سبيل المبتدئين في شرح البدايات من منازل السائرين | باب السماع | أ.د علي جمعة

سبيل المبتدئين في شرح البدايات من منازل السائرين | باب السماع | أ.د علي جمعة - تصوف, منازل السائرين
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. اللهم صل على سيد الكائنات وأفضل المخلوقات وإنسان عين الحضرة القدسية الذي لا يستطيع الأنبياء والأولياء إلا أن يقلدوه وأن يتبعوه، فهو إمام المرسلين وخاتم النبيين وقرة عين الموحدين عليه الصلاة والسلام. وأُغلقت الأبواب. إلا من قِبله فلا يقبل الله ديناً سوى دينه ولا طريقاً سوى
طريقه ولا سنة سوى سنته صلى الله عليه وآله وسلم ولا يُسمع أحد من الناس به ويُقبل عند ربه إلا به ولا يدخل الإنسان الإسلام إذا ما شهد شهادة أن لا إله إلا الله إلا بأن يُثني ويقول وأشهد أن محمداً رسول الله، فهو ركن الإيمان، وحبه ركن الإيمان، ولا يدخل الإيمان قلب أحد حتى يكون هواه تبعاً لما جاء به صلى الله عليه وسلم، وحتى يكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين. فاللهم يا ربنا يا كريم ثبت حبك وحب نبيك في قلوبنا واجعل ذلك ظاهراً. في أعمالنا
في الحياة وإلى الممات واحشرنا تحت لوائه يوم القيامة واسقنا من يده الشريفة شربة ماء لا نظمأ بعدها أبداً. قال رحمه الله تعالى في قسم البدايات باب اليقظة: بأن يعلم الإنسان حقيقة الدنيا وأنها إلى زوال، ويعلم الإنسان بأنه لا حول ولا قوة إلا بالله، ويعلم الإنسان أنه لا يكون في كون الله إلا ما أراد، ويعلم الإنسان بأنه يبقى وجه ربنا سبحانه وتعالى ذو الجلال والإكرام بعد الفناء. فإذا تيقظ الإنسان وعرف هذه الحقائق، فإنه يكون
متهيئًا للتوبة بأن ينخلع عن المعصية، ثم ينخلع عن السوى، يعني ما سوى الله، وينظف قلبه حيث لا يرى في الكون. إلا الله ثم بعد ذلك يحاسب نفسه فيشعر بمنّة الله عليه ويشعر بأنه مقصّر فيدخل في باب الإنابة ويطبق مقتضى التوبة، فالتوبة نظر والإنابة عمل، ويخلع نفسه من دائرة سخط الله ويدخل في دائرة رضوانه، ويعمل بمقتضى الوعد والوعيد ثم بمقتضى الشهود، وكذلك
يبدأ في التفكر في آلاء الله ولطائف ثمَّ التذكُّر والتفكُّر نظرٌ، والتذكُّر عملٌ كالتوبةِ والإنابةِ، فإنه يتفكَّر بمعنى أنه يريد المطلوب، ويتذكَّر بمعنى أنه يصل إليه. والتذكُّر رفعُ الحجاب، والحجاب إنما يحجبك أنت لا يحجب الله، لأن الله ليس بمحجوب، أنت المحجوب عن الله بتلك الحُجُب التي تذهب بالذكر وبالتدبُّر وبالتفكُّر وبالعبادة وبالاستمرار عليها، كل ذلك. يوصلك إلى رفع الحجب حتى تصل إلى التذكر. قال أهل
الله: "بينك وبين الله سبعون ألف حجاب". والنفوس سبعة: النفس الأمارة، والنفس اللوامة، والنفس الملهمة، والنفس الراضية، والنفس المرضية، والنفس المطمئنة، والنفس الكاملة. وفي كل مرحلة من هذه المراحل السبع تسقط الحجب إن أذن الله لك أن تنتقل من نفس. إلى نفسٍ وتترقى من درجة إلى أخرى حتى تسقط الحجب كلها فتعبد الله كأنك تراه كما أوصى سيد الخلق في مرتبة الإحسان بأن قال: "أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك". ودائماً
يرشدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أننا إذا لم نحصل الشيء بقلوبنا فنحصله. أولاً بظواهرنا فينعكس الظاهر على الباطن ويساعده إلى أن يمنَّ الله علينا به فنصل إليه، فقال: "إذا قرأتم القرآن فابكوا، فإن لم تبكوا فتباكوا"، وقال: "التبسم في وجه أخيك صدقة"، فإذا لم تستطع أن تعفو بقلبك وأن تصفح عن أخيك فتبسم في وجهه، فبالتبسم تحصل على العفو في قلبك، أترى؟ أن هذا أمر سهل بعد أن كان صعباً، فدائماً رسول الله صلى الله عليه وسلم يرشدنا أيضاً إلى المحافظة على الظاهر. فالبطالون الكذابون المنافقون الذين
يقولون إنما الأمر أمر القلب، هؤلاء مبطلون لأنهم لا يعلمون سنة رسول الله. فالتمسك بالظاهر واجب، ولكن ليس هو المراد، إنما المراد القلب، فإذا صليت... فقد سقط عنك التكليف في الصلاة وسقطت عنك هذه الصلاة، لا نطالبك بها مرة ثانية، لكن ليس المقصد الركوع والسجود، إنما المقصد الخشوع والتذكر والتدبر في الصلاة. فماذا يكون إذا صليت بلا خشوع؟ فقدت مراد الله فيك. أفنقول له إذاً لا تصلِّ، أم نقول له لا، استمر في... الصلاة إلى الخشوع لا يستمر في الصلاة إلى الخشوع لأنه مطالب بها سواء خشع أو لم يخشع.
أما الخشوع فهو شيء آخر. الله سبحانه وتعالى حاضر وناظر يا إخواني، أما الغفلة فهي أمر آخر. يكون ربنا حاضراً وناظراً لنا، أما قضية الغفلة فهذا أمر آخر. بعد ذلك تكلم لنا عن أما أن يكون الاعتصام بظاهر الشرع وإما أن يكون الاعتصام بالله. "واعتصموا بحبل الله" و"اعتصموا بالله" و"اعتصموا بالله هو مولاكم نعم المولى ونعم النصير" و"واعتصموا بحبل الله". الاعتصام بحبل الله يكون أولاً، ثم بعد ذلك يترقى الإنسان فيعتصم بالله. ثم أمرنا أن نفر
إليه "ففروا إلى الله إني لكم منه". نذيرٌ مبينٌ فالفرارُ إلى الله والمسارعةُ في الخير، ثم بعد ذلك تكلم عن الرياضة وأننا نحاول أن نقدم إليه سبحانه وتعالى ما نقدم وقلوبنا وجلة وخائفة على حد الخوف منه، لأن الإنسان ينبغي أن يوازن بين الخوف وبين الرجاء، ثم قال رضي الله تعالى عنه في الخطوة العاشرة والأخيرة من كتاب البدايات باب السماع، فإن الإنسان إذا أكثر من الذكر بدأ في الدخول في السماع، فهي آخر خطوة في
أول باب من أبواب المسير إلى الله. والسماع ينبغي ألا يلفتنا عن مقصودنا، فمقصودنا كلنا هو الله، مقصود الكل. السماع نعمة ومنحة من الله، والنعم ينبغي أن نواجهها بالشكر ولا... نواجهها بالانشغال بها عن الله: نعمة الصحة، ونعمة المال، والجاه، والسلطان، والعلم، والقوة. كل هذه نِعَمٌ يرزق الله بها الكافر والمؤمن. فإذا ما رزق الله بها المؤمن، فإنه ينبغي عليه ألا يشتغل بها عن الله، فإن
الله هو المقصود. كذلك نعمة الالتزام، حتى الالتزام هذه نعمة من عند الله كذلك. من فتح على أهل الله في طريقهم إليه من الأسرار وتفجر الأنوار، فإنه أيضاً ينبغي ألا يشغلك عن الله، وهو أمر دقيق يساعدك عليه المرشد إلى الله بأن يجعلك تتعدى هذا ولا تلتفت إليه ولا تقف عنده، إنما تستفيد منه. فباب السماع هو أن ذاكر الله يبدأ يسمع إما بأذنه. وأما بقلبه وهذا ما يسمى عندهم بالواردات التي ترد إليّ، فينبغي علينا ألا نقف عندها وإلا فقد دخلنا
في حارة فرعية وتركنا الطريق السريع، فننشغل ونلتفت، والملتفت لا يصل إلى الله. فأي حاجة - حسناً - أنا بالفعل سمعتها، فينبغي أن نستفيد منها في طريقنا إلى الله، يعني يجب على يكون كيّساً فطناً ذكياً يحتال ويستغل لكن لله لا للدنيا، إنما حتى يتقدم في طريق الله سبحانه وتعالى. هذا هو الفرق بين الأدعياء وبين الأولياء. ابتلينا في طريق الله بطائفتين: الأعداء
والأدعياء. الأعداء ينكرون الطريق إلى الله ويقولون أنهم لم يروا شيئاً، وتقرر عند العقلاء أن فقد الوجدان لا يلزم. معناه أن الوجود يعني أنك إذا لم تذهب إلى مكة فهي غير موجودة، وإذا لم تر حسنين فهو غير موجود. وهذا ما لا يقول به العقلاء. وفي نفس الوقت، فإن من جاء وسلك الطريق، ثم تشعبت به الطرق، وذهب يميناً ويساراً، وانشغل باللافتات عن الله، فهذه مصيبة أيضاً. لا يصل أيضاً فمنكر الطريق الذي لا يريد السير لا يصل، والذي صار وفضّل وذهب لا يصل، فكلاهما اشترك في عدم الوصول، فتنبه. فنحن
بين الأعداء والأدعياء، ينبغي علينا أن نحرر أنفسنا من هذا ومن أولئك، من هؤلاء ومن هؤلاء. نحن نريد الله ونريد تنفيذ أوامره في أنفسنا. قال الله. عز وجل، ولو علم الله فيهم خيرًا لأسمعهم. انظر ماذا قال: طريقنا هذا مقيد بالكتاب والسنة، لا يوجد حركة ولا سكون ولا كلمة ولا ذهاب ولا مجيء إلا وله دليل. إنما أنت الذي لا تريد أن تفهم. كان الشيخ صالح رحمه الله يقول: أغلقوا على أنفسهم، واحد أغلق على نفسه ثم يقول: ما الأمر أيضاً؟ لا يوجد شيء يا أخي، نم واسترح، لا يوجد شيء. أغلقوا على أنفسهم، ماذا سنفعل لهم؟ حسناً، وهل
يجوز الاستدلال في القرآن بغير ما في السياق؟ قالوا: نعم، الشافعي فعل هكذا وأبو حنيفة ومالك والإمام أبو الحسن الأشعري والإمام الباقلاني على مر العصور من... منذ عهد الصحابة وإلى يومنا هذا وأهل السنة والجماعة يستدلون بالقرآن بشكل مطلق بغض النظر عن السياق، حتى سيدنا رسول الله. من أين أخذوا هذا المنهج؟ وكلهم من رسول الله يلتمسون غرفة من البحر أو رشفة من المطر، واقفين عنده عند حدودهم من نقطة العلم أو من شكل الحكمة، فهو حبيباً بارئ النسم منزه عن شريك في محاسنه
فجوهر الحسن فيه غير منفصل أو منقسم فاق النبيين في خَلْق وفي خُلُق ولم يدانوه في علم ولا كرم أبداً. إنه أمر عظيم جداً، كالزهر في ترف والبدر في شرف والبحر في كرم والدهر في همم. عليه الصلاة والسلام، كل شخص يؤخذ من قوله ويُرَدُّ إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقيِّدوا طريقهم حتى يكون لله، وحتى يرضى عنه الله، وحتى يقبله الله بالكتاب والسنة. قال الفضيل بن عياض: "لا يقبل الله العمل إلا بالإخلاص والصواب. الإخلاص أن يكون لله، والصواب أن يكون على سنة رسول الله". فسيدنا
رسول الله لما... دخل على سيدنا علي وهو وجده نائماً، فغمزوا في رجله هكذا هو والسيدة فاطمة، وقال لهما: "استيقظا". وبعد ذلك عندما بدأ سيدنا علي يجادل قال له: "أنا لم أكن نائماً، بل كنت مستريحاً قليلاً فقط". فقال له: "وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً". هل استدل بالآية في سياقها أم خارج سياقها؟ سياقها يكون أن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعلمنا هكذا، ولذلك تجد العلماء عندما استدلوا بالقياس قالوا استنادًا لقوله تعالى: "فاعتبروا يا أولي الأبصار". حسنًا، هل "فاعتبروا يا أولي الأبصار" وردت في سياق القياس أم وردت في قضايا تتعلق بأهل الكتاب وأنهم مهزومون
وأننا سنهزمهم وسنفعل بهم كذا إلى التهلكة، طيب "ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة". هذه ما يقولها أحدهم لك، نعم يعني لا تَمُت. يذهب هو: هل جاءت هكذا أم جاءت في سياق الإنفاق؟ جاءت في سياق الإنفاق. قال: "خلقكم وما تعملون"، استدل به أهل السنة على خلق أفعال العباد. طيب وهل جاءت هكذا أم جاءت مع الأصنام، وهكذا، فيجوز الاستدلال في خارج القياس لأنه كلام ربنا، وما قدر الله حق قدره الذين يريدون تقييد الكتاب بالسياق، هؤلاء يريدون أن يجعلوا القرآن محصوراً تنتهي عجائبه، وهو لا تنتهي عجائبه ولا يَخلَق عن كثرة
الرد، حبل الله المتين. هذا هو الفرق بين العلماء وبين الجهلاء، كل واحد يقول دليلك ويعمل لك هكذا وأصبحوا تحته، لماذا؟ لا أعرف ما له. دليلك في هذا، ها هو الدليل، ها هو يقول لك لا، هذا ليس دليلاً. إذاً ماذا تريد؟ أنا أريد دليلاً. لا، أنت لا تريد دليلاً، أنت تريد عصا، لست تريد دليلاً أنت. "ولو علم الله فيهم خيراً لأسمعهم". نعم، كل شيء من ضمنها هذا أصل كلام رب العالمين، هو هذا قصيدة أنشأها امرؤ؟ المقصود هو أن هذا كلام أنشأه بشر؟ هذا كلام رب العالمين من فوق سبع سماوات، هذا كلام متين لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ولذلك استدلوا بكل جزء فيه ما دام
ليس مخالفاً أن الله واحد وأنه أرسل الرسل وأنزل الكتب وأنه في يوم آخر سنعود فيه إلى ربنا للحساب للثواب والعقاب وأنه أمرنا بعبادته وبعمارة الدنيا وأنه سبحانه وتعالى... إلى آخره، هذه هي الأصول التي لا أحد يخالفها، فهي ممنوعة. لو أتى أحد بالقرآن وقال لي: الأصل أن الله واحد مرة واحدة باسيلي أسس كان هناك في الماضي هكذا كان اسمه باسيلي قال لك إن القرآن يدعو إلى التثليث. لماذا يا باسيلي؟ قال: قال تعالى الله... أنتم تعرفون أنه قال تعالى. انظر كيف يجعلهم الله ينطقون! هل انتبهت لهذا الجزء؟ قال لك: "قال تعالى الله".
هذا خطأ منك يا باسيلي. قال تعالى... عندما علمت أنه قال تعالى قال تعالى "بسم الله الرحمن الرحيم"، وبعد ذلك انتهى الأمر، فها هم ثلاثة: الله والرحمن والرحيم. ثم تضحك أي ترد عليه قائلاً: نعم، ولكن بعد قوله "هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد"، تتكلم يا... ليس عيباً بعد ذلك والله وبهذا الشكل أن يكون الله ستة عشر، ستة عشر، لأنها ستة عشر صفة في آخر سورة الحشر. نعم، عندما تأتي لتعدد: الملك، القدوس، السلام، المؤمن، المهيمن، العزيز،
الجبار، المتكبر، الله، وقبل ذلك الرحمن الرحيم، وفي الآخر العزيز الحكيم، والله أصبحوا ستة عشر يا رجل. يكون اسم ربنا ستة عشر يا بسيلي، أليس كذلك؟ عيب! من أين أتى هذا؟ ولو علم الله فيه خيراً لأسمعه. والله لك أن تسمعه، ولو علم الله خيراً في أبي لهب لأسمعه كلام رسول الله، وسمعه هكذا بأذنيه لأنه لم يرَ رسول الله. فواحد يقول لك: لماذا كان ضريراً؟ لا، لم يكن ضريراً، فلماذا لم يره؟ يعني لم يره يا بني، لكنه رأى فيه يتيم أبي طالب. لم يرَ النبي، رأى جسداً هكذا كان قد تربى عند أبي طالب. لو كان رأى النبي لكان آمن، وهو نزل في قرآن نتلوه ونظل نسبه حتى يوم الدين في
المحاريب. أتعرفون هذا الكافر تُخفف عنه النار كل يوم اثنين كما أخرجه البخاري، لماذا؟ لأنه فرح بقدوم النبي المصطفى والحبيب المجتبى صلى الله عليه وسلم حتى وهو لا يعلم أنه نبي، فأعتق ثويبة. الكافر عندما فرح، سيخفف الله عنه النار، وهو موجود في القرآن حيث توجد سورة تذمه. وعلى فكرة، لا توجد في القرآن هكذا يعني حتى عندما شتم النمرود لم يذكر اسمه، وحتى عندما شتم فرعون لم يخبرنا ما اسم هذا الفرعون، ولكن عندما ذكر هذا الرجل قال: "تبت يدا أبي لهب وتب"، ذكر اسمه. فهذا أمر
شديد جداً، يعني هذا ضائع تماماً لا فائدة منه، فلماذا يخفف عنه؟ قال لك: لأنه فرح. باسم النبي، عندما أفرح بالنبي هكذا في شهر ربيع الأول الذي نحن فيه، ونستمع إلى المديح، ونسعد هكذا، ويحدث لنا انشراح القلب، هل مثل هذا الكلام يعني أننا لن ندخل الجنة؟ أهلك الله من يقول ذلك! أي أن هذا الكلام لن يمنعنا من دخول الجنة يا إخواننا. فقد خُفف العذاب الذي مذكور في القرآن تتلوه تسب هو وزوجته لأنهم أحبوا النبي وسُرّوا وفرحوا وأعتقوا لثويبة، فماذا سيحدث لنا عندما نفرح
بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وبمقدمه الشريف؟ ألن يفرح بنا ربنا؟ يقولون: يا أخي، أغلقوا على أنفسكم. ثم يظل الشخص يقفز ويتحرك. هل هذا المولد ورد في النصوص؟ أنتَ الذي أوردتَ، يعني أنتَ أوردتَ عقليتك هذه وأوردتَ. نعم، المولد ذُكِرَ، أين؟ النبي عليه الصلاة والسلام سُئِلَ: لِمَ تصوم يوم الاثنين؟ قال: "هذا يوم وُلِدتُ فيه". الله ذكرَ يا أخي. قال لي: ليس بالضرورة أن يفعل النبي كل شيء. يا أخي، النبي لم يُصَلِّ الضحى؟ واللهِ أنتَ غير عاقل. ظهر أن النبي لم يصلِّ الضحى، قال: إذن صلاها حديث المهاني يا أخي، ويجلس يتشدق هكذا، هو لا، هذا كان صلاة الفاتح، لم تكن صلاة الضحى.
فهو الذي سيجادلنا، فنقول إذن: أنتم تظنون أن النبي لم يصلِّ ركعة الوضوء التي صلاها بلال، والنبي لم يقل: ربنا لك حمداً كثيراً طيباً طهراً مباركاً فيه ملء السماوات والأرض وملء ما شاء الله، لم يقل هكذا وكل هذا يُترك. رأيت بضعاً وثلاثين ملكاً يتسابقون إليها أيهم يصعد بها إلى السماء. الدين واسع، من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من اتبعها إلى يوم الدين. هذا هو الدين، هذه هي الديانة التي في تكبير العيد، فإن كبّر بما يكبر به الناس الآن فحسن. هذا فهم الأئمة، لأن النبي لم يأتِ لنا بصيغة محددة للتكبير، لكن الله تعالى أمرنا بالتكبير: "ولتكبروا الله على ما هداكم" و"ليكبروا الله" و"ولتكبروا
الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون". حسناً، ما دام هناك تكبير، فما المشكلة؟ وَرَدَ ما يتعلق بسلمان الفارسي، فعندما جاء المصريون وصاغوا هذه الصيغة الجميلة، فالمصريون دائماً ما يتميزون بهذا الجمال، فسيدنا يحبونه سيدنا النبي وأهل البيت: "تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً: كتاب الله وعترة أهل بيتي" الذي في الكتب الستة. هذه هي القصة، ما بالكم؟ ما هي ولو علم الله فيهم خيراً لأسمعهم. نعم والله، نعم والله، إلا أنهم كانوا سمعوا الكلام وفهموه حقيقة. ما هو الانتباه؟ الحقيقة أن
ينتبه هكذا فيحصل له انتباه. السماع هو حقيقة الانتباه، فيقول: يا سبحان الله! هذا بهذا الشكل! إن ربنا على كل شيء قدير. أو بدأ يفهم، فهذا لا يكون كُنْ إلا ما أراد. بدأ يفهم هذا، فهذا يعني أن نُسلِّم ونرضى. بدأ يفهم أنني عندما أصابني بالنِعَم فذلك من فضله، وعندما أصابني بالمِحَن فهذا يعني أنه يريدني أن أفعل شيئاً جميلاً جداً. يا سلام! لقد أخذ العزيز الذي لدي، وهذه منحة، فيبدأ يرى كل شيء على حقيقته. بدأ يفهم هكذا وهو على ثلاث درجات: الدرجة الأولى سماع العامة وهو ثلاثة أشياء: إجابة، زجر الوعيد، دعة. إجابة، زجر الوعيد من
الورع. صححوها، هذه خطأ. ماذا لديك؟ رعاية أم دعة؟ هنا رعاية. إنها خطأ، اجعلها دعة. تصبح، يصبح يجلب زجر الوعيد، يسمع هكذا أن ننتهي عن المعاصي، يسمع تقبيح. للمعاصي يحصل له هكذا نفرة من المعاصي فيصبح لا يطيق أن يعصي ربنا. انظر إلى الحلاوة، يعني يستقذر القذارات، واتضح له أن المعصية مغلفة بالشهوة وهي سيئة، قبيحة، نتنة،
إنه يدرك حجمها هكذا. هذه حقيقة، هذا انتباه، هذه هي شهوة ونريدها ونحصل عليها لكي نتمتع بها. قال له أخيه: هكذا سأرى السماعة جيدة يا أخي، هذه سماعة جيدة لأنها تعرض الأشياء القبيحة والسيئة. قال له أخوه: هذه أشياء سيئة جداً، أيعقل أن الإنسان يريد هذه القذارة؟ كيف يريد هذه الأشياء السيئة؟ قال: استمع هكذا، كل هذا العم ينتبه له. قال: هذا العم يعني نحن. ربنا يلطف بنا، هذا الرجل الذي لم يدخل بعد، نحن ما زلنا في أي شيء؟ في قسم البدايات،
ما زلنا في قسم الأبواب، قسم البدايات يعني أنه ذهب من هنا حتى البوابة، لم يفتح الباب بعد ولم يقل بسم الله الرحمن الرحيم توكلنا على الله. كل هذا هو اليقظة والتوبة يُهيئ نفسه أي يُهيئ نفسه كي يذهب إلى الباب، كل هذا وهو ما زال في داخل الدنيا. فبدأ يكره المعصية تماماً، واستجابت دعوة الوعد جهداً، وصار يحب الصلاة يا أخي، وقيام الليل، والذكر، ومجاهدة النفس، يحبهم كثيراً، وبدأ هذا الحب يسيطر عليه ويشعر به أنه يفعل شيئاً جميلاً، وأنه... يفعل شيئاً جميلاً، وكلما صلى، كلما وجد نفسه يصوم كذلك، ويتصدق
أيضاً. تصدق بكل ما في جيبه فاضطر للمشي حيث لم يجد ما يركب به الحافلة. وبينما هو يمشي، ضربت الشمس رأسه، فبدأ يشعر بتلذذ هكذا، وبدأ يعيش في الجهد والمشقة، وأصبح يحب المشقة، وهذه المشقة سيئة. لا، هذه حلوة، وهذا هو السيئ (المعصية)، أما المشقة فهي حلوة. ما هذا؟ إنه انكشاف حقيقة، الانتباه. بدأ ينتبه لمعانٍ لم يكن منتبهاً لها في البداية، وبلوغ مشاهدة المنة استبصاراً. ويبدأ الآن يرى الحقيقة، وأن كل ما نزل به فهو خير، نعمة مفهومة، وخير نقمة، خير أيضاً. ممتازة لأن... أخذ ثواباً
لأصبر ولأتربى ولألتفت ولأجل كذا وهكذا. ما هذا؟ هذه الدنيا خرجت من قلبه تماماً وبدأ يرى الأمور ببساطة هكذا. فأصبح مستعداً مثلما يستعد المرء عندما يتهيأ للخروج فيذهب ليرتدي ملابسه، فهو يرتدي هكذا. فالشخص دخل دورة المياه ثم توضأ ثم لبس وهكذا، كل هذا ما زال في الداخل. البيتُ الذي توجد فيه هذه العشرةُ داخلَه حتى الآن، وبعد ذلك سيأخذ بعضَهُ ويذهب. سيمضي في الأبواب، وهذه الدرجة الثانية، أما الدرجة الأولى فهي سماعُ الخاصّة. ثلاثة أشياء شُهود، المقصود في كل رمز: يسمع عصفورةً تُزقزق فيقول: انظر إلى الجمال، انظر إلى الحلاوة،
انظر إلى قدرة ربِّنا، انظر كيف أسمعني رقيق هكذا مع الخلق، لا تكن عنيفاً، كن رحيماً، لا تكن قاسياً. فهناك عصفورة صغيرة تزقزق بجمال، وتمضي طوال النهار تسمع كل شيء، وتخبر ربنا بكل شيء. فإذا رأت امرأة تصرخ، تقول: يا سلام! انظر، كيف جعل ربنا هذه المرأة تصرخ لأجل ولأجل الله سيدنا الرسول. الله كان يعلمنا هكذا عندما مرَّ بعصفورة تبكي على ابنها، حمامة هكذا تبكي على ابنها أخذوها من العش، فقال: "أرأيتم؟" انظروا، ابتدأ الرمز ها هو يعلمنا. خذوا بالكم من
الكائنات وافهموا. "أرأيتم هذه في شدة وَلَهِها على ابنها". يعني يريد أن يأخذ منا رمزاً، ها هو يعلمنا، ها هو رسول الله، احذروا أن تصدقوا من يقول لكم لا يوجد دليل، ويلفظها هكذا، ويُبدل الدال بالجيم هكذا: "ما فيش جليل". لا، دعكم من هؤلاء الصبية. لا يوجد "جليل" وإنما "يحب الدليل". دعكم من هذا الكلام كله. طيب، والوقوف على الغاية في كل شيء، ما المقصد؟ ما الغاية التي يريدها ربنا هذه تبدأ تدريباً فيرى الله وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد. أبو العتاهية يقول هكذا، فاغتاظ منه أبو نواس. والخلاص
من التلذذ بالتفرق يجعله يشعر بأنه مجتمع مع الله، أي أن الله ليس غائباً عنه، ويبدأ الإنسان بالتخلص من تلذذه بأن يكون مع نفسه دون أن يطلع خاصية وخصوصية، لا تبدأ هذه المرحلة في المضي، والذي يحل محلها أنه مع الله دائماً أفضل من أن تكون مع نفسك. لا أحد يراك، لا أحد يراك من البشر، لكن بعد أن تخلصت من النزوات وتلذذت بالمجهودات، يأتيك شعور حينها بأن الله موجود. حسناً، إن الله معي. أجمل ما في الأمر أنني عندما أفعل شيئًا سيئًا وأشعر بالخجل
من الله، فأنساه، فهو لا ينساني بسبب خجلي منه. بل يتذكرني لأنني حبيبه، ومراد المحبوب مطلوب. سماع أهل الخصوصية يغسل العلل عن الكشف، يعني هؤلاء كأنهم في الحضرة الإلهية، فتذهب منهم كل الأمور الدنيوية، لا صلاة ولا صيام ولا لا صلاة والصيام يعني يتركونها، هذا لا يصح. سيدنا رسول الله قال: "أفلا أكون عبداً شكوراً". لا صلاة ولا صيام تصبح حجاباً، ولا علم ولا تقوى تصبح حجاباً. إنه ينتهي الأمر بأن يفعل فعل العبد الرباني،
الله يتجلى فيه للكائنات. وهذا إذا رأيته يسير في الشارع تذكرت الله، تنظر إليه ربنا لا تنظر إليه فتنزعج وتقول أعوذ بالله، ما له هكذا؟ وما شأن لحيته؟ أنا لا أعرف، كلما أراه بلحيته هذه تُحدث في نفسي شيئاً غريباً. نعم، لأن داخله لم يُشحن بالطاقة الإيمانية، فأصبحت اللحية لا تتناسب معه، وصارت فتنة لأنه أصبح يعترض على سنة رسول الله. انظر الفرق بين... إنك أنت تكون وردة وبينك تكون فتنة ينظرون فأدهشت الشخص الذي في الداخل، أصبح سليماً يرتاح ويقول يا سامي أعطِ النور، أعطِ النور، يقول أعطِ النور، لكن الثاني لا يقول شيئاً
ويصل الأبد إلى الأزل، كل شيء خلاص استوى عنده وعرف أن الدائرة قد تمت، وظل يمشي في الدائرة لم يبقَ في البداية سوى شخص عادي تماماً يقول: "آه يا جنبي". الله، لقد كنت منذ قليل تتظاهر بأنك متوكل على الله ولا تتناول الدواء. فيرد: "لا يا شيخ، سآخذ الدواء وأشرب الدواء لأن الله أشعرني بما يستوجب أخذ هذا، فنزولاً على إرادة الله فيّ، آخذ الدواء لا من..." أجل أن يُشفى بل من أجل تنفيذ مراد الله، يعني هو الآن أمرضني لماذا؟ لكي أذهب إلى الطبيب، والطبيب يجلس يتفلسف ويقول لي خذ الدواء الفلاني، فأذهب إلى الصيدلية فأدفع النقود التي حصلت عليها اليوم من الكلية
لصاحبنا صاحب الصيدلية. أمّه ستتحسن! أليس هو الذي يخفف؟ أليس هذا هو أصل كل هذه قضية أخرى، فهذه إرادة ربانية. ولكن الرزق مُقدَّر، وأنا موافق وراضٍ بذلك. آخذ الدواء فيزول المرض وأنا أضحك. من الذي أذهب المرض؟ أهو الدواء أم الله؟ هذه هي الحكاية. فالمسألة تكون بالضبط كما ترى في الفيديو: الشخص يرسم وتجده عادياً تماماً من عامة الناس، وهو في الحقيقة من الكبار كما قالوا: إن النهايات تُرَد إلى البدايات، أي أن الدائرة تكتمل، بمعنى أنه يصل إلى النقطة التي بدأ منها. وهذا
ما قاله أبو يزيد البسطامي، وأخذوه على رأسه وطار. وقفنا عند بحر، أو أخذنا بحراً وقف الأنبياء على شاطئه. قالوا له: والله، أستصبح أعلم من الأنبياء أم ماذا؟ فقال بالك هذا، الأنبياء ذهبوا وجاؤوا، الأنبياء ذهبوا حتى إيطاليا وعادوا مرة أخرى سباحةً، ووقفوا. السبّاحون لم يذهبوا ولم يعودوا. فيكون مثل الأنبياء، مثل الأنبياء في أي شيء؟ في الوقوف على الشاطئ. قام صاحبنا هذا وأخذ قليلاً هكذا يتخبط قليلاً في البحر، ووقف الأنبياء على ساحله بعد الذهاب والعودة. أبو يزيد مجذوب وكان يحب ماذا؟ يبدو أنه كان هناك إخوة في زمانه، فكان يحب دائماً أن يغيظ الإخوة، أتفهم؟
كان يغيظ الإخوة هكذا ويقول الكلام له معنيان، فيقولون له هكذا، فيرد عليهم هكذا. طبعاً هذا لعب، هذا ما لا نحبه نحن، نحب التعليم، لكن كان الشيخ أبو اليزيد هذا هو... أيضاً في موضعين هكذا، الثلاثة نعم يصعد معهم في الخطبة ويقول لهم: "وأشهد أن إلهكم إبليس"، فأنزلوه وقالوا له: "كيف تعبد إبليس؟" فقال: "لا، أنتم من تعبدون ربنا، وأنتم من تعبدون إبليس، أنا لم أقل: وأشهد أن لا إله إلا إبليس، أنا قلت: إلهكم أنتم إبليس"، حتى تخرجوا، أفتتخذونه. وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلاً. إلى أن تخرجوا من هذا إلى الله، سأظل أقول لكم هكذا. وقف أيضاً مرة ثانية كان يمشي في مكان فوجدوا عليه
سمات الصلاح، فقالوا له: قم واخطب. فقال لهم: وأشهد أن إلهكم الدرهم والدينار، لأنهم فعلاً يعبدون الدرهم والدينار مثل. ما النبي عليه الصلاة والسلام قال: "تعس عبد القطيفة، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الدينار". بالمعنى هذا، ما من شيء يا إخواننا قالوه إلا وتجد له أصلاً في الكتاب والسنة، لكن القلب المفتوح، وليس القلب الذي يريد أن يتصيد أخطاء الناس. فلنسمع إذاً مدح سيدنا رسول الله صلى الله عليه خاصة أن هذه آخر جمعة في ربيع