رجل الإطفاء | خطبة جمعة بتاريخ 2006 - 07 - 07 | أ.د علي جمعة

رجل الإطفاء | خطبة جمعة بتاريخ 2006 - 07 - 07 | أ.د علي جمعة - خطب الجمعة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله ونبيه وصفيه وحبيبه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح للأمة وجاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين، اللهم صل وسلم على سيدنا محمد في الأولين وصل وسلم على سيدنا محمد في الآخرين وصل
وسلم على سيدنا محمد في العالمين وصل وسلم على سيدنا محمد في كل وقت وحين وعلى آله الأطهار وأصحابه الأخيار وأتباعه الأبرار إلى يوم الدين يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون، يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء، واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا، يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا يصلح
لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما. أما بعد، فإن أصدق الحديث كتاب الله وإن خير الهدي هدي سيدنا محمد رسول الله وإن شر الأمور محدثاتها، فكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار. وبعد، فإن الله سبحانه وتعالى قد ضرب لنا الأمثال في كتابه بما نرى وما نتفق عليه ويتفق عليه العقلاء، ضرب الله سبحانه وتعالى مثلا للمفسدين وهو لا يحب المفسدين، وعلى ذلك
فقد دلنا على من يحب فإنه يحب المعمرين، والله سبحانه وتعالى خلقنا في هذه الحياة الدنيا وأمرنا بعمارتها، يقول ربنا سبحانه وتعالى في شأن أولئك كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فسادا والله لا يحب المفسدين فبين الله سبحانه وتعالى أن من فعله أنه يطفئ نار الفتنة ونار الفساد النار التي تهلك العقائد النار التي تخلط الأوراق والتي تلبس
الحق بالباطل والباطل بالحق فإن الله سبحانه وتعالى يطفئها لأنها ليست أصيلة ولا هي من شأن ذلك الكون ولا هي تؤيد نشأته ومراد الله فيه، بل هي على العكس من ذلك ظاهرة صوتية تريد أن تهدم ولا تبني وتريد أن تسعى في الأرض فسادا والله سبحانه وتعالى لا يحب المفسدين. شبه الله الفتنة بالنار ولذلك فإن من أطفأ النار التي تدمر الممتلكات يدمر
الحرث وتهلك النسل فإنه يكون حبيبا لله، رجل الإطفاء هذا الذي يطفئ النار الحسية وصلت به بعض الدول إلى مصاف الأبطال، حتى إذا ما سئل الصغير فيهم ماذا تريد أن تكون وأنت كبير يقول أريد أن أكون رجل إطفاء، رجل الإطفاء لم يأخذ عندنا هذا المقام الرفيع الذي هو له والذي يجب أن يكون له عند الناس، وإذا كان هذا شأن رجل الإطفاء الحسي الذي ينقذ الحرث والنسل والذي
يطفئ النار التي هي دمار، فما بالك بذلك الذي يطفئ الفتنة، فإن العلماء وهم ورثة الأنبياء يجب عليهم أن يعملوا على إطفاء النار، إطفاء نار الفتنة حيثما كانوا، نار الفتنة بين المسلمين وغير المسلمين بين الفقراء والأغنياء بين الحاكمين والمحكومين بين المسلمين بعضهم مع بعض في مذاهبهم المختلفة التي يختلفون فيها في فروعهم وهم يتفقون على قبلة واحدة يعبدون ربا واحدا ويؤمنون برسول واحد ويؤمنون ويتلون كتابا واحدا
ورجل الإطفاء الحسي يفعل ما يفعل بمبادرة منه وبسرعة لا يتلكأ ويجب على علماء المسلمين ألا يتصرفوا كرجل الإطفاء الحكيم الذي لا يقف أمام النار وهو يسأل ما سبب هذا الحريق ومن المتسبب فيه وكيف نعاقبه وكيف نضع البرامج لكي لا تتكرر هذه الحوادث، ينظر إلى النار ويناقش كل ذلك حتى تأتي على الحرث والنسل والأخضر واليابس. أبدا لا يفعل هذا
بل إنه يسأل من الذي أشعل هذه النار وما آثارها وما قيمة ما تحرق، بل إنه يبادر إلى إطفائها ثم بعد ذلك يترك لغيره التحقيق في ذلك كله ويترك لغيره أيضا وضع الخطط والمقررات التي تمنع اشتعال الحريق مرة أخرى، وإنما رجل الإطفاء يبادر سريعا دون تدخل في مثل هذا ولو فعل هذا لوصف بالجنون، وعلى العلماء أن يفعلوا هذا من غير بحث في أسباب الفتنة وكيف دفعها، بل عليهم أن يبادروا بإطفائها أولا ثم يتركوا الأمر بعد ذلك حيث شاء الله. ضرب
الله لنا مثلا بالنار، ولذلك يجب علينا أن نعلم أن النار كما أن فيها دمارا فإن فيها صالحا فهي تمضغ الطعام وتنير إذا ما استعملت في حدها، ولذلك فإن الخلاف بين البشر يجب ألا يصل إلى حد الحريق، بل هو موجود وقد خلقنا الله من أجله، ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم، قال كثير من المفسرين ولذلك الاختلاف خلقهم حتى يحدث التنوع والتدافع بين خلق الله الاختلاف لتعمر الأرض
ولكن بشرط أن يظل في إطار الاختلاف وليس في نطاق الحريق، فإن هذه النار هي التي تنير الطريق وهي التي تسبب الدفء وهي التي تساعد على أن يستعملها الإنسان فيما خلقها الله له، أما لو زادت دمرت وأحرقت وحينئذ يجب إطفاؤها، هكذا يجب أن نتأمل الله نرى لما شبه بالنار ونذهب إلى النار فندرس حالها ونعرف أنه يجب علينا أن نكون إطفائيين
في كل مستوياتنا وأن نعظم رجل الإطفاء الحسي في حياتنا فنعظم رجل الإطفاء العقائدي في حياتنا ونعلم أبناءنا على أن يدرؤوا فساد النار إذا اشتعلت وأن يدرؤوا فساد الفتنة إذا شاعت عباد الله ويضرب الله الأمثال للناس، فيجب علينا أن نتأمل أمثال ربنا في كتابنا وندعو الله أن يهدينا لمراده، وقليل الكلام خير
من كثيره. ادعوا ربكم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيد الخلق أجمعين محمد بن عبد الله الرسول الأمين الذي أرسله الله رحمة للعالمين، اللهم يا ربنا صل وسلم عليه صلاة دائمين أبديين كما يليق بجلاله عندك يا رب العالمين وانفعنا به في الدنيا واشفعه فينا في الآخرة واجعله لنا أسوة حسنة وأحينا على ملته ودينه وشريعته وتوفنا إليك غير خزايا ولا مفتونين اللهم أرنا الحق
حقا واهدنا لاتباعه وأرنا الباطل باطلا وجنبنا اتباعه واغفر لنا وارحمنا وتجاوز عما تعلم إنك اللهم الأعز الأكرم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وأدخلنا الجنة مع الأبرار يا عفو يا غفار اللهم يا ربنا متعنا بالنظر إليك في يوم القيامة وفي جنتك وآت سيدنا محمدا الوسيلة والفضيلة والدرجة العالية الرفيعة وابعثه مقاما محمودا كما وعدته اللهم ارزقه الفردوس الأعلى وما اللهم يا أرحم الراحمين ارحمنا ويا غياث المستغيثين أغثنا، كن لنا ولا تكن علينا، ارحم حينا وميتنا وحاضرنا وغائبنا، ونور قلوبنا واغفر ذنوبنا واستر
عيوبنا ويسر أمورنا. اللهم ارزقنا رزقا واسعا وعلما نافعا وقلبا خاشعا وعينا من خشيتك دامعة ونفسا قانعة وشفاء من كل داء. اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين ومن المتقين ومع القوم الصادقين يا رب العالمين اللهم اجعل جمعنا هذا جمعا مرحوما وتفرقنا من بعده تفرقا معصوما واجعلنا يا رب العالمين على طريقك وإليك وافتح علينا فتوح العارفين بك ومكنا في الأرض كما مكنت الذين من قبلنا وانصرنا إلى دائرة رضاك وأعنا على إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
وارفع أيدي الأمم عنا وحرر لنا أرضنا واحم عرضنا اللهم رد علينا القدس ردا جميلا وطهرها من الأنجاس والأرجاس يا أرحم الراحمين اللهم يا رب العالمين هذا حالنا لا يخفى عليك وضعفنا ظاهر بين يديك نتوسل إليك باسمك الأعظم الذي إذا ما دعيت به أجبت، اللهم رد علينا قدسنا يا أرحم الراحمين وحرر أرضنا واشف قلوب قوم مؤمنين وأذهب غيظ قلوبهم يا رب العالمين، اللهم إن كنا قد عصيناك فاعف عنا وباعد بيننا وبين خطايانا كما باعدت بين المشرق والمغرب ونقنا من خطايانا بالماء والثلج والبرد. لا يكون في كونك إلا
ما أردت فاعف عنا يا كريم، وكما وفقتنا أن ندعوك فاستجب لنا دعاءنا. اللهم إن كان حالنا لا يرضيك فاجعله يرضيك بأن تنقذنا يا رب العالمين من دائرة سخطك إلى دائرة رضاك. اللهم وفقنا إلى ما تحب وترضى، ورقق قلوبنا لذكرك. اللهم أعنا على أنفسنا. يا أرحم الراحمين يا رب من أجل رسولك الكريم الذي أرسلته إلينا فصدقناه وآمنا به أن تشفي صدور قوم مؤمنين وأن تذهب غيظ قلوبهم يا رب العالمين يا رب هؤلاء قد تجبروا علينا أسروا نساءنا وأطفالنا قتلوا
شبابنا ورجالنا بغوا في الأرض بغير الحق وعصوك في كل مكان اللهم لا حول ولا قوة إلا بالله، والحول والقوة بك، أظهر آياتك حيث تشاء يا رب العالمين، اللهم اهدنا واهد بنا، اللهم ارحمنا وارحم بنا، اللهم وقد أنزلت علينا البلاء فأنزل على قلوبنا السكينة والصبر، اللهم يا رب العالمين بلغ بنا دينك على ما ينبغي عندك أن يكون يا رب حي يا قيوم يا حق يا قهار برحمتك نستغيث أخرجنا من ورطتنا اسكن قلوبنا لذكرك يا رب لعلها
أن تكون ساعة الإجابة يا عزيز يا حكيم يا رب العالمين ندعوك بأسمائك الحسنى وباسمك الأعظم الذي أخفيته فيها أن تنصر الإسلام والمسلمين وأن تعز بأمرك كلمة الحق والدين وأن تمكن لنا الأرض فنكون خيرا وسلاما عليها يا رب يا رب يا الله يا
الله يا الله برحمتك نستغيث وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أقيموا الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما
    رجل الإطفاء | خطبة جمعة بتاريخ 2006 - 07 - 07 | أ.د علي جمعة | نور الدين والدنيا