سبيل المبتدئين في شرح البدايات من منازل السائرين | باب اليقظة | أ.د علي جمعة

بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، الحمدُ للهِ والصلاةُ والسلامُ على سيدنا رسولِ اللهِ وآلهِ وصحبهِ ومن والاهُ. قالَ المصنفُ رحمهُ اللهُ تعالى ونفعنا اللهُ بعلومهِ في الدارينِ آمينَ في قسمِ البداياتِ بابُ اليقظةِ. يعني أنَّ اليقظةَ أولُ الطريقِ، فليسَ هناكَ فائدةٌ في أنْ تُكَلِّمَ نائماً ولا أنْ تُكَلِّفَهُ بشيءٍ، فإذا قلتَ... له صلِّ وصم وزكِّ واتقِ الله، لا يفيد ذلك شيئاً لأنه لا يفيد ذلك شيئاً لأنه ماء، فلا بد من اليقظة،
فأول الطريق اليقظة. وما معنى اليقظة؟ أن يتنبه وأن يلتفت إلى الحقيقة. وما الحقيقة؟ الحقيقة تتلخص في أنه لا حول ولا قوة إلا بالله، وهو الذي بنى بن عطاء. كل حكمة عليها الحقيقة أنه لا خالق إلا الله ولا رزق إلا الله ولا محيي إلا الله وأن هذا الوجود إنما يستمد وجوده ومدده وبقاءه من الله وأن الله سبحانه وتعالى بخلاف العالم فالله قديم والعالم حادث والله باقٍ والعالم فانٍ والله لا أول له ولا آخر له والله حي. بيده
القوة وهو مخالف لكل الحادثات، لا يحتاج إلى أحد فهو قيوم السماوات والأرض، والناس تحتاج إليه. فقال كما قلنا المرة الماضية: واليقظة هي ثلاثة أشياء: لحظ القلب إلى النعمة مع اليأس من عدِّها. لا بد أن تلتفت إلى أنك في نعمة تامة ولا يمكن عدُّها، نعمة البصر، نعمة الأكل، نعمة... الشُّربُ نعمةٌ، والنومُ إلى آخره، والثاني مطالعةُ الجناية، يعني أنا في نعمةٍ وبالرغم من ذلك أفعلُ المنكراتِ والمعاصي. هذا هو العنصرُ الثاني من عناصر اليقظة، والثالث الانتباهُ
لمعرفةِ الزيادةِ والنقصانِ من الأيامِ والتنصُّل عن تضييعها التي تحدثنا عنها من قبل: "الوقتُ كالسيفِ إن لم تقطعه قطعك". قال رضي الله تعالى عنه. فإنها تصفو بثلاثة أشياء: معرفة النعمة التي هي الأولى. نحن الآن في الخطوة الأولى التي هي اليقظة، وبعد ذلك اليقظة حقيقتها ثلاثة أشياء: معرفة النعمة، ومعرفة الجناية، ومراعاة الأوقات. معرفة النعمة تصفو بثلاثة أشياء يعطيك ما يساعدك على معرفة النعمة حتى تحقق بها
اليقظة التي سوف تحقق بها أول خطوة في. الطريق إلى الله سبحانه وتعالى تصفو بثلاثة أشياء بنور العقل، نحن لدينا قلب ولدينا عقل ولدينا سلوك. القلب ينبغي أن يعلو على العقل، والعقل ينبغي أن يعلو على السلوك حتى تكون عبداً ربانياً وحتى تتلقى الأوامر والنواهي من الله سبحانه وتعالى فتجد محلاً عندك، لا بد
أن قلبك يسيطر على... عقلك وأن عقلك يسيطر على سلوكك، لكن المصيبة التي نعيش فيها أن سلوكنا قد سيطر على عقولنا، ونشاطنا سبق تفكيرنا، وأن عقولنا سيطرت على قلوبنا فأسكتتها. يعني أن الإنسان يرى الشهوات أو المصالح والمنافع أو جلب الملذات ودفع المضار، فإذا به يبادر إليها مرة واحدة دون حكمة ودون روية. دون تعقل ودون تفكير، ثم بعد ذلك يفكر في تبريرها شرعاً ووضعاً ويجد لها كل مخرج. ثم
بعد ذلك إذا حدّثه قلبه بأن ما تفعله فيه شبهة أو خطأ أو لا ينبغي أن يكون، أسكته وأوّل له وبرر والتف ودار وقال له: "لا، ابقَ كما أنت هكذا يا عمي". ولكن إذا سيطر القلب على العقل وسيطر العقل على السلوك والنشاط حدث ما يسمى بنور العقل، ونور العقل هذا شيء أصبح سراً من الأسرار يعرفها العارفون. نور العقل هذا لا ننتهي منه لو تحدثنا فيه، "ومن يؤتى الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً". هذا من الذي يتكلم؟ إنه رب العالمين، ومن... "ومن يؤتَ الحكمة فقد أوتي
خيراً كثيراً". نور العقل لا يمكن أن يكون منيراً إلا إذا كان عالماً، ولا يمكن أن يكون عالماً إلا بالله. "واتقوا الله ويعلمكم الله"، وكل علم في القرآن هو ذلك الذي يوصل إلى الله، فإذا لم يوصل إلى الله فإنه ليس بعلم، بل هي معلومات متناثرة. يميناً وشمالاً وعميقة وفيها تجارب وبالمجهر والتلسكوب والميكروسكوب يُرى الأجرام الصغيرة والأجرام الكبيرة، ولكنه ليس بعلم. إنما يخشى الله من عباده العلماء. قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون؟ من الذين يعلمون من عرفوا أنه
في كل شيء له آية تدل على أنه الواحد، من رأوا الله في كل. شيءٌ مِن الذين رَأوا وعَرفوا فسبَّحوا وقالوا لا إله إلا الله سبحان الله حسبنا الله إنا لله ما شاء الله، ليس بألسنتهم ولا بأفهامهم، إنما يعيشون فيها. هناك فرقٌ بين أن تقول سبحان الله لا إله إلا الله بلسانك، وبين أن تفهمها بعقلك، وبين أن تؤمن بها في جنانك، وبين أن تعيشها في فرق كبير، هذه الكلمات لا بد أن تعيشها. لا يكفي أن تتلوها باللسان، ولا يكفي أن تفهمها بالأذهان، ولا
يكفي أن تقرها في الجنان، ولا يكفي حتى أن تعمل بها بالأركان، إنما لا بد عليك أن تعيش فيها. عندما تعيش فيها ترى لذتها ونور العقل، نور العقل هذا. لو أوضحوا لك ووصفوا لك كيف تجعل قلبك فوق عقلك وعقلك فوق نشاطك، ولا تجعل نشاطك فوق عقلك وعقلك فوق قلبك. ينعكس الحال، وانعكاس الحال هو الذي نعيش فيه في هذه الأيام التي نعيش فيها في هذا العصر المُنغّص. إن مشكلتنا أننا قد قلبنا الأمور، فلا بد عليك من... أن تعدِّلها مرةً ثانيةً وتجعل قلبَك هو الذي يتكلم، وقلبَك هو الذي يحكم فيك، وقلبَك هو الذي يتصل
بالله سبحانه وتعالى. واعلم أن أيَّ شيءٍ قد وردَ في ذهنك لا يوصلك إلى الله فليس بعلم، وما ليس بعلم فهو في اللغة جهل. وشِيمَ برقُ المِنَّة، ربنا منَّانٌ وحنَّان، ووردَ في حديث أبي هريرة في بعض طرقه "الحنان المنان" - حديث أبي هريرة في الأسماء الحسنى الذي أخرجه الترمذي مروي بثلاث روايات بعضها يختلف عن بعض، ففي بعضها "الحنان المنان". المنَّة من أن الله سبحانه وتعالى قد منَّ علينا. عندما تستشعرها وتعيش بها، تجد لها بريقاً، تجد لها وميضاً، تجد لها. شيء جميل، حلاوة، حلاوة،
بقلاوة، حلاوة مثل البقلاوة، في حلاوة. هذه الحلاوة لها علامات، هذه العلامات تساعدك في قضية اليقظة، في قضية معرفة المنة. ينبغي أن تكون ناصحاً من الدرجة الأولى، وينبغي أن تكون رقيباً دقيقاً لا تفوتك أي شيء ثانياً. ينبغي أن تنتبه إلى أن تُعدّل نفسك فتجعل القلب فوق العقل. والعقل فوق السلوك حتى يحدث لك ما يُسمى بنور العقل. ولابد عليك أيضًا، ثانيًا، أن تدرك بنور العقل علامات الحلاوة الخاصة بالمنة والاعتبار بأهل البلاء.
تنظر إلى من هو أدنى منك ولا تنظر إلى من هو فوقك. انظروا إلى من هو أدنى منكم ولا تنظروا لمن فوقكم فإن... ذلك جدير بأن لا تحتقروا نعمة الله عليكم، فالذي ينظر إلى من هو أعلى منه دائماً يتذمر: "ماذا أملك أنا؟ بالكاد أملك سيارة، بينما هو يملك حافلة"، ولن ينتهي الأمر عند هذا الحد. والذي يملك حافلة يجد آخر يملك شركة حافلات، والذي يملك شركة حافلات يجد آخر يملك سبع شركات عابرة للقارات، وهكذا بلا نهاية. يا إخوتي وكل شيء إلى زوال، والكفن ليس له جيوب. ولكن لو نظرت
إلى من يمشي على قدميه تقول: "الله، إنني في نعمة ما بعدها نعمة". ولو تأملت في صحتك فنظرت إلى أهل البلاء من المرضى تقول: "الحمد لله". فالمرء يقول لك إن هناك ألف كتاب اسمه أنت، نعم، الإنسان. كانت تساوي طلعت مائة وخمسة وسبعين قرشاً: الكالسيوم والفوسفات والمغنيسيوم وما لا أعرفه مما في جسم الإنسان بمائة وخمسة وسبعين قرشاً. حسناً، بكم يبيعون الكلى الآن؟ حسناً، بكم يُباع القلب؟ حسناً، كم تدفع لتبقى يومين أو ثلاثة في مستشفى محترمة؟ انظر إلى الصحة، فالصحة نعمة تدركها تماماً عندما... تنظر إلى أهل البلاء فتقول في سرك بينك وبين ربك مُقرًا بنعمته عليك غير متكبر
على أحد، بل داعيًا الله أن يتم النعمة: "الحمد لله الذي عافاني مما ابتلى به كثيرًا من عباده". هذا كله في أول الطريق، ما زال أمامنا طريق طويل وسيتغير الكلام بعد ذلك. هذا للأطفال الصغار الذين مثلنا هكذا، الذين يُحبون أين في أول الطريق، يُحبون في أول الطريق واحدة واحدة هكذا، لكن ربما يتغير الكلام، هل تنتبه؟ سيتغير مرتين، سينقلب عليك الكلام مرتين، لكننا الآن نقول: الحمد لله الذي عافانا مما ابتلى به كثيراً من عباده، عندما نجد شخصاً جاهلاً. وعندي قليل من العلم، فعندما أجد شخصاً عاصياً، وعندي قليل من العبادة، فعندما أجد شخصاً قد ابتلي بذنب وأنا لم أُبتلَ به، ينبغي عليك أيضاً بنفس المنطق وأنت تحمد الله سبحانه وتعالى على أنه نجّاك، أن تنتبه لمعنى آخر وهو أن
تحزن عليه وتعطف عليه وتدعو له. ولا تعيره بذنب لأنه ما من مؤمن عير أخاه بذنب إلا ابتلي به قبل أن يموت، وأما مطالعة الجناية فإنها تصح بثلاثة أشياء. يبقى معرفة النعمة بثلاثة أشياء، فتح عقلك وتفتيح العقل ليس تفتيح ذلك الشيء الذي هو الجلدة التي بالداخل ولا قليل من المخ الذي بالداخل الذي تأكلونه في المطاعم. ليس عقل الإنسان هو الذي يأكله، بل عقل البهيمة بعيداً عنها. ليس هذا هو نور العقل، هذا شيء آخر. إنه نور رباني يحدث عندما تعدل حالتك وتجعل القلب فوق العقل، والعقل فوق ماذا؟ فوق السلوك. عندها يحصل نور العقل. نور العقل هذا مفتاح في يدك، تستخدمه في ماذا؟ في إدراك المنة. ويساعدك
في ذلك أيضاً النظر إلى من هو أدنى منك لا النظر إلى من هو أعلى منك. كل هذه الأمور ما زلنا نحبو بها في بداية الطريق، والشيخ يقوي همتنا للسلوك إلى الله سبحانه وتعالى. ولا ننسى أن الله هو مقصود الجميع، والملتفت لا يصل، فاحذر أن تلتفت في الطريق لا إلى شيء ولا إلى أنوار ولا أسرار ولا كرامات. ولا أدري ماذا ولا كذا إلى آخره ولا تلتفت عن الله بشيء أبداً وستأتيك زغللة بعد ذلك لكن لا تلتفت. إن فتح الله عليك فالله، وإن أبطأ عليك فالله، ارضَ وسلِّم فإن الرضا والتسليم أساس الطريق، أساس بينك وبين الخلق وبينك وبين نفسك وبينك وبين ربك وبينك وبين الكون. الأساس.
الذي بينك وبين ربك أساس العلاقة الرضا والتسليم، ستحل لك كل شيء. بينك وبين إخوانك الكرم، الكرم هو الأساس، الحب والعطاء، كرم هكذا هو أي شيء، هكذا هو من غير حساب ومن غير انتظار شيء. بينك وبين الخلق الرحمة، الراحمون يرحمهم الرحمن تعالى، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء. بسم الله الرحمن الرحيم، وفيما بينك وبين نفسك، اتبع السيئة بالحسنة تمحها، وعامل الناس بخلق حسن. الرحم - فتكون إذن القضية واضحة - اعذر نفسك، وتذكر المنة، وادخل في
المسألة بأن تنظر إلى الأدنى هكذا. يقول أبو مدين: ومهما أرجعوك إلى الخلف، ستبقى دائماً في الخلف. هكذا يقول لك: تعال إلى هنا، إلى الأمام، قُلْ. لا، أنا هنا. هو أنا هنا وانتهى الأمر. وأمّا مطالعة الجناية فتصح بثلاثة أشياء، ثلاثة أيضاً. هو سيمضي هكذا في الكتاب كله بثلاثيات هكذا. بتعظيم الحق سبحانه وتعالى، الحق اسم من أسماء الله تعالى، ولذلك يقول لك: الحق واحد لا يتعدد لأن الحق هو الله، فيجب عليك تعظيمه وما... قدِّروا الله حق قدره، ينبغي عليكم أن تقدروه وتعرفوا أن الله سبحانه وتعالى هذا أمر عظيم جداً جداً جداً جداً، كلما عظَّمتم الله في قلوبكم كلما شعرتم في أنفسكم بالتضاؤل إلى أن تصلوا إلى مرحلة العدم، تشعرون
بأنكم عدم، وأنكم لا شيء، ونحن نريد أن نصل هكذا وهذا نص. الطريق إنها لا شيء، نحن واهمون، نحن شريط سينما يعمل، يعني الله سبحانه وتعالى لو قطع الإمداد فنينا وليس متنا، متنا هذا يكون انتقالنا من حال إلى حال، لكن هو سبحانه وتعالى لو أذن بفناء الكون بكلمة "كن فانياً" يفنى في الحال ما بين النون والكاف والنون وهو يقول "كن" فقط. خلاص بإرادته سبحانه يُفني أو يَقطع المدد. ماذا يعني قطع المدد؟ يعني أننا نُخلق كل فيمتو ثانية - هل تسمى فيمتو فعلاً؟ حسنًا، فيمتو ثانية - نحن في كل فيمتو ثانية نُخلق، وربما
أقل من ذلك. ويقال: "اللهم لا تكلنا لأنفسنا طرفة عين ولا أقل من ذلك"، لأنه لو وكلنا. إلى أنفسنا في طرفة عين يمكن أن نفنى ونذهب إلى الهاوية. نحن شريط يعمل الآن بأمر الله، سيوقفه ويقطع منا الإشعاع الذي يخلقنا. في كل يوم هناك شيء، ما زال الله خالقاً، فيكون معنى ذلك أننا أضعنا أرواحنا. لا يوجد بحر، أين الكون ببحره وجنته وناره؟ كله ليس بالعرش. بالفعل، الكل عليه تعظيم الله. عظّم الحق في قلبك هكذا ودرّب نفسك على هذا التعظيم لأن المسألة مسألة تدريب. في النهاية ماذا تكون؟ تجد روحك أنك كلما عظّمت الله كلما تضاءلت في نفسك، فلا تعرف
كيف تمشي في الأرض مرحاً، ولا تعرف كيف تمشي في الأرض فخراً، ولا تريد أن أنت. لا تهد الجبال ولا تخرق الأرض ولا أي شيء. مسكين يمشي مسكين. تعظيم الحق يصبح التهمة ستأتي. إنني لست شيئاً وكذلك لست شيئاً وأرتكب ذنوباً. يا للمصيبة! حتى لو كنت شيئاً ما كنت ارتكبت ذنوباً، فما بالك وأنا لست شيئاً أصلاً؟ كيف؟ كيف يعني أواجه هذا العظيم؟ نستحي منه. الله ومعرفة النفس في مقابل معرفة ما هو "من عرف نفسه عرف ربه". من عرف نفسه بالهلاك والفناء والاحتياج عرف ربه بضدها بأنه قيوم السماوات والأرض
لا يحتاج إلى أحد. وتصديق الوعيد، فالأمر جد وليس هزلاً، وهناك نار وصحيح أن هناك ناراً. وأما معرفة الزيادة والنقصان من الأيام التي... هو إدراك الوقت وأنه عرض غير مستقر وأن هذا الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك وأن ما مضى من الأيام لا يأتي أبداً، فإنها تستقيم لك بثلاثة أشياء تساعدك على أن تصل إلى هذه الحكاية بسماع العلم، فتذكر أن الذكرى تنفع المؤمنين وفي الذكرى يوجد علم، والعلم هو ما وصل إلى... العلم الذي لا يحرك قلبك والمعلومة التي تدخل في قلبك فتكون مثل علتها، بل علتها أفضل، ليست بعلم. قال: "هذا علم
لا ينفع والجهل به لا يضر". وأجابته دواعي الخدمة، لا بد عليك أن تستجيب، فيكون عندك همة للخدمة، همة لخدمة الله سبحانه وتعالى في أرضه بالعبادة وبالعمارة. كما أُحِبُّ صحبة الصالحين مثل الجليس الصالح والجليس السوء، أتعرفون الحديث؟ الجليس الصالح مثل ماذا يكون؟ يعني كحامل المسك، يمنحك عطراً أو تشم منه رائحة طيبة، والجليس السوء مثل نافخ الكير، رائحته كريهة وتحرق ثيابك. حسناً، وبعد ذلك، فلا تتصرف مثل عنترة ابن شداد هذا ولا... عنترة
عنترة يعني ما معنى ذبابة ذبابة؟ الزارع اسمها عنطرة. لا تفعل عنطرة أي كلام هكذا. خف من الأشرار وصاحب الأخيار وكونوا مع الصادقين. لماذا؟ وما هو الذي ألقاه في اليم مكتوفاً وقال له: إياك إياك أن تبتلى بالماء. إن مصاحبة الأشرار ستحيطك ببيئة لا تساعدك على هذا. خلاص، أنت ولله الحمد. لله أدركت المنة والحمد لله أدركت الجناية وعرفتها فلتكن مع الصالحين لكي تعرف بواسطة العلم والهمة الإجابة لدواعي الخدمة. إن صحبة الصالحين تجعلك تستقيم في إدراك الأزمان فتملؤها بالطاعات، وتحزن كثيراً إذا
حصلت منك هفوة ولا تستمر عليها، وسندخل بعد ذلك مباشرةً في التوبة، سيعرفنا سيعرفنا. أصبح في الخطوة الثانية كيف نتخلص من هذه المعصية إذا وقعنا فيها عن قصور أو تقصير، سيعرفنا كيف نتوب عنها. وأساس ذلك كله، أساس ما ذكرناه كله هو درجة اليقظة. قل لي كلمة بدلاً من قولك إنها ثلاثة، وكل واحدة من الثلاثة تتضمن ثلاثة، فأصبحنا. تسعة تشتتت، أنا رجل مسكين أريد أن أعرف كلمة تكون مفتاحي، القاعدة التي أستطيع بها أن أفك بها دائماً في حالة اليقظة إلى أن أنتهي من هذا المقام، هذه البوابة، هذه الدرجة، أعرف أن أعمل شيئاً، وأساس ذلك
كله هذه اليقظة، وأساسها هو وجوب التخلي عن العادات، سنحفظهم هكذا. أن لكي تعرف أن تفعل كل شيء في اليقظة عليك أن تتخلص من العادات، ما هي العادات؟ قال له المنام، كثرة الطعام، كثرة النوم، إذاً كلها تعتمد على القيام. القيام، القيام، القيام، القيام، أي القيام وماذا أيضاً؟ والتخلص من العادات. القيام يعني المشي، القيام يعني ماذا؟ القيام هذه، القيام التي في الآخر هذه. فيقول ماذا؟ توكل على... توكّل على الله وتخلّص من العادات الأربع: أقلِل من الكلام لأن
الناس لا يدخلهم النار إلا حصائد ألسنتهم، فخفف قليلاً، حفظك الله. اضبط نفسك واصمت يا أخي، فالصمت خير من الكلام. أسمعني صمتك. أول شيء في الطريق: الشيخ يطلب منك أن تسمعه صمتاً. اصمت، فأنت كثير الكلام جداً. بالطبع، خاصةً النساء، ثرثارات جداً، لديهن حديث زائد عن الحاجة واهتمام بعالم الأشياء والأشخاص أكثر من اللازم. فالنبي كان متضايقاً من هذا الأمر، وهذه عادة يمكن للمرأة أن تتركها، فهي ليست صفة خِلقية لأنها مكلفة. النساء شقائق الرجال، لكن العادة جرت هكذا: أحاديث كثيرة وثرثرة لا نهاية لها، وهذا يعكر الصفو. على السالك سلوكه، فتكون
أول خطوة نقوم بها هي تقليل الكلام، وهذا ما يُطالب به المسلم، سواء كان ذكراً أو أنثى، لا شأن لنا بذلك. فالمسلم مطالب بهذا إذا أراد أن يسلك طريق الله. اخلع العادات، اخلع العادات. ماذا نفعل؟ نقلل الكلام. ها، هذه خطوة عملية إذن. فيكون الرجل هنا يكتب لنا ما هي فضيلة. مولانا الشيخ الهروي يكتب لنا ما يُشبه ما يسمونه "المانيوال" أو دليل العمل. يقول: "أول شيء ستفعله يا أستاذ هو تقليل الكلام، ثانياً تقليل النوم. أما كثرة النوم التي نمارسها وعدد الساعات التي ننامها فليست معقولة، فاليهودي الكافر الذي آذانا وآذى المنطقة ينام أربع ساعات فقط من أصل أربع وعشرين ساعة". أنت تعمل
في هذه الأرض وتنتبه لها، ونحن غير راضين أن نعمل لا في عمارتها ولا في عبادتها ولا في أي شيء مطلقاً، ولا حتى في هدمها، أي لا في الشر ولا في الخير. إنه أمر غريب يحدث، ولذلك تداعت علينا الأمم كما قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كما تتداعى الأكلة". على قصعة طعامها، وإن شاء الله سيعود الإسلام غريباً كما بدأ، سيعود الإسلام غريباً كما بدأ غريباً، فطوبى للغرباء. فلتكن أنت وهو من الغرباء، احمل الرسالة ثانيةً، سينصر الله الإسلام والمسلمين رغماً عن العالمين، ويلقي الإسلام بجرانه في الأرض، ولكن ذلك سيحدث عندما يجد. ربنا أمام المسلمين يباهي بهم الملائكة، ولكن عندما يجد مسلمين قالوا: "ويُلقى في قلوبكم
الوهن"، قالوا: "وما الوهن يا رسول الله؟"، قال: "حب الدنيا وكراهية الموت". عندما يجدهم يحبون الموت ويكرهون الدنيا. قلة النوم ستساعدك على الذكر، وعلى الطاعة، وعلى التماس الأوقات المباركة، وعلى تهذيب النفس، وعلى الهدوء، وعلى أشياء كثيرة. ستنكشف لك الأمور وحقائقها بشكل كبير جداً. من الممكن أن تسير في هذا الطريق الذي فيه مائة باب، وفي يوم ما سيأتي الفتح، لا نعرف متى سيكون، ربما بعد ثلاثين سنة، وربما في يوم قريب، فإن فضل الله لا حد له حقاً. قد يفتح الله عليك فوراً، أو قد تنتظر ثلاثين سنة، لا، دعنا نتجنب ذلك. حتى تموت أيضاً، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. أنت في أي شيء ولا
في أي شيء؟ نحن نرتفع الآن وسنصل قريباً من المئذنة. وبعد ذلك، أنت قلت إن الطعام هو المصيبة الكبيرة التي لا نستطيع تحملها. قلة الطعام طبعاً واضحة جداً من البطن عندي وعندكم، يعني لا يوجد إلا الشيخ. أسامة هو فقط الذي يبدو أنه لم يتجاوز هذه المسألة، أما الشيخ أحمد فيحب الطعام أيضاً لكن لا يبدو عليه أيضاً. هذا التقليل من الطعام يساعدك في صفاء الروح، ويساعدك كذلك في أمر آخر وهو أن لا تأكل حراماً، لأن الحرام انتشر. انتبه، شخص ما سألني لماذا ساءت أخلاق الناس، فقلت... أتألم من عدم اهتمامهم بالطعام. الناس أصبحت تأكل أي شيء
حالياً. في الماضي كانوا عندما يُعدّون الفول يضعون عليه حمصاً وقليلاً من الزيت وقليلاً من الليمون، ويهرسونه هكذا، ويضعون عليه قليلاً من الكمون الخفيف. أما الآن فلا، فول وانتهى الأمر، اشبع وكفى، كُلْ في بطنك حتى تمتلئ وتنتفخ. لقد تدهورت الأخلاق. تجده يتشاجر في الشارع على أمر تافه، وعند إشارة المرور يصدمك ويشتمك. لماذا؟ ما الحكاية؟ ما الذي حدث؟ أين ذهب الناس يا إخوتي؟ الطعام لم يعد ذكياً، "فلينظر أيكم أزكى طعاماً فليأتكم برزق منه وليتلطف ولا يُشعِرنَّ بكم أحداً"، فعندما ذهب الرجل وهم لا يزالون ينظرون ما شاء الله.
عندما تستيقظ، انتبه لشخصين مستيقظين حائرين لا يعرفون أين هم، ولا كم من الوقت جلسوا، ولا كم من الوقت ناموا. واسمهم هكذا غير واضح، لكنهم منتبهون. أحضر لنا خبزاً طازجاً وخبزاً جيداً مستوياً، وبعض الفول الممتاز هكذا من عند الرجل الفلاني الذي كان على المنتصف يُعدّه جيداً ويهتم بهذا الطعام. قضية أخرى ليست حلالاً وحراماً فقط، بل هي قضية أن الناس أصبحت تأكل أي طعام. يسمونه في الإنجليزية "الطعام غير الصحي" - أي طعام يملأ البطن. يذهبون إلى أي مكان ويأكلون أي شيء، فساءت أخلاق الناس. لذا يجب عليك أن تقلل من الطعام وتأكل شيئاً نظيفاً جيداً، ولو كان فولاً بليمون فقط. المهم أن تقلل من الطعام. لكي تستطيع تذوقه
وتقول الحمد لله بعدها، لكن الرجل من هؤلاء أو المرأة من هؤلاء يأكل ويأكل ويأكل، ويقول منهم "الحمد لله" كتأدية واجب هكذا، وليس "الحمد لله" تلذذاً بنعمة الله. والله لا تشعر بها إلا إذا قلّ الطعام، فتأكل هكذا بالتذوق، سمّوه "ذواقة". "ذواقة" يعني أنه لا يأكل أي طعام، وهذا... يساعد الجسم على أن يكون نشيطاً وصحيحاً وما إلى ذلك، فإذا دعا الجهاد وجد جسماً صحيحاً يستطيع أن يفعل شيئاً. حتى يا أخي أن تجري، فأنت لن تستطيع الجري، هذا أمر غريب! لا دين ولا دنيا بهذا الشكل! أمر غريب! ما هذا؟ أين المسلمون يا إخواننا الذين... كانوا عندما يدخلون وينزع الله المهابة
من قلوب أعدائهم، ينزع المهابة من قلوب أعدائكم. نعم، لو أنهم عرفوا أننا سنرد بقوة إذا مسّ أحد طرفاً منا أو جزءاً منا، ما كان حدث الذي حدث. لكن "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة". لو لم يكن لدى باكستان... الذرية كانت الهند كانتها، الآن إذا يا إخواننا ونحن في الطريق إلى الله نعرف الحقائق وتتعلق قلوبنا بالله، فنخرج من آثار الدنيا ونخلع العادات ونقلل الكلام والمنام والطعام والأنام، ونقتصر على الصالحين، ونبدأ من هذا في الدعوة إلى الله. بلغوا عني ولو آية، مخلصين له الدين ولو كره الكافرون. إذن، اتفقنا، صحيح؟ أنت هكذا، وطريقنا هذا
مقيد بالكتاب والسنة لا يخرج عنه أبداً. فاللهم اغفر لنا ذنوبنا. صلوا صلاة الإمام الشافعي: "اللهم صلِّ أفضل صلاة على أسعد مخلوقاتك سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم عدد معلوماتك ومداد كلماتك كلما ذكرك الذاكرون وغفل عن ذكرك الغافلون". اللهم صلِّ أفضل صلاة على أسعد مخلوقاتك سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم عدد معلوماتك ومداد كلماتك كلما ذكرك
الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون.