سبيل المبتدئين في شرح البدايات من منازل السائرين | باب التوبة جـ2 | أ.د علي جمعة

سبيل المبتدئين في شرح البدايات من منازل السائرين | باب التوبة جـ2 | أ.د علي جمعة - تصوف, منازل السائرين
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. قال المصنف رحمه الله تعالى ونفعنا الله بعلومه في الدارين آمين: وسرائر حقيقة التوبة ثلاثة أشياء. إذ عندما أتحدث عن حقائق التوبة، أشرع في الكلام عن أسرار وسرائر تلك الحقائق. هناك حقائق التوبة الثلاثة. يعني ماهية التوبة، يعني حقيقة التوبة: تعظيم الجناية، واتهام
النفس في التوبة، وطلب إعذار الخليقة، ثلاثة. فلا بد للإنسان في أول توبته إن كانت التوبة صادقة أن يعظّم الذنب، لا يستهين به ولا يستحقره. لا تحقرنّ صغيرة، إن الجبال من الحصى. واتهام النفس في التوبة يعني يتوب ويعلم أنه في. المشيئة فإن شاء الله قبل توبته إن كانت صادقة، وهل يا ترى أنا صادق في توبتي؟ فيكون في تردد وفي شك وفي وجل وفي خوف يدفعه لأن ينخلع بالكلية عن الذنب، وأن يندم على
فعله، وأن يعزم على ألا يعود لمثلها أبداً، وأن يبعد بنفسه عن الذنب هذا ويستحقر هذا. الذنب بمعنى أنه يستقذره ويأباه ويدافع عنه ولا يستهين به، إنما يعظم الجناية ويتهم نفسه في التوبة، ولكنه لا يحتقر الخلق ولا يتعالى عليهم بتوبته، بل يطلب العذر لهم. فإذا رأى المبتلى بالذنب فيقول: "الحمد لله الذي عافانا مما ابتلى به كثيراً من عباده"، ولا يتكبر عليهم بتوبته ولا بأن. الله هداه بأن يستقذر هذه الخبائث وهذا الذنب ويمن
عليه باستعظام الجناية، فالكل من الله سبحانه وتعالى. ولذلك دائماً التائب يطلب إعذار الخلق ويقول: هو معذور، فإن الله حكم عليه بهذا. السرائر لهذه الحقائق المرتبة الثانية التي هي أعمق من قضية استعظام الجناية واتهام النفس وطلب إعذار الخلق، تخطو بنا. المصنف رحمه الله تعالى خطوة أخرى في التوبة وفي تعميقها في النفس المؤمنة فيقول: سرائر حقيقة التوبة ثلاثة أشياء: تمييز الثقة من الغرة، يعني هل أنت واثق أم أنك مغرور؟ هناك
فرق بين أن تكون واثقاً بالله وبين أن تكون مجترئاً مغروراً في نفسك على الله. الثقة بالله ممدوحة مطلوبة. فأنا أثق في الله أنه هو التواب الرحيم، وأنه هو العفو الغفور، وأنه قابل التوب سبحانه وتعالى، وأنني بتوبتي وقد وفقني إليها فإنه قد قبلها مني، ثقة في الله وليس غروراً بالنفس. الغرور أن يقول: ما هو لازم يقبلها مني. ياه! هذه مصيبة سوداء، هذا كبر فوق كبر، هذا جاء يتوب فتكبر. النساء سمعن، حسناً.
نصفهن قلن نعم ونصفهن قلن لا. النساء سامعات؟ لا، أجمعن على أنهن لا. كيف تسمعنني إذاً؟ هذا مثل شخص يقول لآخر: أأنت نائم؟ فيقول له: نعم. هل هذا كلام منطقي؟ يعني الآن النساء سامعات. إذا كنتن تردن علو الصوت، فالنساء سامعات أيضاً. لا، لا إله إلا الله، حسناً. الرجال سامعون، نعم نعم، فهذه المسألة ترجع إلى الرجولة والأنوثة، وليست راجعة إلى الميكروفونات، لأنه من المفترض أنكم تسمعون أكثر، المفترض أنكن تسمعننا أكثر حتى لا يغضب الشيخ ممدوح. سأقول ما أريده، هيا، اختلط الأمر يعني، حسناً، أظن هكذا سامعون بدلاً من أن
تقولوا لا. سمعين حقائق التوبة: تعظيم الجناية، واتهام النفس في التوبة، وطلب إعذار الخليقة. السرائر التي هي أعمق من الحقائق لأنها سرائر تلك الحقائق. سنتقدم، فقد قال: تمييز الثقة من الغرة، أأنت واثق بالله أم أنك مغرور بنفسك؟ فينبغي أن تلتفت إلى هذا المعنى الدقيق الذي قد يغفل عنه كثير من. الناس فيظن نفسه واثقاً في الله وإذا به يرى الحق على الله والله ليس عليه واجب ولا حق، أنت الذي عليك الواجب وعليك الحق. الله متفضل
سبحانه وتعالى بتوبته من كل جهة، الله سبحانه وتعالى هو صاحب الإفضال والإنعام، وأنت مجرد محل مخلوق يفعل الله فيك ما يشاء لا حول. ولا قوة إلا بالله، وهذا يدل على أننا ينبغي علينا ترك أنفسنا والقضاء عليها شيئاً فشيئاً. هكذا يضغط المرء على نفسه ويلغيها. ميِّز الثقة من الغرور، فهل أنت مغرور بالله أم واثق فيه؟ ينبغي أن تكون واثقاً فيه بأن تكون متذللاً له، خاضعاً له، راجياً وجهه الكريم. طامعاً في ثوابه وفي قبول توبته،
لا أن ترى حقاً عليه سبحانه وتعالى أن يغفر لك أبداً. ونسيان الجناية... ما هذه الحلاوة! من سرائر الحقائق أنك عظّمت الجناية في أول التوبة ثم تأتي في آخر التوبة وتنسى الذنب. أنت تضحك على نفسك لله، يعني حتى الضحك على النفس فيه نوع. تقول لله: أنا لم أفعل ذنباً أبداً، صفحتي بيضاء. هذا الشعور بأن صفحتي بيضاء يؤدي في النفس إلى أن الإنسان يحافظ على هذا البياض ولا يرتكب الذنب مرة أخرى.
يؤدي إلى الثقة المحمودة بالنفس بأنني أبيض ولا أريد أن أُسوّد الصحيفة، وذمتي بريئة من الذنوب لأن النفس تيأس إذا رأت أنها... أذنبت وأكثرت من الذنوب قد تصل إلى درجة اليأس من روح الله والقنوط، واليأس من روح الله والقنوط في وجه الله كفر، فقد يؤدي هذا إلى المحذور. ولذلك نسيان الذنب ركن من أركان السرائق، انسَ الذنب إذاً، فتصبح رجلاً نظيفاً، إنساناً نظيفاً، كأنك لم تفعل الذنب وأنت لا
زلت فاعله. أمس تبت وندمت وما إلى ذلك، ولكن هذا يساعدك على ألا تعود إليه أبداً. إذن، هنا ثقة بالنفس بسيطة ولكنها محمودة تؤدي إلى المساعدة على ترك الذنب. فيكون هدفنا ألا تعود إليه أبداً، فتقول: خلاص. ويقال لك: لا، الله كريم عفوه، غفور، انتهى الأمر. والتوبة من التوبة أبداً، فقد قلنا من حقائق التوبة اتهام النفس فيها. هل توبتي صادقة؟ حسناً، فلنتب إلى الله من التوبة. ماذا؟ نعم، التوبة. التوبة غير الصادقة. توكلنا على الله وتبنا الآن من
التوبة غير الصادقة. متى تكون التوبة غير صادقة؟ تكون كذلك إذا رجعنا إلى الذنب. حسناً. ما جميعنا نعود إلى الذنب، فتصبح التوبة فيها كلام، فلنتب منها. نقول له: يا رب، التوبة التي كانت بالأمس، الحقيقة كانت توبة فيها دخل، لكنني أتوب منها الآن. أصبحت التوبة من التوبة، انظر إلى هذه الدقة. تلك كانت توبة، لكن هذه أصبحت توبة من التوبة، من غير وسواس، بسهولة هكذا. يا رب أستغفرك. من استغفاري غير المخلص بالأمس، أنا قلت "استغفر الله" بسرعة: استغفر الله، استغفر الله، استغفر الله، استغفر الله، بلساني ولم يكن قلبي حاضراً. أستغفرك اللهم يا ربي من عدم حضور قلبي في الاستغفار الذي كان بالأمس.
مرةً، استغفر أحد الصالحين الله عشرين سنة على قوله "الحمد لله". ما هذا؟ كيف؟ الحمد لله، هذا ذكر، والذكر من قبيل الطاعة. أيستغفر من الطاعة؟ قال: لا، استغفر من عدم الإخلاص. كيف يكون؟ احترقت بيوت الناس في المنطقة التي فيها بيته، قالوا: ولم يحترق بيتك؟ فقال: الحمد لله، ونسي مصائب المسلمين. هلا قال: الحمد لله الذي نجاني من الحريق الذي التهم بيوت المسلمين الله، ونسيت. إخواني، والله أنا غافل، أستغفر الله على هذه الغفلة. فاستغفر
الله عشرين سنة من قوله "الحمد لله". فعلام نستغفر الله إذن إلى يوم القيامة؟ قال: التوبة من التوبة أبداً. وإنني أيضاً، التوبة الثانية التي فعلتها اليوم سأتوب منها غداً، وسأقول: يا رب، أنا تبت. أمس تبت توبة عن توبة أول أمس، وإنني أريد أن أجدد التوبة الآن وأتوب إليك وأنا مركز وذهني حاضر، عكس توبة أمس. لكنني لم أكن مركزاً مئة بالمئة، بل كنت مركزاً ثمانين فقط. فيا رب، أنا أتوب إليك من توبة أمس التي كانت عن توبة أول أمس. هل ستقبل توبتي؟ ثمّ متى سننتهي؟ قال: أبداً أبداً، مستمر. لأن
التائب - يعني كان الشيخ شعر بأن الناس ستقول له: ما هذا؟ من أين أتيت بهذا؟ ما دام قال: من أين أتيت بها؟ فمن أين؟ من الكتاب أو السنة. لأن طريقنا هذا مقيد بالكتاب والسنة، عرفه من عرف وجهله من جهل. قال: لأن التائب داخل. في الجميع من قوله تعالى: {وتوبوا إلى الله جميعًا أيها المؤمنون}. ربنا يقول ماذا؟ "أيها المؤمنون"، فهو يخاطبنا نحن جميعًا رجالًا ونساءً: "توبوا إلى الله جميعًا". هل يصح لأحدٍ منا أن يقول له: "لا، أنا تبت قبل ذلك"؟ لا،
فالتائب بالأمس داخل في هذا الخطاب، من ضمنه. إذن التائب يتوب. وهل هذه الآية ستنتهي أم تُتلى كل يوم؟ تُتلى كل يوم، وفي كل يوم ماذا نفعل؟ ندخل في التوبة فندخل في التوبة فندخل في التوبة أبداً. حسناً، هذه أسرار حقيقة التوبة ثلاثة: تمييز الثقة من الغرور، ونسيان الجناية، والتوبة من التوبة أبداً، لأن التائب داخل في الجميع في قوله تعالى "وتوبوا". إلى الله جميعًا بما فيكم التائب يتوب مرة أخرى أيها المؤمنون، فأمر التائب بالتوبة، فمِمَّ سيتوب؟ يتوب من توبته
التي كانت من توبته الأولى. هذه أسرار التوبة، أسرار حقيقة التوبة. حسنًا، لطائف أسرار التوبة، هذه الأسرار لها لطائف. وما هي اللطيفة؟ إنها أرق من السر وأعلم، تولدت من هذا يخطو بنا خطوة أخرى، فقد عرفنا حقيقة التوبة وعرفنا أسرار هذه الحقائق، ثم سيتكلم عن لطائف هذه الأسرار. إنه يأخذنا واحدة واحدة، فعندما نأتي لنربي الناس لا نأخذهم مرة واحدة، بل نأخذهم واحدة تلو الأخرى. وكان رسول الله يحب في الكلام أن يثلثه، أي يقوله ثلاث مرات، ولذلك تقول ثلاثة. أشياء ثلاثة هنا أخذوها من قوله: "بسم الله الرحمن الرحيم"، يعني ارتضى
ماذا؟ ثلاثة. قال: "بسم الله"، لم يقل "بسم الله" فقط، لم تكن كافية، قال: "الرحمن الرحيم". فأخذ من هنا اللطيفة الأولى: النظر إلى الجناية والقضية فيعرف مراد الله تعالى فيها إذ تركه وإتيانها، يعني مفعول معه هكذا. مثل سار الجيش والنهر، أي مع النهر، فهو الذي يقول له جعله وإتيانها، أي مع إتيانها، هكذا اسمه مفعول معه، إذ جعله وإتيانها. ما الحكمة في ذلك؟ ما الحكمة؟ فهو يفكر بعمق في الأسرار. ما الحكمة
في أن الله لم يعصمك من الذنب؟ ما الحكمة؟ يقوم المرء هكذا يفكر. ويُقهر تحت سلطان الله، آه ربنا، لم تعصمني؟ لا، فهناك حكمة، فأنت لا تفعل شيئاً يا رب إلا ويكون له حكمة. النظر إلى الجناية والقضية فيعرف مراد الله تعالى فيها إذ تركه وإتيانها. يشعر المؤمن حينئذ أن الله كسر نفسه وهو جالس طوال النهار. يذكر ويتلو ويقوم الليل وابتدأت فرعاً لما ابتدأت فرعاً. قوم ذهب موقعه في الذنب. ما
رأيك؟ هذا الذنب سيكون خيراً على صاحبه من كثير من عبادته لأنه سيدفعه إلى التوبة النصوح وإلى ذلٍ وانكسارٍ لله خيرٌ من الكبر الذي قد يتولد من الطاعة. فهو لا بد أن يعرف أن ربنا كريم وأنه عندما تركه مع هذا الذنب كسر نفسه، وإن كسر النفس هذا سيأخذ عليه درجة يوم القيامة خير من افتخاره وتعاليه بالطاعة، لأنه لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كِبر. فربّ معصية أورثت ذلاً خير من طاعة أورثت كِبراً. ربّ، ربما يعني ربّ، يعني
للتقليل. المعصية أسوأ. من الطاعة، والطاعة خير من المعصية، لكن الطاعة لا بد أن تولد انكساراً، فإن ولدت كبراً، فليتها لم تكن. والمعصية سيئة ولابد أن نتوب منها، لكن لو تبنا منها فولدت عندنا انكساراً وذلاً لله، فما أحلاها! ما أحلى ماذا؟ ليست المعصية، بل حلاوة الذل والانكسار لله بدلاً من الكبر والطغيان، فيصبح الإنسان الذي فعل. ذنب ينبغي عليه أن يكون واعياً ولا يتبرم على ربه قائلاً: لماذا يا ربي هكذا أوقعتني في هذه المسألة؟ لماذا؟ بل عليه
أن يرضى ويسلّم ويجعل هذا الذنب يتحول إلى حسنة، "يبدل الله سيئاتهم حسنات". هي سيئة لم يختلف أحد في أنها سيئة، لكن بالذل والانكسار الذي تولد عنها يحوّل المؤمن بحسنته هذه إلى... حسنة وتصبح فعلاً لو أننا أردنا أن نكتب برنامجاً لهذا المؤمن نكتبه وفيه أنه يجب عليه أن يفعل هذه المعصية. من الذي حكم بالمعصية عليه؟ ربنا؟ ربنا لا يصدر منه إلا الخير سبحانه وتعالى. حتى ما كتب علينا من معاصي إن فهمت مراده، أحرمك من هذا الفهم. يا ويلك! سنستدرجهم من حيث لا يعلمون وأملي
لهم إن كيدي متين. يدخل في المعصية ولا يتخلص منها، لكن هذا ليس كذلك. هذا دخل في المعصية ووقعت وانتهى الأمر. يفهم إذن مراد الله أنه أراد بذلك أن يكسر نفسه بدلاً من التكبر، فإنما الله تعالى يترك العبد والذنب لأحد معنيين. فيجلب لنا معنى آخر أن يعرف عزته في قضائه، أن يعرف عزته في قضائه. هذه واحدة ستجلب أربعة، أن يعرف عزته سبحانه وتعالى في قضائه. يقول: أنا أفعل هذا الذنب، أنا نعم، أنت نعم، أنت فعلته. سبحان الله! فيستشعر بأن الله فعّال لما يريد وأنه
سبحانه وتعالى له العزة. والجبروت وفي الخارج في ستره، فلا أحد يعرف، أليس هذا سترك؟ حسناً، هذه أيضاً ميزة. أما آن لك أن تستحي وتخجل؟ لا تفعله مرة أخرى وكن سعيداً بربك أنه سترك. ما رأيك؟ كان من الممكن أن يفضحك فضيحة كبيرة تُكتب في الجرائد، لكنه سترك فنجوت منها. فلتكن رجلاً إذاً، فهذا سترك. إذن عندما تشعر بعزته وتشعر بمنته وحلمه في إمهال مرتكب الذنب، فقد ارتكبت الذنب مرة واثنتين وثلاثة وأربعة
وحَلُمَ عليك، كان حليماً معك. كان من الممكن أن يخسف بك الأرض، يشق الأرض هكذا وتبتلعك، تبتلعك الأرض، هذا الشق يبتلعك. أبداً أمهلك مرة واثنتين وثلاثة. جاء سارق إلى علي رضي الله تعالى عنه سيدنا. كان علي واعياً واعياً مع الله، وليس واعياً في فهم الدنيا فحسب، بل إن الحقيقة انكشفت أمامه. "أنا مدينة العلم وعلي بابها"، وقال: "أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي"، وسد كل أبواب المسجد إلا باب علي. فسيدنا علي هذا كان واعياً جداً، فجاءه سارق فأتت أمه. قالت
له: "يا فضيلة الإمام، من أجل النبي اتركه." قال لها: "كيف أتركه؟ انتظري فقط حتى نقطع يده ثم نتفاهم." قالت له: "هذه أول مرة، إنها غلطة، لقد سرق شيئاً بسيطاً وأعاده." قال لها: "أبداً، سأقطع يده على أي حال." بعد أن قطع يده قال له: "تعال يا ولد، هذه أمك." المرة الكم التي سرقت فيها؟ قال له: المرة السابعة عشرة. قال له: عرفت ربي أنه أكرم من أن يفضح عبده من أول مرة. الحكاية منكشفة أمامه، ما الذي منكشف؟ هو يعبد من؟ الله. فهو
يعبد الله ويعرف كرمه وسعته وستره، فعندما يحدث الذنب منك وتُستر، انتبه جيداً، والله كان من الممكن... على أقل سبب تنكشف، فتتضح الأمور، وكرمه في قبول المعذرة منك، ووفقك للتوبة، وقَبِلَ عذرك، وعفا عنك. ويتضح ذلك من توفيقه إياك في العبادة؛ تجد نفسك قد انتظمت في الصلاة، وانتظمت في القراءة، وانتظمت في الذكر، وانتظمت في فعل الخير، وانتظمت في الصيام. كان صعباً عليك في البداية، ولكنه لم يعد صعباً، بل بدأت. ما الحكاية؟ تنتظم معك لتعرف أنه قد رضي الله عنك وقبل توبتك، وفضله في معرفته. انظر كيف أن الله... ها أنت قد
بدأت تعرف ربك الله. حسناً، هذه نفسها منه ثانية أن تعرف عزته، وتعرف ستره، وتعرف حلمه، وتعرف عفوه. الله... ها أنت بدأت تعرف ربنا إذاً. أنت تعلم - والله والله والله - هذه مسألة أخرى أيضاً، والثاني مُقلة طبعاً ليقيم على العبد حجة عدله حتى يأتي يوم القيامة ويحاسبك: "فعلت الذنب الفلاني"، فلا تستطيع إنكاره. سوف تُطأطئ رأسك هكذا وتقول له: "نعم، فعلت". فهل سيحاسبك على فراغ أم سيحاسبك على عمل قمت به؟ عمل أنت قمت به. فيعاقبه إن أراد على ذنبه بحجته، فإذًا هذا هو السؤال:
لماذا يوقع الله الناس في الذنوب والأمر كله بيديه، ويمكن أن يحفظ الناس عن الذنوب وأن يعبدوه كما أراد كلهم جميعًا؟ وهكذا اللطيفة الثانية، لا نريد أن نكره، ونريد واحدة واحدة، كما دخل الرجل معنا واحدة واحدة، ندخل أيضًا واحدة. واحدة في اللطيفة الثانية والثالثة، فلنُخبرهم في المرة القادمة. هكذا لنكن طيبين. حسنًا، الآن عرفنا حقائق التوبة وأسرار تلك الحقائق ولطيفة من لطائف تلك الأسرار. بقي لنا لطيفتان، فكن لطيفًا واستمع إلى الشيخ ممدوح وهو ينطق ويمدح سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ويثني عليه الخير كله.