سلسلة فـَتبيّنوا | أكذوبة جواز الخمر | أ.د علي جمعة

يا أيها الذين اضطره عمل يعمل في محلات خمور ما حكم الشرع في ذلك في
أوروبا؟ نعم، هو الحقيقة أن من أقام في تلك البلاد اصطدم بما قرره أبو حنيفة وأصحابه من أن العقود الفاسدة حلال مع غير المسلمين في بلاد غير المسلمون لا يفهمون، الإنسان وهو جالس في فرنسا ويملك بقالة، يأتي إليه الفرنسي ليشتري بضاعته من جبن ولانشون وخمر. نعم، فأنا مسلم، وأصبحت أبيع الخمر، والناس تأتي إلي وهي مسرورة مني ومن أمانتي ودقتي وكل شيء. وقد مرت علي أيام، وكانت هذه الحالة عُرضت علي فعلاً منذ سنة. أربعة وسبعون يدخل لي مائة ألف فرنك في الشهر. هذه المائة ألف
فرنك أنا أربح منها عشرة آلاف فرنك فقط، أما المبيعات فهي مائة ألف. يأتي إليّ مسؤول الضرائب كل شهر مثل محصل الكهرباء ويقول لي: أرني حساباتك، فأريه إياها على شاشة الصندوق وأقول له: أنا أبيع. مائة وكسبتُ طبعاً عشرة لأن الربح معروف، فيقول لي: "حسناً، والله أنت ستدفع ألفاً من العشرة التي كسبتها". فأقول له: "حسناً"، وأدفع له الألف، وآخذ الأصل في أمانة الله. فالرجل جاء وقال: "أنا لن أبيع خمراً". فعندما لم يبع خمراً، أصبح الرجل يأتي ويقول له: "أريد زجاجة خمر". وقطعة جبن وما شابه، فيقول له: الأمر أنه لا توجد خمر، فيذهب إلى البقالة المجاورة له. نعم، فانخفضت المبيعات من مائة ألف إلى ثلاثين ألف. ثلاثين ألفاً
يربح فيها ثلاثة آلاف وليس عشرة آلاف، وتكلفة البضاعة عليهم ثلاثمائة وليس ألفاً. فجاء الرجل وقال له: ماذا فعلنا؟ هات الألف التي في ذمتك التي... آخذهم كل شهر ألف وألف ومائة وألف ومائتي ألف وخمسة كذا، قالوا: "لا، أصلاً أنا لم أبع إلا بثلاثين". قالوا: "لماذا؟ خير، لم تبع إلا بثلاثين لماذا؟" قال له: "لأنني لم أبع خمراً". قال له: "لماذا لم تبع خمراً؟ ما شأني؟ أنا أريد إرادة دولة، هكذا أبو حنيفة أدرك". هذا وقال إن كل العقود التي هي بيع الخمر والشراء وما شابه إلى آخره حلال في دار غير المسلمين لأن هذه بلاد ليست محلاً لإقامة الإسلام، فالناس لا يعرفونه ولا يريدونه، أو حتى إن عرفوه فهم لا يريدونه. فقلنا له: حسناً، ومن أين جئت بالدليل يا أبا حنيفة؟ قال: ثمة أدلة، قال: ثمة أدلة. كان العباس في مكة
وأسلم يوم بدر، وبقي في مكة حتى الفتح وهو يتعامل بالربا ويُقرض ويمارس هذا الربا الذي هو باطل وحرام عندنا مثل - والعياذ بالله تعالى - الفاحشة. نعم، فعندما دخل النبي في الفتح وتحولت مكة إلى دار إسلام قال: "ألا إني أضع ربا الجاهلية تحت قدمي هذه" وأول ما... أضع ربا العباس عمي، فقد كان يعلم أن العباس لديه عقود فاسدة، لكن من ذلك الحين وقد تحولت مكة إلى دار إسلام، بطلت تلك العقود، وقبل ذلك لم تبطل أي شيء. استدل أبو حنيفة على مصارعة النبي صلى الله عليه وسلم مع ركانة وهو في مكة، إذ قال له ركانة: "يا محمد: أنا مصارع روماني، هل هذا جيد؟ هل تأتي لتصارعني؟ قال له: نعم، سأصارعك.
فصارعه على ثلث ماله، والمقامرة حرام. هذه المراهنة حرام في الشريعة. ولكن عندما كان رُكانة في دار غير المسلمين التي هي مكة، أصبح الأمر حلالاً. فمن الفائز؟ النبي عليه الصلاة والسلام أسقطه في المرة الأولى. قال له: لا. أنتَ أخذتَني على حين غِرَّة. قال له عن ثالث مَلِك آخر فأسقطه مرة ثانية. وفي المرة الثالثة قال له: انظر، أنت لستَ بشراً عادياً، أنا طوال عمري لم يُسقطني أحد. الرسول عليه الصلاة والسلام كان قوي البنية، رياضياً جداً، ولذلك أشهد أن لا إله إلا الله محمد رسول الله. قال له: حسناً. ولك ما شأنك وما رضيت أن يأخذ منه القضية، الروم غُلِبت الروم في القضية التي تخص الروم، مناقبة أبي بكر يسمونها هكذا. جاء المشركون وقالوا له يعني يقول أن الروم ستنتصر
في بضع سنين، قال لهم نعم، أنا سأدفع عشرة رهاناً، هكذا رهان مثل الرهان الذي نقوم به على السباق والعياذ بالله، رهان عشرة من. الإبل في أنه فعلاً خلال ثلاث أو أربع سنوات ستغلب الروم، وذهب إلى النبي وقال له: "زد في المدة لأن بضع السنين هذه - في بضع سنين من واحد إلى تسعة، من ثلاثة إلى تسعة - يبقى البضع هنا اجعلهم تسعة، واجعل العشرة هؤلاء مائة، لأننا هكذا متأكدون"، يعني أقرَّ الرهان. فاترك هكذا الرهان فقط في مكة ومع غير المسلمين، فأخذ أبو حنيفة من هذا وغيره لكي لا نطيل على المشاهد أنه العقود التي هي العقود، ليس أن يذهب ليزني، ليس أن يذهب ليكذب، ليس أن يذهب ليسرق، لا، الغدر حرام، هذا هنا وهناك العقود، ولذلك هذا الولد يذهب ليعمل في محل خمر، طيب، أين نذهب من الحديث
الصحيح "لعن الله شاربها وشاريها وبائعها وحاملها" إلى آخر ذلك؟ في المدينة؟ نعم، في بلاد المسلمين. نعم، عندما فعل الرجل هكذا، وأخذ الرجل منه الألف، هو بالطبع ربح كم؟ ثلاثة آلاف. فأصبح بدلاً من أن يكون عشرة في المائة، أصبح قد أخذ منه ألفاً وأغلق. المحل وذهب للعمل عند بقال آخر فباع الخمر والخنزير، فقد خَرِبَ بيته. هؤلاء الناس الذين يعملون في العقارات وما شابه ذلك، يجب أن نبيح تعاملاتهم على مذهب أبي حنيفة، لأن الشافعي يقول إن كل هذا حرام. حسناً، ولكنني أيضاً أختار من الفقه ما يقيم أود المسلمين في العالم وما يحقق فكرة النماذج الأربعة. وما يجعل المسلم قوياً يده العليا لا يده السفلى، ولذلك نحن نقول إنه يجوز العمل في الخمور.