سبيل المبتدئين في شرح البدايات من منازل السائرين | الخاتمة | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. أخذنا نسير في منازل السائرين بين إياك نعبد وإياك نستعين، فهذا هو طريق الله؛ يبدأ بالعبادة وينتهي بالاستعانة. ولكن طريق الله سبحانه وتعالى مع مدة الحياة، فليس له بداية ونهاية في هذه الحياة الدنيا. بحيث أن الإنسان يصل إلى مرتبة لا تكليف بعدها، بل إنه يعبد ربه حتى
يأتيه اليقين، واليقين هو الموت. فطريق الله سبحانه وتعالى في بدايته وفي نهايته على مدة حياة الإنسان، فإن النبي صلى الله عليه وسلم علمنا وهو أسوتنا الحسنة أنه يعبد ربه سبحانه وتعالى مدة حياته، فكان كلما رقَّاه ربُّه في مدارج العبادة وقياماً إلى أن تتورمَ قدماه، ويقول: "يا عائشة، أفلا أكون عبداً شكوراً؟" غفر الله
له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وليس له ذنب على الحقيقة، وإنما قربات الأبرار سيئات المقربين، وليس له ذنب على الحقيقة لا قبل النبوة ولا بعدها، لأنه كان صلى الله عليه. وسلم معصوماً وكان مختاراً من ربه وكان من المصطفين الأخيار بل هو سيدهم وسيد الأنبياء والمرسلين، تعجز الكلمات عن وصف حقيقته فلا يعلم كنه حقيقته صلى الله عليه وسلم إلا من خلقه. يقول: دع ما ادعته النصارى في نبيهم واحكم بما شئت مدحاً فيه واحتكم، وانسب إلى ذاته ما شئت. من شرَّف
وانسب إلى قدره ما شئت من عظمٍ، فإن فضل رسول الله ليس له حدٌ فيعرب عنه ناطق بفمه. يعني قُل ما شئت وامدح ما شئت، فإنك لا تصل عُشر معشار ما عليه قدره العظيم صلى الله عليه وآله وسلم. قسم الطريق في منازل السائرين إلى عشرة أقسام، وقسم. كل قسم إلى عشرة أبواب وجعل هذا الطريق في مائة خطوة وقد تكلمنا عن عشر منها وأول الطريق هو أن تتيقظ وأن تعلم حقيقة الدنيا وأنها إلى فناء إذا لم تعلم هذا وأن هذه الدنيا فانية وأنها كما أنها
حادثة لها بداية فإنها لها نهاية إذا لم تعلم هذا فأنت نائم وإذا لم تعلم أنه لا حول ولا قوة إلا بالله وأنه لا يكون في هذا الكون إلا ما أراد الله فأنت ما زلت في غفلتك وغفوتك والنائم لا يُخاطب لأنك لو خاطبته لا يسمع فلا يستجيب ولا يتحرك حيث إنه غافل هناك حجاب بينك وبينه وهو النوم إذاً فلا لا بد أولاً من اليقظة، اليقظة حتى تسمع، لأنك لو لم
تتيقظ لا تسمع. الدنيا فانية، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا يكون في كونه إلا ما أراد. هذه هي اليقظة: تعلم حقيقة الدنيا وتعلم أن كل الذي حولنا هذا إنما هو من إخراج ربنا، فهو الذي خلق فسوى وقدر. فهُدى وهو الذي بيده ملكوت كل شيء، إذا عرفت ذلك عرفت أنه لا حول ولا قوة إلا به، إذا عرفت ذلك فإنك لا تسأل البشر بل تسأل ربك، إذا عرفت ذلك تعلم أن الله قد خلق السبب والمسبب معاً، وما هي إلا أشياء
يقدرها ربنا ويجريها سبحانه وتعالى، هذا هو. أساس المسألة اليقظة أول شيء ثم بعد ذلك تأتي التوبة، لا بد عليك من أن تنخلع من ذنوبك ومن دائرة المعصية إلى دائرة الطاعة، ومن دائرة الكسل إلى دائرة الهمة، وأن تتوب إلى الله إلى أن تصل وتترقى في التوبة إلى درجة التوبة من السوى، يعني ما سوى الله. الله تبت من المعصية هذه أمر سهل، والتزمت بالطاعة أمر سهل أيضاً، لكن
أن تظل تتخلص من الدنيا وتخرجها من قلبك وتطلقها ثلاثاً بائنة لا رجعة فيها أو تلاعنها حتى تحرم عليك أبداً فتخرج من قلبك، وكان من دعاء الصالحين: "اللهم اجعل الدنيا في أيدينا ولا تجعلها في قلوبنا"، كيف؟ التوبة عن السوى التوبة عن السوى تأتي إذا لم تفرح بالموجود ولا تحزن على المفقود فيستوي عندك العطاء والمنع، فنكون قد وصلنا إلى مرتبة التخلص من السوى، وتصل إلى درجة الرضا والتسليم.
هذه هي التوبة من السوى، فإذا رضيت بقدر الله وأمره فينا وسلمت له سبحانه وتعالى وتركت له الأمر يختار. فإنك قد تظن شيئاً لك في الدنيا أنه خير وهو من قبيل الشر، ويرتب الله لك شيئاً آخر يخرجك به من ظلمات الدنيا إلى نور الآخرة ومن ضيقها إلى سعة الله، فالله هو الواسع لكن أكثر الناس لا يعلمون، كما قيل في الأثر: "لو علمتم الغيب لاخترتم الواقع". الرضا. والتسليم ينتج
من التوبة عن السوى، وبعد قضية التوبة أتت المحاسبة، حاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسبوا. يقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيما يحكيه عن كلمة الله سيدنا عيسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام: "يا غافل ترى القذاة في عين أخيك ولا ترى جذع النخلة في عينك". يبقى لا بد للإنسان أن يبدأ بنفسه في المحاسبة ويدينها، والنبي في التغيير
يقول: ابدأ بنفسك ثم بمن تعول، بمن عندك المسؤولية عليهم. لكن كثيراً من الناس يرى القذاة في عين أخيه ويدع الجذع (النخلة) في عينه، وهذه مصيبة كبرى وبلية سيحاسب عليها الإنسان في الدنيا والآخرة. ويقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من عَيَّر أخاه بذنب هو أمرنا بالستر فقال استر عليه ولو بطرف ثوبك، فإذا تكبَّر الإنسان على أخيه بذنب ارتكبه وعلمه
هذا فإن الله لا يميته حتى يرتكبه، فاللهم سلِّم سلِّم. يبقى إذا رأيتم هذا في الناس فقل الحمد لله بينك وبين نفسك وليس في وجه. أخيك الذي عافانا مما ابتلى به كثيراً من عباده، فإن كثيراً من عباده قد ابتُلي حتى أنه لا يستطيع أن يعود إلى الله. واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه، فالمحاسبة تساعد على الإنابة وهي الخطوة الرابعة، والإنابة تطبيق للتوبة. فإذا كانت التوبة نظراً فالإنابة عمل، وإذا
كانت التوبة علماً. فالإنابة فعل تطبيق للتوبة، منيبين إليه واتقوه، والتقوى الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل والاستعداد ليوم الرحيل. والتقوى أن تترك الذنوب كبيرها وصغيرها. في الواقع، اترك الذنوب كبيرها وصغيرها، ذاك هو التقى، واصنع كما تمشي فوق أرض الشوك يحذر ما يرى. لا تحقرن صغيرة، إن الجبال من الحصى، فالإنسان يستهين بصغيرة وصغيرة وصغيرة. وهو لا يعلم
أنه رب كلمة من غضب الله لا يلقي إليها أحدكم بالاً تهوي به سبعين خريفاً في جهنم، ورب كلمة من رضوان الله لا يلقي إليها أحدكم بالاً تدخله ربض الجنة، يعني وسط الجنة وأعلاها، الوسط هو الأعلى، "وكذلك جعلناكم أمة وسطاً" يعني عالية المقام، وبعد. عند الإنابة يأتي التفكر ومعه التذكر، والفرق بينهما: بين التفكر وهو التشوف إلى المطلوب، وبين التذكر
وهو رفع الحجاب عنه والوصول إليه، كالفرق بين التوبة والإنابة. فهذا عمل وهذا علم. ثم بعد ذلك تكلم عن الاعتصام وقال إنه اعتصام بالله واعتصام بحبل الله، يبدأ أولاً بحبل الله ثم يترقى إلى الاعتصام. بالله ثم الفرار إلى الله والرياضة حتى يدخل في حال سماع الوارد، ومعنى سماع الوارد أنه قد وصل إلى الباب، فإذا
فُتِحَ الباب - واللهم افتح علينا فتوح العارفين بك - فهو وربه، يفتح الله عليه ما شاء بما شاء أن نشاء كيف شاء، ولذلك فقد انتهى كلامنا عند هذا، فإن الإنسان إذا وصل إلى الباب وفُتِح له لا يأخذ منا بل نأخذ منه، فلا بد علينا أن ننتفع بما قد استمعنا إليه ونبدأ فيه، فنوقظ أنفسنا من الغفلة وندرك حقيقة الدنيا ونتوب ونحاسب أنفسنا، فننيب إليه سبحانه
وتعالى، فلا ملجأ منه إلا إليه، ثم بعد ذلك نتفكر ونتذكر وعلينا بعد ذلك. بالرياضة وبالفرار حتى نصل إلى السماع فإن نحن فعلنا ذلك فنرجو الله أن ينفعنا بما سمعنا وإن نحن لم نفعل لا ينفعنا ما بعد ذلك من شيء فإن هذا الطريق وهو مقيد بالكتاب والسنة مقيد بالعلم والعمل ولا يصلح فيه التمني ولا الدعاوي والادعاء بل هو محض ذكر وتربية وخلوة حتى لو كانت في الجلوة
ذكر يبدأ فيه الإنسان بذكر الله ويكثر منه حتى يُعَدَّ من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات، ويترقى فيه. وأهل الله لهم سبعة أسماء أصول قالوا إنها تلخص الأسماء الحسنى الواردة في القرآن، والأسماء الحسنى الواردة في القرآن حقيقتها هي تربية الإنسان لأن منها ما هو للتخلق. كالرحمن الرحيم الرؤوف العفو الغفور ومنها ما هو للتعلق كالعظيم الشديد الجبار المتكبر
ومنها ما هو للكمال بعد الجمال والجلال كلفظ الله فإن الله وحده لا شريك له هو الذي تتعلق به القلوب وهو محل السؤال وهو سبحانه وتعالى مقصود الكل وهو كلمة لفظة شريفة عجيبة تدل بكلها على الذات العلي الله هو الذات الواجب الوجود المستحق لجميع المحامد الذي خلق فسوى وقدر فهدى والذي يستحق منا العبادة والخضوع والسجود، ولا تسجد أمة لربها إلا المسلمون. نحن
فقط الذين نسجد، لا أحد يسجد في الأرض الآن لربه إلا المسلم، وهذا من علامات صحة هذا الدين، فنحن الذين أسلمنا وجوهنا لله وخضعنا. وخشعنا واستجبنا وأدينا صلاتنا وفيها كل ما تؤديه الملائكة من عبادة لربها، فالكون يذكر وأنت تذكر مائة وخمسين اسماً أو تزيد قليلاً، منها ما هو للجمال ومنها ما هو للجلال ومنها
ما هو للكمال، تتلخص في سبعة: لا إله إلا الله، الله هو لا إله إلا هو، الحي القيوم الحق. القهار، وأن هذه السبعة يلهج بها مبتدئو الطريق فتساعدهم كثيراً على تخطي العقبات وعلى الاشتغال بالذكر حتى يلين قلبه لذكر الله، فيذكر حتى من غير لسانه، لأن هناك ذكراً باللسان وذكراً بالجنان وذكراً بهما وهو أعلى الذكر. فالإنسان إذا أراد أن يبدأ مع الله مستفيداً بتجارب أولياء الله الدالين على الله
الذين جعلوا الكتاب والسنة ديدنهم وجعلوا رسوله صلى الله عليه وسلم أسوتهم فإنهم يرشدونه إلى طريق فيه ذكر كثير في القديم. قبل هذا العصر النكد الذي نعيش فيه كان أهل الله يضعون أرقاماً لكل اسم، يقول لك اذكر لا إله إلا الله ثلاثين ألف مرة، الله سبعين ألف مرة. وهكذا لكن تغيروا منذ أكثر من مائة عام عندما اشتدت الظلمات وتصارع الناس في الدنيا دون الآخرة. كان قديماً نمشي في الشارع فنجد ثلاثين ولياً، أما
الآن فنلتفت في المساجد فنجد ثلاثين شيطاناً، فإنا لله وإنا إليه راجعون. نبدأ بأنفسنا فنعيبها، نعيب زماننا والعيب فينا، وما لزماننا عيب سوانا، ابدأ بنفسك. ثم بمن تعول، أنا الذي سيء، أبدأ بنفسي فأذكر الله. فقالوا: لا تقرأ على التوالي مائة ألف كل يوم، بل ما تيسر، ألفين أو ثلاثة، إلى أن تُكمل المائة ألف، ثم تنتقل إلى الاسم الذي بعده، وهكذا حتى تنتهي من الأصول السبعة. جاء الشيخ عبد القادر الجيلاني في القرن السادس الهجري وقال: لا. نريد أن نضيف لهم ستة أسماء
أخرى: العزيز، المهيمن، الودود، الوهاب، الباسط. لماذا قال: حال الناس لا يعجبني، سبعة أسماء لم تعد كافية. فأضاف هذه الأسماء الستة، فأصبحوا ثلاثة عشر. أصبح لدينا شيء يسمى الأصول مثل الأعمدة والأساسات، وشيء يسمى الفروع أي مثل البنيان. أيصلح هكذا النبي عليه الصلاة والسلام؟ قال ولا يقول أحد أو لا يكون أحد أفضل من ذلك إلا رجل قال أكثر من ذلك. تبقى مفتوحة هكذا. نعم، نعم أنه يمكن للمرء أن يذكر بأسماء الله الحسنى. نعم، "قل الله ثم ذرهم
في خوضهم يلعبون" حيث لا يقال في الأرض "الله الله" هكذا يقول رسول الله، فقد كان يُقال. في الأرض الله الله ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها، ها هو الكتاب والسنة، فيجب علينا أن نفهم وأن نعيه، لأن كثيراً من الناس - والعياذ بالله - يتمسحون بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس على طريقة السلف الصالح، ويصدون الناس عن الذكر، والقرآن ثلاثة أرباعه يأمر بالذكر حتى سُمي القرآن. ذكرًا ولكن
ماذا نصنع في قلوب قد قست وأناس قد أغلقوا على أنفسهم طريقًا فتحه الله لهم؟ الهجوا بالذكر في كل مكان فإن الذكر هو بداية الطريق والعمل، ثم بعد ذلك إذا ما انتهينا من هذا ذكرنا بأسماء الله الحسنى الواردة في حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه الترمذي بتلك الرواية المشهورة التي نتلوها ويحفظها كثير منا، ثم بعد ذلك نسير على اسم من الأسماء نجد فيه قلبنا، كل واحد يجد قلبه في اسم من الأسماء
يستمر عليه، إما من الأصول أو الفروع أو الأسماء الحسنى ولا يزيد عن. خمسة آلاف في اليوم حتى يذكر من جديد ويدخل بعد ذلك في التربية فيضع نفسه وشهواته تحت قدمه، وكلما أمرته نفسه بشيء أبى وتأبى عليها ورفض وخالفها، ويجتهد حتى يجهد نفسه، فإنه يجد لذة في قلبه لو عرفها الملوك لقاتلوا عليها، وأساس كل ذلك الديمومة والدوام، فكان عمل سيدنا رسول اللهُ صلى الله عليه وآله وسلم
دائماً، وقال: "أحبُّ الأعمالِ إلى اللهِ أدومُها وإنْ قَلَّ". فإنْ انقطعتَ فلا تيأسْ، ابدأْ مرةً ثانيةً وثالثةً وعاشرةً ومائةً إلى أنْ تصلَ إلى الديمومةِ. لا تيأسْ، استحضِرْ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم معكَ وعِشْ معهُ في هذه الدنيا، فإنَّهُ بابُكَ إلى الله. وانسدت كل الطرق إلى الله إلا من قِبَله صلى الله عليه وآله وسلم. عِشْ معه بحب، عِشْ معه بتعظيم وإجلال، فإنه هو الواسطة التي ارتضاها الله أن تكون بينك وبينه. ليست
واسطة عبادة إلا من قبيل الوحي، فالله لا يكلمك إلا عن طريق نبيه. ما كان الله ما كان لبشر. أن يكلمه الله إلا وحياً أو من وراء حجاب أو يرسل رسولاً فيوحي بإذنه ما يشاء، ولكن من غير هذه الواسطة لا تكون، إنما هو وسيلتك إلى ربك وليست هناك وسيلة أخرى إلى الله، وابتغوا إليه الوسيلة، فوسيلتنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، نتبع سنته ونسير على نهجه. ونتعلم تعليمه ونفعل فعله فيرضى الله سبحانه وتعالى عنا قطعًا من غير تردد ولا شك
ولا ريب. سيد الكائنات، أحلى عباد الله، أجمل الخلق أجمعين خلقًا وخلقًا، ظاهرًا وباطنًا، سيدنا رسول الله. كنز وفقك الله من غير حول منك ولا قوة أن تكون من أتباعه من غير بحث ولا مجهود. فكيف تهدر كل ذلك اتق الله وعد فإن انتهيت من التربية وعلامتها أن تضع نفسك تحت قدمك فإنك تدخل الخلوة ولا تكون إلا بإذن الشيخ فإذا فقدت
الشيخ فليس هناك خلوة وعليك بأن تصلي على النبي صلى الله عليه وسلم دائماً وأبداً حتى يوفقك الله سبحانه وتعالى في الشيخ المرشد يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين. فالمعية هنا تستوجب أن تكون مع مرشد يرشدك إلى الله وفي صحبة تدلك عليه سبحانه وتعالى. والنبي صلى الله عليه وآله وسلم قد تحنث الليالي ذوات العدد في غار حراء، وإذا فقدت المرشد طلبت هداية ربي عند فقد المربي، وهذا يتأتى. بالصلاة على النبي في اليوم لا أقل
من ألف مرة حتى تعيش معه صلى الله عليه وآله وسلم لعله أن يكون مرشدك ومن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مرشدًا فقد وصل إلى الغاية العليا، فاللهم يا ربنا صل على سيدنا محمد في الأولين وصل عليه في الآخرين وصل. عليه في العالمين وسلم تسليماً كثيراً، اللهم اشرح صدرنا للإسلام وأنزل السكينة على قلوبنا وافتح علينا فتوح العارفين بك، اللهم اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم إنك أنت الأعز الأكرم، اهدنا في من هديت وعافنا في من عافيت وتولنا في من توليت
وبارك لنا فيما أعطيت واصرف عنا شر ما قضيت. اللهم يا ربنا أحينا مسلمين وأمتنا مسلمين غير خزايا ولا مفتونين واجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه واحشرنا تحت لواء نبيك يوم القيامة واسقنا من يده الشريفة شربة ماء لا نظمأ بعدها أبدا ثم أدخلنا الجنة من غير حساب ولا سابقة عقاب ولا عتاب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم إنك أنت الأعز الأكرم، اللهم يا ربنا اجعل جمعنا هذا جمعاً مرحوماً، وتفرقنا من بعده تفرقاً معصوماً، ولا تجعل فينا شقياً ولا محروماً، ووحد قلوب أمة محمد على الخير، رد
علينا أرضنا، واحمِ عرضنا، وحرر قدسنا، وأنزل السكينة على قلوبنا وقلوب أمهات الشهداء، توفنا عندك يا أرحم الراحمين مسلمين مخلصين. غير خزايا ولا مفتونين، اللهم هب مسيئنا إلى محسننا، واغفر لنا جملة واحدة، وشفع فينا نبيك صلى الله عليه وآله وسلم في الآخرة، وانفعنا به في الدنيا، ومتعنا بالنظر إلى وجهك الكريم. لا إله إلا أنت، يا رحمن، يا رحيم، يا ملك، يا قدوس، يا سلام، يا مؤمن، يا مهيمن. يا عزيز يا جبار نسألك بكل اسم هو لك أنزلته في كتابك وعلمته
أحداً من خلقك واستأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن الكريم ربيع قلوبنا وجلاء همنا وحزننا، نعوذ بك يا ربنا من الهم والحزن ومن العجز والكسل ومن الجبن والبخل ومن غلبة الدين وقهر الرجال ومن الكفر والفقر ومن الطغيان والعدوان اللهم يا رب