وهم يكلموك، لكن لا بد من أن تكون وظائف اللغة مشتركة، أي أننا جميعاً نفهم بعضنا البعض، أي أننا نتكلم لغة واحدة. لأجل هذا نحن يا مولانا نأتي لحضرتك نجلس تحت قدمك كي تعلمنا وتشرح لنا ما صعب علينا، لا بأس، لا يوجد مانع، لكنني أريد أن أقول إن دراسة اللغة لا تتحقق فجأة بل تتشكل منذ السنوات
الأولى، ولذلك كان الناس متمكنين جداً من اللغة عندما كانوا يحفظون القرآن، لأنه يقال إنك لكي تفكر تفكيراً مستقيماً وتصبح متمكناً من التفكير يجب عليك أن تمتلك حصيلة ستة عشر ألف كلمة، والقرآن يحتوي على ستة وستين ألف كلمة، فعندما يكون لدى سنين واثني عشر سنة يكون معه حصيلة ستة وستين ألف كلمة، طبعاً بالمكرر، لكن الكلمات هي ستة وستين ألف، ستة وستين ألف كلمة وحافظها. تخيل الستة عشر إلى ستة وستين،
فهنا ستجد إن النظام الأخلاقي مختلف إن النظام الإجتماعي مختلف القابلية للتعلم مختلفة. الناس ذُهلت عندما دخل الاستعمار بلادنا ووجدوا هذه الحقيقة. هم بتجاربهم قالوا إن ثلاثة آلاف كلمة هي الكلمات الشائعة، الشائعة المنتشرة بين الناس التي بها تقرأ الصحافة أو تسمع الراديو أو ما إلى ذلك، ثلاثة آلاف كلمة. وبناءً على هذه الثلاثة آلاف كلمة التي هي أكثر شيوعاً، هذا هو ما تستطيع أن تطلق عليه اللغة المعيشية التي تستطيع أن تعيش بها، لكنهم وجدوا أن التعليم مبناه الستة عشر ألف كلمة هذه كانوا قديماً يُوَزَّعون في المدارس لكي تتعلم الإنجليزية جيداً. قاموس اسمه "مايكل"
أربعة وعشرون ألف كلمة. الأربعة والعشرون ألف كلمة تعني ماذا؟ ستة عشر ونصف والثمانية تعني ستة عشر تعني شيئاً رائعاً جداً. أما الطفل الذي حفظ القرآن، لا هذا شيء آخر تماماً. ضارب الستة عشر أو في خمس في أربعة، يعني أربعة أضعاف المفكر. فأنا أؤكد على أهمية اللغة أثناء انطلاقنا للحضارة. لن نستطيع أن يكون لدينا مشروع ننهض به بالأمة وننطلق ونشارك في الحياة إلا إذا اهتممنا باللغة العربية. إلى لقاء آخر، أستودعكم الله،
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.