سبيل المبتدئين في شرح البدايات من منازل السائرين | باب الرياضة | أ.د علي جمعة

سبيل المبتدئين في شرح البدايات من منازل السائرين | باب الرياضة | أ.د علي جمعة - تصوف, منازل السائرين
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. اللهم صل على سيدنا محمد في الأولين وصل عليه في الآخرين وصل عليه في العالمين وسلم تسليما كثيرا. اللهم جازه عنا خير ما جازيت نبيا عن أمته واحشرنا تحت لوائه يوم القيامة ومتعنا بالنظر. إلى وجهك الكريم في جنة الخلد يا أرحم الراحمين. قال المصنف رضي الله تعالى عنه ونفعنا الله بعلومه في الدارين آمين: باب الرياضة وهي الخطوة التاسعة من العشر الأول في الأبواب العشرة من قسم
البدايات. ففي قسم البدايات خطوات عشرة يبدأ فيها السائر في طريق الله سبحانه وتعالى من نقطة. البداية إلى ما فوقه سواء كان من العوام أو الخواص أو خواص الخواص كل حسب حاله فيبدأ أولاً باليقظة فالعامي يتيقظ لشأننا من أن نعلم حقيقة الدنيا وأنها إلى زوال وأنه لا حول ولا قوة إلا بالله وأنه لا يكون في كونه إلا ما أراد وأنه ينبغي علينا أن نلتفت إلى أنفسنا بإقامة الشرع عليها، ثم بعد ذلك إذا ما تيقظت وعرفت حقيقة
الدنيا وأنها ليست هي المقصود الأهم، استطعت أن تعلن التوبة فتتوب مما أنت فيه، وعندما تتوب مما أنت فيه وتنخلع بالعودة إلى الله سبحانه وتعالى وبالندم على ما صدر منك من معاصٍ وبالتوجه إليه سبحانه وتعالى بالعزم. على ألا تعود لمثلها أبداً فإنك تحاسب نفسك وتنظر في أي مصيبة أنت فيها وتعد على نفسك المصائب فتخضع لله وتخبت له وترجو ثوابه وتخشى عقابه فلا
بد عليك حينئذ أن تطبق هذه التوبة التي تبت بها إلى ربك بأن تقصده وحده لا شريك له وتطلب رضاه وتنتقل إلى العمل. وترجع إلى الحق ثم بعد ذلك تتفكر وتلتمس ببصيرتك لا ببصرك حقائق الدين ثم بعد ذلك تطبق ذلك بالتذكر برفع الحجاب ثم بعد ذلك تعتصم والاعتصام قلنا على نوعين اعتصموا بحبل الله واعتصموا بالله ثم بعد ذلك تفر إلى الله والفرار فيه انتقال وفيه سرعة وفيه حركة وفيه
توجه إلى وليس من فإن من فر من الله والعياذ بالله تعالى يستدبره ولا يراه والنبي صلى الله عليه وسلم في مرتبة الإحسان يقول أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فهو يراك ثم وصل بعد ذلك التفصيل إلى باب الرياضة والرياضة هي تمرين النفس على الصدق والتمرين معناه فيه طلب للمراس ومقاومة ومجاهدة وتكلف مشقة فلا تترك نفسك هكذا، فنحن بعد ما تيقظنا وتبنا وحاسبنا وتفكرنا وتذكرنا وما إلى ذلك، بدأنا هنا وكانت هذه
الرياضة هي أول التربية والطريق كما قلنا قبل ذلك هو ذكر وتربية وخلوة، فالذكر له نظام تترقى به النفس ويحاول المكلف والإنسان أن يترقى في الذكر وأن يستعين به على شهوات نفسه وضلالاتها وعلى شهوات فكره وضلالاتها وعلى ما يحيط به من فتن ومحن وابتلاءات. والتربية أولها أن تتعلم الصدق بتمرن وتكلف، يعني تقاوم نفسك ولا تترك نفسك هكذا سائبة. قال الله تعالى: "والذين يؤتون
ما آتوا وقلوبهم وجلة"، وجلة يعني ترتعش فيها حركة. إنها والرياضة تمرين للنفس على قبول الصدق في الاعتقاد وفي الفكر في الدماغ وفي العمل، تمرين النفس يكون تمرين النفس فيه مقاومة. إنها سنبدأ الآن التربية الحقيقية، أي شيء ترى نفسك تريد فيه شيئاً، تضع نفسك تحت القدم وتمشي وتخالفها. ويُذكر في القصص والروايات أنهم ذكروا لعمر بن الخطاب رضي الله عنه. الله تعالى عنه أحد اليهود بالمدينة قبل أن يجليهم عن الجزيرة يخبر من وراء الكثيف وكأنه
لطيف يعني يكون وراء حائط يقول لك هو وراء هذا الحائط ماذا؟ كيف يرى من وراء الحائط؟ فسيدنا عمر كان حاسماً حازماً أخذ السيف معه على أساس يقطع رأسه، ما كان يدخل عليه. المخرقات والسحر والجن والعفاريت وهذا الكلام كان قوياً في دين الله. فلما ذهب وطرق الباب قال: افتح. فأجاب من الداخل: أجئتني لتقتلني يا عمر؟ عرف من وراء الباب أنه عمر، وعرف أيضاً أنه جاء ليقتله. قال له: افتح ولك الأمان. وكان هؤلاء أناساً صادقين مع أنفسهم. افتح ولك. الأمان يكون خلاصاً،
ليس عندما تنهار الأرض على السماء، لن يضربه. قال له آدم هكذا ووعده. فتح وقال له: "ما هذا؟ أهو عمل عفريت وجن وتُحضر لي من المزامير خاصتكم وخاصة العفريت؟ يقولون لك." قال له: "أبداً." قال له: "كيف وصلت إلى هذا؟" قال: "ما عُرض عليّ شيء قط." إلا عرضته على نفسي، فإن اشتهت أبيته، وإن أبت فعلته. يعني جعل نفسه تحت قدميه. قدميه مؤدبة قليلاً. يقول لي تحت الحذاء. هو هكذا صحيح؟ نعم، هي تحت الحذاء. نعم، إنها لا تستحق إلا هكذا. الجميلة في السوق لا تستحق إلا أن توضع تحت الحذاء هكذا. هو قالها بصراحة.
المريح قال له: "يعني هذا من مقاومة نفسك، وليس من هذا، بل هو نعمة من عند ربنا أنه عندما قاوم نفسه، منحه الله تعالى هذه الآية، وهو يهودي". إذاً، الكرامات والأمور الخارقة للعادات، يعني ليست الكرامات التي نطلقها على الأولياء المؤمنين، بل الخوارق للعادات قد تكون. لغير المسلمين ليس دليل على شيء، فهي نعمة من نعم الله مثل الغنى، مثل البصر، وغيرها من النعم. كم من القساوسة يطيرون في الهواء في الأديرة، وكم من أهل التبت ينظر إليك هكذا ويقول لك: أنت تفكر في ماذا؟ أو أين كنت بالأمس؟ أو ما شابه ذلك. ماذا يعني ذلك؟ إنها مجرد نعمة ولكنه... كفرها أو حصل عليها كنعم الله كلها لكنه لم
يقم بشكرها لأن أول الشكر الإيمان. فصحيح أنه ترف في الهوى ومشى على المياه وعمل، لكنه من الممكن أن يكون كافراً، من الممكن أن يكون عاصياً. سيدنا المرسي أبو العباس - حتى لا ينخدع أحد منكم - ليس كل شخص يجلس ويقول: يا طاولة تعالي هنا، آه أنت سيدنا. الشيخ: طاولة تأتي فعلاً وتمشي، يا طاولة اذهبي هناك فتذهب! مولانا، ما هذا؟ الدين ليس هكذا. نعم، يحدث أن طاولة تأتي وتذهب، لكن هل هذا دليل على شيء ما؟ إذا وجد سيدنا المرسي أبو العباس ضجة، قال: ما الأمر يا أولاد؟
ما المشكلة؟ فقد كانوا هم. والناس الذين ينتمون إليه في المسجد الذي دُفن فيه في الإسكندرية الآن، هذا رباطهم، وهو رباط كبير، وفيه أناس عُبّاد يذكرون الله بالسبحة طوال النهار، أولياء كبار. فذهبوا وأحدثوا ضجة قائلين: "ما الأمر يا جماعة؟ الساعة الثانية ليلاً!" فقالوا: "لقد ضبطنا أحد العُبّاد - والعياذ بالله تعالى - يرتكب الفاحشة مع امرأة متزوجة". لا تقل لي أنه كان متزوجًا منها سرًا أو شيئًا من هذا القبيل أبدًا. من الواضح أننا خرجنا وراءه على أساس أن نمسكه ونقيم عليه الحد أو ننظر ماذا سنفعل به. فذهبت وأخرجت منديلًا من جيبه وفردته على الماء
ومشى عليه وذهب في اتجاه إيطاليا هكذا. فما هذا إذًا؟ فهمنا. قالوا: ما الأمر؟ قال: إنه رجل. فاسقٌ زنى ويبقى فاسقاً، قال لهم: نعم، فاسق. قال: حسناً، ما هذا؟ كيف يمشي على الماء؟ قال: وما المشكلة في أنه يمشي على الماء؟ إن الكريم إذا وهب لا يسترد هبته. ربنا منحه القدرة على المشي على الماء، فلماذا يسلبها منه لأنه عاصٍ وزنى وابتُلي بالمصائب والمعاصي وأصبح فاسقاً؟ إذا كان هذا لا علاقة له بالبداية، فإن الفاسق تصدر منه الخارقة، والكافر تصدر منه الخارقة أشد من الفاسق. إن الكريم إذا وهب لا يسلب، فسيدنا عمر إذن لا ننخدع بالكلام، فطريق الله ليس هو هذا. طريق الله مع
الذكر والتربية والخلوة، وأثناء هذا يمكن أن تطير في الهواء، لا مانع من ذلك. طِرْ ما نحن نطير في الطائرة، فما الغريب في ذلك؟ يمكنك أن تمشي على الماء، فأنت تمشي في السفينة، تمشي على قدميك، تمشي في السفينة، ما الغريب في ذلك؟ ماذا حدث؟ لماذا يحدث هذا الاضطراب في العقل؟ ما معنى ذلك؟ ولذلك أهل الله قالوا ماذا لو... رأيت الرجل يطير في الهواء أو يمشي على الماء فاعرض أمره على الشرع، فإن وافقه فذاك يبقى هو صحيح، ليس لأنه طار وإنما لأنه موافق للشرع، وإن خالفه فهو شيطان، شيطان طائر معه في الهواء، ما المشكلة في ذلك؟ فيجب عليك أن تؤمن بالغيب في الشهود، فسيدنا عمر... قال له: "والله يا أخي، أنا أستخسرك في
اليهودية هكذا، أنت ستموت بعد أن عرفت سيد الخلق جاء ولم تؤمن به! أخص عليك، هكذا ستضيع، فأنا أستخسرك في اليهودية. هذه مرتبة عالية أن ترى باركاً كثيفاً، وأن تُخبِر، وأن تجعل شهواتك تحت قدميك بهذا الشكل." أنت رجل، أي أن تكون صالحاً، وبالكاد تسلم وتصعد إلى أعلى المراتب لأنه فعلاً يربي نفسه. ولذلك ربنا في القرآن عندما يتحدث عن هؤلاء الناس ماذا يقول؟ "ومن أهل الكتاب"، انظر إلى الإنصاف، انظر إلى الروعة، لم يقل كلهم، بل قال "ومنهم". هذه "منهم" تدل على أن هذا القرآن من عند الله. الله لأنه منصف، أنصف، لا يرد على خاطر البشر. فقال له:
"والله يا يهودي". قال له: "حسناً، لا عليك، أمهلني ثلاثة أيام لأفكر". وبعد ثلاثة أيام جاء وقال له: "أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله". قال له: "ماذا حدث؟". قال له: "عرضت الإسلام على نفسي". فأبى إباءً شديداً فأسلمتْ، يبقى إذاً انظر صدق التربية نجاتها، صدق التربية نجاتها. أعطِ الرياضة، أعطِ الصدق مع النفس. وكان سبب إسلامه أنه عرف المفتاح وكيف يسير به، فلما جاءت في هذه القضية أيضاً كان منصفاً ورأى نفسه: حسناً، لماذا أنت ضد الإسلام؟ العنجهية العرقية، الحقد والحسد. الله الله الله. الله! كشفت آثام نفسي، قلت
إذن: أنا الآن أجلس أهرب من كل هذا، وقلبي ممتلئ بالحقد والحسد والتفاخر والتعالي وغيره. إنني رجل سيء، فأتوب إلى الله وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. فأسلم، فنجاه الله، نعم. الله مقصود الكل، الرياضة تمرين النفس على قبول الصدق، وهي على ثلاث درجات. طبعاً، ما هو دائماً ثلاث ويُثلث الثلاثة ويُصبح تسعة، وهكذا على الدوام هو سائر. الدرجة الأولى: رياضة العوام، حسناً، وهي تهذيب الأخلاق بالعلم. لابد أن تتعلم، فمن غير علم لا يساوي المرء شيئاً، ولذلك
فعلوا وقالوا ماذا. شرف العلم فوق كل شرف، ومن ذاق عرف، ومن عرف اغترف. ما هو شرف العلم؟ إنه فوق كل شرف، ومن ذاق عرف، ومن عرف لا... لأنه حلو. هل من مزيد؟ عندما وجدها حلوة قال له: هل من مزيد؟ يريد أن يأكل، وتصفية الأعمال بالإخلاص، فلا بد أن الأعمال بالنيات. ولابد أن يكون العمل خالصاً لله لا لدنيا نصيبها ولا لامرأة ننكحها ولا لأي شيء آخر، بل خالصاً لله وتوفير الحقوق في المعاملة. الديانة الإسلامية غريبة عجيبة جداً، فقد
قال لنا أحدهم: "يا أخي، دينكم هذا كله واجبات واجبات واجبات، ونسيتم الحقوق، أما نحن فليس لدينا حقوق". حقوق الإنسان وحقوق المرأة وحقوق البيئة وحقوق الطفولة وحقوق العمال في النقابات وحقوق كهذه. فالحضارة التي لدينا أفضل من الحضارة التي لديكم. قلنا له: "أنت جاهل، أتظن أنه ليس لدينا حقوق؟" قال: "حسناً، الصلاة واجبة، والزكاة واجبة، والحج واجب. ما هذا؟ كلها واجبات فقط. أما نحن فكلها حقوق، فيصبح الإنسان سعيداً". متى؟ عندما تكون عليه واجبات
أم عندما تكون له حقوق؟ عندما نأخذ منه أم عندما نعطيه؟ بالطبع وكما هو واضح، هو والطمع، لأنه عندما نعطيه قلنا له: لكنك لا تنتبه أن الإسلام ارتقى بالحقوق إلى مصاف الواجبات. انظر كيف! انتبه وافهم. فعندكم حقوق الإنسان هذه. سألني ما حق الحياة، فقلت له: إنه واجب عندنا. فحق الحياة ارتقى، ارتقى، ارتقى عندنا حتى وصل إلى أنه واجب، ولو انتحرت تصبح كافراً. حق الحياة ارتقى عندنا إلى مصاف الواجبات، حتى أصبحت المحافظة على الحياة وعلى النفس مقصداً
شرعياً من المقاصد الخمسة الشرعية للحفاظ. الحفاظ على النفس، الحفاظ على العقل، الحفاظ على الدين، الحفاظ على العرض وكرامة الإنسان، الحفاظ على الملك والمال. خمسة تُسمّى المقاصد الشرعية. ارتقت الحقوق إلى الواجبات. عقلك تحافظ عليه أم لا؟ هذا عندي واجب، تحافظ عليه واجب، تحافظ على حقك. هات، نعم، هات، وواجب عليك أن تقول هات، ليس نافلة، ليس. واحدٌ يمنح حالك ويدفع عنك، بينما أنت الذي تدفع عن نفسك، فبُهِتَ الذي كفر. هو يظن أن عليه واجبات وتكاليف فقط، لكن هذه
التكاليف اتضح أن أصلها حقوق ارتقت إلى مصاف الواجبات في توازن لا يزنه إلا الله. يعني كلما يكلموننا لكي يردونا عن ديننا إن استطاعوا، يتضح من ديننا جماله. وبهاؤه وأننا على الحق وأنهم يحتاجون إلينا على ضعفنا هذا الذي نحن فيه، ما معنا سلاح نووي وما معنا أسلحة دمار شامل، فهم لم يجدوها عندما ذهبوا للبحث عنها، لم يجدوها. نجد أوهاماً، لا يوجد صدق، لأن كل ذلك من أجل البترول وليس من أجل هذا الدمار الشامل. لا شيء، واتضح كذب، وأهل الله يقولون. إنه الكذّاب سيُوقَف، ليس هذا الكلام حديثاً، إنما هو ما يقوله أهل الله هكذا: عندما يذهب [الكذاب] إلى البرزخ، سيقف
قومٌ ليوقفوه ويقولون له: "أنت كذاب"، فيقول: "نعم، كذبتُ عليك هكذا ثلاثين أو أربعين كذبة"، فيقولون له: "حسناً، قف هنا ولا تدخل، انتظر واقفاً عند الباب، وكل شخص كذبتَ عليه ستنتظره حتى يموت". أطلبُ العفو من الذين تركتَهم في الأرض، وتقول له أنني كذبتُ عليك في كذا، فهلّا سمحتم لي أن تخبروني: عندما يكذب شخصٌ على ستة مليارات، فما حاله إذن؟ الآن سيقف أمام مليكٍ مقتدر، ينتظر ستة مليارات حتى يموتوا، ومن يعيش طويلاً مع مائة وخمسين، سمع قديماً في... جهاز الإذاعة سمع الكذبة ينتظرهم أصبح طبولاً ويجعله محشوراً يا عيني هناك ويقول له: "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا
مع الصادقين"، صحبة صادقة ليست صحبة كاذبة. الفضيل بن عياض يقول: "لا يقبل الله العمل إلا بالإخلاص والصواب"، يعني بالرياضة الإخلاص يأتي من كثرة الذكر والصواب يأتي من العلم. يكون العلم مؤديًا إلى الصواب أن تكون على مثال النبي المصطفى والحبيب المجتبى صلى الله عليه وسلم، والذكر يؤدي إلى الإخلاص. والدرجة الثانية رياضة الخاصة هي حسم التفرق، أي تجمع قلبك على الله، لا أن يكون قلبك موزعًا إلى أجزاء
كثيرة: هم الرزق، وهم الصحة، وهم الأولاد، وهم الجيران، وهم أعداؤك وخصومك، وهكذا. لا تنسَ كل هذا وتتجاوزه وتعلق قلبك بالله. احسم التفرق، اقطع التفرق، لا يوجد تفرق في القلب. توجد جماعة يسمونها أهل الله، الجماعة على الله. ماذا تعني الجماعة على الله؟ يفكر في ربنا دائماً. كيف لا يفكر في الأشياء الأخرى؟ لا، كيف يعني؟ إنني أفكر طوال النهار. في الملوخية وفي الأرز وفي تفاصيل التفاصيل، قبل أن، يعني من الممكن، نعم، كيف؟ ولا شيء هكذا. لا تفكر إلا في الله، هكذا ستجد روحك طيبة
ببساطة هكذا. هو سهل جدًا هكذا، نعم، سهلة لكن على من يسرها الله عليه، كل ميسر لما خُلق له. لا توجد همة، فليكن عندك همة. كيف لا شيء هكذا؟ قل لنفسك إن لدي همة، خلاص انتهت. وهذه سهلة، نعم سهلة، كيف وأنا لا أعرف كيف أفعلها؟ لا تخف، فأنت خائف، أنت شخص خائف في الهمة. جعل الله فقط الذي حسم التفرق ومنعه وقطعه. ماذا يعني حسم؟ يعني منع وقطع. ماذا يقطع؟ التفرق. توجد هناك جمعية، ليست جمعية استهلاكية، وإنما جمعية تجمع القلب على الله، ونحن نعيد ونزيد فيها. تجمع القلب على الله تعني عدم الالتفات إلى سوى الله، أي
أن كل شيء دائماً تجعلون فيه الله نصب أعينكم، ولذلك عندما نقول "السوى" نعني... سوّى الله الجمع فيكون الجمع على الله، والتفرق يكون التفرق في شأن الله، وهكذا الله كله الله الله الله. أهم لماذا؟ هو هل لنا غيره؟ الشيخ عماد يقول: هل لنا غيره؟ لكن نريد أن يكون هذا القول مقترناً بعمل. نعم، هذا القول يجب أن يكون مقترناً بعمل يا مولانا، ولا يكون مجرد قول هكذا. نحن لدينا غيرة باللسان هكذا، لا، نحن نريدها أن تدخل وتخرج من الداخل. هل نحن لدينا غيرة لأنه ماذا؟ معتمد على الله، وليس هناك إلا الله، وليس متوكلاً إلا على الله. لا تخف
أبداً بذلك شيئاً من الكائنات، لا تخف أبداً بذلك أي شيء، خلاص تخافك الأشياء يا أولياء من. أولياء الله الصالحين روضوا الأسود بنظرة، نظروا إليها هكذا فقط. الأسد، هذه الأسود المفترسة، ماذا حدث في عينيه؟ ماذا حدث يعني في عينيه؟ انشغال بغيره. يعني أنت ماذا يعني؟ يعني هناك ثقة وقوة وعزة بالله، فعندما نظر إلى الأسد خاف. اسأل ما هذا؟ هذا شيء غريب، أنا... أرى العينين تجريان هكذا وهو يضرب ويريد أن يجري، لكن هذا هاجم عليّ، أنا هاجمت، أنا إذن، فأين سيجري الواحد؟ من الذي سيجري؟ فالأسد عندما يأتي على وليٍّ
من أولياء الله الصالحين تعلَّق قلبه بالله، يأخذ نفسه ويمضي. الناس لا يصدقونه، دعني أخبرك ماذا يقول المشايخ. هات واحداً من مشايخ الأزهر وضعوه في قفص الأسد، أهذا كلام معقول؟ وانظر هل سيأكله أم لا. لسنا نعمل في السيرك لنحضر أحد علماء الأزهر ونضعه داخل قفص الأسد ونرى ما سيحدث. على ماذا نجرب؟ لا، القضية ليست هكذا، القضية هي أنك... أيها الإنسان سواء كنت من علماء الأزهر أو كنت من العامة أو كنت من أي فئة، إذا ملأ الله قلبك وصدقت في ذلك، سيختلف نظرك وسيختلف شكلك. هناك
أشخاص شكلهم مُظلِم هكذا، مُظلِم. كيف؟ تنظر إليه فتجده مُظلِماً. ماذا يعني مُظلِم؟ ليس مُظلِماً، إنه أبيض هكذا ومتناسق الجسم وسمين. لم يعبس أبداً، فهو طوال النهار جالس يضحك ويمزح حتى أصبحت أسنانه ظاهرة دائماً. هو متجهم هكذا، لا ترتاح لوجهه، أي أنك لا ترتاح للشخص ولا تطمئن له. أما الآخر فمنير، نور يشع من وجنتيه، نور كهرباء، نور إيمان. هناك فرق كبير، وهذا تجده في النساء المسلمات والنساء الكافرات المسنات، المرأة التي تجاوزت الستين. خذ امرأة مسلمة وأخرى من الكفار وانظر إليهما هكذا، ستجد وجه المرأة المسلمة منيراً ووجه المرأة الأخرى، خاصة النساء يظهر
في النساء أكثر، ووجه المرأة الأخرى مغتاظ. هل تنتبه؟ ربما يظهر العجز على المرأة المسلمة لكن وجهها منير فيه نور الإيمان الذي نتحدث عنه، وربما الأخرى متكلفة. كلمات وتدليك وشد وجهي يظهر عليها هكذا أنها ليست ابنة السبعين بل ابنة الثلاثين، ووجهها ليس مريحاً بل مقبوض. ما هذا؟ ما الذي يحدث هنا؟ العفة التي عند نساء المسلمين تنير قلوبهن فيظهر هذا الكلام على وجوههن. حسم التفرق وقطع الالتفات للأسرار والأنوار، ورأيت رؤية ولم أر رؤية، وأصلاً أنا بالأمس طرت. في الهواء يا مولانا، ماذا أفعل؟ لا تفعل شيئاً.
كنا نستحي من الكرامة استحياء البكر من دم حيضها، وكانوا إذا كُشِفَ لأحدهم دعا الله أن يسترهم. ما شأنه؟ أول ما أرى واحداً هكذا أقول له: نعم، هذا ارتكب ذنوباً كذا وكذا وكذا بالأمس. وما شأني أن أشغل نفسي بذلك؟ أنا أنا. مالي أنا قوم يبكي لربنا ويبكي ويقول له يا رب استر، يعني أغلق هذا الشباك. إنه مثل شخص فتح الشباك ورأى عورة الجار. المسلم ماذا يفعل؟ يغض بصره ويغلق الشباك أم يجلس يتفرج؟ حسناً، عندما رأيتك وانكشفت لي حالك، أليست هذه عورة؟ أجلس أتفرج وأفرح أن ربنا... كشف لي الناس؟ لا، إنني أدعو الله أن يستر. وما شأني أنا إن كنت قد ارتكبت ذنباً أم
لم ترتكب؟ ربما تكون أفضل عند الله مني، وهذه فتن. ولذلك قالوا: الكشف منه رحماني ومنه شيطاني. والكشف يخطئ. يقولون هكذا لماذا؟ حتى لا يغتر صاحب هذا ويلتفت، فيظل الإنسان في طريقه. إلى الله لا يلتفت حتى للأشياء اللذيذة أو حتى للأشياء العجيبة أو حتى للأشياء التي فيها راحة أسرار أنوار للملك والملكوت، لا يلتفت إليه لأنني إذا كنت أعبد لكي أرى هذه الأشياء، فأنا قد ضعفت. أنا أعبد ربنا لأجل ربنا لأنه يستحق العبادة، فالملتفت لا يصل. قال: وقطع الالتفات إلى المقام الذي. تجاوزه قال
لك لا يسمع من خلفه، يقولون عنها عبارة هكذا عندهم أهل الله، يقولون: ولي الله لا يسمع من خلفه، يعني هو ماشٍ لا يلتفت إلى الوراء، مقصوده أمامه. ويقولون هكذا: جئتَ والطريق أمامك، جئتَ يعني وصلتَ إلى الحد الذي أنت فيه هكذا، والطريق أمامك، يعني امشِ، هذا لم... ليس له نهاية، واعبد ربك حتى يأتيك الموت اليقين، ولذلك يسير الإنسان هكذا من المهد إلى اللحد، من المحبرة إلى المقبرة، ولن يصل في وقت ما ليجد نفسه قد انتهى من العبادة، فلا صلاة ولا صوم ولا غير ذلك، بل هذا هو الطريق الذي سيظل أمامك. الطريق أمامك ولا تلتفت إلى الخلف أبداً
واجعل العلم يجري مجراه، علم الله يجري مجراه، يعني سلّم بالقضاء والقدر حتى يكون قلبك مرقاة، يسمونها المجلاة لصفات الله، مرقاة لصفات الله. الله يريد هكذا ولذلك أنت هكذا، قلبك موافق على الأمر، قلبك موافق على كل ما يكون في الكون لأنه لا يكون إلا ما يريده الله. في كونه إلا ما أراد، فهذه طمأنينة أم لا؟ لكنك مكلف بالعمل فتعمل. إذا وجدت حريقاً فإنك تطفئه، ولا تقول: "ربنا أراد الحريق، فلندعه يحرقهم بنار جهنم". لا، فهو أراد الحريق من أجل أن تشارك في إطفائه. أي أنه أراد الحريق، فأراد أن تأتي. بالماء لتطفئها،
أتنتبه؟ إذا أراد أن شخصٌ أمامك يقع في الماء، فهذا يعني أنه أرادك أن تنقذه. وإذا أراد أن الشمس تغرب، فهذا يعني أنه أرادك أن تصلي. فإذا لم تصلِّ ولم تطفئ النار ولم تنقذ الغريق، فأنت آثم. إذن هناك فرق بين التواكل وبين العبادة وترك العلم يجري مجراه إيماناً وعقيدةً ورضاً وتسليماً. وفي العمل ملتزم بالشرع الشريف الدرجة الثالثة رياضة خاصة الخاصة تجريد الشهود والصمود إلى الجمع ورفع المعارضات وقطع المفاوضات ويعجز اللسان عما هنالك، فاللهم اغفر لنا ذنوبنا،
وكل عام وأنتم بخير. سنسبح اليوم مديحاً على أننا في الأسبوع القادم نحضر جميعاً، نريد أن يكون العدد كبيراً ونُحضر أحبابنا وأصحابنا وهكذا. إلى آخره، لأن الشيخ العطواني سيأتي من أسوان خصيصًا لكي يتحفنا بمولد المصطفى صلى الله عليه وسلم، وهذا أمر آخر. جهزوا التسجيلات وليحضر كل واحد أصدقاءه، نريد هذا المسجد كله أن يمتلئ حتى يخرج الناس إلى خارجه. سيكون ذلك يوم الأحد القادم بعد صلاة العشاء، فيجب أن تأتوا جميعًا وسنلغي الدرس. لأن الشيخ قادم من أسوان فسنقول المديح مباشرة، فيجب عليكم أن تأتوا وتستمعوا إلى مديح سيدنا رسول الله، وسيتولى هذا المديح الشيخ عماد، إنه الشيخ عماد
الدردير، سيكون مرتدياً زي المشيخة وسيكون معنا هنا، أن ترتدي زي المشيخة حسناً، فلا بد عليكم أن تُخبروا الناس وتحضروا الناس من كافة. أركان الأرض يريدون الشيخ أن يُنشد بصوت جهوري هكذا، وسنعمل له هنا حلقة واسعة هكذا، وسنحتفي به لأنه من المادحين الكبار الشيخ العطوان.